مباحثات متقدمة لانضمام منصتي موسكو والقاهرة لوفد «الهيئة» في «جنيف»

تفاؤل بتذليل العقبات بعد تشكيل لجنة مشتركة لبحث الدستور

مباحثات متقدمة لانضمام منصتي موسكو والقاهرة لوفد «الهيئة» في «جنيف»
TT

مباحثات متقدمة لانضمام منصتي موسكو والقاهرة لوفد «الهيئة» في «جنيف»

مباحثات متقدمة لانضمام منصتي موسكو والقاهرة لوفد «الهيئة» في «جنيف»

تتكثف جهود المعارضة لتوحيد صفوفها والذهاب ضمن وفد مشترك إلى الجولة السابعة من مفاوضات جنيف المزمع عقدها في العاشر من شهر يوليو (تموز) المقبل، بعدما خَطَت الخطوة الأولى في هذا الاتجاه عبر تشكيل لجنة تقنية تجمع شخصيات من الهيئة العليا للمفاوضات ومنصتي «موسكو» و«القاهرة» لتولي مهمة البحث في المسائل الدستورية مع فريق الأمم المتحدة.
وفي حين تستمر المباحثات لتذليل العقبات التي حالت في الجولات السابقة دون التوحد، تبدي الأطراف الثلاثة تفاؤلاً بإمكانية تجاوز الخلافات لخوض المفاوضات ضمن وفد موحد، لا سيما بعدما نجحت «الهيئة» و«الوفد» في تنظيم العلاقة بينهما بعد الخلافات التي أدت إلى انسحاب «الفصائل» من جولة جنيف الماضية.
وبينما يشير كل من جورج صبرا نائب منسّق «الهيئة العليا التفاوضية» وفؤاد عليكو، عضو وفد «الهيئة» إلى المفاوضات، إلى أن الخطوة الأولى نحو توحيد الرؤية مع منصتي «القاهرة» و«موسكو» بدأت عبر تشكيل لجنة مشتركة تمثلت فيها كلا المنصتين بشخصية واحدة، وهو ما يؤكده، جمال سليمان، رئيس وفد منصة القاهرة، فضّل قدري جميل، رئيس منصة القاهرة، وَصْف ما حصل بـ«تجاور المنصات الثلاث في اللقاءات مع الأمم المتحدة»، مؤكداً في الوقت عينه على إيجابية الخطوة التي هي الأولى من نوعها منذ بدء الأزمة السورية، والتي قد تمهّد إلى تشكيل وفد مشترك لمفاوضات جنيف في وقت لاحق.
وأوضح صبرا لـ«الشرق الأوسط»: «لطالما دعونا منصتي موسكو والقاهرة للمشاركة في وفد الهيئة من دون التوصل إلى نتيجة، لكن اليوم وبناء على إلحاح المبعوث الدولي إلى سوريا ستيفان دي ميستورا، وافق الجميع على حضور اجتماعات مشتركة مع وفد الأمم المتحدة في 14 و15 من الشهر الحالي للبحث في الدستور، التي ستستكمل ما بين الثالث والسابع من الشهر المقبل، أي قبل ثلاثة أيام من مفاوضات جنيف».
وفيما رجّح كل من صبرا وعليكو أن يتم تجاوز الخلافات مع «منصة القاهرة»، اعتبرا أن الوضع قد يكون أكثر تعقيداً مع «منصة موسكو»، التي قد لا تتجاوب مع سقف الهيئة المحدّد في بيان مؤتمر الرياض ومقرراته. وأضاف عليكو: «الاختلاف مع منصة موسكو هو حول مفهوم الانتقال السياسي، إنما المباحثات مستمرة وهناك تقارب أكثر من كل المراحل السابقة والتوحد ليس مستحيلاً».
من جهته، قال قدري جميل لـ«الشرق الأوسط»: «تجاور المنصات الثلاث (الرياض وموسكو والقاهرة)، خلال اللقاءات مع فريق عمل الأمم المتحدة للبحث في الدستور سابقة أولى بعد تباعد طويل، وقد أثبتت التجربة أنها مفيدة ويمكن البناء عليها بحيث يلتقي الجميع وجهاً لوجه لتبادل وجهات النظر بعيداً عن أي وسيط قد يكون دوره سلبياً في بعض الأحيان، وبالتالي هذا الأمر قد يمهّد فيما بعد لتشكيل وفد موحد إلى جنيف، وخوض مفاوضات مباشرة مع النظام ستكون بلا شك أكثر فعالية».
