منظمات حقوقية مغربية تندد بـ«انتهاكات» خلال مظاهرات الحسيمة

قالت إن الاعتقالات كانت «عشوائية ومرفقة بالعنف»

منظمات حقوقية مغربية تندد بـ«انتهاكات» خلال مظاهرات الحسيمة
TT

منظمات حقوقية مغربية تندد بـ«انتهاكات» خلال مظاهرات الحسيمة

منظمات حقوقية مغربية تندد بـ«انتهاكات» خلال مظاهرات الحسيمة

اتهم ائتلاف حقوقي مغربي، يضم أكثر من 20 منظمة غير حكومية، السلطات بارتكاب «انتهاكات لحقوق الإنسان» خلال «قمع» الحركة الاحتجاجية التي يشهدها شمال المغرب منذ أكثر من سبعة أشهر.
وقال «الائتلاف المغربي لهيئات حقوق الإنسان»، الذي يضم 22 هيئة حقوقية، في تقرير إن «الأغلبية الساحقة ممن تعرضوا للاعتقالات هم شباب، وكانت هذه الاعتقالات عشوائية ومرفقة بالعنف»، مؤكدا أنه استمع إلى «إفادات بالتعذيب داخل مخافر الشرطة، من ضرب وعنف ومعاملة سيئة وتهديد».
وأوضح الائتلاف أن تقريره هو ثمرة عمل «لجنة تقصي حقائق»، أرسلها مؤخرا للوقوف على «مجمل التطورات التي يعرفها إقليم الحسيمة» منذ سبعة أشهر، حيث تنشط حركة احتجاجية تطالب بتنمية الريف، الذي يعتبر المحتجون أنه «مهمش».
ومنذ 26 من مايو (أيار) الماضي اعتقلت السلطات أكثر من مائة شخص من قادة هذا الحراك، أبرزهم زعيمه ناصر الزفزافي.
وأكد الائتلاف أن عدد المعتقلين منذ نهاية مايو بلغ 135 بينهم سبعة صحافيين، موضحا أن «القوات العمومية تدخلت بعنف مفرط وبكثافة لفض تجمعات سلمية، استعملت فيها القنابل المسيلة للدموع وخراطيم المياه والعصي، ونجم عن هذه التدخلات عشرات من الجرحى».
لكن وزارة العدل المغربية نفت من جهتها اتهامات التعذيب.
من جهتها، أعلنت منظمتا «هيومن رايتس ووتش» و«العفو الدولية» في بيان أمس أن قائد الاحتجاجات الشعبية في شمال المغرب تعرض للضرب «بقسوة»، وإلى إساءات لفظية من قبل بعض عناصر الشرطة المغربية خلال اعتقاله.
اعتقل ناصر الزفزافي قائد «الحراك الشعبي» مع ناشطين آخرين في 29 من مايو الماضي في قرية «دوار لحرش» على بعد نحو 50 كلم من الحسيمة، أكبر مدينة في منطقة الريف.
وقالت المنظمتان في بيان مشترك إن نحو 12 من رجال الشرطة داهموا منزلا كان يمكث فيه في ساعات الصباح الأولى، وكسروا الباب، بحسب ما قال الزفزافي لمحاميه في سجنه في الدار البيضاء.
وذكر البيان أن «الشرطة كسرت الأثاث والنوافذ، وهاجمت الرجال الثلاثة رغم أنهم لم يبدوا أي مقاومة»، مضيفا أن «الضرب المبرح أنتج جُرحا طوله 1.5 سنتمتر على قائمة رأسه (الزفزافي)، وآخر تحت عينه اليسرى، وكدمات في ظهره».
وقالت المنظمتان إن الشرطة أهانت الرجال الثلاثة بتعابير مبتذلة، واصفين إياهم بالانفصاليين. ثم نقلت الشرطة المعتقلين إلى مدينة الحسيمة قبل نقلهم جوا معصوبي الأعين ومقيدي الأيدي إلى الدار البيضاء، بحسب ما قالوه.
وأورد البيان أن الشرطة «قدمت للزفزافي الرعاية الطبية، بما في ذلك غرز على قائمة رأسه، وملابس نظيفة بدل ملابسه الملطخة بالدماء».
وتشهد الحسيمة مظاهرات منذ مقتل بائع سمك في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي سحقا داخل شاحنة لجمع النفايات وهو يحاول استعادة أسماكه، التي صادرتها السلطات منه ورمتها لاصطيادها خارج الموسم.
وتحولت الدعوات من أجل العدالة ومحاسبة المسؤولين عن موته إلى حركة شعبية واسعة يقودها الحراك، وتطالب بالتنمية والقضاء على الفساد وتأمين الوظائف في منطقة الريف، ومنذ ذلك الوقت اعتقلت السلطات أكثر من مائة شخص، معظمهم من أعضاء الحراك البارزين، وتم توجيه تهم لهم بالتعرض لأمن البلاد.
وحكمت محكمة الأسبوع الماضي بالسجن 18 شهرا على 25 متظاهرا يشتبه بانتمائهم للحراك، كما ذكر محاموهم.
واعتقل الزفزافي بتهم منها «المس بسلامة الدولة الداخلية».
وقالت سارة ليا واتسون، مديرة قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في «هيومن رايتس ووتش»: «على السلطات المغربية التحقيق في المزاعم ذات المصداقية التي تفيد بارتكاب الشرطة لأعمال عنف ضد الزفزافي»، إضافة إلى الامتناع عن «توجيه أي تهم مرتبطة بحرية التعبير أو التظاهر السلمي».
وقال محامو خمسة ناشطين معتقلين، بينهم الزفزافي، إن موكليهم هددوا بالإضراب عن الطعام لثلاثة أيام بسبب ظروف اعتقالهم.



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».