إشراك القطاع الخاص في قيادة الاستثمارات الأجنبية بالسودان

بلغت 47 مليار دولار ويتوقع أن تتضاعف بعد الرفع الكلي للعقوبات

عائلة سودانية تتبضع في أحد الأسواق الجديدة بالعاصمة الخرطوم
عائلة سودانية تتبضع في أحد الأسواق الجديدة بالعاصمة الخرطوم
TT

إشراك القطاع الخاص في قيادة الاستثمارات الأجنبية بالسودان

عائلة سودانية تتبضع في أحد الأسواق الجديدة بالعاصمة الخرطوم
عائلة سودانية تتبضع في أحد الأسواق الجديدة بالعاصمة الخرطوم

أقرت الحكومة السودانية بضرورة إشراك القطاع الخاص في قيادة وإدارة الاستثمارات الأجنبية في البلاد، التي تجاوزت العام الماضي 47 مليار دولار، يتوقع أن ترتفع وتتضاعف عدة مرات، بعد الرفع الكلي للعقوبات الاقتصادية المنتظر في الثاني عشر من يوليو (تموز) المقبل.
وأعلن في الخرطوم عن تشكيل لجنة مشتركة بين وزارة الاستثمار واتحاد أصحاب العمل السوداني لمناقشة القضايا بصورة تفصيلية، وتوجيه الاستثمارات الأجنبية نحو الأولويات الإنتاجية بالبلاد، وتمكين شراكته مع المستثمر الوطني.
ويأتي دخول القطاع الخاص في إدارة وقيادة الاستثمارات الأجنبية في السودان، متزامناً مع استعدادات السودان للرفع الكلي للعقوبات، الذي يتيح تدفق رؤوس أموال أجنبية من عدة دول للسودان، خصوصاً أن عدداً من الدول تعول على السودان في توفير الأمن الغذائي، وتعتبره الكثير من الدول مصدراً للمواد الخام، ويتمتع بفرص استثمارية في جميع مجالات الزراعة والصناعة والثروة الحيوانية والسياحة وغيرها.
كما يأتي دخول القطاع الخاص في الاستثمار في وقت تواجه فيه العملية الاستثمارية في البلاد عقبات ومعوقات في الطاقة والتقنية الحديثة والطرق والنقل والخبرات والعمالة المدربة والتمويل، بجانب غياب الدراسات المتكاملة والمعلومات حول إمكانيات البلاد الاستثمارية أو الخريطة الاستثمارية، وتعدد الجهات التي تتعامل في الاستثمار، وتعدد الرسوم التي تفرضها المحليات على المشاريع الاستثمارية بعد مرحلة منح التصديق والامتياز.
ووفقاً لمصادر «الشرق الأوسط»، فإن هناك ثلاث عقبات رئيسية تواجه إدارة وقيادة وتحريك الاستثمار الأجنبي في البلاد، على رأسها عدم صدور القانون الجديد للاستثمار الذي يمنح ميزات وإعفاءات إضافية للمستثمر بجانب ضمان تحويل أموال استثماراته. ويتميز القانون الجديد، الذي انتهت جوانبه الفنية، بشموله على كثير من التسهيلات والإعفاءات وإجراءات الحماية للمستثمرين من الشركات العالمية، ويحدد الصلاحيات، ويمنع التقاطعات بين الأجهزة الحكومية.. إلا أن مشروع مسودة القانون ما زالت قابعة في دوائر مجلس الوزراء، وتنتظرها مرحلة الإجازة من البرلمان السوداني، التي قد تستغرق شهورا.
والسبب الثاني يتمثل في عدم وجود خارطة استثمارية للبلاد، والمناط بها مسح وحصر الفرص الاستثمارية في 15 ولاية في السودان، حيث ما زالت الوزارة في مرحلة اختيار المقاول الذي يسمح له بدخول المناقصة. ومن المنتظر في هذا الصدد أن تطرح الوزارة خلال نهاية الشهر الحالي، مشروع الخارطة الاستثمارية القومية في عطاء دولي للشركات المحلية والعالمية لاختيار مقاول يتولى إعداد الفرص الاستثمارية، وطرحها للمستثمرين على مستوى العالم عبر الإنترنت.
كما تسبب غياب القطاع الخاص في إدارة وقيادة العمليات الاستثمارية بدور مهم في تحديات الاستثمار في البلاد واستقطابها من الخارج، إلا أن قانونا خاصا ما زال أيضاً في دوائر المجلس الوطني (البرلمان)، ينتظر التحريك، وهو قانون معني بالسماح للقطاع الخاص باستقطاب التمويل والاستثمارات الأجنبية التي تدخل في مشاريع التنمية والبنية التحتية التي تقوم بها الدولة. كما أن هناك قانوناً آخر للشراكة بين الحكومة والقطاع الخاص، يتيح لرجال المال والأعمال الحصول على المزيد من الضمانات العادية والإضافية من الدولة، ووضع برامج لجذب واستقطاب الاستثمارات حول العالم.
وأمام هذه التحديات التي تواجه الاستثمار الأجنبي في السودان، أكد وزير الاستثمار الفاضل المهدي، أمام لقاء مشترك مع وفد من اتحاد أصحاب العمل، أنه لا حل لقضية الاستثمار في البلاد سوى إتاحة أكبر فرصة للقطاع الخاص لريادة العملية الاستثمارية، خصوصاً فيما يلي دعم رؤية الوزارة في الاستثمار، التي ترتكز على إعادة تشغيل الطاقات المعطلة في المشروعات الزراعية والصناعية التي تتمتع ببنيات أساسية في البلاد.
وأضاف أن الدولة تقر بضرورة خلق شركات عامة مع القطاع الخاص، إلى جانب التركيز على نظام الزراعة التعاقدية لزيادة الإنتاج واستخدام التقانات، ومعالجة معادلة الفقر وخلق فرص التشغيل، والتركيز على الاستثمار في المناطق الأقل نمواً، والتي تأثرت بالحرب، بجانب التركيز على التعاون مع دول الجوار لتعويض انخفاض وضعف مستوى القوة الشرائية.
وقال وزير الاستثمار إن هناك ترتيبات جارية بشأن معالجة التقاطعات عبر القطاع الاقتصادي بمجلس الوزراء، مؤكداً على تأثر الاستثمار بالسياسة العامة للدولة والاستقرار السياسي، معبراً عن أمله في أن تكتمل الجهود من خلال حكومة الوفاق الوطني بالرفع النهائي للعقوبات، وإعفاء الديون ثم الانفتاح على المؤسسات المالية الدولية.
وحول التأخر في الخارطة الاستثمارية واستقطاب الاستثمارات الأجنبية بوسط القطاع الخاص، بين الوزير، الذي أقر بتعدد جهات الاختصاص التي تتعامل في الاستثمار في المركز والولايات وضعف التنسيق بينها، أن علاج هذا الأمر سيتم من خلال مراجعة قانون الاستثمار الجديد لسد الثغرات، مطالباً بضرورة معالجة ذلك وفقاً للترتيبات الجديدة التي أقرتها الحكومة ضمن قرارات الحوار الوطني الأخيرة، بتحويل نصيب المحليات من الدعم المركزي مباشرة للمحليات لوقف فرض الرسوم المتعددة.
وأضاف بأن التقاطعات بين المركز والولايات ستتم معالجتها في إطار السياسات الاستثمارية والاقتصادية الكلية للدولة، مشيراً إلى أن بلاد في حاجة للتمويل بقروض ميسرة طويلة الأجل من الصناديق الإقليمية والدولية والدول المانحة، كما يتطلب الوضع تعيين مكتب استشاري من البنك الدولي وبعض المنظمات الدولية ذات الصلة.
إلى ذلك توقع رئيس اتحاد أصحاب العمل سعود البرير أن تشهد الفترة المقبلة حركة واسعة للاستثمار متزامنة مع توقعات رفع الحظر الاقتصادي ليصبح السودان دولة جاذبة للاستثمار، مشيراً إلى أهمية مراجعة وتعديل القوانين المتعلقة بالاستثمار لتهيئة البيئة الاستثمارية، داعياً إلى الإسراع في تشكيل المجلس المشترك بين الحكومة والقطاع الخاص لإدارة وقيادة الاستثمارات في البلاد.
ووفقاً للتقرير السنوي لوزارة الاستثمار لعام 2016، فإن جملة عائدات البلاد من حجم تدفقات الاستثمار النقدية والآليات والمعدات، بلغ نحو 4.3 مليار دولار مرتفعة 50 في المائة عن العام السابق. وتصدرت الاستثمارات العربية، التي شهدت تدفقات من الإمارات والبحرين، قائمة المشروعات المصدقة في السودان بنسبة 80 في المائة، تليها الآسيوية بنسبة 13 في المائة، والأوروبية 5 في المائة، وواحد في المائة للاستثمارات الأميركية والكندية في السودان.



