تتحول جوامع إسطنبول الكبرى في رمضان إلى مراكز جذب لآلاف الصائمين والزائرين والعاكفين وتشهد احتفالية روحانية على مدى ثلاثين يوما في «سلطان الأشهر الأحد عشر» كما يطلق الأتراك على شهر رمضان.
ويعد جامع السليمانية بإسطنبول أحد هذه الجوامع الجاذبة في رمضان بأجوائه الروحانية وعظمة معماره وحديقته اليانعة وقد استمد اسمه من السلطان سليمان القانوني ويعكس عظمة الإسلام من خلال اللمسات العبقرية لمهندس الدولة العثمانية الأبرز (المعماري سنان).
وفي رمضان جامع السليمانية إلى مقصد للصائمين وقت الإفطار ثم صلاة التراويح، وهو يقع الجامع على تلة مرتفعة بقلب إسطنبول، ويطل بعظمته الفنية والمعمارية على مضيق البسفور، وخليج القرن الذهبي، وعلى معظم أحياء إسطنبول التي تقع داخل الأسوار القديمة، فضلا عن رؤية الأبراج الحديثة.
يكتظ الجامع بالمصلين في صلاة التراويح وبخاصة نهاية الأسبوع (السبت والأحد) ويتسع الجامع لنحو 10 آلاف مصل، يصل عددهم في ليلة القدر إلى نحو 30 ألفا.
ويضم جامع السليمانية ضريح السلطان سليمان القانوني، مع عدد كبير من أبنائه، وكذلك زوجته هورم سلطان، فضلا عن وجود قبور لمشاهير من العصر العثماني، كما يضم مكتبة شهيرة، ومنشآت كثيرة.
ويعد جامع السليمانية هو أكبر جوامع إسطنبول في فترة الدولة العثمانية حيث أراد السلطان سليمان القانوني، الموصوف تاريخيا بـ«العظيم»، لهذا الجامع أن يكون علامة على عظمة الإسلام.
ويستوعب الجامع في الداخل 10 آلاف شخص، وفي باحته 6 آلاف، وفي ليلة القدر عندما يكون الطقس جيدا، يصل العدد إلى 30 ألفاً وغالبية الجوامع المحيطة بالسليمانية صغيرة، وتشير الروايات إلى أن السلطان سليمان القانوني رأى الرسول صلى الله عليه وسلم في منامه يتجول معه في التلة التي كانت أعلى تلال إسطنبول السبع في ذلك الزمن، فقرر بناء الجامع في هذا المكان وفي اليوم التالي استدعى المعماري سنان وكلفه بالأمر.
ولا يحتوي جامع السليمانية زينة كبيرة، لكنه جامع صامد معماريا رغم أنه شيد ما بين عامي 1550 و1557، وقال المعماري سنان عندما شيده: «شيدت جامعا إن لم يتعرض للأذى من الناس فإنه سيبقى قائما ليوم القيامة».
ويحوي الجامع في قسمه الأمامي زجاجيات وزخارف، وعلى يمين المحراب كتبت سورة الفاتحة بنقش جميل على الزجاج المزخرف لا يوجد مثيل له في العالم، وعلى الزجاج هناك خطوط خصوصاً في التزيين لا توجد في جوامع أخرى بإسطنبول.
كما أن الكتبات بخط اليد نفذها أشهر خطاطي تلك المرحلة وهو أحمد كارا حصار، وبحسب الروايات فإنه أثناء الكتابة فقد عينيه، ولهذا تنازل المعماري سنان له عن افتتاح الجامع عندما كلفه السلطان سليمان القانوني بافتتاحه فقال إن للخطاط أولوية، فقد فقد بصره أثناء عمله.
وجامع السليمانية هو أيضا كلية تتضمن منشآت تعليمية كثيرة، تعادل في ذلك الزمن جامعة، إلى جانب واحد من أشهر الحمامات التركية ودار ضيافة كان يقدم فيها الطعام للفقراء، ومستشفى، ومكتبة شهيرة.
وتتضمن مكتبة السليمانية، الشهيرة في العالم الإسلامي، آثارا مكتوبة بخط اليد، والأحبار المستخدمة فيها منشأها جامع السليمانية، وهي مكتبة مهمة وتجمع الآثار المكتوبة بخط اليد وكانت حلقات العلم في أيام الدولة العثمانية تعقد في هذا الجامع أيضا.
أما الأضرحة الموجودة في الجامع، فهي للسلطان سليمان القانوني وابنته مهرماه، وبقية أبنائه وزوجته هورم سلطان وأعلى قبره توجد قطعة من الحجر الأسود جلبها السلطان سليمان القانوني من مكة المكرمة بعد أن تفتت بعض القطع من الحجر وخلف الجامع يقع أيضا ضريح مهندسه المعماري سنان.
ويعد جامع السليمانية من أهم الآثار المعمارية ولم يبح بكل أسراره الهندسية والتي لا يزال المعماريون في العصر الحديث يسعون لاكتشافها.
ويجتذب الجامع آلاف الزائرين العرب لا سيما في فصل الصيف كما يتوافد الآلاف في شهر رمضان للإفطار في باحاته وحدائقه في عادة تركية سائدة منذ القدم، فيفترشون الباحات ليفطروا ويمكثون حتى صلاة العشاء والتراويح ويحضرون مع أسرهم وأطفالهم حيث يحرصون على التقاط الصور التذكارية وسط المناظر الخلابة.كما يشهد الجامع فعاليات كثيرة من برامج تلفزيونية، وتلاوات قرآنية، وإنشاد ديني في شهر رمضان.
وتنتشر على أطراف الجامع مطاعم الفاصوليا التقليدية الخاصة، التي تلقى إقبالاً من السائحين، وتمتاز بطعم مميز في تلك المنطقة، فضلا عن انتشار المحلات والأسواق التجارية القديمة.
جامع السليمانية نقطة جذب رمضانية في إسطنبول
أبرز تحف معماريي الدولة العثمانية وأكثرها احتفاظاً بالأسرار
جامع السليمانية نقطة جذب رمضانية في إسطنبول
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة