جنود أميركيون على جبهات الرقة الشمالية والغربية

عناصر «حزب الله» ومجموعات «النمر» يتوغلون في الريف الغربي للمدينة

جنود أميركيون على جبهات الرقة الشمالية والغربية
TT

جنود أميركيون على جبهات الرقة الشمالية والغربية

جنود أميركيون على جبهات الرقة الشمالية والغربية

تتقدم «قوات سوريا الديمقراطية» المدعومة من التحالف الدولي لمحاربة الإرهاب ببطء داخل مدينة الرقة عاصمة ومعقل تنظيم داعش في الشمال السوري، نتيجة اعتماد عناصر التنظيم المتطرف وبشكل أساسي على القناصة والألغام للتصدي للقوات المهاجمة. ولفت في الساعات الماضية دخول قوات برية تابعة للتحالف الدولي إلى خط المعركة البرية بعدما كانت مشاركته فيها تقتصر وبشكل أساسي على الدعم الجوي.
وفي حين أفادت مصادر ميدانية في الرقة لـ«الشرق الأوسط»، بأن جنودا أميركيين يقاتلون إلى جانب «قسد»، «لكنّهم لا يتمركزون بالخطوط الأمامية إنما بالخط الثاني والثالث»، قال مدير «المرصد السوري لحقوق الإنسان»، رامي عبد الرحمن، لـ«الشرق الأوسط»، إن المئات من قوات التحالف باتت في الرقة وتشارك في العمليات القتالية إلى جانب «قسد» كما في القصف، وقد رُصد وجودها على الجبهتين الشمالية والغربية. وتحدث عن اشتباكات تدور بين «قوات سوريا الديمقراطية» والقوات الخاصة الأميركية من جانب، وتنظيم داعش من جانب آخر، على محاور في محيط الفرقة «17» وداخل حرمها، وفي الجهة الغربية لمدينة الرقة، عند الأطراف الغربية لمنطقة هرقل وفي محيط منطقة جزرة الواقعة قرب نهر الفرات أيضا في الغرب.
ويدعم التحالف الدولي «قسد» عادة بالتسليح والغارات الجوية والمستشارين العسكريين على الأرض، كما نفذ الطرفان عمليات إنزال مشتركة في الأشهر الماضية في الشمال السوري.
ويوجد نحو 500 عسكري أميركي، بينهم عناصر من القوات الخاصة الأميركية، في أكثر من قاعدة عسكرية أنشأتها واشنطن مؤخرا في مناطق خاضعة لسيطرة وحدات الحماية الكردية.
وتُوجه انتقادات كثيرة إلى الولايات المتحدة الأميركية إن كان من المعارضة السورية أو أنقرة، لدعمها المطلق لهذه الوحدات التي تحتل برأيهم مناطق ذات أكثرية عربية وتحاول ضمها إلى «كونتون كردي» تسعى له في الشمال السوري، لذلك سعت واشنطن أخيرا لتطعيم «قسد» بمقاتلين عرب. وقالت هذه القوات، يوم أمس، إن «المقاتلين العرب في صفوف (قسد) من الأوائل الذين يدخلون مدينة الرقة ويقتحمونها من الجهة الشرقية»، بإشارة إلى «قوات النخبة» التابعة لرئيس تيار «الغد» أحمد الجربا.
وقالت مصادر قيادية كردية، إن «قوات سوريا الديمقراطية» لا تزال تتقدم داخل مدينة الرقة «وإن كان ببطء نتيجة استخدام (داعش) وبكثرة للألغام والقناصة»، لافتة في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إلى أن التقدم يتركز وبشكل أساسي في الجبهة الشرقية، حيث تمت السيطرة على القسم الأكبر من حي المشلب كما في الجبهة الغربية، حيث تمت السيطرة على قلعة هرقل.
