تحذيرات لماي من أي ائتلاف مع «وحدويي» شمال آيرلندا

الحكومة البريطانية قد تشكل طاقماً لـ«بريكست» يتضمن أحزاب المعارضة

كوربين خلال أول جلسة برلمانية أمس (أ.ف.ب)
كوربين خلال أول جلسة برلمانية أمس (أ.ف.ب)
TT

تحذيرات لماي من أي ائتلاف مع «وحدويي» شمال آيرلندا

كوربين خلال أول جلسة برلمانية أمس (أ.ف.ب)
كوربين خلال أول جلسة برلمانية أمس (أ.ف.ب)

عبر رئيس وزراء آيرلندا اندا كيني عن «قلقه» إزاء مشروع التحالف الذي قد يجمع حزب المحافظين بزعامة رئيسة الوزراء تيريزا ماي مع حزب الديمقراطيين الوحدويين الصغير بزعامة أورلين فوستر، الذي حصل على 10 مقاعد في شمال آيرلندا، وتحاول تيريزا ماي مغازلته من أجل الحصول على دعم يضمن لها أغلبية في مجلس العموم بعد أن فشلت في انتخابات الخميس الماضي في الفوز بعدد من المقاعد يخولها إدارة الحكم بمفردها. وحذر كيني من أنه «لا شيء يجب أن يهدد اتفاق الجمعة العظيم» الذي وقعته دبلن ولندن وأنهى عام 1998 قرابة 30 عاما من العنف في آيرلندا الشمالية. حزب الديمقراطيين الوحدويين وأحزاب وحدوية أخرى في شمال آيرلندا (من الطائفة البروتستانتية) تطالب بالبقاء ضمن المملكة المتحدة، أما الجمهوريون، أو الوطنيون الآيرلنديون (كاثوليك)، مثل «شين فين»، فهؤلاء يطالبون بانفصال آيرلندا الشمالية وانضمامها إلى جمهورية آيرلندا.
اتفاق الجمعة العظيم أدى إلى إعادة العمل ببرلمان شمال آيرلندا المحلي وسحب الجيش البريطاني وإزالة نقاط الحدود البرية مع جمهورية آيرلندا. والآن هناك خوف من أن أي ائتلاف بين حكومة ماي وفوستر سيؤدي إلى تراجع عن بعض نقاط اتفاق السلام مثل إعادة نقوط الحدود البرية نتيجة خروج بريطانيا من التكتل الأوروبي.
وفي إشارة إلى أن المفاوضات بين المحافظين والحزب الوحدوي ستستغرق وقتا، أفادت هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) الاثنين أن مراسم بدء الدورة البرلمانية التي كانت مرتقبة في 19 يونيو (حزيران) والتي كان يفترض أن تتلو خلالها الملكة برنامج الحكومة التشريعي، أرجئت بضعة أيام. وقال داميان غرين باسم المحافظين: «ما دمنا لم نتوصل إلى اتفاق بعد، فلن نتمكن من الاتفاق على آخر تفاصيل خطاب الملكة». وهذا التغيير في موعد الخطاب يدل على «الفوضى» التي تتخبط فيها الحكومة كما قال ناطق باسم الحزب العمالي بزعامة جيريمي كوربين. وعقد البرلمان الجديد جلسة أولى بعد ظهر أمس الثلاثاء، لكن الجلسة طغت عليها عملية انتخاب رئيس مجلس العموم جون بيركو.
وفي حين يشغل حزب المحافظين 318 مقعدا في البرلمان، سيتعين على ماي التوصل إلى اتفاق مع فوستر، ما سيتيح للمحافظين تجاوز عتبة الـ326 مقعدا المطلوبة لبلوغ الغالبية المطلقة. والجمعة غداة الانتخابات التشريعية المبكرة التي دعت إليها ماي، تحدثت المسؤولتان عبر الهاتف وتواصلتا أيضا في الأيام الماضية. وقالت فوستر الاثنين إن «المحادثات مستمرة»، مضيفة أن «المصلحة الوطنية في صلب» هذه المفاوضات، واصفة إياها بأنها «إيجابية». وتطرقت ماي إلى هذه المفاوضات خلال لقاء الاثنين مع نواب حزبها الذين أكدوا ثقتهم بها رغم هزيمة الحزب في الانتخابات. خلال الأيام الماضية، نددت عريضة بمواقف الحزب الوحدوي الاجتماعية ومحاولة ماي «اليائسة» للبقاء في السلطة، ونالت نحو 750 ألف توقيع. ومثل هذا الائتلاف سيطرح أيضا تساؤلات حول مسألة حيادية الحكومة البريطانية في آيرلندا الشمالية، المنطقة التي لا تزال تشهد توترات كبرى بعد 20 عاما على انتهاء الأزمة.
وعصر الثلاثاء توجهت ماي إلى فرنسا للقاء الرئيس إيمانويل ماكرون. وستبحث معه على عشاء عمل موضوعات مكافحة الإرهاب ومحاربة التطرف على الإنترنت بشكل خاص.
وقالت تيريزا ماي قبل ساعات من زيارتها باريس إن «التعاون بين أجهزة الاستخبارات الفرنسية والبريطانية متين أساسا، لكنني اتفقت مع الرئيس ماكرون على أنه يجب علينا القيام بالمزيد لمحاربة التهديد على الإنترنت». وسيبحث ماكرون وماي أيضا مسألة «بريكست»، فيما يرتقب أن تنطلق مفاوضات خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي الأسبوع المقبل. وقال الوزير البريطاني المكلف مفاوضات «بريكست» ديفيد ديفيز إن هذه الاستراتيجية لم تتغير؛ أي الخروج من السوق الأوروبية الموحدة من أجل استعادة السيطرة على حدود بريطانيا. لكن أدلى مايكل غوف وزير البيئة الجديد بتصريحات تظهر أن الحكومة قد تشكل طاقما مع المعارضة لمفاوضات «بريكست»، وهذا يعني أنها قد تبقى في السوق الموحدة مقابل القبول بحرية حركة الأشخاص.
وردا على نداءات لرئيسة الوزراء المحافظة تيريزا ماي لتعديل خطتها الخاصة بخروج بريطانيا من السوق الأوروبية الموحدة عندما تغادر الاتحاد الأوروبي، قال ديفيز إن الاستفتاء الذي أجري العام الماضي حول خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي قد أيد «السيطرة على حدودنا»، وهو ما يعني «خروجنا من السوق الموحدة، شئنا أم أبينا»، مضيفا لقناة «آي تي في» التلفزيونية أنه رفض التفريق بين الخروج «القاسي» و«السهل».
وقال ديفيز لـ«بي بي سي» إنه يتعين على المواطنين الأوروبيين ألا يقلقوا حيال حقوقهم المستقبلية، معربا عن أمله في التوصل إلى اتفاق بسرعة بعد بدء محادثات الخروج في 19 يونيو (حزيران) الحالي.
من جانب آخر، تستعد المفوضية الأوروبية لوضع قواعد جديدة من شأنها إرغام جزء كبير من الأعمال المالية في لندن على المغادرة إلى الاتحاد الأوروبي بعد مفاوضات خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي. وهي مسألة شديدة الحساسية في وقت يأمل فيه كل من بريطانيا والاتحاد الأوروبي في إطلاق وشيك لمفاوضات «بريكست». وسيطرح نائب رئيس المفوضية الأوروبية فالديس دومبروفسكيس القواعد الجديدة قبل المصادقة عليها من قبل الدول الأعضاء والبرلمان الأوروبي بعد إجراء أي تعديل قد يطرأ. ويشغل موضوع غرف المقاصة، الدعامة المالية التي لا يمكن الاستغناء عنها والتي تعد مصدرا للربحية، حيزا جوهريا في الاقتراحات. وتعمل شركات المقاصة وسيطاً بين البائع والمشتري لضمان سلامة الصفقات، وتتقاضى أموالا عن هذه الخدمة. وهي بذلك تساهم في استقرار النظام المالي والحد من مخاطره. وتتركز الغالبية الكبرى لهذه الأعمال التي تتم باليورو في لندن.
وكان دومبروفسكيس عرض بداية مايو (أيار) الماضي خيارين محتملين قبل تقديم مشروعه: إما تحسين إشراف السلطات الأوروبية فيما يخص كيانات دول أخرى (أي البريطانية منها عندما تخرج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي)، وإما نقل مقر هذه الغرف إلى داخل أراضي الاتحاد. وفي مقابلة نشرتها مؤخرا صحيفة «صنداي تلغراف»، حذر مدير عام بورصة لندن الفرنسي كزافييه روليه من أن ذلك «سيشكل فوضى تامة. لم يجر البحث في كل التداعيات»، عادّاً أن المباحثات مع السلطات الأوروبية كان يجب أن تمتد لأكثر من شهر واحد. والشهر الماضي عبر مايلز سيليك الرئيس التنفيذي لمجموعة «ذا سيتي - المملكة المتحدة» عن غضبه بالقول: «فرض نقل أعمال (المقاصة) باليورو سيقود إلى اضطراب وتفكك واهتزاز الثقة بالسوق». وتابع سيليك: «سيكون ذلك مدمرا للأشخاص والأعمال في بريطانيا وأوروبا. الأمر ليس في مصلحة أحد، ويمكن تجنبه».



هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
TT

هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)

تخضع «هيئة تحرير الشام»، التي قادت قوات المعارضة للإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد، لعقوبات من الأمم المتحدة منذ فترة طويلة، وهو ما وصفه المبعوث الخاص للمنظمة الدولية إلى سوريا غير بيدرسون، بأنه «عامل تعقيد لنا جميعاً».

كانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف في السابق باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت العلاقات بالتنظيم في عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما فُرض عليها تجميد عالمي للأصول وحظر أسلحة.

ويخضع عدد من أعضاء «هيئة تحرير الشام» أيضاً لعقوبات الأمم المتحدة مثل حظر السفر، وتجميد الأصول، وحظر الأسلحة، ومنهم زعيمها وقائد إدارة العمليات العسكرية أحمد الشرع، المكنى «أبو محمد الجولاني»، المدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.

وقال دبلوماسيون إنه لا يوجد حالياً أي مناقشات عن رفع العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة على الجماعة. ولا تمنع العقوبات التواصل مع «هيئة تحرير الشام».

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟ (رويترز)

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

فرضت الأمم المتحدة عقوبات على «جبهة النصرة»، لأن الجماعة مرتبطة بتنظيم «القاعدة»، ولأنها كانت «تشارك في تمويل أو تخطيط أو تسهيل أو إعداد أو ارتكاب أعمال أو أنشطة» مع «القاعدة» أو دعماً لها وتستقطب أفراداً وتدعم أنشطة «القاعدة».

وجاء في قائمة العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة: «في يناير (كانون الثاني) 2017، أنشأت جبهة النصرة (هيئة تحرير الشام)، وسيلة لتعزيز موقعها في التمرد السوري وتعزيز أهدافها باعتبارها فرعاً لتنظيم (القاعدة) في سوريا»... ورغم وصف ظهور «هيئة تحرير الشام» بطرق مختلفة (على سبيل المثال كاندماج أو تغيير في الاسم)، فإن جبهة «النصرة» استمرت في الهيمنة والعمل من خلال «هيئة تحرير الشام» في السعي لتحقيق أهدافها.

وفُرضت عقوبات على الجولاني بسبب ارتباطه بتنظيم «القاعدة» وعمله معه.

كيف يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة؟

تستطيع أي دولة عضو في الأمم المتحدة في أي وقت تقديم طلب لرفع العقوبات عن كيان أو شخص إلى لجنة عقوبات تنظيمي «داعش» و«القاعدة» التابعة لمجلس الأمن الدولي المؤلف من 15 دولة.

وإذا جاء الطلب من دولة لم تقترح في البداية فرض عقوبات الأمم المتحدة، فإن اللجنة تتخذ القرار بالإجماع.

وإذا تقدمت الدولة التي اقترحت في البداية فرض العقوبات بطلب الشطب من القائمة، فسيمحى الاسم من القائمة بعد 60 يوماً، ما لم توافق اللجنة بالإجماع على بقاء التدابير.

لكن إذا لم يتم التوصل إلى إجماع، يستطيع أحد الأعضاء أن يطلب إحالة الطلب إلى مجلس الأمن للتصويت عليه في غضون 60 يوماً.

ولم تتضح بعد الدول التي اقترحت فرض عقوبات على جبهة «النصرة» والجولاني.

ويستطيع أيضاً الشخص أو الكيان الخاضع للعقوبات أن يطلب إزالة التدابير عن طريق الاتصال بأمين عام المظالم، وهو منصب أنشأه المجلس في عام 2009، ليقوم بمراجعة الطلب.

وإذا أوصى أمين عام المظالم بإبقاء اسم ما على القائمة، فسيظل مدرجاً على القائمة. وإذا أوصى أمين عام المظالم بإزالة اسم ما، فسترفع العقوبات بعد عملية قد تستغرق ما يصل إلى 9 أشهر، ما لم توافق اللجنة في وقت أسبق بالإجماع على اتخاذ إجراء أو الإحالة إلى المجلس لتصويت محتمل.

هل هناك استثناءات من العقوبات؟

يستطيع الأشخاص الخاضعون لعقوبات الأمم المتحدة التقدم بطلب للحصول على إعفاءات فيما يتعلق بالسفر، وهو ما تقرره اللجنة بالإجماع.

ويقول المجلس إن عقوباته «لا تستهدف إحداث عواقب إنسانية تضر بالسكان المدنيين».

وهناك استثناء إنساني للأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة يسمح «بتوفير أو معالجة أو دفع الأموال أو الأصول المالية الأخرى أو الموارد الاقتصادية، أو توفير السلع والخدمات اللازمة لضمان تقديم المساعدات الإنسانية في الوقت المناسب، أو لمساندة الأنشطة الأخرى التي تدعم الاحتياجات الإنسانية الأساسية».