رغم أن فترة الانتقالات الصيفية لن تبدأ بشكل رسمي إلا الشهر المقبل، بدأت الأندية الإنجليزية تتحرك بشكل غريب لتدعيم صفوفها مبكراً، وظهر مانشستر يونايتد كأنه يريد تأمين نفسه عن طريق السعي للتعاقد مع جميع اللاعبين بصورة فورية.
ودخل نادي ليفربول في مفاوضات لضم المدافع الهولندي فيرجيل فان ديك، قبل أن يعلن النادي انسحابه رسمياً من الصفقة، بعد أن اتهمه نادي ساوثهامبتون بأنه يحاول الحصول على خدمات اللاعب بطريقة غير مشروعة.
وفي الوقت نفسه، يعمل روميلو لوكاكو على إقناع الجميع بأنه واحد من أعظم لاعبي كرة القدم في العالم، حتى لو كان ذلك عن طريق التأكيد المستمر من جانبه على ذلك، وكأنه صبي في مدرسة يطالب بالحصول على شارة قيادة الفريق فقط، لأنه اشترى زوجاً جديداً من الأحذية!
ووسط كل هذا، لا يزال اللاعب الجزائري رياض محرز متاحاً في سوق الانتقالات. نعم، رياض محرز، هل ما زلتم تتذكرونه حتى الآن؟ لقد مر أسبوع الآن منذ أن أعلن محرز في رسالة مثيرة أنه لم يعد يرغب في اللعب لليستر سيتي مرة أخرى، رغم الأداء الباهت الذي قدمه مع الفريق هذا الموسم.
لقد أشار اللاعب البالغ عمره 26 عاماً، الذي انضم لليستر قادماً من لوهافر الفرنسي في 2014، إلى أنه وافق في العام الماضي «على البقاء لموسم آخر بعد مناقشة إيجابية مع رئيس النادي».
وقال محرز إنه «يملك طموحاً كبيراً لتطوير نفسه وإنه حان وقت الرحيل».
وشارك محرز، أفضل لاعب في الدوري الإنجليزي في 2016، في 48 مباراة مسجلاً 10 أهداف هذا الموسم، وساعد الفريق في بلوغ دور الثمانية لدوري أبطال أوروبا.
ووقع اللاعب الجزائري، الذي انضم لليستر مقابل 400 ألف جنيه إسترليني (نحو 512 ألف دولار)، على عقد يمتد لأربع سنوات في العام الماضي. لكنه على ما يبدو قد وضع شرطاً بالرحيل حال وجد العرض المناسب.
وقال محرز: «قدمت أفضل 4 مواسم في مسيرتي مع ليستر وأحببت كل لحظة. أشعر بفخر كبير لأنني كنت جزءاً من الإنجاز الذي حققه النادي خلال فترة وجودي وهو الفوز بلقب الدوري الإنجليزي».
وتابع: «سأقدر علاقتي مع النادي والجماهير إلى الأبد، وأتمنى أن يتفهموا ويحترموا قراري».
وتجري التحركات على قدم وساق في فترة الانتقالات الصيفية الحالية، ويفترض أن بعض الصفقات قد تمت وتنتظر وضع اللمسات النهائية، في حين انتهت صفقات أخرى بالفعل. وربطت تقارير محرز بأندية آرسنال وتشيلسي وموناكو، بل وذهبت إحدى الصحف إلى احتمال «انتقال مفاجئ» إلى برشلونة الإسباني. ومع ذلك، عندما تفكر في الأمر بروية، فإن انتقال النجم الجزائري إلى العملاق الكتالوني لن يكون مفاجئاً، إذا ما وضعت في الاعتبار الأداء القوي الذي قدمه مع فريقه قبل عامين.
وهذه هي النقطة المحورية عند الحديث عن محرز، فقد كان اللاعب الجزائري، إن لم ننسَ، أفضل لاعب في ليستر سيتي عندما فاز الفريق بلقب الدوري الإنجليزي الممتاز، كما كان المحرك الأساسي للفريق في مشواره في دوري أبطال أوروبا، ولا يزال اللاعب قادراً على تقديم مزيد من مستودع موهبته، فهو يتميز بالقدرة على المراوغة والتسديد والتمرير الدقيق وصناعة وتسجيل الأهداف.
ويعد محرز مثالاً حياً لقصص النجاح الكبيرة في كرة القدم الإنجليزية، فقد صعد بفريقه من دوري الدرجة الأولى وقاده للحصول على لقب الدوري الإنجليزي الممتاز وحصل على لقب أفضل لاعب.
ولا يزال المرء يشعر بأنه قادر على التألق خارج الدوري الإنجليزي الممتاز، ويكفي أن نعرف أن النجم الأرجنتيني ليونيل ميسي قد أشاد بقدراته، كما وصفه لاعبو أتليتكو مدريد بأنه «صانع ألعاب قدير» قبل مواجهة الفريقين في الدور ربع النهائي لدوري أبطال أوروبا في فصل الربيع. لكن في إنجلترا، هناك إحساس بأن مستوى محرز قد تراجع كثيراً، وأن اللاعب لم يقدم مردوداً قوياً إلا في موسم واحد فقط. يقول البعض إن محرز لديه مهارة واحدة فقط، وهي الاستحواذ على الكرة بقدمه اليسرى ثم الاتجاه لداخل الملعب، وبعد ذلك يعود بالكرة مرة أخرى. لكن من قال إن هذه مهارة بسيطة ويمكن لأي لاعب القيام بها؟ فهذه المهارة تعتمد على قدرة اللاعب على إيقاف الكرة ثم تغيير الاتجاه بصورة أسرع من أي لاعب آخر داخل الملعب، وتحتاج مقومات جسدية وذهنية كبيرة ورشاقة فائقة في المراوغة والحركة، وهي المميزات التي يملكها محرز بالفعل. قد تبدو كلمة «لاعب» سخيفة قليلاً في كرة القدم، فمعظم اللاعبين المحترفين لا «يلعبون» كرة القدم، لكنهم ملتزمون بتعليمات وتوجيهات المديرين الفنيين بشكل صارم بعيداً عن الإبداع والمتعة، أما محرز فهو لاعب كرة قدم بكل ما تحمله الكلمة من معنى، فهو قادر على الابتكار ويتمتع بخفة الحركة ويمتلك مهارة مراهق يلعب كرة القدم في الشارع حتى منتصف الليل في ضاحية سارسيل بالعاصمة الفرنسية باريس.
من الصعب للغاية أن نتذكر لاعباً بمثل هذه المواصفات في الدوري الإنجليزي الممتاز. قد يشبه محرز اللاعب كريس وادل، الذي كان يملك المزيج نفسه بين الدقة والمهارة والقدرة على المراوغة والابتكار. ويذكرنا محرز أيضاً باللاعب البرازيلي العظيم جالمينيا، الذي كان يلعب في منتصف التسعينات من القرن الماضي في الدوري الإسباني، وكانت لديه القدرة على تسجيل وصناعة الأهداف بكل سهولة ويسر.
في الحقيقة، يسير محرز ضد تيار كرة القدم الحديثة، الذي يعتمد على القوة البدنية الهائلة والركض المستمر والمجهود الكبير. وربما اختاره كشافة ليستر سيتي بسبب أسلوبه المختلف، لكنه يعاني من ضعف اللياقة البدنية بعض الشيء، ويقال إنه كان منهكاً للغاية في نهاية الموسم الذي قاد فيه ليستر سيتي للحصول على لقب الدوري الإنجليزي الممتاز. لكننا نؤكد مرة أخرى أنه من نوعية اللاعبين الذين لا تنتجهم كرة القدم الإنجليزية ولا ترعاهم وتحيطهم بالعناية اللازمة، بل على النقيض من ذلك قد تدفعهم نحو الفشل.
نتمنى أن يبقى محرز في الدوري الإنجليزي الممتاز، ونود أن نشير في هذا الصدد إلى أن المدير الفني لنادي آرسنال أرسين فينغر يملك 150 مليون جنيه إسترليني مخصصة للتعاقد مع لاعبين جدد وتدعيم صفوف الفريق، ويمكن أن يفعل ما هو أسوأ بكثير من التعاقد مع محرز، الذي يمتلك المهارة والقدرة على الإبداع والابتكار، وهي المواصفات التي يفقدها آرسنال في حال غياب لاعبه سانتي كازورلا. والأكثر من ذلك أن محرز يمثل شيئاً آخر، فهو يذكرنا بأنه يجب أن يكون هناك لاعب مهاري ومبدع وسط كرة القدم الحديثة التي تعتمد على الالتحامات والقوة البدنية في المقام الأول.
رياض محرز... لاعب مبدع يجب أن تعتز به الكرة الإنجليزية
على أندية الدوري الممتاز الكبيرة السعي لضمه بعد إعلانه الرحيل عن ليستر سيتي

محرز لاعب يتسم بالرشاقة والمهارة وكل الأندية تتمناه (أ.ف.ب) - محرز كان سبباً رئيسياً في فوز ليستر بالدوري
رياض محرز... لاعب مبدع يجب أن تعتز به الكرة الإنجليزية

محرز لاعب يتسم بالرشاقة والمهارة وكل الأندية تتمناه (أ.ف.ب) - محرز كان سبباً رئيسياً في فوز ليستر بالدوري
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة