«بوكو حرام».. «طالبان نيجيريا»

عناصرها.. طلاب تركوا فصول الدراسة لمحاربة الأفكار الغربية

«بوكو حرام».. «طالبان نيجيريا»
TT

«بوكو حرام».. «طالبان نيجيريا»

«بوكو حرام».. «طالبان نيجيريا»

صدم العالم وهو يسمع الأخبار القادمة من نيجيريا عن هجوم شنته جماعة بوكو حرام المتطرفة على مدرسة للفتيات، واختطاف أكثر من مائتي تلميذة. وتسارعت فصول القضية التي وقعت في بلدة «شيبوك» قرب عاصمة ولاية بورنو «مادوغري» في 14 أبريل (نيسان) الماضي، مع ظهور المزيد من التفاصيل المأسوية، ورغبة الجماعة في بيعهن.. ثم أخبار أخرى عن مبادلتهن مع سجناء نيجيريين.
أصيبت فتاة نيجيرية فرت من جماعة بوكو حرام بحالة من الرعب والخوف الشديدين، حين استضافتها إحدى القنوات الفضائية الغربية. قالت إنها هربت مع بعض رفيقاتها في جنح الليل، بعدما رفضت أوامر الجماعة بركوب شاحنة كبيرة. لم تكشف الفتاة عن وجهها أو هويتها أو مكانها، ورفضت مجرد الإدلاء بمعلومات قد تدفع الخاطفين لإعادة اختطافها من جديد، ورفضت حتى الإفصاح عن الأزياء التي يرتديها الخاطفون.
قالت إنها هددتهم برمي نفسها من الشاحنة حين أمروها بدخولها. وأضافت: «قلت لهم إني أفضل الموت على الذهاب معكم، ثم ركضنا بين الأدغال إلى أن تمكنا من الهرب»، وأنهت المقابلة: «أشعر بالخوف الشديد، نحن خائفون».
وذكرت صحيفة «زي نيشن» النيجيرية أول من أمس، أن «بوكو حرام» بثت شريط فيديو ظهرت فيه المختطفات محجبات وجالسات على الأرض بعد أن أعلن دخولهن الإسلام، وظهرن في الفيديو وهن يؤدين الصلاة.
قائد الجماعة، أبو بكر محمد شيكو، أعلن في تسجيل فيديو مسؤوليته عن خطف التلميذات، وهدد ببيعهن باعتبارهن سبايا أو «تزويجهن بالقوة»، وقال: «أنا الذي اختطفهن، والمزيد من الهجمات ستعقب ذلك قريبا، وسنواصل أخذ الفتيات لأنهن إماء».
ولا يعد هذا الفيديو الأول الذي يكشف عن سلسلة العمليات التي نفذتها الجماعة التي يفوق رصيدها المئات من العمليات الإرهابية وضحاياها بالآلاف. وتزامنت عملية الاختطاف مع تفجير أودى بحياة 75 شخصا قرب العاصمة أبوجا، وجهت أصابع الاتهام بتنفيذه لـ«بوكو حرام»، كأول هجوم على العاصمة النيجيرية، وأعقبه هجوم مماثل بعد أسبوعين في المنطقة نفسها تقريبا، قتل فيه 19 شخصا وأصيب 34 في ضاحية «نيانيا».
النيجيريون مصدومون، رغم اعتيادهم الفظائع التي ظلت ترتكبها الحركة المتمردة طوال خمس سنوات.

* تحريم التعليم الغربي

* «بوكو حرام» جماعة نيجيرية مسلحة، وتعني بلغة الهاوسا السائدة محليا، في نيجيريا: «تحريم التعليم الغربي»، وهي مجموعة مؤلفة، خصوصا، من طلبة تركوا الدراسة واتجهوا لدراسة العلوم الشرعية في شمال البلاد. أسسها المدرس ورجل الدين محمد يوسف، في ولاية «بورنو» بشمال نيجيريا عام 2002، تحت اسم «جماعة أهل الكتاب والسنة للدعوة والجهاد». وبدأت عملياتها الفعلية ضد مؤسسات الدولة الأمنية والمدنية عام 2004، عقب انتقالها إلى ولاية «يوبي» قرب الحدود مع النيجر.
تقول الحركة التي لقبت لاحقا بـ«طالبان نيجيريا»، إنها تعمل على منع وتحريم التعليم الغربي والثقافة الغربية، وتعدهما «إفسادا للمعتقدات الإسلامية»، وتسعى إلى تطبيق الشريعة الإسلامية في نيجيريا.
ويعد الطلاب الرافضون للمناهج والتعليم الغربي، الزاد الفعلي للحركة، فضلا عن أعداد من الناشطين الإسلاميين غير النيجيريين، بعضهم من دولة تشاد وغيرها. ورغم تقارب نموذج «بوكو حرام» من نموذج «طالبان الأفغاني»، من حيث آليات التفكير والعمل، فإن دارسي الحركات الجهادية لم يعثروا على ما يؤكد وجود صلة بينهما.
في عهد مؤسسها محمد يوسف، كانت عملياتها تستهدف الشرطة ومراكز الأمن والمتعاونين مع السلطات المحلية، وهو الأمر الذي أدى إلى القبض على مؤسسها بعد مطاردة ومواجهات مسلحة أواخر يوليو (تموز) 2009 في شمال نيجيريا، بين عناصر الحركة وقوات الأمن أسفرت عن سقوط مئات القتلى. وقتل مؤسس «بوكو حرام» في 30 يوليو 2009 بعيد ساعات من اعتقاله واحتجازه في أحد مراكز الشرطة النيجيرية، وعد الأمر وقتها عملية «اغتيال». وعقب مقتله، أعلنت أبوجا القضاء على الحركة تماما.
يقول المدير السابق لمعهد الدراسات الأفريقية والآسيوية بجامعة الخرطوم، البروفسور الأمين أبو منقة محمد، لـ«الشرق الأوسط»، إن «بوكو» تعني الكتاب الذي لا علاقة له بالقرآن الكريم، ويعرف «بوكو حرام» بأنها تعني تحريم الكتاب الغربي، ومن ثم المدرسة الحديثة على النمط الغربي.
ويضيف أبو منقة، وهو مختص في اللغات الأفريقية ومن بينها لغة «الهوسا»، ودراسات غرب أفريقيا: «هناك حساسية كبيرة تجاه التعليم الغربي في منطقة شمال نيجيريا، لأن الاستعمار وضع التعليم في يد الكنيسة، وشرع في عمليات تنصير بمناطق المسلمين التي شهدت تطبيق الشريعة الإسلامية لأكثر من 100 سنة في مملكة دانفوديو الإسلامية».
ويوضح البروفسور أبو منقة، وهو من أصول نيجيرية، أن الاستعمار الإنجليزي احتل نيجيريا قبل وصول الإسلام للسواحل الجنوبية للبلاد، مما أتاح للكنيسة تثبيت أقدامها والسيطرة على التعليم، أما في الشمال فقد ترك المسلمون على حالهم تحت ذريعة عدم التدخل في شؤونهم ومساجدهم وطرق تعليمهم.
وخلق هذا الوضع عدم ثقة كبيرة بين المجموعتين، وجعل التعليم الغربي يرتبط في أذهان أهل الشمال النيجيري بأنه ضد الإسلام، ومن ثم فهو حرام، ومن هنا جاءت التسمية «بوكو حرام»، وهم يضعون «بوكو» - وتعني كتاب - أو «بايبل» مقابل «اللو»، المأخوذة من «اللوح» العربية، وهو سطح خشبي، تكتب عليه وتمحى منه الآيات القرآنية في الخلاوي والمدارس الدينية.
ويوضح أبو منقة أن تلك النظرة انتقلت مع المهاجرين إلى منطقة «مايرنو» ويقطنها سودانيون من أصول نيجيرية أو من غرب أفريقيا - 400 كيلومتر جنوب الخرطوم – مما أدى إلى إحراق المدارس فيها مرتين.
ويقول أبو منقة، وهو من «مايرنو»، إن بعض سكان مايرنو تركوها بسبب المدارس، ليس لأنها مدارس تدرس المسيحية، بل لأنهم على الدوام ظلوا يعدونها المدارس المكافئة لـ«الكفر»، وأن طلابها يدرسون اللغة الإنجليزية ويصبحون كفارا.
إضافة إلى عدم الثقة بالمدارس، فإن أبو منقة يعتقد أن شيوخ الخلاوي والمدارس الدينية لعبوا دورا في ترسيخ هذه الصورة عن التعليم المدرسي، لأنه سيكون على حساب خلاويهم.
ويرجع الموقف من المدرسة إلى أن تجربة أهل غرب أفريقيا كانت سيئة مع الاستعمار، لدوره في عمليات التنصير، وإعلاء شأن الصليب ومدلولاته الكنسية، مما خلق داخلهم عقدة ضد التعليم الغربي والنظامي. وانتقلت - حسب أبو منقة – تلك العقدة حتى للذين هاجروا إلى السودان رغم اختلاف المدارس هنا، وجعلهم لا يثقون بالمدرسة، ويشنون حربا نفسية عليها، تبلغ حد وصف تلاميذها بفساد الأخلاق. ويقول: «ما يعيشه المنتمون إلى (بوكو حرام) النيجيرية الآن، عشناه نحن هنا في السودان حتى نهاية خمسينات القرن الماضي».

* علامات استفهام كبيرة
* تضع «بوكو حرام»، «علامة استفهام كبيرة» أمام مدير جهاز المخابرات السودانية السابق، الفريق الفاتح الجيلي المصباح، الذي يقول في حديثه لـ«الشرق الأوسط»، إن تصرفات الحركة المتطرفة فيها الكثير من الغرابة والعنف الشديدين، مما جعلها بعيدة عن الفكر الإسلامي.
ويضيف الفريق المصباح: «هناك حركات في هذه المنطقة تبدو كأنها مصنوعة لإثارة البلبلة وخلق المشاكل في المجتمعات الكبيرة، مثل المجتمع النيجري ذي الثروات الغنية». ويبدي المصباح استغرابه لنشوء مثل هذه الحركات. يقول: «يصعب علي تفسير دوافع هذه الحركة»، وفي الوقت ذاته، ينفي وجود روابط تربط بينها وبين دول أخرى في المنطقة، لأن أهدافها بعيدة كل البعد عن الحركات العالمية الموسومة بالإرهابية المعروفة.
واتفق أبو منقة مع المصباح على وجود ما يسميه «أيديا غير إسلامية تحرك (بوكو حرام)»، بل ويعدها امتدادا لحركة مشابهة سابقة لها «ميتا سينا»، يقول: «في آخر أيامي بجامعة كانو النيجيرية 1982، نشأت حركة ميتا سيني، في مناطق مايدوغري، كانو، أداما، قرب حدود الكاميرون، نفس المنطقة التي ظهرت فيها (بوكو حرام)، وقتل زعيمها ميتا سيني الذي أخذت اسمها منه».
ولا يؤكد أبو منقة أو ينفي وجود ارتباطات للحركة بحركات متطرفة أخرى، ويقول: «لو كانت موجودة فهي غير واضحة، فـ(بوكو حرام) تحولت لظاهرة، فلو كانت لها ارتباطات بحركات متطرفة في مالي أو بتنظيم القاعدة لكانت علاقات معروفة».

* زعيم منفصل عن الواقع
* تصف تقارير صحافية زعيم الحركة «أبو بكر محمد شيكو» بأنه لا يبدو في وعيه السياسي الكامل ومنفصلا عن الواقع، مستدلة بأنه هدد بقتل زعيمة حزب العمال البريطانية الراحلة مارغريت ثاتشر والبابا يوحنا بولس الثاني رغم أنهما متوفيان قبل تصريحاته، فهو يعلن على الملأ صراحة بأنه يحب أن يقتل من يأمره الله بقتله، وتنقل عنه «أحب أن أقتل من يأمرني الله بقتله، تماما كما أحب قتل الدجاج والأغنام».
ولد شيكو، حسب تلك التقارير، بين (1965 – 1969) في قرية صغيرة أهلها من الفلاحين ومربي مواشي، بولاية يوبي شمال شرقي نيجيريا قرب الحدود مع النيجر. ودرس الفقه لدى رجال دين محليين في عاصمة ولاية بورنو «مايدوغوري»، وتعرف على مؤسس «بوكو حرام» محمد يوسف خلال تلك الفترة.
وجذبت الحركة المتطرفة الشباب العاطلين عن العمل في مايدوغوري، وحملت «القيم الغربية» الوافدة مع الاستعمار البريطاني مسؤولية الفساد المتفشي والفقر المدقع في صفوف النيجيريين.
ازدادت الهجمات على المدنيين المسيحيين والمسلمين عقب وصول شيكو لرئاسة الحركة، مما أنسى الناس خطابات مؤسسها محمد يوسف المناهضة للنظام النيجيري الفاسد، وكان شيكو يصف زعيمه قبل مقتله بأنه «معتدل أكثر من اللازم».
ومنذ 2011، استهدفت «بوكو حرام» الكنائس والمساجد ورموز السلطة والمدارس والجامعات ومساكن الطلاب، وقتلت تلاميذ أثناء نومهم. وبعد أن اعتدت على مقر الأمم المتحدة في أبوجا أغسطس (آب) 2011 وقتل 23 في العملية، اختارت «بوكو حرام» تنفيذ عمليات نوعية أشاعت الخوف من ارتباطها بمجموعات جهادية عالمية. ورغم الزعم أن كوادرها تدربوا في الجزائر والصومال، فإن تلك العلاقة غير مؤكدة.
وذكرت «مجموعة الأزمات الدولية» في تقرير، أنه «مع تولي شيكو قيادة (بوكو حرام) أصبحت الحركة أكثر عنفا وفتكا وتدميرا، الأمر الذي دفع (جماعة أنصار الإسلامية) التي خطفت أجانب وبثت أشرطة فيديو عن إعدامهم على الإنترنت، للابتعاد عنها، وتسمية عملياتها (المجازر العشوائية والوحشية)».
* ليس تطبيقا للشريعة
يقول الداعية السعودي الشيخ خالد الشايع في فيديو مبثوث على الإنترنت، إن «بوكو حرام» بدأت بتدريس العلم والقرآن، ثم استولى عليها من يريد القفز بها من الدور الأول إلى المائة. ووصف الشايع ما فعلته بالمخالف للنواميس الكونية التي أمر الله بمراعاتها، الشيء الذي جعلها تصل لنتائج خاطئة ومخالفة، وعد اختطافها الفتيات كسبايا وغنائم والتهديد ببيعهن «لا يمثل الإسلام»، وقال: «الإسلام بريء من ما أقدمت عليه (بوكو حرام) وما عدته سبيا وتطبيقا للشريعة». وأضاف: «ليس في الإسلام اختطاف وليس فيه غدر، وخيانة. الإسلام بريء من هذا، وكان النبي الكريم أشد حرصا على حماية سمعة الإسلام، حتى حين يساء إلى ذاته الشريفة كان يرفض أن يقتص له حفاظا على سمعة الإسلام، ويمنع الصحابة عنه بقوله: (كيف إذا تحدث الناس أن محمدا يقتل أصحابه!)»، وتساءل الشايع: «ماذا نقول عندما تنقل الوكالات الاختطاف بصفته تطبيقا للشريعة الإسلامية؟».
ويقول الداعية النيجيري داود عمران مالاسا، إن «بوكو حرام» جماعة مشبوهة، وإن أعمالها لا علاقة لها بالإسلام أو بالمسلمين، وإن مسلمي نيجيريا يدينون «الفعل الإجرامي»، ويطالبون بالإفراج عن الطالبات البريئات. وقال الشيخ مالاسا إن معلوماته تقول إن عدد الفتيات المختطفات 234 فتاة، تمكنت 30 منهن من الفرار، وبينهن مسيحيات ومسلمات.
وأضاف: «يبدو أن المجموعة الخاطفة طلبت مفاوضة الحكومة للإفراج عن عناصر (بوكو حرام) المسجونين لدى الحكومة، ودفع فدية بقيمة 50 مليون نايرا (الدولار يساوي 150 نايرا)».
واتفق مالاسا مع ما ذهب إليه أبو منقة في قوله إن «بوكو حرام» تعني «التعليم الغربي حرام»، وأوضح «البعض لا يعرف أن هذه الجماعة تضم في صفوفها مسيحيين أيضا، وهي نسخة شبيهة بجماعة (ماتا سينا) المتشددة في السبعينات، التي كانت تقتل بالطريقة نفسها»، مشيرا إلى أنها تضم متشددين من كل المشارب، ونشأت على أنقاض جماعة كانت تسمى «جماعة أهل الكتاب والسنة للدعوة والجهاد».

* تهديد أممي وخذلان نيجيري
* هدد مجلس الأمن الدولي باتخاذ إجراءات ضد حركة بوكو حرام ردا على خطف الفتيات، وفي بيان صادر الجمعة الماضي أبدى المجلس نيته متابعة وضع الفتيات المخطوفات، واتخاذ إجراءات مناسبة ضد الحركة، بصفتها مهددا للاستقرار والسلام في غرب أفريقيا ووسطها.
وطالب المجلس بالإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع الفتيات، مبديا «قلقه العميق» من بيانات زعيم «بوكو حرام» أبو بكر شيكو التي هدد فيها ببيع الفتيات كجوار وسبابا.
من جهتها، قالت منظمة العفو الدولية إن الجيش النيجيري على علم مسبق بهجوم حركة بوكو حرام وخطف الفتيات، ولم يتخذ أي إجراءات فورية للحيلولة دون حدوثه. وذكرت في بيان أنها تسلمت ما سمته «شهادات قاسية» من مصادر موثوقة، بأن القوات النيجيرية لم تتحرك رغم التحذيرات التي تلقتها بشأن الهجوم المحتمل على المدرسة الداخلية في شيبوك، وأنه لم يستطع جمع القوات الضرورية لوقف الهجوم لضعف موارده وخشيته من مواجهة مجموعات مسلحة أفضل منه تجهيزا.
ونفى الجيش النيجيري اتهامات «العفو الدولية»، وقال المتحدث باسمه في تصريحات إن ما ذكرته المنظمة لا يتعدى كونه «حزمة إشاعات»، موضحا أن القوات المتمركزة في مادوغوري لم تدر بالهجوم إلا لحظة وقوعه، وأنها وقعت في كمين نصبه «إرهابيون» على الطريق المؤدي إلى المنطقة على مبعدة 120 كلم من «مادوغوري».

