النزاعات الشرق أوسطية تفاقم أزمة الهجرة في أوروبا

اتفاقيات مع أنقرة لحدها وعقوبات ضد دول ترفض الالتزام بالحصص

مهاجرون تم إنقاذهم من قبل الـ«يونيسيف» مقابل الساحل الليبي في البحر الأبيض المتوسط (رويترز)
مهاجرون تم إنقاذهم من قبل الـ«يونيسيف» مقابل الساحل الليبي في البحر الأبيض المتوسط (رويترز)
TT

النزاعات الشرق أوسطية تفاقم أزمة الهجرة في أوروبا

مهاجرون تم إنقاذهم من قبل الـ«يونيسيف» مقابل الساحل الليبي في البحر الأبيض المتوسط (رويترز)
مهاجرون تم إنقاذهم من قبل الـ«يونيسيف» مقابل الساحل الليبي في البحر الأبيض المتوسط (رويترز)

تباطأ تدفق اللاجئين على السواحل اليونانية منذ ربيع 2016. لكن هذا الأمر لا ينطبق على السواحل الإيطالية حيث ما زال رجال ونساء يصلون مجازفين بحياتهم لعبور المتوسط. من أين يأتون؟ كم هو عدد الذين يلقون مصرعهم خلال هربهم من الحرب أو البؤس؟ كم يبلغ عدد الواصلين منذ أن بلغ ذروته في 2015؟ أين تقدم طلبات اللجوء في الاتحاد الأوروبي وما عدد الطلبات التي تقبل؟ الوكالة الفرنسية للأنباء جمعت أرقاما لفهم أزمة الهجرة.
بعد ارتفاع تدريجي منذ 2011، شهدت سنة 2014 قفزة تمثلت بوصول 170 ألفا إلى السواحل الإيطالية، و43 ألفا إلى السواحل اليونانية أي أكبر بنحو أربع مرات من مجموعة السنة السابقة.

النزاع السوري وتدهور الظروف المعيشية
لكن الوضع اتخذ أبعادا هائلة في 2015. فقد أحصت منظمة الهجرة أكثر من مليون مهاجر وصلوا بحرا إلى أوروبا، بينهم 853 ألفا شخصا وصلوا إلى السواحل اليونانية في أكتوبر (تشرين الأول)، و153 ألفا إلى السواحل الإيطالية. يفسر هذا الارتفاع خصوصا بالنزاع الدامي الذي طال أمده في سوريا مع تدهور الظروف المعيشية في مخيمات اللاجئين السوريين في تركيا ولبنان والأردن التي باتت تعاني من نقص المساعدة الدولية. وكان أكثر من نصف الواصلين إلى اليونان في 2015 من طالبي اللجوء السوريين (56.1 في المائة سوريون و24.3 في المائة أفغان و10.3 في المائة من العراقيين)، الذين مروا عبر تركيا. وواصل معظم هؤلاء طريقهم باتجاه الشمال عبر «طريق البلقان». وتفيد الوكالة الأوروبية لحماية الحدود الخارجية للاتحاد (فرونتكس) أن 580 ألف مهاجر تسجلوا في مراكز مخصصة في صربيا.
أما الواصلون إلى السواحل الإيطالية في 2015 فقد قدم معظمهم من أفريقيا. لكن شهدت عمليات عبور البحر المتوسط تراجعا واضحا في 2016. فقد أحصت منظمة الهجرة الدولية 363 ألفا وصلوا إلى السواحل الإيطالية واليونانية، أي أقل بثلاث مرات عن العدد الذي سجل في 2015.

اتفاق الهجرة مع أنقرة
في اليونان تراجع عدد الواصلين بحرا بنسبة نحو ثمانين في المائة تحت تأثير اتفاق الهجرة الذي وقع بين أنقرة والاتحاد الأوروبي في مارس (آذار) 2016 من أجل لجم عمليات عبور بحر إيجه وإغلاق طريق البلقاء بالكامل تقريبا. هذا الاتجاه استمر في 2017. فقد وصل 7699 شخصا إلى اليونان عن طريق البحر منذ بداية العام، حسب أرقام المنظمة الدولية. لكن الهدوء في بحر إيجه يبقى هشا ومرتبطا خصوصا بحسن الإرادة التركية.
لكن على السواحل الإيطالية، لم تتباطأ الوتيرة. في 2016 بلغ عدد الواصلين مستوى قياسيا. ومعظم هؤلاء لا يعتبرهم الأوروبيون لاجئين محتملين بل مهاجرين لأسباب اقتصادية وبطريقة غير شرعية ويجب طردهم. في 2017، تؤكد الأرقام أن البحر المتوسط أصبح الطريق الرئيسية للهجرة إلى السواحل الأوروبية. فقد سجلت السلطات الإيطالية وصول أكثر من 65 ألف شخص منذ الأول من يناير (كانون الثاني) وهي أرقام تعادل زيادة نسبتها عشرين في المائة بالمقارنة مع الفترة نفسها من 2016.

مآس إنسانية

في السنوات الأربع الأخيرة لقي نحو 14 ألف مهاجر حتفه أو فقد. وكان نحو ثلث طالبي اللجوء إلى الاتحاد الأوروبي في 2015 و2016 من القاصرين، الذين لم يكن يرافقهم بالغون، حسب المفوضية الأوروبية. المكتب الأوروبي للإحصاء قال إن 38 في المائة منهم هم أفغان و19 في المائة هم سوريون، أكبر مجموعتين.
كانت وكالة التنسيق بين أجهزة الشرطة الأوروبية (يوروبول) ذكرت في يناير 2016 أن أكثر من عشرة آلاف طفل لا يرافقهم بالغون دخلوا إلى أوروبا خلال الأشهر الـ18 إلى 24 السابقة مما يثير مخاوف من تعرض عدد منهم للاستغلال وخصوصا الجنسي، من قبل الجريمة المنظمة.

الحماية والموافقة على طلبات الهجرة
لا تتم الموافقة على كل طلبات الهجرة. فقد منحت دول الاتحاد الأوروبي في 2016 حماية لنحو 710 آلاف و400 شخص في المجموع، أي أكثر بمرتين عن عام 2015، حسب المكتب الأوروبي للإحصاء. هذه «الحماية» تشمل ثلاث حالات مختلفة: «اللاجئ» (55 في المائة من المجموع في 2016) و«الحماية المؤمنة» للذين لا يلبون معايير وضع اللاجئ لكنهم في خطر في بلدانهم (37 في المائة) و«تصريح الإقامة لأسباب إنسانية» (8 في المائة).

حصة ألمانيا الأكبر بين دول الاتحاد الأوروبي
وألمانيا البلد الذي تسلم العدد الأكبر من الطلبات، هي منطقيا الدولة التي أمنت الحماية لأكبر عدد من الأشخاص في 2016. وذكر المكتب الأوروبي للإحصاء أن 445 ألفا موافقة على طليات صدرت في 2016 «اي أكثر بثلاث مرات عن 2015». بعد ذلك تأتي السويد (69 ألفا) وإيطاليا (35 ألفا) وفرنسا (35 ألفا) والنمسا (31 ألفا). المجموعات الرئيسية المستفيدة من الحماية في الدول الـ28 الأعضاء في الاتحاد الأوروبي في 2016 كما في 2015 هي السوريون والعراقيون والأفغان.

إبعاد المهاجرين غير الشرعيين
طالب اللجوء الذي يتم رفض طلبه يفترض أن يبعد إلى بلده الأصلي مثل المهاجرين غير الشرعيين الذي لا يطلبون اللجوء ويعتبرون بشكل عام «مهاجرين اقتصاديين». وتفيد أرقام جمعتها وكالة حماية الحدود الأوروبية أن 305 آلاف و365 شخصا خضعوا في 2016 لقرار إداري أو قضائي بإبعادهم من إحدى دول الاتحاد الأوروبي إلى دولهم الأصلية (مقابل 287 ألفا في 2015 و252 ألفا في 2014). فعليا، تم طرد 176 ألفا و223 شخصا في 2016 بينهم 79 ألفا و608 قسرا، حسب «فرونتكس». أما الجنسيات التي تعرضت لأكبر عدد من عمليات الإبعاد القسري فهي الألبان (19 ألفا و482) والمغاربة (7506) والكوسوفيون (4916).

اتفاق إعادة التوطين

في مواجهة تدفق المهاجرين إلى إيطاليا واليونان، اتفق الأوروبيون في سبتمبر (أيلول) 2015 على أن يخالفوا مؤقتا القاعدة التي تفرض مسؤولية معالجة طلب لجوء من قبل البلد الذي دخل عبره طالب اللجوء إلى الاتحاد الأوروبي. وبعد مفاوضات شاقة، قررت الدول الأعضاء في الاتحاد بأغلبية الثلثين إعادة توزيع 160 ألف شخص خلال عامين من اليونان وإيطاليا على بقية البلدان الأعضاء في الاتحاد. لكن حتى التاسع من يونيو (حزيران) 2017 لم تتم «إعادة توطين» أكثر من 13 ألفا و973 شخصا من اليونان و6896 من إيطاليا، أي أقل من 21 ألفا في المجموع.

إجراءات ضد دول في الاتحاد الأوروبي
بذلك لا يعود من الممكن تحقيق الهدف المحدد بـ160 ألف شخص وتحولت الخطة التي كان يفترض أن تشكل رمزا للتضامن الأوروبي إلى رمز للانقسامات داخل الاتحاد، وقد طبقتها بعض الدول ببطء ولم تطبقه بلدان أخرى إطلاقا مما شجع كثيرين من المرشحين للهجرة على مواصلة طريقهم باتجاه شمال أوروبا. بدأت المفوضية الأوروبية بذلك إجراءات ضد المجر وبولندا والجمهورية التشيكية لرفضها احترام حصصها في عملية استقبال اللاجئين. واصطدمت عمليات «إعادة توطين» المهاجرين بالصعوبات اللوجيستية للسلطات اليونانية والإيطالية على الأرض.



هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
TT

هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)

تخضع «هيئة تحرير الشام»، التي قادت قوات المعارضة للإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد، لعقوبات من الأمم المتحدة منذ فترة طويلة، وهو ما وصفه المبعوث الخاص للمنظمة الدولية إلى سوريا غير بيدرسون، بأنه «عامل تعقيد لنا جميعاً».

كانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف في السابق باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت العلاقات بالتنظيم في عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما فُرض عليها تجميد عالمي للأصول وحظر أسلحة.

ويخضع عدد من أعضاء «هيئة تحرير الشام» أيضاً لعقوبات الأمم المتحدة مثل حظر السفر، وتجميد الأصول، وحظر الأسلحة، ومنهم زعيمها وقائد إدارة العمليات العسكرية أحمد الشرع، المكنى «أبو محمد الجولاني»، المدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.

وقال دبلوماسيون إنه لا يوجد حالياً أي مناقشات عن رفع العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة على الجماعة. ولا تمنع العقوبات التواصل مع «هيئة تحرير الشام».

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟ (رويترز)

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

فرضت الأمم المتحدة عقوبات على «جبهة النصرة»، لأن الجماعة مرتبطة بتنظيم «القاعدة»، ولأنها كانت «تشارك في تمويل أو تخطيط أو تسهيل أو إعداد أو ارتكاب أعمال أو أنشطة» مع «القاعدة» أو دعماً لها وتستقطب أفراداً وتدعم أنشطة «القاعدة».

وجاء في قائمة العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة: «في يناير (كانون الثاني) 2017، أنشأت جبهة النصرة (هيئة تحرير الشام)، وسيلة لتعزيز موقعها في التمرد السوري وتعزيز أهدافها باعتبارها فرعاً لتنظيم (القاعدة) في سوريا»... ورغم وصف ظهور «هيئة تحرير الشام» بطرق مختلفة (على سبيل المثال كاندماج أو تغيير في الاسم)، فإن جبهة «النصرة» استمرت في الهيمنة والعمل من خلال «هيئة تحرير الشام» في السعي لتحقيق أهدافها.

وفُرضت عقوبات على الجولاني بسبب ارتباطه بتنظيم «القاعدة» وعمله معه.

كيف يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة؟

تستطيع أي دولة عضو في الأمم المتحدة في أي وقت تقديم طلب لرفع العقوبات عن كيان أو شخص إلى لجنة عقوبات تنظيمي «داعش» و«القاعدة» التابعة لمجلس الأمن الدولي المؤلف من 15 دولة.

وإذا جاء الطلب من دولة لم تقترح في البداية فرض عقوبات الأمم المتحدة، فإن اللجنة تتخذ القرار بالإجماع.

وإذا تقدمت الدولة التي اقترحت في البداية فرض العقوبات بطلب الشطب من القائمة، فسيمحى الاسم من القائمة بعد 60 يوماً، ما لم توافق اللجنة بالإجماع على بقاء التدابير.

لكن إذا لم يتم التوصل إلى إجماع، يستطيع أحد الأعضاء أن يطلب إحالة الطلب إلى مجلس الأمن للتصويت عليه في غضون 60 يوماً.

ولم تتضح بعد الدول التي اقترحت فرض عقوبات على جبهة «النصرة» والجولاني.

ويستطيع أيضاً الشخص أو الكيان الخاضع للعقوبات أن يطلب إزالة التدابير عن طريق الاتصال بأمين عام المظالم، وهو منصب أنشأه المجلس في عام 2009، ليقوم بمراجعة الطلب.

وإذا أوصى أمين عام المظالم بإبقاء اسم ما على القائمة، فسيظل مدرجاً على القائمة. وإذا أوصى أمين عام المظالم بإزالة اسم ما، فسترفع العقوبات بعد عملية قد تستغرق ما يصل إلى 9 أشهر، ما لم توافق اللجنة في وقت أسبق بالإجماع على اتخاذ إجراء أو الإحالة إلى المجلس لتصويت محتمل.

هل هناك استثناءات من العقوبات؟

يستطيع الأشخاص الخاضعون لعقوبات الأمم المتحدة التقدم بطلب للحصول على إعفاءات فيما يتعلق بالسفر، وهو ما تقرره اللجنة بالإجماع.

ويقول المجلس إن عقوباته «لا تستهدف إحداث عواقب إنسانية تضر بالسكان المدنيين».

وهناك استثناء إنساني للأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة يسمح «بتوفير أو معالجة أو دفع الأموال أو الأصول المالية الأخرى أو الموارد الاقتصادية، أو توفير السلع والخدمات اللازمة لضمان تقديم المساعدات الإنسانية في الوقت المناسب، أو لمساندة الأنشطة الأخرى التي تدعم الاحتياجات الإنسانية الأساسية».