خامنئي يلتقي رئيس وزراء باكستان.. ويدعو لتأمين الحدود وزيادة التعاون

المحادثات النووية تبدأ اليوم في فيينا > السلطات الإيرانية تتجه لإغلاق ثماني فضائيات متشددة

خامنئي يلتقي رئيس وزراء باكستان.. ويدعو لتأمين الحدود وزيادة التعاون
TT

خامنئي يلتقي رئيس وزراء باكستان.. ويدعو لتأمين الحدود وزيادة التعاون

خامنئي يلتقي رئيس وزراء باكستان.. ويدعو لتأمين الحدود وزيادة التعاون

قال المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي، إن تأمين الحدود مع باكستان التي تمتد نحو 900 كيلومتر، «من أهم أولويات البلدين»، منتقدا خلال لقائه رئيس الوزراء الباكستاني نواز شريف في طهران أمس، انخفاض مستوى التبادل التجاري، رغم وجود القواسم الثقافية والدينية المشتركة. وشهدت المناطق الحدودية بين إيران وباكستان، حوادث أمنية بعد اختطاف تنظيم متطرف في المنطقة لخمسة من حرس الحدود الإيرانيين منذ أكثر من شهرين. كما اختطف خمسة من قوات حرس الحدود الإيرانيين في إقليم سيستان وبلوتشستان الجنوبي الشرقي في فبراير (شباط)، وتم نقلهم إلى باكستان. ثم أطلق سراح أربعة من الحراس المختطفين في باكستان بعد شهرين من احتجازهم.
وقال خامنئي إن «هناك أيادي خفية تعمل على جعل الحدود بين إيران وباكستان غير آمنة من خلال مؤامرات كثيرة.. ونحن على علم ودراية ببعض الأنشطة التي تهدف إلى الإساءة إلى العلاقات بين طهران وإسلام آباد». وقال المرشد الأعلى الإيراني إن بعض «الحاقدين يحاولون جعل الحدود الممتدة التي تفصل بين إيران وباكستان محل خطر لتحقيق أهدافهم الشريرة.. من الصعب أن نصدق أن مثل هذه الأحداث طبيعية أو غير مقصودة».
وكان رئيس الوزراء الباكستاني قد وصل إلى طهران أول من أمس، على رأس وفد رفيع المستوى في زيارة تستغرق يومين. وأعرب خامنئي عن أمله في أن تشهد فترة حكم نواز شريف زيادة الخطط الاقتصادية بين البلدين ومن بينها خط الغاز الذي يربط بين إيران وباكستان. وأضاف «لا نحتاج إلى إذن من أحد لكي نتوسع في العلاقات بين الدولتين، والولايات المتحدة التي يعرف الجميع طبيعتها، من بين من يحاولون زرع بذور الخلاف بين إيران وباكستان».
ومن جانبه أعرب رئيس الوزراء الباكستاني عن رضاه عن زيارته إلى إيران والمباحثات المثمرة التي عقدها مع مسؤولين إيرانيين في طهران، قائلا «سوف أبذل ما في وسعي لرفع مستوى العلاقات الاقتصادية بين البلدين إلى ثلاثة مليارات دولار سنويا.. وأؤكد لكم أن الحكومة الباكستانية سوف تتعامل بجدية مع من يحاولون تصعيد التوترات على الحدود ولن تدخر جهدا في تأييد الإجراءات التي تتخذها إيران في هذا الصدد». وفي إطار الزيارة، التقى شريف، رئيس مجمع تشخيص مصلحة النظام في إيران هاشمي رافسنجاني، حيث اتفق الطرفان على أن تعمل طهران وإسلام آباد معا على وقف الحرب الأهلية في أفغانستان.
وصرح رافسنجاني قائلا «على الرغم من أن الاحتمالات السياسية المستقبلية أمام أفغانستان غير مؤكدة، إلا أن إيران وباكستان ملتزمتان بعدم السماح للحرب الأهلية بالتضحية بالأبرياء من الشعب الأفغاني مرة أخرى». في إشارة إلى الصراع القائم بين مسلحي طالبان وقوات الحكومة في أفغانستان.
ومن جانبه أبرز شريف إمكانيات تعزيز التعاون بين إيران وباكستان في مجالات التجارة والاقتصاد والصناعة. وفي إشارة إلى التعاون بين إيران وباكستان وتركيا في الأعوام الأخيرة، أكد شريف على موقف الدول الإسلامية الثلاث، وقال إن التعاون بين الدول الإسلامية يمكنه أن يخفف من المشكلات التي تواجه الأمة الإسلامية.
