نشر قوة عسكرية في الساحل الأفريقي ينتظر قرار مجلس الأمن

حماس فرنسي ـ أوروبي للقوة وتحفظ أميركي ـ بريطاني على التمويل

نشر قوة عسكرية في الساحل الأفريقي ينتظر قرار مجلس الأمن
TT

نشر قوة عسكرية في الساحل الأفريقي ينتظر قرار مجلس الأمن

نشر قوة عسكرية في الساحل الأفريقي ينتظر قرار مجلس الأمن

قال وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان إن القوة العسكرية المشتركة التي تسعى مجموعة دول الساحل الخمس لتشكيلها، تحت الرعاية الفرنسية والأوروبية، ستكون «قوة قتالية» قادرة على مواجهة الجماعات الإرهابية وشبكات التهريب في الصحراء الكبرى، مؤكداً أن مجلس الأمن سيجيز قرار نشر هذه القوة.
تصريحات لودريان أمس الجمعة جاءت عقب لقاء جمعه بالرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز في القصر الرئاسي بالعاصمة نواكشوط، وهو اللقاء الذي خصص الجزء الأكبر منه لتطورات إنشاء قوة عسكرية مشتركة في منطقة الساحل الأفريقي، خاصة أن لودريان، الذي يحمل حقيبة الخارجية الفرنسية، سبق أن كان وزيراً للدفاع وأشرف على العمليات العسكرية التي تخوضها جيوش فرنسا في منطقة الساحل الأفريقي ضد «الإرهاب» منذ عام 2013.
وقال وزير الخارجية الفرنسية إنه تباحث مع الرئيس الموريتاني حول «برنامج عمل مجموعة الخمس في الساحل وعلى وجه الخصوص نشر قوة مشتركة، وهي القوة التي قرر قادة دول المجموعة إنشاءها، ومن المقرر أن يجيزها مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة».
وأضاف لودريان في حديثه أمام الصحافيين بنواكشوط أن «هنالك خطوات بخصوص القوة المشتركة سيتم القيام بها خلال قمة رؤساء مجموعة الدول الخمس في الساحل في باماكو في الثاني من شهر يوليو (تموز) المقبل»، وذلك في إشارة إلى القمة التي سيحضرها الرئيس الفرنسي الجديد إيمانويل ماكرون. وحول مدى تمسك فرنسا بضرورة إنشاء هذه القوة العسكرية، قال لودريان: «لدينا الثقة والعزم، ونتقاسم مع فخامة الرئيس (الموريتاني) نفس النظرة حول أهمية أن ترى هذه القوة النور وتباشر مهامها لمحاربة الإرهاب»، وأضاف وزير الخارجية الفرنسي أن «هذه القوة ستكون قتالية، الأمر الذي تتطلبه مواجهة هذا الخطر الذي يهدد استقرار دول المنطقة».
وخلص وزير الخارجية الفرنسي إلى القول بأن «وجود قوة عسكرية مشتركة (خاصة بدول الساحل) لحماية الحدود سيصب في إطار تكملة هذه الجهود (الفرنسية) لمواجهة الإرهاب الذي لا يهدد منطقة الساحل فحسب وإنما أوروبا مما يجعل هذا الإرهاب عدونا المشترك»، وفق تعبيره. ولكن الحماس الفرنسي لتشكيل هذه القوة العسكرية يخفي وراءه الكثير من القلق، فالتقارير الإعلامية المتداولة في وكالات الأنباء الدولية تتحدث عن تحفظ من طرف الولايات المتحدة الأميركية على مشروع قرار تقدمت به فرنسا إلى مجلس الأمن بخصوص نشر قوة عسكرية مشتركة لمحاربة الإرهاب في منطقة الساحل الأفريقي.
ونقلت هذه التقارير عن مصادر في الأمم المتحدة الأسبوع الماضي أن فرنسا بذلت جهوداً كبيرة لإقناع الولايات المتحدة بدعم مشروع القرار الذي تقدمت به فرنسا، والذي يمنح هذه القوة العسكرية إمكانية «استخدام كل الوسائل الضرورية» في سبيل «محاربة الإرهاب والاتجار بالمخدرات والاتجار بالأشخاص».
ولكنّ الولايات المتحدة اعتبرت أن التفويض الذي يمنحه هذا النص للقوة العسكرية «يفتقر إلى الدقة»، وارتأت أنّ صدور بيان رئاسي عن مجلس الأمن يكفي وليست هناك بالتالي حاجة لإصدار قرار بهذا الشأن، في إشارة إلى أن هنالك قوة عسكرية مشتركة لمحاربة جماعة «بوكو حرام» الإرهابية في شمال نيجيريا، وقد شكلتها أربع دول (نيجيريا، النيجر، تشاد وبنين) من دون الحاجة إلى قرار من مجلس الأمن.
وأمام التحفظ الأميركي قدمت فرنسا (الأسبوع الماضي) صيغة معدلة لمشروع القرار تنص على أن الجماعات المسلحة التي تستهدفها القوة هي تلك المدرجة على لائحة الأمم المتحدة للجماعات الإرهابية، فيما يرجح أن يصوت مجلس الأمن على المشروع بصيغته المعدلة الأسبوع المقبل، وهو ما توقع وزير الخارجية الفرنسي خلال زيارته لنواكشوط أن ينتهي بالموافقة على مشروع القرار.
في غضون ذلك تواجه هذه القوة العسكرية تحديات كبيرة، في مقدمتها التمويل إذ إن دول الساحل قررت في اجتماع بالعاصمة السعودية الرياض الشهر الماضي رفع عدد جنودها من 5 آلاف إلى 10 آلاف جندي، ما يرفع تكاليف التمويل إلى 400 مليون يورو، وفق تقديرات مصدر دبلوماسي.
وقد تعهد الاتحاد الأوروبي بالمساهمة في تمويل القوة العسكرية الجديدة بمبلغ 50 مليون يورو، فيما تعارض الولايات المتحدة وبريطانيا أي مساهمة مالية من جانب الأمم المتحدة لدعم هذه القوة، بحسب دبلوماسيين، ما جعل مصادر دبلوماسية تؤكد أن «المشكلة الحقيقية هي المال».
ومن المنتظر أن تتم مناقشة التمويل في القمة التي ستحتضنها باماكو يوم 02 يوليو المقبل، والتي سيشارك فيها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، رفقة رؤساء دول الساحل الخمس، كما يراهن على هذه القمة من أجل رسم ملامح واضحة للقوة العسكرية الجديدة، ومعرفة عدد الجنود الذي ستساهم به كل دولة، في ظل الحديث عن أن أغلب الجنود ستكون من مالي والنيجر وبوركينا فاسو.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.