98 % من إصابات الكوليرا في اليمن تتماثل للشفاء

اتهام للحوثيين بتسييس الوباء والعبث بأرقام الوفيات

مريض بالكوليرا يتلقى العلاج وتبدو المعدات التي وصلت حديثاً من مركز الملك سلمان إلى اليمن (واس)
مريض بالكوليرا يتلقى العلاج وتبدو المعدات التي وصلت حديثاً من مركز الملك سلمان إلى اليمن (واس)
TT

98 % من إصابات الكوليرا في اليمن تتماثل للشفاء

مريض بالكوليرا يتلقى العلاج وتبدو المعدات التي وصلت حديثاً من مركز الملك سلمان إلى اليمن (واس)
مريض بالكوليرا يتلقى العلاج وتبدو المعدات التي وصلت حديثاً من مركز الملك سلمان إلى اليمن (واس)

«مهما عالجنا الكوليرا فلا يمكن أن يختفي المرض في ظل بؤر النفايات وطفح الصرف الصحي وكل ما يمت للإصحاح البيئي بصلة». هذه الجملة لم تكن كمثيلاتها خلال حديث هاتفي أجرته «الشرق الأوسط» مع وزير الصحة اليمني الدكتور ناصر باعوم أمس، عن المرض الذي أشغله وأشغل كل المهتمين بالملف اليمني وتبعاته.
ويظهر تقرير طبي إحصائي تتداوله المنظمات الطبية الدولية عن اليمن، تماثل نحو 98 في المائة من الحالات المشتبهة والمصابة للشفاء.
واتهم مسؤولون يمنيون ميليشيات الحوثي وصالح بالعبث بأرقام الوفيات التي تسبب بها مرض الكوليرا في اليمن. ووفقاً لمسؤول سعودي فإن اجتماعاً رسمياً عُقِد في الرياض شهد شكوى المسؤولين اليمنيين من «استغلال المرض بإرفاق وفيات طبيعية إلى الوفيات التي نجمت عن الإصابة بالكوليرا».
وأكد وزير الصحة اليمني بالقول: «وردتنا معلومات بهذا الشأن، وبدأنا التحقيق فيها، كما اتخذنا إجراء دقيقا بأن أي حالة وفاة سببها (الكوليرا)، لن ترصد إلا بعد تقرير شامل عن المتوفى منذ دخوله مركز الاستقبال وحتى وفاته». وبسؤاله: «كيف تثقون بتقارير الحوثيين؟!»، قال الوزير إن التعامل في هذه الحالة يكون عبر وسيط وهو المنظمات الدولية العاملة في المناطق التي يسيطر عليها الانقلاب.
ويتابع الوزير قائلا إن «أول من اهتم بالمسألة هو الرئيس هادي، الذي ناشد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، وأثمرت جهود الشرعية لمكافحة الوباء في اليمن في المحافظات تحت سيطرة الشرعية أو الانقلابيين. وقدم المركز الشيء الكبير بالإضافة إلى الجهود الإماراتية والكويتية»، مضيفاً أن الشرعية مع مركز الملك سلمان والشركاء «تسعى إلى معالجة الأسباب، ونتائج إهمال الحوثيين وصالح للإصلاح البيئي».
يأتي ذلك في الوقت الذي قال فيه محمد الأسعدي المتحدث الرسمي باسم «اليونيسيف» أمس، إن أكثر من 101 ألف حالة اشتباه رصدت، وقرابة 800 حالة وفاة.
وأوضح الدكتور سامر الجطيلي رئيس فريق مكافحة الكوليرا المتحدث باسم مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية لـ«الشرق الأوسط» أن نسبة الوفيات 0.8 في المائة حسب إفادة منظمة الصحة العالمية، وأضاف أن المعايير التي تطمح منظمة الصحة العالمية ألا تتجاوزها الوفيات 1 في المائة. كما أكد الجطيلي «تناقص عدد الحالات المشتبه بها بنسبة 60 في المائة آخر أسبوع».
ويقول الدكتور الجطيلي إن مركز الملك سلمان وفر محاليل تكفي لـ900 ألف شخص، وذلك ضمن مساعدات تجاوزت 8.2 مليون دولار قدمتها السعودية.