من جهة ثانية بدأت الوكالة الدولية للطاقة الذرية وإيران محادثات أمس قبل يوم من بدء جولة من المحادثات بين إيران والقوى العالمية الست في العاصمة النمساوية تتناول التسوية الدبلوماسية عموما للصراع النووي المستمر منذ عقد من الزمان.
ولم يدل رضا نجفي سفير إيران لدى الوكالة الدولية للطاقة الذرية بأي تصريحات لدى وصوله في مقر الوكالة في فيينا لحضور اجتماع أمس، مع كبار المسؤولين في الوكالة.
وفي إطار اتفاق للشفافية والتعاون أبرمه الجانبان في نوفمبر (تشرين الثاني) يتعين على إيران اتخاذ سبعة إجراءات عملية بحلول 15 مايو (أيار) في عملية على مراحل للمساعدة في تخفيف المخاوف الدولية بشأن البرنامج النووي الإيراني. وقالت مصادر دبلوماسية إن الوكالة تسعى للحصول على مزيد من التوضيحات من إيران بشأن واحدة من تلك الخطوات تتعلق بالصواعق النووية التي تعمل بسرعة ويمكن أن تكون لها وظائف عسكرية ومدنية. وتقول إيران إن تلك المزاعم لا أساس لها ولكنها عرضت المساعدة في تبديد الشكوك مع الوكالة. وقالت مصادر دبلوماسية إن إيران قدمت تفسيرا بشأن الصواعق النووية تقول فيه إنها لغير الاستخدامات النووية وإن الوكالة قدمت أسئلة تتابع فيها النقاش في هذا الأمر. وأضافت المصادر أن الوكالة الدولية للطاقة الذرية تريد أيضا الاتفاق مع إيران على إجراءات جديدة تتخذ بعد 15 مايو (أيار) على أمل أن تتناول قضايا حساسة أخرى مرتبطة بما تسميه الوكالة أبعادا عسكرية محتملة لبرنامج إيران النووي. وترتبط محادثات إيران مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية ومع القوى الكبرى ارتباطا وثيقا لأن الطرفين يركزان على المخاوف من أن إيران ربما تسعى سرا للحصول على قدرة على تطوير أسلحة نووية. وتقول إيران إن برنامج تخصيب اليورانيوم لديها إنما هو لمشروع سلمي خاص بالطاقة وحسب.
ويقول دبلوماسيون غربيون إن على إيران البدء في المشاركة في تحقيقات الوكالة الدولية للطاقة الذرية وإن هذا أمر جوهري في نجاح محادثات القوى الكبرى مع طهران بغية الوصول لاتفاق بحلول نهاية يوليو (تموز).
من جهة ثانية نقلت وسائل إعلام إيرانية أن ثماني قنوات فضائية شيعية متشددة تعمل من دون تصريح رسمي في مدينة قم. وكانت انتقادات لاذعة وجهت لهذه القنوات من قبل المرشد الإيراني علي خامنئي، بسبب تطرفها. وقال محافظ قم محمد صادق سليماني، إن تلك القنوات «تنتهج وسائل وضيعة في توجيه رسالتها».
وصرح لوكالة أنباء فارس الإيرانية، بأن وزارة الإرشاد الإسلامي الإيرانية والثقافة لم تصدر تصريحا لأي من تلك القنوات التلفزيونية الشيعية المتطرفة في مدن إيران المختلفة.
ومن بين القنوات الفضائية التي تعمل دون تصريح من وزارة الثقافة الإيرانية، قناة «الإمام الحسين»، و«السلام»، و«أبو الفضل»، و«شبكة المدارس الدولية للإمام الصادق»، و«الباقي»، و«المراسلات»، و«الأنوار»، و«الأنوار2».
ويمكن لوزارة الثقافة الإيرانية اتخاذ الإجراءات ضد الشبكات التي تبث من قم وأصفهان ومشهد، وطهران. وقال حامد علم الهدى، أمين الشؤون الإيرانية في منتدى التقريب بين المذاهب الإسلامية لوكالة أنباء فارس «يجري إنتاج غالبية برامج القنوات المتطرفة في خارج إيران وخاصة في العراق.. وإيران تواجه مصدر تغذية مثل هذه القنوات، والتي تبدأ بمفاوضات ثم تحذيرات ودية». وأضاف «إذا لم يقتنعوا، سنعمل على اتخاذ تدابير جديدة، حيث تستخدم الجمهورية الإسلامية وسائل أخرى، وقوات الأمن والمنظمات داخل قوة البلاد للسيطرة على هذه الشبكات التلفزيونية أو إغلاقها. نحن لسنا خائفين من التحدث عن محاولتنا في هذا الطريق علنا».



أعمال العنف بين السنة والشيعة في باكستان عابرة للحدود والعقود

مسؤولون أمنيون يتفقدون موقع انفجار خارج مطار جناح الدولي في كراتشي بباكستان 7 أكتوبر 2024 (إ.ب.أ)
مسؤولون أمنيون يتفقدون موقع انفجار خارج مطار جناح الدولي في كراتشي بباكستان 7 أكتوبر 2024 (إ.ب.أ)
TT

أعمال العنف بين السنة والشيعة في باكستان عابرة للحدود والعقود

مسؤولون أمنيون يتفقدون موقع انفجار خارج مطار جناح الدولي في كراتشي بباكستان 7 أكتوبر 2024 (إ.ب.أ)
مسؤولون أمنيون يتفقدون موقع انفجار خارج مطار جناح الدولي في كراتشي بباكستان 7 أكتوبر 2024 (إ.ب.أ)

مرة أخرى، وقف علي غلام يتلقى التعازي، فبعد مقتل شقيقه عام 1987 في أعمال عنف بين السنة والشيعة، سقط ابن شقيقه بدوره في شمال غرب باكستان الذي «لم يعرف يوماً السلام»، على حد قوله.

متظاهرون يتجمعون بالقرب من أشياء أضرمت فيها النيران في أحد الشوارع في جارانوالا بباكستان 16 أغسطس 2023 (رويترز)

منذ يوليو (تموز)، تفيد مصادر عدة بأن 212 شخصاً قُتلوا في إقليم كورام بسبب نزاعات قديمة على الأراضي كان يفترض بسلسلة من الاتفاقات برعاية وجهاء قبليين وسياسيين وعسكريين، أن تبت بها.

إلا أنه تم انتهاك هذه الاتفاقات على مر العقود مع عجز السلطات الفيدرالية وفي مقاطعة خيبر بختونخوا عن القضاء على العنف.

فقدت القوات الأمنية الباكستانية مئات من أفرادها خلال الأشهر الماضية في الموجة الإرهابية الجديدة (أ.ف.ب)

والأسوأ من ذلك أن الهجوم الذي أجج أعمال العنف في 21 نوفمبر (تشرين الثاني) استهدف السلطات أيضاً، إذ إن نحو 10 مهاجمين أمطروا موكبي سيارات تنقل عائلات شيعية كانت بحماية الشرطة.

وكان ابن شقيق علي غلام في هذا الموكب. وكان هذا الرجل البالغ 42 عاماً ينتظر منذ أيام فتح الطرق في كورام عند الحدود مع أفغانستان.

أطلقت الشرطة قنابل الغاز المسيل للدموع لتفريق الطلاب أثناء مسيراتهم خلال مظاهرة للتنديد باغتصاب طالبة مزعوم في لاهور بباكستان 17 أكتوبر 2024 (إ.ب.أ)

«لا ثقة مطلقاً بالدولة»

وكانت الطرق الرئيسية قد قُطعت بسبب تجدد القتال بالأسلحة الثقيلة والقذائف بين السنة والشيعة.

وفي غضون أربعين عاماً، خسر علي غلام شقيقه وابن شقيقه فيما جُرح ثلاثة من أشقائه أيضاً.

ويؤكد الرجل الشيعي البالغ 72 عاماً: «لم أعرف السلام يوماً وليس لدي أمل كبير لأولادي وأحفادي لأن لا ثقة لي مطلقاً بالدولة».

ويقول أكبر خان من لجنة حقوق الإنسان في باكستان إنه في السابق «كانت الدولة تساند مجالس الجيرغا وكانت هذه المجالس القبلية تنجح في تحقيق نتائج».

ويضيف: «لكن اليوم لم تعد الدولة تغطي تكلفة استدعائهم»، لأن المسؤولين السياسيين في إسلام آباد منغمسون في الاضطرابات السياسية «ولا يتعاملون بجدية مع أعمال العنف هذه».