إنشاء 18 منطقة لوجيستية في السعودية باستثمارات تتجاوز 2.6 مليار دولار

وزير النقل والخدمات اللوجيستية متحدثاً للحضور في «مؤتمر سلاسل الإمداد والخدمات اللوجيستية»... (الشرق الأوسط)
وزير النقل والخدمات اللوجيستية متحدثاً للحضور في «مؤتمر سلاسل الإمداد والخدمات اللوجيستية»... (الشرق الأوسط)
TT

إنشاء 18 منطقة لوجيستية في السعودية باستثمارات تتجاوز 2.6 مليار دولار

وزير النقل والخدمات اللوجيستية متحدثاً للحضور في «مؤتمر سلاسل الإمداد والخدمات اللوجيستية»... (الشرق الأوسط)
وزير النقل والخدمات اللوجيستية متحدثاً للحضور في «مؤتمر سلاسل الإمداد والخدمات اللوجيستية»... (الشرق الأوسط)

أعلن وزير النقل والخدمات اللوجيستية السعودي، المهندس صالح الجاسر، عن تحقيق الموانئ تقدماً كبيراً بإضافة 231.7 نقطة في مؤشر اتصال شبكة الملاحة البحرية، وفق تقرير «مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (أونكتاد)» لعام 2024، إلى جانب إدخال 30 خطاً بحرياً جديداً للشحن.

كما كشف عن توقيع عقود لإنشاء 18 منطقة لوجيستية باستثمارات تتجاوز 10 مليارات ريال (2.6 مليار دولار).

جاء حديث المهندس الجاسر خلال افتتاح النسخة السادسة من «مؤتمر سلاسل الإمداد والخدمات اللوجيستية»، في الرياض، الذي يهدف إلى تعزيز التكامل بين أنماط النقل ورفع كفاءة الخدمات اللوجيستية، ويأتي ضمن مساعي البلاد لتعزيز موقعها مركزاً لوجيستياً عالمياً.

وقال الوزير السعودي، خلال كلمته الافتتاحية في المؤتمر، إن «كبرى الشركات العالمية تواصل إقبالها على الاستثمار في القطاع اللوجيستي؛ من القطاع الخاص المحلي والدولي، لإنشاء عدد من المناطق اللوجيستية».

يستضيف المؤتمر، الذي يقام يومي 15 و16 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، عدداً من الخبراء العالميين والمختصين، بهدف طرح التجارب حول أفضل الطرق وأحدث الممارسات لتحسين أداء سلاسل الإمداد ورفع كفاءتها. كما استُحدثت منصة تهدف إلى تمكين المرأة في القطاع من خلال الفرص التدريبية والتطويرية.

وأبان الجاسر أن منظومة النقل والخدمات اللوجيستية «ستواصل السعي الحثيث والعمل للوصول بعدد المناطق اللوجيستية في السعودية إلى 59 منطقة بحلول 2030، من أصل 22 منطقة قائمة حالياً، لتعزيز القدرة التنافسية للمملكة ودعم الحركة التجارية».

وتحقيقاً لتكامل أنماط النقل ورفع كفاءة العمليات اللوجيستية، أفصح الجاسر عن «نجاح تطبيق أولى مراحل الربط اللوجيستي بين الموانئ والمطارات والسكك الحديدية بآليات وبروتوكولات عمل متناغمة؛ لتحقيق انسيابية حركة البضائع بحراً وجواً وبراً، بالتعاون مع الجهات ذات العلاقة، ودعم العمليات والخدمات اللوجيستية وترسيخ مكانة المملكة مركزاً لوجيستياً عالمياً».

