القرارات العربية ضد قطر تزيد الضغوط على «حماس» و«تريح» السلطة

الحركة تلتزم الصمت وتخشى أن تطلب الدوحة منها إعلان موقف

أمير قطر يسير مع رئيس المكتب السياسي السابق لحماس خالد مشعل في الدوحة (}غيتي})
أمير قطر يسير مع رئيس المكتب السياسي السابق لحماس خالد مشعل في الدوحة (}غيتي})
TT

القرارات العربية ضد قطر تزيد الضغوط على «حماس» و«تريح» السلطة

أمير قطر يسير مع رئيس المكتب السياسي السابق لحماس خالد مشعل في الدوحة (}غيتي})
أمير قطر يسير مع رئيس المكتب السياسي السابق لحماس خالد مشعل في الدوحة (}غيتي})

تزيد القرارات العربية ضد قطر من حجم الضغوط على حركة حماس التي تحكم قطاع غزة، بعدما بدأت الدوحة في تضييق الخناق ضد الحركة الإسلامي، في محاولة لتجنب الانتقادات العربية والغربية الكثيرة ضدها، حول دعم جماعة الإخوان المسلمين.
وتخشى حركة حماس من أن تدفع ثمن المصالحات القطرية العربية اللاحقة، خصوصاً أن دعم الإخوان كان من بين أسباب رئيسية سيقت في بيان الدول المقاطعة.
وقد تسرب القلق إلى صفوف «حماس» منذ فترة غير بعيدة، حين لاحظت تغييرات في حجم الدعم القطري السياسي، وزاد قلقها كثيرا، بعدما طلبت قطر منها رسميا، عدم استخدام أراضيها في توجيه أي عمل ضد إسرائيل.
وكانت «الشرق الأوسط» كشفت الأحد الماضي، أن قطر طلبت من «حماس» عدم استخدام أراضيها بأي شكل لتوجيه أي نشاط ضد إسرائيل. وبحسب المصادر، فإن مسؤولا كبيرا في قطر، أبلغ قيادة «حماس» بأن عليهم تفهم التطورات السياسية في المنطقة.
وجاء القرار بعد فترة وجيزة من هجوم شنه الرئيس الأميركي دونالد ترمب على «حماس»، واصفا إياها بالإرهابية، ومنتقدا كل من يقدم غطاء لمنظمة إرهابية.
وأكدت المصادر أن هذا الطلب، لم يكن مفاجئا لحماس التي تلقت طلبا مماثلا له من تركيا، قبل أكثر من عام، عندما ركزت إسرائيل حملة إعلامية ضد القيادي في الحركة صالح العاروري بعد اتهامه بتوجيه أنشطة ضد إسرائيل انطلاقا من الضفة الغربية، ما اضطر تركيا إلى طلب مغادرته أراضيها.
ولم يتضح بعد إذا ما كان العاروري الذي نجح في الانتخابات الأخيرة عضوا في المكتب السياسي للحركة، ويسكن في قطر، سيعود إليها بعدما غادرها.
وأكدت مصادر فلسطينية وإسرائيلية أمس، على أن العاروري ومعه مسؤول آخر يدعى موسى دودين، قد طردا من قطر، لكن حماس تصر على النفي كذلك.
ولم تعقب حماس على القرار العربي ضد قطر، والتزمت الصمت بشكل تام. لكن مقربين منها، أبدوا تعاطفا ليس مباشرا. وكتب المحلل السياسي مصطفى الصواف، المحسوب على «حماس»: «لم يبق إلا محمود عباس ليعلن قطع العلاقات مع قطر وإغلاق المجال البحري والجوي في وجهها».
وقالت مصادر مطلعة لـ«الشرق الأوسط» إن «الحركة لا تريد التورط أكثر. لا تستطيع إغضاب قطر ولا تريد أن تخسر الدول الأخرى».
لكن المصادر حذرت من أن الحركة ستصبح في موقف لا تحسد عليه، إذا طلبت منها قطر إصدار موقف.
وأضافت: «تخشى حماس من أن تطلب منها قطر إصدار موقف، سيكون عليها حينها أن تخسر إما قطر أو مصر التي يزورها الآن وفد من حماس، يسعى إلى تحسين العلاقات معها». وتحاول حماس تطوير العلاقة مع مصر ومع إيران، في الفترة الأخيرة، بعد انتخاب مكتب سياسي جديد للحركة. لكنها تدرك أن إقامتها في إيران أو مصر تبدو خيارين صعبين ومعقدين؛ فالإقامة في طهران ستفقدها أي دعم رسمي عربي وأي رصيد شعبي سني. أما الإقامة في مصر فتبدو مستبعدة بحكم العداء الكبير بين النظام المصري والإخوان.
وحمل وضع «حماس» المعقد، بعض خصومها السياسيين، على توجيه أسئلة محرجة للحركة. وكتب اللواء عدنان الضميري، مفوض التوجيه السياسي في السلطة الفلسطينية، على «فيسبوك»: «لم نسمع رأي أو موقف لقيادة حماس حول قطع علاقات مصر والسعودية والإمارات والبحرين مع قطر (...) هل ستخرج حماس من قطر كخروجها من سوريا... حماس لا صوت ولا حس ولا خبر إزاء ما يجري... انتهت مرحلة. قناة الجزيرة لم تعد تصدح إلا بأسماء وصور الفارين من بلادهم، أو الإخوان ومشتقاتهم».
وبخلاف «حماس»، لا تشعر السلطة الفلسطينية بأي قلق تجاه الخطوات العربية. وعلى الرغم من التزامها الصمت التام، حتى الآن، حفاظا على أوضاع الجاليات الفلسطينية في الدول العربية، فإن ثمة ارتياحا في رام الله، يشي بأمل أن تتوقف قطر عن دعم حماس الذي تعتقد السلطة أنه يعزز الانقسام.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».