«سوريا الديموقراطية» تسيطر على مناطق استراتيجية في الرقة

الأمم المتحدة تدعو إلى حماية المدنيين في معقل «داعش»

«سوريا الديموقراطية» تسيطر على مناطق استراتيجية في الرقة
TT

«سوريا الديموقراطية» تسيطر على مناطق استراتيجية في الرقة

«سوريا الديموقراطية» تسيطر على مناطق استراتيجية في الرقة

استمرت أمس معارك الرقة حيث سيطرت «قوات سوريا الديمقراطية» على مناطق استراتيجية جديدة بعد تراجع «داعش»، في وقت دعا فيه الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش إلى حماية المدنيين السوريين في المدينة.
وقال متحدث باسم فصيل معارض في سوريا لوكالة «رويترز» إن الفصائل السورية التي تدعمها الولايات المتحدة تضيق الخناق على مدينة الرقة معقل التنظيم، وإنها سيطرت على أراض على الضفة الجنوبية لنهر الفرات بهدف محاصرة المدينة.
غير أن المرصد السوري لحقوق الإنسان قال إن مدينة الرقة تشهد منذ ساعات تراجعاً في العمليات القتالية والاشتباكات على محاور المدينة الشرقية والغربية، بين «قوات سوريا الديمقراطية» و«قوات النخبة السورية» المدعمة بالقوات الخاصة الأميركية من جانب، وعناصر تنظيم (داعش) من جانب آخر. وأضاف أن المواجهات اقتصرت على إطلاق نار متقطع بين الطرفين، فيما وصلت في بعض الجبهات إلى الهدوء النسبي.
جاء ذلك الهدوء والتراجع في الاشتباكات، بعد المعارك العنيفة التي شهدتها الساعات الـ24 الماضية، في المدينة، كما شهدت الضفاف الجنوبية لنهر الفرات عملية تقدم مهمة لقوات «مجلس منبج العسكري» و«قوات سوريا الديمقراطية» وسيطرتها على منطقة الكسرات ووصولها لمدخل الجسر الجديد المدمر من قبل التحالف الدولي.
عملية التقدم هذه كانت بهدف محاصرة تنظيم داعش وإجباره على الانسحاب من المدينة، قبل إكمال الطوق حول المدينة وإدخاله في حصار كامل، وأبلغت مصادر موثوقة المرصد السوري لحقوق الإنسان أن تراجع العمليات القتالية، وعدم إمكانية تقدم قوات عملية «غضب الفرات» أكثر داخل المدينة، جاء نتيجة استماتة عناصر التنظيم في صد الهجمات، وكثافة زرعه الألغام في المدينة وعلى خطوط التماس، إضافة لنشر عدد كبير من القناصة في المدينة وعلى محاور القتال، حيث شهدت المدينة معارك شرسة وعمليات هجوم معاكس جرت بشكل عنيف ونفذها التنظيم لصد تقدم قوات عملية «غضب الفرات» خصوصا عند أسوار المدينة القديمة.
وبدأت «قوات سوريا الديمقراطية»، هجوما قبل أسبوعين لانتزاع السيطرة على المدينة الشمالية من «داعش» الذي اجتاحها في 2014.
وقال نوري محمود، المتحدث باسم «وحدات حماية الشعب» الكردية لوكالة «رويترز» إنه جرى طرد «داعش» من ضاحية كسرة الفرج، فيما تقدمت «قوات سوريا الديمقراطية» على طول الضفة الجنوبية للنهر من الغرب. وقال الناطق باسم «سوريا الديمقراطية» العميد طلال سلو إن قواته اقتربت من إغلاق الجهة الجنوبية من المدينة وإطباق الحصار على «داعش» من جهات المدينة الأربع.
وعندما بدأت الحملة كانت القوات تحاصر الرقة، التي تقع على الضفة الشمالية لنهر الفرات، من جهات الشمال والغرب والشرق. ورغم سيطرة «داعش» على الضفة الجنوبية للنهر، فإن الضربات الجوية للتحالف دمرت الجسور التي تربطها بالمدينة.
وتحاول «قوات سوريا الديمقراطية» الآن فرض حصار على المدينة بالسيطرة على الضفة الجنوبية. وأصبحت القوات على بعد كيلومترات من تحقيق هذا الهدف.
وأمس، دعا الأمين العام للأمم المتحدة إلى حماية المدنيين السوريين في الرقة. وقال في بيان: «أوجه نداء عاجلا إلى جميع من يشنون عمليات عسكرية في سوريا أن يبذلوا كل ما بوسعهم لحماية المدنيين والبنى التحتية المدنية مع استمرار القتال في الرقة وغيرها من المناطق». وعبر عن شعوره بـ«القلق البالغ» من المعاناة البشرية في أرجاء سوريا، إلا أنه قال إن المدنيين في الرقة يواجهون وضعا صعبا للغاية. وأضاف: «أنا قلق بشكل خاص بشأن الوضع الخطير على المدنيين في الرقة المحاصرين والذين يواجهون تهديدات من جميع الاتجاهات».
وناشد غوتيريش الأطراف المتحاربة بأن تسمح بدخول قوافل المساعدات الإنسانية إلى السوريين الذين هم في أشد الحاجة إلى الأدوية والأغذية للبقاء على قيد الحياة.
وتسيطر «قوات سوريا الديمقراطية» المؤلفة من مقاتلين أكراد وعرب على 4 أحياء في مدينة الرقة، وتقدمت الثلاثاء الماضي على طول المناطق الجنوبية لتقترب من محاصرة الرقة بشكل كامل.
وعبرت مفوضية التحقيق بشأن سوريا التابعة للأمم المتحدة عن قلقها بشأن العدد «الهائل» من القتلى المدنيين في معركة السيطرة على الرقة.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».