* ميشيل أوباما منشطرة القلب
* وضمن الحملة العالمية للإفراج عن الفتيات المختطفات، وجهت عقيلة الرئيس الأميركي ميشيل أوباما رسالة بمناسبة عيد الأم، أبدت فيها شعورها بـ«الصدمة والفزع» من اختطاف النيجيريات.
وفي خطوة نادرة، ألقت سيدة أميركا الأولى الكلمة الأسبوعية لزوجها الرئيس باراك أوباما عبر الراديو السبت، عبرت فيها عن الغضب من العملية، وقالت: «مثل الملايين في أنحاء العالم، أشعر أنا وزوجي بالغضب وانشطار القلب لخطف أكثر من 200 فتاة نيجيرية من مدرستهن في وضح النهار».
ووصفت العملية بأنها غير معقولة والجماعة التي ارتكبته إرهابية تمنع الفتيات من الحصول على تعليم. وإلى جانب السيدة أوباما، فإن اختطاف الفتيات أثار ضجة دولية سياسة كبرى، دفعت رموزا سياسية ودينية، لتدشين حملات للمطالبة بالتدخل للإفراج عن المختطفات اللاتي يواجهن خطر المعاملة باعتبارهن «سبايا».
ورغم كل اللغط والتعاطف الإنساني الذي أثاره اختطاف «بوكو حرام» الفتيات النيجيريات، فإن الجماعة ما تزال مجهولة الهوية والدوافع، ولا تعرف أي آليات لتخليصهن منها، ورغم إعلانها أخيرا عن قبول مبادلتهن بالمسجونين من أعضائها، فإن الفتيات تعرضن لأهوال يصعب نسيانها أو مواجهتها.



لبنان يواجه تحدّيات مصيرية في زمن التحوّلات

جريمة اغتيال رفيق الحريري (غيتي)
جريمة اغتيال رفيق الحريري (غيتي)
TT

لبنان يواجه تحدّيات مصيرية في زمن التحوّلات

جريمة اغتيال رفيق الحريري (غيتي)
جريمة اغتيال رفيق الحريري (غيتي)

يواجه لبنان جملة من التحديات السياسية والعسكرية والأمنية والاقتصادية، خصوصاً في مرحلة التحوّلات الكبرى التي تشهدها المنطقة وترخي بثقلها على واقعه الصعب والمعقّد. ولا شك أن أهم هذه التحوّلات سقوط نظام بشّار الأسد في سوريا، وتراجع النفوذ الإيراني الذي كان له الأثر المباشر في الأزمات التي عاشها لبنان خلال السنوات الأخيرة، وهذا فضلاً عن تداعيات الحرب الإسرائيلية وآثارها التدميرية الناشئة عن «جبهة إسناد» لم تخفف من مأساة غزّة والشعب الفلسطيني من جهة، ولم تجنّب لبنان ويلات الخراب من جهة ثانية.

إذا كانت الحرب الإسرائيلية على لبنان قد انتهت إلى اتفاق لوقف إطلاق النار برعاية دولية، وإشراف أميركي ـ فرنسي على تطبيق القرار 1701، فإن مشهد ما بعد رحيل الأسد وحلول سلطة بديلة لم يتكوّن بعد.

وربما سيحتاج الأمر إلى بضعة أشهر لتلمُّس التحدّيات الكبرى، التي تبدأ بالتحدّيات السياسية والتي من المفترض أن تشكّل أولوية لدى أي سلطة جديدة في لبنان. وهنا يرى النائب السابق فارس سُعَيد، رئيس «لقاء سيّدة الجبل»، أنه «مع انهيار الوضعية الإيرانية في لبنان وتراجع وظيفة (حزب الله) الإقليمية والسقوط المدوّي لحكم البعث في دمشق، وهذا إضافة إلى الشغور في رئاسة الجمهورية، يبقى التحدّي الأول في لبنان هو ملء ثغرات الدولة من أجل استقامة المؤسسات الدستورية».

وأردف سُعَيد، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إلى أنه «بعكس الحال في سوريا، يوجد في لبنان نصّ مرجعي اسمه الدستور اللبناني ووثيقة الوفاق الوطني، وهذا الدستور يجب أن يحترم بما يؤمّن بناء الدولة والانتقال من مرحلة إلى أخرى».

الدستور أولاً

الواقع أنه لا يمكن لمعطيات علاقة متداخلة بين لبنان وسوريا طالت لأكثر من 5 عقود، و«وصاية دمشق» على بيروت ما بين عامَي 1976 و2005 - وصفها بعض معارضي سوريا بـ«الاحتلال» - أن تتبدّل بين ليلة وضحايا على غرار التبدّل المفاجئ والصادم في دمشق. ثم إن حلفاء نظام دمشق الراحل في لبنان ما زالوا يملكون أوراق قوّة، بينها تعطيل الانتخابات الرئاسية منذ 26 شهراً وتقويض كل محاولات بناء الدولة وفتح ورشة الإصلاح.