قتل 8 أشخاص بينهم 5 عناصر أمن جراء اشتباكات مسلحة مع «إرهابيين» في 3 مناطق بإقليم خيبر بختونخوا شمال غربي باكستان الأسبوع الماضي (متداولة)

لكن في إقليم كورما الشاسع اعتمدت السلطات والقوى الأمنية موقفاً متأنياً. فالإقليم على غرار 6 أقاليم أخرى مجاورة، لم يُضم رسمياً إلى مقاطعة باكستانية إلا في عام 2018.

وكان قبل ذلك ضمن ما يسمى «مناطق قبلية تحت الإدارة الفيدرالية» وكان يحظى تالياً بوضع خاص وكانت المؤسسات الرسمية تترك مجالس الجيرغا تتصرف.

وفي حين كانت حركة «طالبان» الأفغانية تقوم بدور الوسيط في خضم العنف الطائفي في نهاية العقد الأول من الألفية، يؤكد سكان راهناً أن بعض القضاة يفضلون أن توافق مجالس جيرغا على أحكامهم لكي تحترم.

بن لادن - «طالبان»

يقول مالك عطاء الله خان، وهو من الوجهاء القبليين الذين وقعوا اتفاقاً في 2007 كان من شأنه إحلال السلام في كورام، إن «السلطات لا تتولى مسؤولياتها».

ويشير خصوصاً إلى مفارقة بأن كورام هو الإقليم الوحيد بين الأقاليم التي ضمت حديثاً، حيث «السجل العقاري مكتمل». لكنه يضيف: «رغم ذلك تستمر النزاعات على أراضٍ وغابات في 7 أو 8 مناطق».

ويرى أن في بلد يشكل السنة غالبية سكانه في حين يشكل الشيعة من 10 إلى 15 في المائة، «تحول جماعات دينية هذه الخلافات المحلية إلى نزاعات دينية».

فلا يكفي أن كورام تقع في منطقة نائية عند حدود باكستان وأفغانستان. فيجد هذا الإقليم نفسه أيضاً في قلب تشرذمات العالم الإسلامي بين ميليشيات شيعية مدعومة من طهران وجماعات سنية تلقى دعماً مالياً.

في عام 1979، أحدث الشيعة ثورتهم في إيران فيما دخل المجاهدون السنة في كابل في حرب مع الجيش السوفياتي الذي غزا البلاد، في حين اختار الديكتاتور الباكستاني ضياء الحق معسكر المتشددين السنة.

وقد تحول الكثير من هؤلاء إلى حركة «طالبان» في وقت لاحق لمواجهة إيران وإقامة «دولة إسلامية» وتوفير عناصر للتمرد المناهض للهند في كشمير.

«سننتقم له»

تقع كورام بمحاذاة كهوف أفغانية كان يختبئ فيها زعيم تنظيم القاعدة السابق أسامة بن لادن، وكانت حتى الآن معروفة، خصوصاً بأزهارها التي تتغنى بها قصائد الباشتون. ويقول خان: «إلا أنها استحالت الآن منصة لإرسال أسلحة إلى أفغانستان. كل عائلة كانت تملك ترسانة في منزلها».

لم يسلم أحد هذه الأسلحة إلى السلطات. في 23 نوفمبر (تشرين الثاني) عندما أضرم شيعة النار في منازل ومتاجر في سوق سنية في باغان رداً على الهجوم على الموكب قبل يومين، سمع إطلاق النار من الطرفين.

وقد حاصرت النيران ابن عم سيد غني شاه في متجره.

ويروي شاه لوكالة الصحافة الفرنسية: «منعنا والديه من رؤية جثته لأنه كان يستحيل التعرف عليها. كيف عسانا نقيم السلام بعد ذلك؟ ما إن تسنح الفرصة سننتقم له».

أما فاطمة أحمد فقد فقدت كل أمل في 21 نوفمبر. فقد كان زوجها في طريقه لتسجيلها في كلية الطب في إسلام آباد بعدما ناضلت من أجل إقناع عائلتها بالسماح لها بمتابعة دروسها.

إلا أنه لم يعد. وتقول أرملته البالغة 21 عاماً إنها لا تريد «العيش بعد الآن من دونه». وتؤكد: «لم يقتلوا زوجي فحسب بل قتلوا كل أحلامي معه».