وفي حديث موسع عن مكافحة الوباء، قال رئيس فريق مكافحة الكوليرا إن مركز الملك سلمان استحدث 4 فرق عاجلة. الفريق الأول على مستوى المركز (إدارة المساعدات الطبية في المركز، ووزارتي الصحة في السعودية واليمن، ومنظمة الصحة العالمية، والهيئة الطبية الدولية، بتواصل مع «أوشا» في اليمن، و«اليونيسيف». الفريق الثاني على مستوى الخليج: مجلس تنسيق الدعم الخليجي في كل دول الخليج، وتم إنشاء فريق شارك فيه ممثلون من عدة دول لهدف حشد المساعدة في احتواء الكوليرا باليمن، أما الفريق الثالث فهو فريق التموين والإمداد، وهو من داخل المركز يعمل على تموين الأدوية والمستلزمات بشكل عام. الفريق الرابع: الإصحاح البيئي، ويضم منظمة الصحة العالمية ووزارتي الصحة والبيئة اليمنيتين و«اليونيسيف» و«أوشا».
ويقول الجطيلي: «استعنا بخطة التدخل التي رسمتها منظمة الصحة العالمية لمكافحة الكوليرا واحتوائه في اليمن بالشراكة مع المنظمة والشركاء العاملين».
وتعتمد خطة مكافحة الكوليرا في اليمن على 5 محاور رئيسية، تتمثل في تعزيز «الترصد للوباء، والتشخيص السليم للحالات، وبرامج السيطرة على الوباء، والبرامج الوقائية»، إضافة إلى تأمين العلاج المناسب وسد الاحتياج.
ويستطرد المتحدث باسم مركز الملك سلمان بالقول إن الخطة التنفيذية بدأت «بتقييم الاحتياجات في مجالات التشخيص والعلاج، وبناء عليه أمنّا الاحتياجات في هذين المحورين لخمسين ألف شخص (رسمنا على خطة منظمة الصحة العالمية). الأدوية شملت محاليل ومضادات حيوية ومعوضات (الزنك) وجميع المعدات اللازمة لتزويد المرضى بالمحاليل الوريدية. تم تأمين محاليل تكفي لـ900 ألف شخص». ويتابع: «وَقَّعنا اتفاقية لمعالجة احتواء الكوليرا مع منظمة الصحة العالمية بـ8.2 مليون دولار تشمل المحاور الخمسة السابقة، وتمتد لسنة ونصف السنة، فضلاً عن العمل حالياً على محورين في مجال الإصحاح البيئي والبرامج الوقائية، وتتمثلان في تطهير مياه الشرب عن طريق مادة الكلور، وبرامج التخلص الصحيح من النفايات، ومعالجة مياه المجاري، إلى جانب تزويد وزارة الصحة اليمنية بالعمل على تجهيزها من مستلزمات وأسِرَّة وكل ما تحتاج إليه من خيام أو مواد تطهير أو مستلزمات».
ويؤكد الجطيلي أن أكثر الحالات انتشاراً في أمانة صنعاء - ثم حجة - فالحديدة وهذه المناطق يسيطر عليها الحوثيون، وأهم المعوقات هي عدم التعاون، انهيار المنظومة الصحية، انهيار منظومة الإصحاح البيئي (النفايات، عدم دفع رواتب موظفي) ما أدى لتلوث مياه الشرب والآبار، والتلوث بشكل عام مشكلة كبيرة.
من ناحيته، قال محمد الأسعدي إن «اليونيسيف» أسهمت في «إعداد ونشر رسائل تستهدف شرائح محددة من السكان بمن فيهم بائعو الأطعمة المتجولون وبائعو المياه ومُلاّك صهاريج المياه، بالإضافة إلى الأمهات ومقدمي الرعاية لتعزيز ممارسات الوقاية والتعامل الفعال في المنزل مع الحالات، وأضاف: «جرى تنفيذ ما يزيد عن 1651 جلسة وفعالية مجتمعية بما فيها نقاشات المجموعات البؤرية والتجمعات والمهرجانات المجتمعية، وأفلام فيديو قصيرة وعروض مسرح الدمى ولافتات ولوحات إلى جانب جلسات تثقيف صحي وتوعية عن الكوليرا في الأسواق وأماكن عامة أخرى. ويجري حالياً الإعداد لفلاشات فيديو جديدة تركز على طرق الكلورة السليمة في الأسرَّة والرعاية والتعامل المنزلي المناسب مع حالات الكوليرا»، مشيراً إلى استمرار تسع محطات إذاعة وخمس محطات تلفزيون في بث فلاشات وبرامج عن الكوليرا تغطي ما يقرب من 5 ملايين مستمع ومشاهد.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.