سلطات الجزائر تحذر المواطنين من تبعات الأزمة المالية

نتيجة انخفاض مداخيل بيع النفط والغاز إلى النصف خلال 3 سنوات

غلاء الأسعار شبح يؤرق معظم الأسر الجزائرية بحلول رمضان (أ.ب)
غلاء الأسعار شبح يؤرق معظم الأسر الجزائرية بحلول رمضان (أ.ب)
TT

سلطات الجزائر تحذر المواطنين من تبعات الأزمة المالية

غلاء الأسعار شبح يؤرق معظم الأسر الجزائرية بحلول رمضان (أ.ب)
غلاء الأسعار شبح يؤرق معظم الأسر الجزائرية بحلول رمضان (أ.ب)

دعا وزير الدولة الجزائري أحمد أويحي سكان البلاد إلى الاستعداد لمواجهة سنوات صعبة بسبب الأزمة المالية الحادة الناجمة عن انخفاض مداخيل بيع النفط والغاز إلى النصف تقريباً خلال 3 سنوات، وانتقد تسيير الحكومة للشأن العام، وحثها على «محاربة الشعبوية والديماغوجية، وعلى إطلاق إصلاحات دون تضييع مزيد من الوقت».
وقال أويحي أمس بالعاصمة خلال اجتماع لكوادر حزب «التجمع الوطني الديمقراطي» الذي يرأسه، إن الجزائر «مطالبة بخوض معركة لتنتصر على الأزمة المالية وتبني اقتصاد متنوع، يسمح بالاستجابة لساكنة تعدادها 40 مليوناً تزيد كل عام بمليون»، مشيراً إلى أن الأزمة «تستوقف كل الفاعلين السياسيين والنقابيين وأرباب العمل للتحلي بالهدوء، وانتهاج الحوار للتوصل إلى إجماع وطني اقتصادي واجتماعي».
ومنذ بدء الأزمة عام 2014، أكثرت الحكومة من الوعود والاقتراحات للخروج من مشكلة انخفاض سعر النفط، لكن لا شيء في الميدان تحقق، وقد تم تشكيل حكومة جديدة في 25 من الشهر الماضي بهدف إعطاء نفس جديد في التسيير، غير أن أكبر عقبة تقف في طريق رئيس الوزراء الجديد عبد المجيد تبون، تتمثل في مصادر تمويل موازنة الدولة، التي تعتمد بشكل كامل على إيرادات النفط والغاز، والتي تعد الممول الرئيسي لمشاريع التنمية.
ولاحظ متتبعون أن أعضاء الحكومة الجدد لا يملكون خبرة في التسيير، وليسوا من أصحاب كفاءات في الميدان الاقتصادي، وبالتالي لا يعول عليهم، حسبهم، في إبعاد البلاد من دائرة الخطر. وفي حال بقيت أسعار النفط متدنية، فسوف تعجز الحكومة عن صرف أجور ملايين الموظفين بحلول عام 2019.
وأعلن أويحي عزم الدولة المحافظة على سياسة الدعم الاجتماعي، التي حددت قيمتها بـ18 مليار دولار في موازنة 2017، رغم حدة الأزمة. وتتمثل هذه السياسة في تمويل مشاريع السكن، وتوفير العلاج والتعليم مجاناً، ودعم أسعار المواد الغذائية ذات الاستهلاك الواسع، كالدقيق والحليب.
ودفعت الأزمة بالحكومة إلى وقف استيراد السيارات والدواء بشكل كامل، زيادة على مواد مصنعة ونصف مصنعة كثيرة، مما جعل السوق المحلية يعاني من ندرة.
وبخصوص عزوف الجزائريين الكبير عن انتخابات البرلمان التي جرت في 4 مايو (أيار) الماضي، قال أويحي إن دوافعه «تعكس تذمر الجزائريين من البيروقراطية التي تعد سبب مشكلاتهم اليومية، ومن تغيب النواب عن جلسات البرلمان»، في إشارة إلى ظاهرة سلبية ميزت نشاط البرلمان في السنوات الماضية، تمثلت في عزوف النواب عن حضور اجتماعاته.
وصوت في الانتخابات 35 في المائة فقط من المسجلين باللائحة الانتخابية، وعد ذلك بمثابة انعدام ثقة من جانب الجزائريين في نزاهة الاقتراع، الذي أفرز سيطرة واسعة للأحزاب الموالية للسلطة، وأهمها «التجمع الوطني» (100 مقعد).
وهاجم أويحي، ضمناً، أحزاباً معارضة قاطعت الانتخابات، بقوله: «عكس ما تدعيه بعض الأصوات التي تزرع البلبلة، فإن ضعف تصويت الناخبين لا ينقص من شرعية البرلمان. فكثير من برلمانات دول أوروبا جاء نتيجة لنسبة تصويت لم تتعدّ 40 في المائة، بما في ذلك البرلمان الأوروبي»، وأضاف مهوناً من وطأة الأزمة: «لقد تمكنت الجزائر تحت القيادة الرشيدة للرئيس عبد العزيز بوتفليقة من إحراز تطورات كبيرة في شتى مجالات التنمية، سواء تعلق الأمر بملايين السكنات الموزعة على مستحقيها، وملايين مناصب الشغل المستحدثة وبناء آلاف المؤسسات التعليمية والاجتماعية والرياضية».
وحذر أويحي مما سماه «حزام ناري على حدود الجزائر»، وقال إنه «إذا تمكنت الجزائر على الصعيد الداخلي من تدمير فلول الإرهاب، فهي اليوم معرضة في حدودها مع بعض البلدان المجاورة إلى بؤر أزمات خطيرة بفعل وجود شبكات، يقودها إرهابيون وتجار مخدرات وأسلحة حربية، تم تسريب كميات كبيرة منها إلى ترابنا».



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.