وخلال جلسة بعنوان «دور الازدهار اللوجيستي في تعزيز أعمال سلاسل الإمداد بالمملكة وتحقيق التنافسية العالمية وفق (رؤية 2030)»، أضاف الجاسر أن «الشركة السعودية للخطوط الحديدية (سار)» تعمل على تنفيذ ازدواج وتوسعة لـ«قطار الشمال» بما يتجاوز 5 مليارات ريال (1.3 مليار دولار)، وذلك مواكبةً للتوسعات المستقبلية في مجال التعدين بالسعودية.

إعادة التصدير

من جهته، أوضح وزير الصناعة والثروة المعدنية السعودي، بندر الخريف، أن السعودية سجلت في العام الحالي صادرات بلغت 61 مليار ريال (16.2 مليار دولار) من قطاع إعادة التصدير، بنمو قدره 23 في المائة مقارنة بالعام الماضي، «وهو ما تحقق بفضل البنية التحتية القوية والتكامل بين الجهات المعنية التي أسهمت في تقديم خدمات عالية الكفاءة».

وأشار، خلال مشاركته في جلسة حوارية، إلى أن شركة «معادن» صدّرت ما قيمته 7 مليارات ريال (1.8 مليار دولار) من منتجاتها، «وتحتل السعودية حالياً المركز الرابع عالمياً في صادرات الأسمدة، مع خطط لتحقيق المركز الأول في المستقبل».

جلسة حوارية تضم وزير النقل المهندس صالح الجاسر ووزير الصناعة والثروة المعدنية بندر الخريف (الشرق الأوسط)

وبين الخريف أن البلاد «تتمتع بسوق محلية قوية، إلى جانب تعزيز الشركات العالمية استثماراتها في السعودية، والقوة الشرائية الممتازة في منطقة الخليج»، مما يرفع معدلات التنمية، مبيناً أن «قوة السعودية في المشاركة الفاعلة بسلاسل الإمداد تأتي بفضل الموارد الطبيعية التي تمتلكها. وسلاسل الإمداد تساهم في خفض التكاليف على المصنعين والمستثمرين، مما يعزز التنافسية المحلية».

وفي كلمة له، أفاد نائب رئيس «أرامكو السعودية» للمشتريات وإدارة سلاسل الإمداد، المهندس سليمان الربيعان، بأن برنامج «اكتفاء»، الذي يهدف إلى تعزيز القيمة المُضافة الإجمالية لقطاع التوريد في البلاد، «أسهم في بناء قاعدة تضم أكثر من 3 آلاف مورد ومقدم خدمات محلية، وبناء سلاسل إمداد قوية داخل البلاد؛ الأمر الذي يمكّن الشركة في الاستمرار في إمداد الطاقة بموثوقية خلال الأزمات والاضطرابات في الأسواق العالمية».

توقيع 86 اتفاقية

إلى ذلك، شهد «مؤتمر سلاسل الإمداد والخدمات اللوجيستية» في يومه الأول توقيع 86 اتفاقية؛ بهدف تعزيز أداء سلاسل الإمداد، كما يضم معرضاً مصاحباً لـ65 شركة دولية ومحلية، بالإضافة إلى 8 ورشات عمل تخصصية.

جولة لوزيرَي النقل والخدمات اللوجيستية والصناعة والثروة المعدنية في المعرض المصاحب للمؤتمر (الشرق الأوسط)

وتسعى السعودية إلى لعب دور فاعل على المستوى العالمي في قطاع الخدمات اللوجيستية وسلاسل التوريد، حيث عملت على تنفيذ حزمة من الإصلاحات الهيكلية والإنجازات التشغيلية خلال الفترة الماضية، مما ساهم في تقدمها 17 مرتبة على (المؤشر اللوجيستي العالمي) الصادر عن (البنك الدولي)، وساعد على زيادة استثمارات كبرى الشركات العالمية في الموانئ السعودية».