قوات أميركية تدعم الجيش الفلبيني لإنهاء حصار «داعشي» لمراوي

بعد شهور من التوتر بين واشنطن ومانيلا

إجلاء الجرحى من الجيش الفلبيني بعد معارك في مراوي (جنوب) أول من أمس (إ.ب.أ)
إجلاء الجرحى من الجيش الفلبيني بعد معارك في مراوي (جنوب) أول من أمس (إ.ب.أ)
TT

قوات أميركية تدعم الجيش الفلبيني لإنهاء حصار «داعشي» لمراوي

إجلاء الجرحى من الجيش الفلبيني بعد معارك في مراوي (جنوب) أول من أمس (إ.ب.أ)
إجلاء الجرحى من الجيش الفلبيني بعد معارك في مراوي (جنوب) أول من أمس (إ.ب.أ)

بعد شهور من التوتر وتبادل الاتهامات المتبادلة، كادت تصل إلى حد القطيعة بين الحليفين الأميركي والفلبيني، عاد التنسيق والتعاون العسكري بين الجانبين، بقيام قوات أميركية خاصة تقديم المساعدة الفنية للجيش الفلبيني، لاستعادة السيطرة على مدينة مراوي، (جنوب)، التي يسيطر عليها متطرفون مسلحون، متحالفين مع تنظيم داعش، منذ مايو (أيار) الماضي.
وقال متحدث باسم السفارة الأميركية في مانيلا إن قوات خاصة أميركية تساعد القوات المسلحة الفلبينية في إنهاء حصار المسلحين، مشيرا إلى أن الخطوة جاءت «بناء على طلب الحكومة الفلبينية». وقال إن «قوات العمليات الخاصة الأميركية تقوم بمعاونة القوات المسلحة الفلبينية في العمليات المستمرة في مراوي لمساعدة قادة القوات الفلبينية على الأرض في قتالهم ضد مسلحي مراوي وأبو سياف». لكنه رفض كشف مزيد من التفاصيل، قائلا: «لأسباب أمنية لا نستطيع مناقشة تفاصيل فنية محددة للدعم الأميركي للعمليات المستمرة للقوات المسلحة الفلبينية».
ومن جانبه، أكد متحدث باسم الجيش الفلبيني، وجود القوات الأميركية، لكنه أشار إلى أنهم يقدمون فقط دعما فنيا. ويحاول الجيش الفلبيني طرد المتطرفين الذين دخلوا المدينة، الواقعة جنوب البلاد والتي يبلغ عدد سكانها 200 ألف نسمة. ويؤكد الجيش أن المتطرفين يسيطرون حاليا على نحو 10 في المائة من مراوي، أكبر مدينة ذات أغلبية مسلمة في الفلبين التي يشكل الكاثوليك أكثرية شعبها.
وتأتي مشاركة هذه القوات بعد توتر استمر شهورا بين الحليفين أججه موقف الرئيس الفلبيني رودريجو دوتيرتي المعادي لواشنطن وتعهداته بطرد القوات الأميركية التي توفر التدريب والمساعدة منذ فترة طويلة للقوات الفلبينية.
واجتاح مئات المسلحين مراوي في 23 مايو، الماضي في أعقاب محاولة القوات الحكومية اعتقال «ايسنيلون هابيلون»، الذي يعد زعيم تنظيم داعش، في الفلبين، وهو أيضا من قادة جماعة «أبو سياف» المتشددة. ودخل هؤلاء المدينة رافعين رايات تنظيم داعش السوداء، متحصنين بأنفاق تقيهم من القنابل ومستخدمين أسلحة مضادة للدبابات، ومدنيين كدروع بشرية لتعزيز مواقعهم. وأسفرت معارك شرسة يوم أول من أمس، الجمعة في الشوارع بين قوات الجيش والمسلحين عن مقتل 13 جنديا، وفقا لمتحدث عسكري فلبيني. وقتل كذلك صبي يبلغ من العمر 15 عاما برصاصة طائشة خلال صلاة الجمعة في مسجد بمراوي، بحسب وكالة الصحافة الفرنسية. وأفادت تقارير إعلامية فلبينية بأن طائرة استطلاع أميركية من طراز P3 Orion شوهدت وهي تحلق فوق بلدة مراوي أول من أمس. وأثار حصار مدينة مراوي من قبل مئات المسلحين، مخاوف من أن يكون تنظيم داعش، قد وجد ملاذا له في جنوب شرقي آسيا.
والقتال قد يكون الأعنف الذي شهدته مراوي ذات الغالبية المسلمة، فيما قصف سلاح الجو أحياء في المدينة دعما للقوات البرية. وأصيب نحو 40 جنديا من مشاة البحرية بجروح في مواجهات استمرت 14 ساعة، بحسب ما أفاد المتحدث باسم الجيش الكولونيل ايدغاردو اريفالو. وجماعة أبو سياف تنشط في الفلبين منذ التسعينات، وتطالب بإقامة دولة إسلامية مستقلة في جزيرة مينداناو جنوبي الفلبين التي يشكل المسيحيون الكاثوليك غالبية سكانها. واختطفت الجماعة منذ ظهورها مئات الأجانب والفلبينيين للحصول على فدى.
من ناحيته، أكد المتحدث العسكري الفلبيني المتواجد في مراوي، العقيد خو - ار هيريرا، الدعم الأميركي موضحا أن القوات الخاصة لا تشارك في القتال ولكنها «تقدم دعما تقنيا». وأضاف أن حصيلة الجمعة تعد من أكبر الخسائر التي تكبدها الجيش في يوم واحد منذ انطلاق المعارك. وأوضح هيريرا خلال مؤتمر صحافي عقده في مراوي أنه «جرى تبادل كثيف لإطلاق النار ووقعت معارك انتقلت من بيت إلى آخر»، مضيفا أن إجمالي عدد القتلى في صفوف القوات الحكومية منذ بدء النزاع ارتفع إلى 58.
وأفادت الحكومة أن 20 مدنيا ونحو 138 مسلحا قتلوا خلال النزاع. ولكن يرجح أن يكون العدد الحقيقي أعلى حيث لا يزال على السلطات تقييم الوضع بشكل كامل في نحو 10 في المائة من مراوي التي يسيطر عليها المسلحون حتى اللحظة. وفر عشرات الآلاف من مراوي، وهي أهم مدينة مسلمة في البلد الكاثوليكي، فيما هز القتال الأحياء السكنية. ويعيش أكثر من 200 ألف نازح حاليا في ظروف غاية في الخطورة معرضين لمخاطر صحية مميتة، وفقا لتحذيرات أطلقتها اللجنة الدولية للصليب الأحمر الجمعة. ويعتقد أن ألفي شخص لا يزالون عالقين في المناطق الواقعة تحت سيطرة المسلحين المتحصنين في المدينة بعد أسبوعين من اندلاع النزاع، حيث اختطفوا كاهنا كاثوليكيا وأقاموا سجنين ودمروا الكثير من المباني.
وأكد هيريرا أن القوات الحكومية تبذل جهودا مضنية للسيطرة على المسلحين دون التسبب بسقوط ضحايا مدنيين. وقال في هذا السياق إن «المجموعات المتطرفة المحلية تتحصن في المساجد وتستخدم كذلك المدنيين كدروع بشرية... نحن دقيقون للغاية في عملياتنا بهدف تجنب وقوع أضرار جانبية». وكان الرئيس رودريجو دوتيرتي اعتبر أن هجوم المسلحين هو جزء من مخطط أوسع لتنظيم داعش، لتأسيس قاعدة له في منطقة مينداناو الجنوبية، حيث أعلن الأحكام العرفية لمواجهة هذا الخطر. وجاء إعلان المساعدة الأميركية في المنطقة بعدما سعى دوتيرتي إلى تخفيف اعتماد بلاده على الولايات المتحدة وتوطيد علاقة مانيلا بالصين وروسيا.
وأكدت السفارة الأميركية في بيانها أمس أن واشنطن «ستستمر بالعمل مع الفلبين للتعاطي مع التهديدات المشتركة تجاه السلام والأمن في بلدينا، بما في ذلك القضايا المتعلقة بمواجهة الإرهاب».
وزودت الولايات المتحدة الفلبين الاثنين بمئات الرشاشات والمسدسات وقاذفات القنابل اليدوية التي ذكر قائد عسكري محلي أنها ستستخدم في الحرب ضد المتطرفين. وكان قادة عسكريون فلبينيون أعلنوا أن قواتهم عرقلت خطط المسلحين للسيطرة على مراوي بطريقة استعراضية لإظهار أن تنظيم داعش، قد وصل إلى الفلبين حيث يسعى إلى إقامة أرض تابعة له. وأشارت تقديراتهم الأولية إلى وجود نحو 100 مسلح إلا أنهم أعلنوا لاحقا أن العدد يقارب 500. بينهم مقاتلون أجانب من الشيشان ودول شرق أوسطية. ويمتلك المسلحون كذلك ترسانة كبيرة من المعدات العسكرية، بما فيها قذائف «آر بي جي» وكمية يبدو أنها لن تنفد قريبا من الذخيرة.
وكانت واشنطن قد نشرت قوات خاصة في جزيرة مينداناو عام 2002، للمساعدة في تدريب قوات فلبينية كانت تقاتل مسلحي «أبو سياف»، ضمن برنامج عسكري كبير، تم إنهاؤه عام 2015، ليبقى وجود صغير يتمثل تقديم الدعم الفني واللوجيستي. وكانت الولايات المتحدة والفلبين حليفين طيلة عقود، ووفرت تلك العلاقة لواشنطن موطئ قدم استراتيجي في آسيا، بينما منحت مانيلا درعا في مواجهة سيطرة الصين على المنطقة. لكن دوتيرتي قلل من شأن هذا التحالف، ورآه عقبة أمام التقارب مع الصين، وانتقد واشنطن مرارا لأنها تعامل بلده كخادم من وجهة نظره.
يشار إلى أن وتيرة التوترات بين الفلبين وأميركا زادت منذ أن انتقدت واشنطن حملة دوتيرتي لمكافحة المخدرات، التي أسفرت عن مقتل ما لا يقل عن 1247 شخصا. ورد دوتيرتي على الانتقادات، حتى أنه هدد بإهانة الرئيس الأميركي باراك أوباما في حال طرح قضية انتهاكات حقوق الإنسان خلال قمة إقليمية أقيمت في لاوس العام الماضي. وقد تعهد دوتيرتي ببناء «تحالفات للتجارة الداخلية والخارجية» مع دول أخرى مثل الصين وروسيا بدلا من الاعتماد على علاقات الفلبين مع أميركا.



مقتل وزير اللاجئين الأفغاني بتفجير انتحاري استهدف وزارته

وزير اللاجئين الأفغاني خليل حقاني يصل لحضور تجمع أقيم بمناسبة الذكرى الأولى لعودة «طالبان» إلى السلطة في كابل يوم 15 أغسطس 2022 (أ.ف.ب)
وزير اللاجئين الأفغاني خليل حقاني يصل لحضور تجمع أقيم بمناسبة الذكرى الأولى لعودة «طالبان» إلى السلطة في كابل يوم 15 أغسطس 2022 (أ.ف.ب)
TT

مقتل وزير اللاجئين الأفغاني بتفجير انتحاري استهدف وزارته

وزير اللاجئين الأفغاني خليل حقاني يصل لحضور تجمع أقيم بمناسبة الذكرى الأولى لعودة «طالبان» إلى السلطة في كابل يوم 15 أغسطس 2022 (أ.ف.ب)
وزير اللاجئين الأفغاني خليل حقاني يصل لحضور تجمع أقيم بمناسبة الذكرى الأولى لعودة «طالبان» إلى السلطة في كابل يوم 15 أغسطس 2022 (أ.ف.ب)

قُتل وزير اللاجئين الأفغاني، خليل الرحمن حقاني، الأربعاء، جرّاء تفجير وقع بمقر وزارته في كابل، نُسب إلى تنظيم «داعش» الإرهابي، وهو الأوّل الذي يستهدف وزيراً منذ عودة حركة «طالبان» إلى الحكم في عام 2021. واستنكر الناطق باسم حكومة الحركة «هجوماً دنيئاً» من تدبير تنظيم «داعش»، مشيداً بتاريخ «مقاتل كبير» قد «ارتقى شهيداً»، كما نقلت «وكالة الصحافة الفرنسية». ووقع الانفجار، الذي لم تتبنّ بعد أي جهة مسؤوليته، «في مقرّ وزارة اللاجئين»، وفق ما أفاد به مصدر حكومي «وكالة الصحافة الفرنسية»، مشيراً إلى أنه تفجير انتحاري. وأوضح المصدر، الذي طلب عدم الكشف عن اسمه: «للأسف وقع انفجار في وزارة اللاجئين، ويمكننا أن نؤكد أن الوزير خليل الرحمن حقاني قد استشهد إلى جانب عدد من زملائه». وضربت قوى الأمن طوقاً حول الحيّ حيث تقع الوزارة في وسط كابل. فيما أورد حساب الوزارة على منصة «إكس» أن ورشات تدريبية كانت تعقد في الأيام الأخيرة بالموقع. وكلّ يوم، تقصد أعداد كبيرة من النازحين مقرّ الوزارة لطلب المساعدة أو للدفع بملفّ إعادة توطين، في بلد يضمّ أكثر من 3 ملايين نازح جراء الحرب.

«إرهابي عالمي»

وزير اللاجئين الأفغاني خليل حقاني خلال مؤتمر صحافي في كابل يوم 12 يونيو 2022 (أ.ف.ب)

كان خليل الرحمن يحمل سلاحاً أوتوماتيكياً في كلّ إطلالاته، وهو شقيق جلال الدين الذي أسس «شبكة حقاني» مع بداية سبعينات القرن الماضي وإليها تُنسب أعنف الهجمات التي شهدتها أفغانستان، قبل أن تندمج «الشبكة» مع حركة «طالبان» إبان حكمها الذي بدأ عام 1994 وأنهاه الغزو الأميركي للبلاد في عام 2001، ثم عودة الحركة إلى الحكم بعد انسحاب القوات الأميركية والدولية في 2021. وهو أيضاً عمّ وزير الداخلية الحالي سراج الدين حقاني. ورصدت الولايات المتحدة مكافأة مالية تصل إلى 5 ملايين دولار في مقابل الإدلاء بمعلومات عن خليل الرحمن، واصفة إياه بأنه «قائد بارز في (شبكة حقاني)» التي صنّفتها واشنطن «منظمة إرهابية». وفي فبراير (شباط) 2011، صنَّفته وزارة الخزانة الأميركية «إرهابياً عالمياً»، وكان خاضعاً لعقوبات من الولايات المتحدة والأمم المتحدة، التي قدّرت أن يكون في الثامنة والخمسين من العمر.

هجمات «داعش»

وزير اللاجئين الأفغاني خليل حقاني (وسط) خلال وصوله لتفقد مخيم للاجئين بالقرب من الحدود الأفغانية - الباكستانية يوم 2 نوفمبر 2023 (أ.ف.ب)

ويبدو أن «شبكة حقاني» منخرطة في نزاع على النفوذ داخل حكومة «طالبان». ويدور النزاع، وفق تقارير صحافية، بين معسكر يطالب بالتطبيق الصارم للشريعة على نهج القائد الأعلى لـ«طالبان» المقيم في قندهار، وآخر أكثر براغماتية في كابل. ومنذ عودة حركة «طالبان» إلى الحكم إثر الانسحاب الأميركي في صيف 2021، تراجعت حدة أعمال العنف في أفغانستان. إلا إن الفرع المحلي لتنظيم «داعش - ولاية خراسان» لا يزال ينشط في البلاد، وأعلن مسؤوليته عن سلسلة هجمات استهدفت مدنيين وأجانب ومسؤولين في «طالبان». وسُمع أكثر من مرّة دويّ انفجارات في كابل أبلغت عنها مصادر محلية، غير أن مسؤولي «طالبان» نادراً ما يؤكدون حوادث من هذا القبيل. وفي أواخر أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، قُتل طفل وأصيب نحو 10 أشخاص في هجوم استهدف سوقاً وسط المدينة. وفي سبتمبر (أيلول) الذي سبقه، تبنّى تنظيم «داعش» هجوماً انتحارياً أسفر عن مقتل 6 أشخاص، وجُرح 13 بمقرّ النيابة العامة في كابل. وأكّدت المجموعة أن هدفها كان «الثأر للمسلمين القابعين في سجون (طالبان)»، علماً بأن الحركة غالباً ما تعلن عن توقيف أعضاء من التنظيم أو قتلهم، مشددة في الوقت عينه على أنها تصدّت للتنظيم في البلد.