يعرض رئيس الوزراء الجزائري الجديد عبد المجيد تبون غدا الاثنين «مخطط عمل الحكومة» على البرلمان بغرض مناقشته والتصويت عليه. ويرجح بقوة أن يوافق عليه أعضاء الغرفتين التشريعيتين، بحكم أن الأغلبية البرلمانية موالية للرئيس عبد العزيز بوتفليقة.
ويتضمن «المخطط»، الذي اطلعت عليه «الشرق الأوسط»، إجراءات عاجلة للحؤول دون تفاقم الأزمة المالية، التي أفرزها انخفاض أسعار النفط. كما يتضمن حرص الحكومة على الوفاء بتعهداتها في المجال الاجتماعي، كمجانية العلاج والتعليم ودعم أسعار المواد الغذائية ذات الاستهلاك الواسع، مثل الحليب والخبز. ويمثل هذا الدعم مبلغا كبيرا يفوق 20 مليار دولار سنويا، قد تعجز الدولة عن توفيره في حال بقيت الموارد المالية شحيحة، لأن النفط والغاز هما مصدر الدخل الوحيد للبلاد التي تستورد كل حاجياتها من الخارج.
ويتناول «المخطط» مواصلة الحكومة بذل مجهود بدأته منذ عامين، يتعلق بتقليص فاتورة الاستيراد التي وصلت عام 2014 إلى 60 مليار دولار. غير أن الوثيقة لا تذكر كيف ستعالج الحكومة مشكلة الندرة، عندما يتم توقيف استيراد منتجات زراعية وصناعية وتجهيزات وعتاد من الخارج.
واللافت أن موازنة الدفاع لم يطرأ عليها أي تغيير، قياسا بالأعوام الماضية من حيث قيمة الأموال المرصودة لهذا القطاع (12 مليار دولار). وتبرر الحكومة هذه الاعتمادات المالية الضخمة بتهديدات الإرهاب في الداخل وفي دول الجوار، وخاصة ليبيا ومالي.
ودرج البرلمان على مناقشة موازنات كل القطاعات باستثناء الدفاع، فوزير الدفاع لا يحضر أبدا إلى قبة البرلمان لشرح تفاصيل الإنفاق العسكري الذي يزداد سنة بعد سنة، والذي يفلت من رقابة الآليات الحكومية، مثل «مجلس المحاسبة» و«المفتشية العامة للمالية»، و«الديوان المركزي لقمع الفساد»، و«الهيئة الوطنية لمحاربة الفساد».
يشار إلى أن «مخطط عمل الحكومة»، مستنبط من برنامج الرئيس الذي انتخب على أساسه لولاية تدوم خمس سنوات. وتدوم مناقشته والموافقة عليه برلمانيا في ظرف يومين.
وأفاد «صندوق النقد الدولي» في تقرير حول الوضع الاقتصادي في الجزائر، صدر الشهر الجاري، بأن اقتصاد البلاد يعاني من انخفاض في معدل النمو ومن ارتفاع معدل التضخم والبطالة، وقال إن الحكومة «أثبتت فشلا في التسيير»، داعيا إلى تغيير هيكلة الاقتصاد لتخليصه من التبعية للمحروقات عن طريق دعم الاستثمار الخاص.
وجاء في «المخطط» أيضا أن الحكومة «عازمة على تعميق إصلاح القضاء عن طريق حماية أكبر للحقوق والحريات، ووقاية المجتمع من أشكال الإجرام»، علما بأن الحكومة تتعرض لانتقاد شديد من طرف أحزاب المعارضة وناشطين سياسيين وتنظيمات حقوقية في مجال الحريات، خاصة أن الإعلام يشهد تضييقا كبيرا من طرف السلطات، وبالأخص الصحف والفضائيات المصنفة «معارضة»، إذ يتم منعها من الإشهار الحكومي. وقد سبق للقضاء الذي يخضع للسلطة أن أدان ناشطين بشبكة التواصل الاجتماعي بالسجن، بسبب منشورات مسيئة للرئيس بوتفليقة ومسؤولين مدنيين وعسكريين. ومن أشهر القضايا سجن صحافي يسمى محمد تامالت بعامين سجنا بسبب قصيدة كتبها ونشرها، هاجم فيها الرئيس، وتوفي هذا الصحافي في 11 سبتمبر (أيلول) 2016 متأثرا بتبعات إضراب عن الطعام، شنَه احتجاجا على سجنه.
ويذكر الدستور الجزائري في (المادة 94) أن «الوزير الأول يقدّم مخطط عمل الحكومة إلى المجلس الشّعبي الوطني (الغرفة البرلمانية الأولى) للموافقة عليه، ويُجري المجلس الشعبي الوطني لهذا الغرض مناقشة عامة. ويمكن لرئيس الوزراء أن يكيّف مخطط عمله في ضوء هذه المناقشة، بالتشاور مع رئيس الجمهورية. ويقدّم الوزير الأول عرضا حول مخطط عمل الحكومة لمجلس الأمة (الغرفة الثانية) بعد أن يوافق عليه المجلس الشعبي الوطني».
وتنص المادة 95 على استقالة الحكومة في حال رفضت الغرفة الأولى «المخطط»، ويتم بعدها تعيين رئيس وزراء وطاقم جديدين. أما المادة 96 فتتحدث عن حل الغرفة الأولى في حال رفض أعضاؤها من جديد «المخطط».
برلمان الجزائر يبدأ اليوم مناقشة مخطط الحكومة الجديدة
يشمل تعميق إصلاح القضاء عن طريق تأمين حماية أكبر للحقوق والحريات

برلمان الجزائر يبدأ اليوم مناقشة مخطط الحكومة الجديدة

لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة