تعهد رئيس الوزراء الجزائري الجديد، عبد المجيد تبون، بـ«وضع حدود فاصلة بين تسيير الدولة والمال السياسي»، في إشارة إلى سيطرة مجموعة من رجال الأعمال على القرار في البلاد. كما حاول تبون طمأنة الجزائريين المتخوفين من تأثير الأزمة المالية على حياتهم اليومية بالتأكيد على أن «الاقتصاد لا يزال متماسكا، والدولة لن تتخلى عن دورها الاجتماعي حيال مواطنيها».
وقال تبون في «المجلس الشعبي الوطني» (الغرفة البرلمانية الأولى) بمناسبة عرض «مخطط عمل الحكومة» على النواب، أول من أمس، إن الحكومة «لن تضع نفسها أبدا في مواجهة مع رجال الأعمال، لأن هناك حدودا واضحة بين السلطة السياسية وسلطة المال. وعلى كل واحد أن يسبح في عالمه الخاص به».
وكان الوزير يجيب عن انشغالات نواب بخصوص ظاهرة «تغول رجال الأعمال على السلطة»، وهم مجموعة من المستثمرين كانوا نوابا في الولاية البرلمانية المنقضية (2012 - 2017)، وأعيد انتخاب بعضهم في استحقاق 4 مايو (أيار) الماضي. وينسب لهؤلاء ممارسة تأثير في قرارات اتخذتها الحكومة في مجال الاستثمار والتجارة الخارجية، خصوصا استيراد منتجات باهظة التكاليف مثل الإسمنت والحديد والسيارات ومواد غذائية. والمفارقة أن غالبية النواب هم رجال الأعمال ينتمون إلى حزبي السلطة «جبهة التحرير الوطني»، و«التجمع الوطني الديمقراطي»، وهذان الحزبان يملكان الأغلبية المطلقة في غرفتي البرلمان، ولا يوجد شك في أنهما سيرميان بثقلهما حتى يوافق البرلمان على «مخطط عمل الحكومة»، في مقابل معارضة ضعيفة ومشتتة بين إسلاميين ويساريين وليبراليين.
وأضاف تبون أن «المخطط» المستمد حسبه من برنامج الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، يهدف في فترة 2020 - 2030 إلى تحقيق نمو للناتج المحلي الخام خارج المحروقات بنسبة 6.5 في المائة، ورفع الدخل الفردي بنسبة 2.3 في المائة، وتشجيع التصنيع والوصول إلى الأمن الغذائي لدعم النمو الاقتصادي، والقضاء على التجارة غير القانونية والاحتكار والعمل غير المصرح به.
وأكد تبون أن الاقتصاد «لا يزال متماسكا وهو في وضع مقبول، رغم نهاية الرخاء المالي وتقلص الموارد المالية بأكثر من 50 في المائة منذ 2014. بسبب تراجع أسعار النفط»، إذ بلغت مداخيل البلاد من العملة الصعبة، بحسب إحصاءات الجمارك، 30 مليار دولار عام 2016. علما بأنها كانت قبل ثلاث سنوات في حدود 55 مليار دولار.
وأوضح تبون أنه «رغم الأزمة فإننا ما زلنا صامدين، وما زالت احتياطاتنا من العملة الصعبة تفوق 100 مليار دولار (كانت 200 مليار دولار عام 2014)»، مشددا على أن «الأزمة الحقيقية التي تواجهها الجزائر لا تكمن في تقلص مواردها بقدر ما تكمن في القدرة على العمل المشترك، والتعامل مع الغير والثقة في النفس لبلوغ أهداف محددة بقواعد بسيطة تطبق على الجميع، دون استثناء ومن دون تجاوز للقانون».
وأبرز تبون أن «الاقتصاد الوطني في وضع مقبول، ولا يمكن أن نطلق عليه كل الأوصاف السوداء كما يفعل البعض»، في إشارة إلى أحزاب المعارضة التي ترى أن «عورة الاقتصاد الجزائري تكشفت بمجرد أن نزل سعر النفط تحت 80 دولارا».
وبحسب تبون فإن «خلافا لما قد تظهره النظرة التشاؤمية والرؤية السوداوية، فإن مؤشرات التنمية البشرية تضعنا في مقدمة الدول الناشئة، سواء من حيث نسبة البطالة أو التوصيل بالماء والكهرباء، أو التعليم وكثير من الأمثلة الأخرى»، وتابع موضحا أن «اقتصادنا المتماسك والقوي، والاستقرار السياسي والأمني الذي ننعم به منذ أكثر من عشرية كاملة، يعزز موقعنا الاقتصادي والسياسي في المنطقة... والرهان هو أن نعي التحول الحاصل حاليا ونفهمه، والذي يقتضي الانتقال إلى مرحلة جديدة في حياة المجتمع الجزائري تتمثل في أن نشمر على سواعدنا لنعيد للعمل قيمته، بدل الاتكال على ريوع النفط»، واعدا بأن «تعمل الحكومة بكل جهدها لتجاوز هذه المرحلة الصعبة».
ويرتكز «مخطط عمل الحكومة»، حسب رئيس الوزراء، على «الحفاظ على المكتسبات الاجتماعية وتعزيزها، وإرساء أكبر قدر من الشفافية في النشاط الاقتصادي والتجاري، وتحسين مناخ الأعمال، وكذا منح المحلية دورا أساسيا في النشاط الاقتصادي، مع التركيز على تعزيز الأمن الغذائي للبلاد، والحد من اختلال الميزان التجاري».
رئيس وزراء الجزائر يتعهد بفصل رجال الأعمال عن القرار السياسي
تبون دافع عن «تماسك» الاقتصاد خلال عرض برنامجه على البرلمان
رئيس وزراء الجزائر يتعهد بفصل رجال الأعمال عن القرار السياسي
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة