البشير يعزل مدير مكاتبه ومبعوثه للخارج

البشير (أ.ب)
البشير (أ.ب)
TT

البشير يعزل مدير مكاتبه ومبعوثه للخارج

البشير (أ.ب)
البشير (أ.ب)

أصدر الرئيس السوداني عمر البشير مرسوما جمهوريا بإعفاء مدير مكاتبه وزير الدولة بالرئاسة، الفريق طه عثمان الحسين، وعين بموجبه حاتم حسن بخيت وزيرا للدولة بالرئاسة ومديرا عاما لمكاتبه، ليضع حدا لسيل معلومات متداولة ومتضاربة حول مصير الفريق طه، ماجت بها وسائل الإعلام السودانية.
ونقل التلفزيون الرسمي نص المرسوم دون أن يشير إلى وضع مدير مكاتب الرئيس السابق، ودون أن يوضح أسباب هذا التغيير المفاجئ. وكان الفريق طه قد تم تجديد تعيينه وزيرا للدولة ومديرا لمكاتب الرئيس بمرسوم رئاسي منفصل، عقب تكوين الحكومة الجديدة مايو (أيار) الماضي.
وتناقلت منصات التواصل الاجتماعي السودانية على نطاق واسع منذ أول من أمس أخبارا متضاربة عن إقالة رجل القصر الرئاسي الغامض. وعن أسباب الإقالة المفاجئة، تضاربت بشأنه الآراء دون أن تقطع جهة رسمية هذا الجدل، أو توقفه مثلما تفعل الأجهزة الأمنية عادة.
وذكر مصدر مقرب من القصر أن الفريق طه أبلغ بنبأ إعفائه من مهامه ليلة أول من أمس، بعيد عودته من جولة خليجية، وأنه حاول السفر خارج البلاد، إلا أن السلطات الأمنية منعته من السفر وأعادته للبلاد من داخل الطائرة. ولا يزال مكان الرجل مجهولاً. ويعد الفريق طه أحد أشهر «مديري مكاتب» الرئيس البشير منذ توليه السلطة، ولم يكن سابقوه يلعبون أي أدوار سياسية، لكنه حول وظيفته في القصر الرئاسي من وظيفة تنفيذية إلى وظيفة سياسية ودبلوماسية في آن واحد، واستفاد من قربه من الرئيس في تمتين علاقته به، وفي التحول لمركز مؤثر داخل كواليس الرئاسة السودانية، ما جعل تقارير صحافية تطلق عليه صفة «رجل القصر القوي»، كما ساعدته في خلق علاقات إقليمية ودولية قوية.
وتعتبر مشاركته في القمة العربية الإسلامية الأميركية التي عقدت بالعاصمة السعودية الرياض مؤخرا، ممثلا للسودان والرئيس عمر البشير، واحدة من كبرى المهام الدبلوماسية التي كلف بها، ومصافحته الشهيرة للرئيس الأميركي دونالد ترمب.
ودرج الرئيس البشير على تكليف الرجل الذي يروج أنه كان يحوز ثقة الرئيس المطلقة بعدد من الملفات الدبلوماسية الخارجية، ومن بينها ملف العلاقات السودانية الخليجية والمصرية والأميركية، وعادة ما يثير هذا الأمر جدلا في الدوائر الرسمية السودانية، لكن الرجل كان يجيب دائما عن أنه مكلف من قبل الرئيس، ويردد على الدوام أنه ليس مديرا لمكتبه فقط «بل والده». وسطع نجم الرجل خلال السنتين الماضيتين، واحتل مكانا لافتا في المشهد السياسي، وعمل إلى جانب مهمته التنفيذية مبعوثا رئاسيا لعدد من دول العالم، محولا بذلك مهام وظيفته من «مدير مكاتب الرئيس» من فنية إلى سياسية ودبلوماسية، وهو ما يصعب من مهمة خلفه التكنوقراطي القادم من مجلس الوزراء حاتم حسن بخيت، الذي يمت بصلة القرابة للرئيس عمر البشير (ابن خاله).



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.