ونقل مراسل وكالة الصحافة الفرنسية، الذي دخل أول من أمس الأربعاء إلى الرقة برفقة «قسد»، بعضا من مشاهداته داخل حي المشلب، وتحدث عن «معارك عنيفة يتخللها قصف لتنظيم داعش بقذائف الهاون ضد القوات المتقدمة التي سيطرت على أجزاء من الحي بعد تلقيها دعم كثيف من طائرات التحالف». وأضاف: «تسلح عناصر (قوات سوريا الديمقراطية) بالسلاح الخفيف، بينها بنادق كلاشنيكوف وكانوا يقصفون بدورهم بالهاون مواقع المقاتلين الذين أرسلوا طائرات مسيرة لإلقاء قنابل وإعاقة تقدم خصومهم». وأشار المراسل إلى أنه شاهد في منطقة صحراوية شرق الرقة عربات مصفحة تابعة للتحالف الدولي تحمل على متنها أسلحة ثقيلة، وتمت تغطيتها بأقمشة عسكرية، لافتا إلى أن قياديين وقياديات من «قسد» اتخذوا من سطح أحد المنازل مقرا لهم لمراقبة سير العملية، مستعينين بألواح إلكترونية لتحديد مواقع عناصر «داعش» على الخريطة.
ووفق الوكالة، فإن «قسد» لم تسمح للصحافيين يوم أمس الخميس بالعودة إلى المدينة بسبب المعارك العنيفة التي تدور فيها. وأكد المرصد استمرار المعارك في حي المشلب، مشيرا إلى أن «قوات سوريا الديمقراطية» تسيطر حاليا على 70 في المائة منه وتبعد نحو 400 متر من حي الصناعة المجاور. وأوضح المرصد أن «داعش» «أفرغ حي المشلب من السكان» ليتيح أمام مقاتليه حفر خنادق وأنفاق داخله.
ولا يزال أكثر من 160 ألف مدني محاصرين داخل الرقة بحيث يتخذهم التنظيم المتطرف دروعا بشرية. ووصف أبو محمد الرقاوي، الناشط في حملة «الرقة تذبح بصمت» الوضع الإنساني داخل المدينة بـ«السيئ جدا»، لافتا في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إلى أن المدنيين غير قادرين على الهرب نتيجة القصف العنيف والألغام المنتشرة بكثرة. وأضاف: «كما أن فقدان المواد الغذائية والمحروقات يجعل ظروفهم مأساوية».
وبالتزامن مع احتدام المعارك داخل الرقة، تجددت الاشتباكات بين عناصر «داعش» من جهة وعناصر «حزب الله» ومجموعات يقودها العميد في قوات النظام سهيل الحسن، الملقب بـ«النمر» على المحاور الواقعة على الحدود الإدارية لمحافظة الرقة مع محافظة حلب، حيث تترافق الاشتباكات، وفق المرصد، مع ضربات جوية لطائرات يُرجح أنها روسية وقصف لقوات النظام استهدف مناطق سيطرة «داعش» في أقصى الريف الغربي للرقة. وتسعى القوات المهاجمة للتقدم والتوغل داخل الريف الغربي لمحافظة الرقة، والوصول إلى بلدة دبسي عفنان. من جهتها، أفادت وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا) أمس الخميس، بأن «الطيران السوري قصف مواقع المقاتلين في ريف الرقة الغربي».
في هذا الوقت، نبّهت وكالة «آرا نيوز» بأن «ريف حلب الشرقي يشهد تحركات عسكرية تنذر بانفجار وشيك بين قوات المعارضة والنظام و(قسد) في ظل عمليات جس النبض التي من الممكن أن تتحول إلى معارك مفتوحة في أي لحظة بين هذه الأطراف المذكورة»، وأشارت إلى أن المعارك العنيفة تجددت يوم أمس بين «قوات سوريا الديمقراطية» وفصائل المعارضة المسلحة المتمركزة بريف حلب الشمالي، «عقب محاولة (قسد) التسلل إلى مواقعها». ونقلت الوكالة عن أبو إياد، أحد مقاتلي المعارضة المسلحة بريف حلب الشمالي، أن «معارك عنيفة دارت بين فصائل المعارضة المسلحة و(قوات سوريا الديمقراطية) على عدة محاور شمال غربي مدينة أعزاز، حيث حاولت مجموعة من (قسد) التسلل نحو مواقع المعارضة قرب حاجز الشط بمدخل مدينة أعزاز الغربي، وتصدى مقاتلو المعارضة لهذا الهجوم ما تسبب بمقتل عنصرين وإصابة ثمانية آخرين وفرار من تبقى من المجموعة المهاجمة».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».