غير أن المتغيّرات في سوريا، وفي المنطقة، لا بدّ أن تؤسس لواقع لبناني جديد. ووفق النائب السابق سُعَيد: «إذا كان شعارنا في عام 2005 لبنان أولاً، يجب أن يكون العنوان في عام 2024 هو الدستور أولاً»، لافتاً إلى أن «الفارق بين سوريا ولبنان هو أن سوريا لا تملك دستوراً وهي خاضعة فقط للقرار الدولي 2254. في حين بالتجربة اللبنانية يبقى الدستور اللبناني ووثيقة الوفاق الوطني المرجعَين الصالحَين لبناء الدولة، وهذا هو التحدي الأكبر في لبنان».

وشدّد، من ثم، على ضرورة «استكمال بناء المؤسسات الدستورية، خصوصاً في المرحلة الانتقالية التي تمرّ بها سوريا»، وتابع: «وفي حال دخلت سوريا، لا سمح الله، في مرحلة من الفوضى... فنحن لا نريد أن تنتقل هذه الفوضى إلى لبنان».

العودة للحضن العربي

من جهة ثانية، يحتاج لبنان في المرحلة المقبلة إلى مقاربة جديدة عمّا كان الوضع عليه في العقود السابقة. ولا يُخفي السياسي اللبناني الدكتور خلدون الشريف، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن لبنان «سيتأثّر بالتحوّلات الكبرى التي تشهدها المنطقة، وحتميّة انعكاس ما حصل في سوريا على لبنان». ويلفت إلى أن «ما حصل في سوريا أدّى إلى تغيير حقيقي في جيوبوليتيك المنطقة، وسيكون له انعكاسات حتمية، ليس على لبنان فحسب، بل على المشرق العربي والشرق الأوسط برمته أيضاً».

الاستحقاق الرئاسي

في سياق موازٍ، قبل 3 أسابيع من موعد جلسة انتخاب الرئيس التي دعا إليها رئيس مجلس النواب نبيه برّي في التاسع من يناير (كانون الثاني) المقبل، لم تتفق الكتل النيابية حتى الآن على اسم مرشّح واحد يحظى بأكثرية توصله إلى قصر بعبدا.

وهنا، يرى الشريف أنه بقدر أهمية عودة لبنان إلى موقعه الطبيعي في العالم العربي، ثمّة حاجة ماسّة لعودة العرب إلى لبنان، قائلاً: «إعادة لبنان إلى العرب مسألة مهمّة للغاية، شرط ألّا يعادي أي دولة إقليمية عربية... فلدى لبنان والعرب عدوّ واحد هو إسرائيل التي تعتدي على البشر والحجر». وبغض النظر عن حتميّة بناء علاقات سياسية صحيحة ومتكافئة مع سوريا الجديدة، يلفت الشريف إلى أهمية «الدفع للتعاطي معها بإيجابية وانفتاح وفتح حوار مباشر حول موضوع النازحين والشراكة الاقتصادية وتفعيل المصالح المشتركة... ويمكن للبلدين، إذا ما حَسُنت النيّات، أن يشكلّا نموذجاً مميزاً للتعاون والتنافس تحت سقف الشراكة».

يحتاج لبنان في المرحلة المقبلة إلى مقاربة جديدة

النهوض الاقتصادي

وحقاً، يمثّل الملفّ الاقتصادي عنواناً رئيساً للبنان الجديد؛ إذ إن بناء الاقتصاد القوي يبقى المعيار الأساس لبناء الدولة واستقرارها، وعودتها إلى دورها الطبيعي. وفي لقاء مع «الشرق الأوسط»، قال الوزير السابق محمد شقير، رئيس الهيئات الاقتصادية في لبنان، إن «النهوض الاقتصادي يتطلّب إقرار مجموعة من القوانين والتشريعات التي تستجلب الاستثمارات وتشجّع على استقطاب رؤوس الأموال، على أن يتصدّر الورشة التشريعية قانون الجمارك وقانون ضرائب عصري وقانون الضمان الاجتماعي».

شقير يشدّد على أهمية «إعادة هيكلة القطاع المصرفي؛ إذ لا اقتصاد من دون قطاع مصرفي». ويشير إلى أهمية «ضبط التهريب على كل طول الحدود البحرية والبرّية، علماً بأن هذا الأمر بات أسهل مع سقوط النظام السوري، الذي طالما شكّل عائقاً رئيساً أمام كل محاولات إغلاق المعابر غير الشرعية ووقف التهريب، الذي تسبب بخسائر هائلة في ميزانية الدولة، بالإضافة إلى وضع حدّ للمؤسسات غير الشرعية التي تنافس المؤسسات الشرعية وتؤثر عليها».

نقطة جمارك المصنع اللبنانية على الحدود مع سوريا (آ ف ب)

لبنان ودول الخليج

يُذكر أن الفوضى في الأسواق اللبنانية أدت إلى تراجع قدرات الدولة، ما كان سبباً في الانهيار الاقتصادي والمالي، ولذا يجدد شقير دعوته إلى «وضع حدّ للقطاع الاقتصادي السوري الذي ينشط في لبنان بخلاف الأنظمة والقوانين، والذي أثّر سلباً على النمو، ولا مانع من قوننة ليعمل بطريقة شرعية ووفق القوانين اللبنانية المرعية الإجراء». لكنه يعبّر عن تفاؤله بمستقبل لبنان السياسي والاقتصادي، قائلاً: «لا يمكن للبنان أن ينهض من دون علاقات طيّبة وسليمة مع العالم العربي، خصوصاً دول الخليج... ويجب أن تكون المهمّة الأولى للحكومة الجديدة ترسيخ العلاقات الجيّدة مع دول الخليج العربي، ولا سيما المملكة العربية السعودية التي طالما أمّنت للبنان الدعم السياسي والاقتصادي والمالي».

ضبط السلاح

على صعيد آخر، تشكّل الملفات الأمنية والعسكرية سمة المرحلة المقبلة، بخاصةٍ بعد التزام لبنان فرض سلطة الدولة على كامل أراضيها تطبيقاً للدستور والقرارات الدولية. ويعتبر الخبير العسكري والأمني العميد الركن فادي داوود، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «تنفيذ القرار 1701 ومراقبة تعاطيها مع مكوّنات المجتمع اللبناني التي تحمل السلاح، هو التحدّي الأكبر أمام المؤسسات العسكرية والأمنية». ويوضح أن «ضبط الحدود والمعابر البرية مع سوريا وإسرائيل مسألة بالغة الدقة، سيما في ظل المستجدات التي تشهدها سوريا، وعدم معرفة القوة التي ستمسك بالأمن على الجانب السوري».

مكافحة المخدِّرات

وبأهمية ضبط الحدود ومنع الاختراق الأمني عبرها، يظل الوضع الداخلي تحت المجهر في ظلّ انتشار السلاح لدى معظم الأحزاب والفئات والمناطق اللبنانية، وهنا يوضح داوود أن «تفلّت السلاح في الداخل يتطلّب خطة أمنية ينفّذها الجيش والأجهزة الأمنية كافة». ويشرح أن «وضع المخيمات الفلسطينية يجب أن يبقى تحت رقابة الدولة ومنع تسرّب السلاح خارجها، إلى حين الحلّ النهائي والدائم لانتشار السلاح والمسلحين في جميع المخيمات»، منبهاً إلى «معضلة أمنية أساسية تتمثّل بمكافحة المخدرات تصنيعاً وترويجاً وتصديراً، سيما وأن هناك مناطق معروفة كانت أشبه بمحميات أمنية لعصابات المخدرات».

حقائق

علاقات لبنان مع سوريا... نصف قرن من الهيمنة

شهدت العلاقات اللبنانية - السورية العديد من المحطات والاستحقاقات، صبّت بمعظمها في مصلحة النظام السوري ومكّنته من إحكام قبضته على كلّ شاردة وواردة. وإذا كان نفوذ دمشق تصاعد منذ دخول جيشها لبنان في عام 1976، فإن جريمة اغتيال الرئيس اللبناني المنتخب رينيه معوض في 22 نوفمبر (تشرين الثاني) 1989 - أي يوم عيد الاستقلال - شكّلت رسالة. واستهدفت الجريمة ليس فقط الرئيس الذي أطلق مرحلة الشروع في تطبيق «اتفاق الطائف»، وبسط سلطة الدولة على كامل أراضيها وحلّ كل الميليشيات المسلّحة وتسليم سلاحها للدولة، بل أيضاً كلّ من كان يحلم ببناء دولة ذات سيادة متحررة من الوصاية. ولكنْ ما إن وُضع «اتفاق الطائف» موضع التنفيذ، بدءاً بوحدانية قرار الدولة، أصرّ حافظ الأسد على استثناء سلاح «حزب الله» والتنظيمات الفلسطينية الموالية لدمشق، بوصفه «سلاح المقاومة لتحرير الأراضي اللبنانية المحتلّة» ولإبقائه عامل توتر يستخدمه عند الضرورة. ثم نسف الأسد «الأب» قرار مجلس الوزراء لعام 1996 القاضي بنشر الجيش اللبناني على الحدود مع إسرائيل، بذريعة رفضه «تحويل الجيش حارساً للحدود الإسرائيلية».بعدها استثمر نظام دمشق انسحاب الجيش الإسرائيلي من المناطق التي كان يحتلها في جنوب لبنان خلال مايو (أيار) 2000، و«جيّرها» لنفسه ليعزّز هيمنته على لبنان. غير أنه فوجئ ببيان مدوٍّ للمطارنة الموارنة برئاسة البطريرك الراحل نصر الله بطرس صفير في سبتمبر (أيلول) 2000، طالب فيه الجيش السوري بالانسحاب من لبنان؛ لأن «دوره انتفى مع جيش الاحتلال الإسرائيلي من جنوب لبنان».مع هذا، قبل شهر من انتهاء ولاية الرئيس إميل لحود، أعلن نظام بشار الأسد رغبته بالتمديد للحود ثلاث سنوات (نصف ولاية جديدة)، ورغم المعارضة النيابية الشديدة التي قادها رئيس الوزراء الراحل رفيق الحريري، مُدِّد للحود بالقوة على وقع تهديد الأسد «الابن» للحريري ووليد جنبلاط «بتحطيم لبنان فوق رأسيهما». وهذه المرة، صُدِم الأسد «الابن» بصدور القرار 1559 عن مجلس الأمن الدولي، الذي يقضي بانتخاب رئيس جديد للبنان، وانسحاب الجيش السوري فوراً، وحلّ كل الميليشيات وتسليم سلاحها للدولة اللبنانية. ولذا، عمل لإقصاء الحريري وقوى المعارضة اللبنانية عن السلطة، وتوِّج هذا الإقصاء بمحاولة اغتيال الوزير مروان حمادة في أكتوبر (تشرين الأول) 2004، ثمّ باغتيال رفيق الحريري يوم 14 فبراير (شباط) 2005، ما فجّر «ثورة الأرز» التي أدت إلى انسحاب الجيش السوري من لبنان يوم 26 أبريل (نيسان)، وتبع ذلك انتخابات نيابية خسرها حلفاء النظام السوري فريق «14 آذار» المناوئ لدمشق.تراجع نفوذ دمشق في لبنان استمر بعد انسحاب جيشها بضغط أميركي مباشر. وتجلّى ذلك في «الحوار الوطني اللبناني»، الذي أفضى إلى اتخاذ قرارات بينها «ترسيم الحدود» اللبنانية السورية، وبناء علاقات دبلوماسية مع سوريا وتبادل السفراء، الأمر الذي قبله بشار الأسد على مضض. وأكمل المسار بقرار إنشاء محكمة دولية لمحاكمة قتلة الحريري وتنظيم السلاح الفلسطيني خارج المخيمات - وطال أساساً التنظيمات المتحالفة مع دمشق وعلى رأسها «الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين - القيادة العامة» - وتحرير المعتقلين اللبنانيين في السجون السورية. حرب 6002مع هذا، بعد الحرب الإسرائيلية على لبنان في يوليو (تموز) 2006، التي أعلن «حزب الله» بعدها «الانتصار على إسرائيل»، استعاد النظام السوري بعض نفوذه. وتعزز ذلك بسلسلة اغتيالات طالت خصومه في لبنان من ساسة ومفكّرين وإعلاميين وأمنيين - جميعهم من فريق «14 آذار» - وتوّج بالانقلاب العسكري الذي نفذه «حزب الله» يوم 7 مايو 2008 محتلاً بيروت ومهاجماً الجبل. وأدى هذا التطور إلى «اتفاق الدوحة» الذي منح الحزب وحلفاء دمشق «الثلث المعطِّل» في الحكومة اللبنانية، فمكّنهم من الإمساك بالسلطة.يوم 25 مايو 2008 انتخب قائد الجيش اللبناني ميشال سليمان رئيساً للجمهورية، وفي 13 أغسطس (آب) من العام نفسه عُقدت قمة لبنانية ـ سورية في دمشق، وصدر عنها بيان مشترك، تضمّن بنوداً عدّة أهمها: «بحث مصير المفقودين اللبنانيين في سوريا، وترسيم الحدود، ومراجعة الاتفاقات وإنشاء علاقات دبلوماسية، وتبنّي المبادرة العربية للسلام». ولكن لم يتحقق من مضمون البيان، ومن «الحوار الوطني اللبناني» سوى إقامة سفارات وتبادل السفراء فقط.ختاماً، لم يقتنع النظام السوري في يوم من الأيام بالتعامل مع لبنان كدولة مستقلّة. وحتى في ذروة الحرب السورية، لم يكف عن تعقّب المعارضين السوريين الذي فرّوا إلى لبنان، فجنّد عصابات عملت على خطف العشرات منهم ونقلهم إلى سوريا. كذلك سخّر القضاء اللبناني (خصوصاً المحكمة العسكرية) للتشدد في محاكمة السوريين الذين كانوا في عداد «الجيش السوري الحرّ» والتعامل معهم كإرهابيين.أيضاً، كان للنظام السوري - عبر حلفائه اللبنانيين - الدور البارز في تعطيل الاستحقاقات الدستورية، لا سيما الانتخابات الرئاسية والنيابية وتشكيل الحكومات، بمجرد اكتشاف أن النتائج لن تكون لصالحهم. وعليه، قد يكون انتخاب الرئيس اللبناني في 9 يناير (كانون الثاني) المقبل، الاستحقاق الأول الذي يشهده لبنان من خارج تأثير نظام آل الأسد منذ نصف قرن.