لبنان: قانون الانتخاب عالق في «دائرة التفاصيل»

«حزب الله»: التعديلات الدستورية غير واردة

الرئيس اللبناني ميشال عون التقى أمس في قصر بعبدا الرئيس اللبناني السابق ميشال سليمان بحضور حرميهما (دالاتي ونهرا)
الرئيس اللبناني ميشال عون التقى أمس في قصر بعبدا الرئيس اللبناني السابق ميشال سليمان بحضور حرميهما (دالاتي ونهرا)
TT

لبنان: قانون الانتخاب عالق في «دائرة التفاصيل»

الرئيس اللبناني ميشال عون التقى أمس في قصر بعبدا الرئيس اللبناني السابق ميشال سليمان بحضور حرميهما (دالاتي ونهرا)
الرئيس اللبناني ميشال عون التقى أمس في قصر بعبدا الرئيس اللبناني السابق ميشال سليمان بحضور حرميهما (دالاتي ونهرا)

مع بدء العد العكسي لموعد جلسة البرلمان اللبناني التي دعا إليها رئيس المجلس النيابي نبيه بري في 12 من شهر يونيو (حزيران) الحالي، لا تزال التفاصيل الانتخابية تعيق التوصل إلى قانون انتخابي جديد. ورغم الأجواء الإيجابية التي يحاول معظم الأفرقاء الإيحاء بها، فإن «حزب الله» لمح على لسان النائب نواف الموسوي إلى تحميل حليفه «التيار الوطني الحر»، مسؤولية العرقلة، من دون أن يسميه.
وأكد الموسوي أن الوقت الآن غير ملائم لطرح تعديلات دستورية. وسأل: لماذا تعديلات بعينها دون أخرى؟ وكيف إذا كانت هذه التعديلات تعني تعديلا في اتفاق الطائف نفسه؟ وأضاف: «إذا كان هناك من يرى ضرورة لتعديلات دستورية أليس من الأولى أن يتولى هذا الأمر مجلس نيابي منتخب على أساس قانون انتخابي عادل ألا وهو قانون النسبية؟».
ورفض النائب في تكتل «التغيير والإصلاح»، زياد أسود، تحميل «الوطني الحر» مسؤولية التعطيل، قائلا: «التهمة مردودة والأفعال كذلك، واتهامنا بالتعطيل هو تجن». وقال في تصريح لـ«الشرق الأوسط»: «نحن لا نطرح تعديلات دستورية بل تصحيح آلية تطبيق الطائف الذي لم يحترم على مدى السنوات الماضية، وكان هناك قفز على النصوص الدستورية»، مضيفا: «ما نطالب به ليس إلا تثبيت التوازن والمناصفة وقانونا انتخابيا عادلا يعكس صحة التمثيل ويعطي حقوقا للجميع».
ورغم تأكيده أن «الوطني الحر» متمسك بمطالبه، رأى أسود «أنه لا يزال هناك الوقت للتوصل إلى قانون للانتخابات»، قائلا: «أعتقد أنه لا بد من الإسراع في التوصل إلى قانون للانتخابات تحت وطأة المسؤولية الوطنية التي يتحملها الجميع دون استثناء».
مع العلم، أنه وإضافة إلى تمسّك «الوطني الحر» بتثبيت المناصفة في مجلس النواب بين المسلمين والمسيحيين في القانون الجديد حتى بعد إنشاء مجلس الشيوخ، وهو ما يعتبره بعض الأفرقاء تعديلا دستوريا مرفوضا، كان النائب إبراهيم كنعان قد حدّد الإصلاحات التي يطالب بها «الوطني الحر» بـ«الـ15 دائرة» والصوت التفضيلي على أساس القضاء، وألا تقل النسبة المحددة في عتبة التمثيل عن 40 في المائة. كما أشارت معلومات إلى تعديلات إضافية يطالب بها «الوطني الحر»، ولم تكن مدرجة في الاتفاق الأولي الذي تم التوصل إليه والذي يرتكز على الصيغة النسبية وفق 15 دائرة، وهي تمثيل المغتربين بستة نواب والسماح للعسكريين بالاقتراع.
وفي اليوم الأول للدورة الاستثنائية التي حددها رئيس الجمهورية ميشال عون من 7 إلى 20 يونيو (حزيران) الحالي، أكّد عون يوم أمس، «ضرورة إنجاز القانون وتذليل ما تبقى من عقبات». وشدد في الاتصالات التي أجراها واللقاءات التي عقدها بحسب بيان مكتبه الإعلامي، على «ضرورة تقريب وجهات النظر بين الأطراف اللبنانيين وتذليل العقبات، حتى يأتي القانون الجديد معبّرا عن تطلعات اللبنانيين وآمالهم بقانون عصري يعكس تمثيلا حقيقيا لمكونات المجتمع اللبناني، بحيث تتحقق من خلاله العدالة والتوازن».
وفي الجلسة الأولى للحكومة بعد الإعلان عن «شبه التوصل إلى اتفاق» في «إفطار القصر الجمهوري» الأسبوع الماضي، قال الحريري الذي افتتح الجلسة بالحديث عن القانون الانتخابي، مشيرا إلى «أن هناك بعض التفاصيل قيد البحث، والاجتماعات مستعجلة وعاجلة لإقراره بأسرع وقت ممكن»، بحسب ما أعلن وزير الإعلام ملحم رياشي.
وكان مدير مكتب رئيس الحكومة نادر الحريري، أعلن أن «الاجتماع الذي عقد مساء أول من أمس (الثلاثاء) في بيت الوسط وضم نائب رئيس حزب (القوات اللبنانية) النائب جورج عدوان، ووزير الخارجية جبران باسيل، ووزير المال علي حسن خليل، والمعاون السياسي للأمين العام لـ(حزب الله) حسين الخليل، كان جيدا ومطولا، وتم خلاله تذليل كثير من العقبات»، لافتا إلى «أن مقاعد المغتربين وعتبة المرشح هي العوائق الأساسية التي يتم العمل عليها».
وفي حين لا تشير المعطيات إلى إمكانية عقد جلسة قريبة للحكومة بشأن قانون الانتخابات، غادر الحريري أمس إلى المملكة العربية السعودية لأداء مناسك العمرة، في وقت نقلت فيه «وكالة الأنباء المركزية» عن «مصادر متابعة» قولها «إن هناك اتجاها لتقديم عشرة نواب مشروع قانون الانتخاب إلى المجلس النيابي لإقراره، إذا لم ترسله الحكومة، تلافيا للوقوع في محظور المهل التي تنتهي في 19 الحالي».
من جهته، شدّد رئيس مجلس النواب نبيه بري «على ضرورة الإسراع في إنجاز قانون الانتخاب»، مؤكدا «وجوب التوافق عليه وإقراره بمادة وحيدة في مجلس النواب». ونقل النواب عنه قوله «إن المنطقة تشهد تطورات خطيرة غير مسبوقة مما يفرض على الجميع في لبنان أن يكونوا على قدر من المسؤولية الوطنية لتحصين لبنان وإنجاز الاستحقاقات الداخلية وفي مقدمها قانون الانتخاب»، مستغربا «العقد التي يتم وضعها في طريق قانون الانتخاب، خصوصا أن في لقائه مع عون رئيس الحكومة سعد الحريري أنجز الاتفاق في خمس دقائق»، سائلا عن الهدف من ذلك؟ وخلال اللقاء، عرض الرئيس بري بالوثائق تفاصيل موقفه وما كان قد طرحه سابقا حول مجلس الشيوخ والمناصفة بدءا من لقاء الفاتيكان مع البطريرك الماروني بشارة الراعي، إلى طاولتي الحوار في عين التينة وفي طرحه الانتخابي الأخير.



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.