تحركات انقلابية للسيطرة على طرق استراتيجية جنوب اليمن

تحركات انقلابية للسيطرة على طرق استراتيجية جنوب اليمن
TT

تحركات انقلابية للسيطرة على طرق استراتيجية جنوب اليمن

تحركات انقلابية للسيطرة على طرق استراتيجية جنوب اليمن

عادت أجواء التوتر إلى بعض المناطق الحدودية بين محافظتي لحج وتعز، وحذرت قيادة الجيش الوطني اليمني والمقاومة الشعبية، ميليشيات صالح والحوثي من استخدام المدنيين دروعاً بشرية في الأطراف الشمالية لمحافظة لحج جنوب البلاد، في حين يحاول الانقلابيون قطع آخر الطرق الرئيسية التي تربط بين كثير من المحافظات.
وذكرت مصادر عسكرية لـ«الشرق الأوسط» أن الميليشيات تسعى للتوغل والتوسع في مناطق جديدة من مديرية القبيطة بمحافظة لحج الجنوبية، وتدفع بمسلحين موالين لها من أبناء المديرية نحو مناطق حيوية تقع على الطريق الرئيسية التي يمر عبرها غالبية المسافرين، والمواد التموينية من مواد غذائية وبنزين، وتربط بين لحج وتعز وعدن وبقية المحافظات الجنوبية.
وقال العقيد حسن سالم، قائد المقاومة الشعبية في القبيطة، إن المقاومة الشعبية أمهلت مسلحي الميليشيات بالانسحاب من بعض المواقع والطرقات الحيوية 24 ساعة قبل أن تتخذ الإجراءات المناسبة.
طريق القبيطة باتت حديثاً من الممرات الحيوية، إذ تعبر خلالها المساعدات والإنسانية والمواد الغذائية إلى مدينة تعز، بالإضافة لكونها آمنة للمسافرين المدنيين من وإلى تعز أو المحافظات الجنوبية.
وتحدث سالم عن استخدام الانقلابيين المدنيين في بعض المناطق دروعاً بشرية؛ الأمر الذي يعيق تقدم قوات الجيش والمقاومة في المنطقة، بالإضافة لزرع الألغام بكميات كبيرة في مناطق بالمديرية.
وتابع القائد العسكري قائلا إن الانقلابيين لم تعد لديهم القدرة العسكرية السابقة في القتال والتوسع في الجبهات، ويعيشون حالة من الانهيار والضعف، غير أنهم قاموا مؤخراً بدفع مسلحين موالين لهم من أبناء المديرية ذاتها لقطع بعض الطرق الحيوية، ونصب نقاط تفتيش في مناطق جديدة تم تجنيبها سابقاً المعارك، لما تمثله من قيمة حيوية وشريان ونجاة للناس.
بدوره اعتبر المحلل السياسي ياسين التميمي محاولة الانقلابيين لفرض السيطرة على طرق القبيطة، التي غدت اليوم خطوط إمداد مهمة للمقاومة والجيش الوطني، ليس فقط من أجل منع وصول الإمدادات إلى المقاومة، ولكن أيضاً للحصول على الإمدادات التي يتم الحصول عليها عبر عمليات تهريب لا تقتصر على هذه المنطقة بل تمتد عبر مناطق عدة من تعز إلى المهرة، وقال التميمي لـ«الشرق الأوسط» إن هناك «محاولات مستميتة من جانب ميليشيات الحوثي وصالح للسيطرة على القبيطة وعلى المسالك التي تمر عبر مناطقها، بالإضافة لكون المديرية تمتلك سلسلة جبلية تطل على قاعدة العند العسكرية الاستراتيجية». وتابع التميمي قائلاً: «للأسف جرى خذلان المقاومة في هذه المنطقة المحسوبة إداريا على محافظة لحج الجنوبية، ولكن الحراك الجنوبي يتعامل معها على أنها جزء من الشمال، وهي رؤية قاصرة ولا تدرك الأبعاد الاستراتيجية لمنطقة القبيطة.
وتسيطر قوات الجيش الوطني والمقاومة الشعبية على 60 في المائة من المساحة الجغرافية للمديرية البالغة نحو 1024.00 كيلومترا مربعا، فيما يقدر نسبة سكان المديرية بأكثر من 131 ألف نسمة.
في سياق ميداني متصل، شنت الميليشيات، فجر أمس، قصفا بالمدفعية على القرى السكنية في عزلة كرش بالمديرية ذاتها. وقال شهود عيان إن الميليشيات المتمركزة في الشريجة قصفت الخزان ومناطق متفرقة في المنطقة، وسط أنباء عن سقوط قتلى وجرحى في صفوف المدنيين. وبين وقت وآخر، تقصف الميليشيات بالأسلحة الثقيلة، القرى السكنية في مناطق وعزل المديرية، بالتوازي مع دفعها بتعزيزات عسكرية لقواتها المتمركزة في المديرية غير أنها تواجه بصد ومقاومة شرسة من قبل الجيش الوطني والمقاومة الشعبية.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».