وفيما أوضح جميل أنه نتج عن اللقاءات الأولى التي ارتكزت على بحث الدستور تحديد نقاط الالتقاء والاختلاف بين الجميع على أن يتم استكمال البحث بين الثالث والسابع من الشهر المقبل، رأى أنه إذا نجحت هذه التجربة سيتم اعتمادها في السلال الثلاث الأخرى، أي الانتخابات والإرهاب والحكم التي أقرَّتها مفاوضات جنيف، مضيفاً: «قد لا يتم توحيد الوفد في الجولة المقبلة إنما في التي ستليها أي الثامنة، بعدما نكون قد انتهينا من البحث في السلال الأربع»، ويؤكد: «نؤمن أن التواصل المباشر يذلّل الاختلاف ويقرب وجهات النظر».
بدوره، اعتبر رئيس وفد منصة القاهرة، جمال سليمان، أن هناك تبدلاً في المناخ السياسي العام من شأنه أن يُسهِم في توحّد المعارضة. وقال في تصريح لـ«الشرق الأوسط»: «كنا دائماً ولا نزال نبذل جهوداً لإيجاد أرضية لتشكيل وفد موحد إلى المفاوضات ودفع العملية السياسية نحو الأمام، وإلغاء الذريعة التي يستخدمها النظام بأن المعارضة مشرذمة، ولم ننجح في المرحلة السابقة حيث كان البعض يضع الشروط بسقف مرتفع، لكن اليوم يبدو أن هناك مرونةً في التعامل مع الموضوع والنقاش من شأنها أن تقرب وجهات النظر.
وأمل أن يكون الوفد التقني الذي تشكّل لبحث المسائل الدستورية أرضية وجمع المنصات الثلاث، بغض النظر عن نسبة التمثيل، بداية للاتفاق على المواضيع الأخرى وتشكيل وفد موحّد للمشاركة في المفاوضات، ويصل الجميع إلى قناعة بضرورة الحل السياسي تحت مظلة القرارات الدولية.
وأوضح سليمان: «المشكلة كانت في أن (وفد المعارضة) يخضع لسلطة (الهيئة العليا للمفاوضات)، أما اليوم، وبعدما أدرك الجميع أن هذا النقطة من شأنها من تعقّد عملية المفاوضات وبرزت أيضاً في الجولة الماضية عندما انسحب وفد الفصائل، بدأ الحوار المعمق والجدي في أوساط الهيئة لحل هذه المشكلة، وهو الأمر الذي قد ينعكس أيضاً إيجاباً على توحّد وفد المعارضة وانضمامنا إليه».
مع العلم أن خلافات بين ممثلي الفصائل المشاركة في «جنيف» و«الهيئة العليا»، كانت قد ظهرت في جولة المفاوضات الأخيرة، وأدَّت إلى تعليق مشاركة الفصائل اعتراضاً على ما وصفته بـ«عدم وضوح المرجعية بالمفاوضات والتخبط في اتخاذ القرارات وغياب استراتيجية تفاوضية واضحة»، قبل أن تعود إلى الطاولة ويعقد بعدها الطرفان اجتماعاً في الرياض، حيث تم التوافق على تنظيم العلاقة بين «الوفد» و«الهيئة». وأوضح مصدر في «الفصائل» لـ«الشرق الأوسط» أن أبرز البنود التي تم التوافق عليها، هي «عقد اجتماع مشترك بين الوفد والهيئة العليا قبل وبعد كل جولة مفاوضات على أن تكون العلاقة بين الهيئة والوفد عبر رئيس الوفد مع ضرورة التنسيق معه في كل ما يتعلق بالعملية التفاوضية، ويتولى الوفد مهمة إعداد الوثائق التفاوضية، ويسلمها للهيئة لمناقشتها ووضع الملاحظات عليها».



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.