شهدت معظم المدن الروسية، يوم أمس، مظاهرات «ضد الفساد»، بالتزامن مع احتفالات واسعة في البلاد بمناسبة العيد الوطني لروسيا الاتحادية.
واعتقلت السلطات الروسية أليكسي نافالتي، أحد أبرز زعماء المعارضة، ومئات المتظاهرين. وكان نافالتي قد دعا مؤيديه وقوى المعارضة في روسيا إلى التظاهر يوم الثاني عشر من يونيو (حزيران)، وسمحت السلطات في العاصمة الروسية للمعارضة بتسيير مظاهرة احتجاجية، لكن على أن تجري في شارع ساخاروف. غير أن المعارضة أصرت على التظاهر في شارع «تفيرسكايا»، وسط العاصمة الروسية، قرب الكرملين، حيث يقع أيضاً مبنى محافظة موسكو.
واحتشد جزء من المتظاهرين في شارع ساخاروف، بينما احتشد جزء آخر في شارع تفيرسكايا. وتفاوتت أعداد المشاركين في الاحتجاجات في العاصمة الروسية بين أقل من ألفي متظاهر، وفق التقديرات الرسمية، وأكثر من 6 آلاف متظاهر، وفق تقديرات المعارضة التي قالت إن أعداداً كبيرة من المتظاهرين ما زالت تنتظر عبور «إطار الكشف عن المعادن» لتدخل إلى شارع تفيرسكايا.
وقالت وسائل الإعلام الروسية إن المئات من قوات وزارة الداخلية والحرس الوطني كانوا منتشرين وسط المدينة للتصدي للمتظاهرين الذين انتهكوا القوانين بخروجهم في تظاهرة في مكان محدد دون ترخيص من السلطات. واعتقلت الشرطة نافالتي أثناء خروجه من منزله، بينما كان متجهاً للمشاركة في المظاهرة. وفي تلك الأثناء، كانت عناصر الشرطة تنفذ عمليات اعتقال بين صفوف المتظاهرين الذين توجهوا إلى شارع تفيرسكايا.
وقالت مصادر إن عدد المعتقلين في موسكو زاد على 600 متظاهر، بينما تحدثت مصادر أخرى عن اعتقال أكثر من 750.
وحسب صحيفة «آر بي كا» الروسية، فقد رفع متظاهرون احتشدوا قرب مترو «بوشكينسكايا» على شارع تفيرسكايا، وسط موسكو، لافتات كتب عليها «أعطونا فرصة لنقوم بإصلاحات»، وكانوا ينشدون النشيد الوطني ويهتفون: «روسيا ستكون حرة»، و«ديمون للمسائلة»؛ و«ديمون» اسم مشتق من «دميتري»، والمقصود رئيس الوزراء الروسي دميتري ميدفيديف، الذي تتهمه المعارضة بالفساد، وفق ما جاء في فيلم أعده «صندوق مكافحة الفساد»، الذي يرأسه نافالتي. كما هتف المحتشدون أمام المترو «روسيا من دون بوتين». ورفع حشد آخر لافتات كتب عليها: «ضد الفساد... الثورة فقط»، و«فوفان، انتظر ميدان»؛ و«فوفان» هو اسم مستعار لـ«فلاديمير»، أي أن العبارة تحذير للرئيس بوتين من احتجاجات كالتي جرت في ساحة «الميدان» في كييف، وأطاحت بالرئيس فيكتور يانكوفيتش.
وفي البداية، لم تتدخل قوات الأمن لفض التظاهرة في شارع تفيرسكايا، وخاطبت المتظاهرين عبر مكبرات الصوت، وطالبتهم بالتوجه إلى المكان المرخص للتظاهر في شارع ساخاروف. وجاء في النص عبر مكبرات الصوت: «المواطنون المحترمون، التظاهر مرخص له على شارع ساخاروف. هذه التظاهرة (على شارع تفيرسكايا) غير مرخص لها؛ نرجو منكم عدم الإخلال بالنظام». وبعد ذلك، أغلقت عناصر الشرطة المدخل إلى الشارع، وبدأت عمليات الاعتقال. واعتمدت السلطات خطة فصل الحشد الرئيسي إلى مجموعات صغيرة بغية السيطرة على المظاهرة.
كما شهدت معظم المدن الروسية تظاهرات ضد «فساد الدولة». ففي مدينة بطرسبورغ، قالت مصادر من المعارضة الروسية إن نحو 7 آلاف مواطن شاركوا في المظاهرة، بينما قالت مصادر أخرى إن العدد لم يزد على 4 آلاف متظاهر. وتضاربت كذلك أعداد المتظاهرين الذين اعتقلهم الأمن، ما بين 300 و900 متظاهر، حسب مصادر إعلامية روسية. وفي مدينة قازان، عاصمة جمهورية تتارستان، العضو في الاتحاد الروسي، منحت سلطات المدينة ترخيصاً للاحتجاج، غير أنها اشترطت أن يجري في السابعة صباحاً. وقال معارضون إن السلطات كانت تظن أن أحداً لن يشارك في هذه الساعة المبكرة من الصباح، وأكدت مصادر من قازان أن أكثر من 500 متظاهر احتشدوا منذ وقت مبكر في المدينة. وبعد نهاية المظاهرة، قام الأمن باعتقال عزت عبد اللاييف، وهو محامي ومدير مكتب «صندوق مكافحة الفساد» في تتارستان.
كما خرجت مظاهرة في مدينة نوفوسيبيرسك، شارك فيها أكثر من 5 آلاف متظاهر. وردد المتظاهرون شعارات تحمل معاني مناهضة للسلطة، مثل: «إقالة، تطهير»، و«طلاب ضد الفساد»، و«اطردوا الجرذ من السفينة». ولم تسجل أي انتهاكات أو حوادث خلال المظاهرة في نوفوسيبيرسك. وكانت هناك مظاهرات في مدن سيبيريا، ومنها: تومسك وأومسك وكراسنويارسك.
وهذه ثاني موجة تظاهرات تجري هذا العام، بدعوة من المعارض الروسي أليكسي نافالتي، رئيس «صندوق مكافحة الفساد» المعارض، إذ سبق أن شهدت المدن الروسية، يوم 26 مارس (آذار)، أكبر موجة احتجاجات في البلاد منذ عام 2011. واعتقل الأمن حينها مئات المتظاهرين، ومعهم نافالتي نفسه. ووجه برلمانيون روس لنافالتي اتهامات بأنه يستغل تلاميذ الصفوف العليا في المدارس وطلاب السنوات الأولى في الجامعات، ويغريهم بالأموال للمشاركة في الاحتجاجات، عندما وعدهم بإرغام السلطات على دفع تعويضات مالية عبر دعوى على الأمن أمام المحكمة الأوروبية عن كل حالة اعتداء يتعرض لها أي متظاهر من جانب الأمن عند اعتقاله، بينما رأى الكرملين في تلك الاحتجاجات عملاً استفزازياً، وذهب البعض من النخب الحاكمة إلى وصف نافالتي بأنه عميل للغرب يسعى إلى تقويض استقرار وأمن البلاد.
موسكو تعتقل معارضاً بارزاً ومئات المتظاهرين
احتجوا ضد الفساد ورفعوا شعارات مناهضة للكرملين
موسكو تعتقل معارضاً بارزاً ومئات المتظاهرين
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة