الأمم المتحدة تتهم ألمانيا بالتقصير في دعم الطلاب المهاجرين

دراسة: من أهم أسباب إخفاقهم الشعور بـ«العزلة الاجتماعية»

طلاب لاجئون يتلقون دروساً لتقوية لغتهم الألمانية
طلاب لاجئون يتلقون دروساً لتقوية لغتهم الألمانية
TT

الأمم المتحدة تتهم ألمانيا بالتقصير في دعم الطلاب المهاجرين

طلاب لاجئون يتلقون دروساً لتقوية لغتهم الألمانية
طلاب لاجئون يتلقون دروساً لتقوية لغتهم الألمانية

منذ سنوات ومنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية التابعة للأمم المتحدة تصنف ألمانيا في ذيل قائمة البلدان التي تقدم أفضل رعاية لأطفال المهاجرين في المدارس. وليست هذه الحال أفضل اليوم رغم التوصيات الكثيرة التي تطلقها وزارات التعليم في الولايات الألمانية.
ويبدو أن أطفال المهاجرين يحملون هذا الإخفاق معهم إلى الجامعات والمعاهد أيضاً. وبينما يعيد بعض المشرفين الحالة إلى ضعف اللغة، باعتبارها أداة النجاح والاندماج الأولى في المجتمع، يشير باحثون آخرون إلى الأحكام المسبقة التي يطلقها الكادر التعليمي حول أبناء المهاجرين.
وكانت دائرة حماية الدستور بمدينة كولون الألمانية أصدرت تقريراً يشير إلى أن الشعور بالمهانة وتجارب التفرقة والفشل تنتشر بوضوح بين الجيلين الثاني والثالث من أبناء المهاجرين في ألمانيا.
ويحذر التقرير، الذي يحمل عنوان «الاندماج كوقاية من التطرف والإرهاب»، من أن تؤدي هذه المشاعر إلى «الغضب والإحباط وحتى الكراهية في المجتمع الألماني».
وكشفت دراسة حديثة، عن أن الطلاب المنحدرين من أصول مهاجرة والأجانب في ألمانيا يخفقون كثيراً في الجامعات الألمانية بسبب عوائق لغوية ودراسية ومالية.
وجاء في الدراسة التي نشرت نتائجها الأربعاء الماضي، أن معدل المتسربين في هذه الفئة، التي يبلغ عددها أكثر من 700 ألف شخص، وصل في المتوسط إلى 41 في المائة، ليزيد بشكل واضح عن معدل المتسربين بين الطلاب الألمان غير المنحدرين من أصول أجنبية (نحو28 في المائة).
وأوصى مجلس خبراء المؤسسات الألمانية للاندماج والهجرة (إس في آر)، الذي أجرى الدراسة، الجامعات بأن تراعي في عروضها العوائق التي يواجهها هؤلاء الطلاب، مضيفة أن إدخال مرحلة تمهيدية في الهيكل الدراسي من الممكن أن يساعد هؤلاء الطلاب في تخطي العواقب.
وجاء في الدراسة أن نحو 25 في المائة من إجمالي نحو 2.8 مليون طالب في ألمانيا من المهاجرين، من بينهم نحو 480 ألف طالب منحدرون من أصول مهاجرة من الحاملين أو غير الحاملين للجنسية الألمانية، بينما يبلغ عدد الطلاب الدوليين 252 ألف طالب.
وكتب القائمون على الدراسة: أنها «أظهرت أن طلاب كلتا الفئتين يحققون نجاحاً أقل من نظرائهم غير المنحدرين من أصول مهاجرة. ظهر أيضاً أن طلاب الفئتين يحققون في الغالب نتائج أسوأ في الاختبارات، وكثيرا ما يتوقفون عن الدراسة».
وأشارت الدراسة إلى أن من بين أسباب هذا الإخفاق الشعور بـ«العزلة الاجتماعية»، بالإضافة إلى الصعوبة التي يواجهها المهاجرون في الاعتياد على الثقافة الدراسية والتعليمية غير المعروفة لديهم.
وتأتي نتائج دراسة «إس في آر» استكمالاً لدراسة لوزارة التعليم الألمانية ومؤسسة «ميركاتور» لرصد حجم ودوافع التسرب الدراسي في الجامعات الألمانية، وهي أكبر دراسة من نوعها تجرى على مستوى ألمانيا حتى الآن.
ومعروف أن نسبة من يصل من أبناء المهاجرين إلى الجامعات والمعاهد صغيرة أيضا بحكم ضعف نسبتهم في المدارس الإعدادية. وترتفع نسبة أبناء المهاجرين بين المدارس المهنية بشكل ظاهر، وتتهم الأمم المتحدة ألمانيا بالتقصير تجاههم.
وكانت منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية التابعة للأمم المتحدة أثارت جدلاً حامياً في ألمانيا بعد أن اتهمتها بالعجز عن دمج أطفال المهاجرين في المجتمع الألماني. إذ لاحظت المنظمة الدولية، التي قارنت أوضاع التلاميذ الأجانب في 17 دولة، أن المدارس الألمانية ترسل التلاميذ الأجانب إلى مدارس الإعداد المهني دون تمحيص في مستوياتهم وقابلياتهم. وينقل من المدارس الإعدادية (التي تضم عادة التلاميذ المهيئين لمواصلة الدراسة في الجامعات والمعاهد العليا) إلى مدارس الإعداد المهني كل التلاميذ من ذوي المستويات الدراسية المتدنية بغية إعدادهم لدخول المعاهد المهنية. ومعروف أن أبناء المهاجرين، وخصوصاً أبناء الأتراك، يشكلون نسبة عالية من تلاميذ مدارس الإعداد المهني.
وتخلص الدراسة إلى أن اللغة لا تلعب الدور الأساسي في تدني مستويات التلاميذ الأجانب، وخصوصاً الذين يصلون إلى ألمانيا بعمر يزيد على 6 سنوات؛ إذ قدرت الدراسة أن 25 في المائة من أبناء المهاجرين من الجيل الأول (الذين لم يولدوا في ألمانيا)، من عمر 15 سنة، لا يعرفون القواعد الأساسية للرياضيات، وترتفع هذه النسبة إلى 40 في المائة بين أبناء المهاجرين من الجيل الثاني (الذين ولدوا في ألمانيا). وعموماً، فإن الفرق بين مستوى التلاميذ الألمان والتلاميذ من أبناء المهاجرين (وخصوصا أبناء الأتراك) يبلغ في الرياضيات نحو 3 سنوات دراسية، في حين أن هذا الفرق غير ملحوظ في كندا ونيوزيلندا وأستراليا. وتضم قائمة الدول التي شملتها المقارنة فرنسا وبلجيكا وهولندا والولايات المتحدة أيضا.
وفي ضوء هذا الانتقاد، طالبت وزارة التربية والتعليم الألمانية بمنح أولاد الأجانب فرصاً أكبر في الوصول إلى الجامعات والمعاهد العليا. وأوصت الوزارة بضرورة منح أولوية لبرامج تقوية لغة الأجانب وتحسين اندماج أولاد المهاجرين بالمجتمع الألماني. وفي حين أكد متحدث باسم نقابة المعلمين أن نتائج الدراسة لم تفاجئه، قالت رجينة شفارزهوف، من وزارة التربية في ولاية الراين الشمالي فيسفتاليا: إن المدارس تواجه صعوبة في التأثير على أولاد المهاجرين؛ لأنها أساساً تجد صعوبة في التأثير على أهالي التلاميذ ودفعهم، كمثل، للتحدث في البيت باللغة الألمانية.
من جانبه، ذكر عالم اللغات الألمانية بيتر سلبرناغل، أن كل شيء يتعلق باللغة؛ لأن من لا يفهم اللغة الألمانية لن يفهم الرياضيات والتاريخ أيضاً. وطالب العالم بفتح حوار مع أهالي التلاميذ الأجانب في اجتماعات الآباء والمعلمين. وعارضه في الرأي الباحث أندرياس ماير - لاوبر، من جمعية التربية والعلوم، الذي قال إن اللغة ليست العامل الحاسم في الأمر. وطالب ماير - لاوبر بالحرص على تعليم التلاميذ الأجانب لغاتهم الأم إلى جانب اللغة الألمانية.



كلية الطب في بيروت... 150 عاماً من النجاحات

كلية الطب في بيروت... 150 عاماً من النجاحات
TT

كلية الطب في بيروت... 150 عاماً من النجاحات

كلية الطب في بيروت... 150 عاماً من النجاحات

التحدث عن كلية الطب في «الجامعة الأميركية» وما حققته من إنجازات وتطورات منذ تأسيسها عام 1867 لا يمكن تلخيصه بمقال؛ فهذه الكلية التي تحتل اليوم المركز الأول في عالم الطب والأبحاث في العالم العربي والمرتبة 250 بين دول العالم بالاعتماد على QS Ranking، استطاعت أن تسبق زمنها من خلال رؤيا مستقبلية وضعها القيمون عليها، وفي مقدمتهم الدكتور محمد صايغ نائب الرئيس التنفيذي لشؤون الطب والاستراتيجية الدولية وعميد كلية الطب في الجامعة الأميركية، الذي أطلق في عام 2010 «رؤيا (2020)»، وهي بمثابة خطة طموحة أسهمت في نقل الكلية والمركز الطبي إلى المقدمة ووضعهما في المركز الأول على مستوى المنطقة.

رؤية 2025

اليوم ومع مرور 150 عاماً على تأسيسها (احتفلت به أخيراً) ما زالت كلية الطب في «الجامعة الأميركية» تسابق عصرها من خلال إنجازات قيمة تعمل على تحقيقها بين اليوم والغد خوّلتها منافسة جامعات عالمية كـ«هارفرد» و«هوبكينز» وغيرهما. وقد وضعت الجامعة رؤيا جديدة لها منذ يوليو (تموز) في عام 2017 حملت عنوان «رؤية 2025»، وهي لا تقتصر فقط على تحسين مجالات التعليم والطبابة والتمريض بل تطال أيضاً الناحية الإنسانية.
«هي خطة بدأنا في تحقيقها أخيراً بحيث نستبق العلاج قبل وقوع المريض في براثن المرض، وبذلك نستطيع أن نؤمن صحة مجتمع بأكمله». يقول الدكتور محمد صايغ. ويضيف خلال حديثه لـ«الشرق الأوسط»: «لا نريد أن ننتظر وصول وفود المرضى إلى مركزنا الطبي كي نهتم بهم، بل إننا نعنى بتوعية المريض قبل إصابته بالمرض وحمايته منه من خلال حملات توعوية تطال جميع شرائح المجتمع. كما أننا نطمح إلى إيصال هذه الخطة إلى خارج لبنان لنغطي أكبر مساحات ممكنة من مجتمعنا العربي».
تأسَّسَت كلية الطب في الجامعة الأميركية في بيروت عام 1867، وتعمل وفقاً لميثاق صادر من ولاية نيويورك بالولايات المتحدة الأميركية، ويقوم على إدارتها مجلس أمناء خاص ومستقل.
وتسعى الكلية لإيجاد الفرص التي تمكن طلبتها من تنمية روح المبادرة، وتطوير قدراتهم الإبداعية واكتساب مهارات القيادة المهنية، وذلك من خلال المشاركة في الندوات العلمية والتطبيقات الكلينيكية العملية مما يُسهِم في تعليم وتدريب وتخريج أطباء اختصاصيين.
وملحَق بكلية الطب في الجامعة الأميركية في بيروت مركز طبي يضم أقساماً للأمراض الباطنية والجراحة والأطفال وأمراض النساء والتوليد ‏والطب النفسي. كما يقدم المركز الطبي خدمات الرعاية الصحية المتكاملة في كثير من مجالات الاختصاص، وبرامج للتدريب على التمريض وغيرها ‏من المهن المرتبطة بالطب.

اعتمادات دولية

منذ عام 1902، دأب المركز الطبي في الجامعة الأميركية في بيروت على توفير أعلى معايير الرعاية للمرضى في مختلف أنحاء لبنان والمنطقة. وهو أيضاً المركز الطبي التعليمي التابع لكلية الطب في الجامعة الأميركية في بيروت التي درّبت أجيالاً من طلاب الطب وخريجيها المنتشرين في المؤسسات الرائدة في كل أنحاء العالم. المركز الطبي في الجامعة الأميركية في بيروت هو المؤسسة الطبية الوحيدة في الشرق الأوسط التي حازت على خمس شهادات اعتماد دولية وهي JCI)، وMagnet، وCAP، وACGME - I و(JACIE مما يشكّل دليلاً على اعتماد المركز أعلى معايير الرعاية الصحية المتمحورة حول المريض والتمريض وعلم الأمراض والخدمات المخبرية والتعليم الطبي والدراسات العليا. وقد خرَّجَت كلية الطب أكثر من أربعة آلاف طالب وطبيب. وتقدم مدرسة رفيق الحريري للتمريض تعليماً متميزاً للعاملين في مجال التمريض، ويلبي المركز الطبي احتياجات الرعاية الصحية لأكثر من 360 ألف مريض سنوياً.
ويتألف المركز من عدد من مراكز الامتياز كمركز سرطان الأطفال التابع لمستشفى «سانت جود» البحثي في ولايتي ممفيس وتينيسي. كما تتضمن برنامج باسيل لأورام البالغين وفيه وحدة لزرع نخاع العظام، إضافة إلى مراكز طب الأعصاب المختلفة وأمراض القلب والأوعية الدموية ومركز للرعاية الصحية للنساء.
«هناك استثمارات تلامس نحو 400 مليون دولار رصدت من أجل بناء البنية التحتية اللازمة للمركز الطبي مع مشروع افتتاح عدة مبانٍ وأقسام جديدة خاصة بأمراض السرطان وأخرى تتعلق بالأطفال، إضافة إلى نقلة نوعية من خلال زيادة عدد الأسرة لتلبية الحاجات الصحية المختلفة لمرضانا»، كما أوضح د. صايغ في سياق حديثه.

تبرعات للمحتاجين

يعمل المركز الطبي على تأمين العلاج المجاني لأمراض مستعصية من خلال تأسيس صناديق تبرُّع للمحتاجين، هدفها تأمين العلاج لذوي الدخل المحدود. وهي تخصص سنوياً مبلغ 10 ملايين دولار لمساعدة هذه الشريحة من الناس التي تفتقر إلى الإمكانيات المادية اللازمة للعلاج.
وينظم المركز الطبي مؤتمراً سنوياً ودورات وورش عمل (MEMA) تتناول مواضيع مختلفة كطب الصراعات ومواضيع أخرى كصحة المرأة، والصحة العقلية، وعبء السرطان وغسل الكلى أثناء الصراع وتدريب وتثقيف المهنيين الصحيين للتعامل مع تحديات العناية بأفراد المجتمع.
تُعدّ كلية الطب في الجامعة الأميركية السباقة إلى تأمين برنامج تعليمي أكاديمي مباشر لطلابها، بحيث يطبقون ما يدرسونه مباشرة على الأرض في أروقة المركز الطبي التابع لها.
ويرى الدكتور محمد صايغ أن عودة نحو 180 طبيباً لبنانياً عالمياً من خريجيها إلى أحضانها بعد مسيرة غنية لهم في جامعات ومراكز علاج ومستشفيات عالمية هو إنجاز بحد ذاته. «ليس هناك من مؤسسة في لبنان استطاعت أن تقوم بهذا الإنجاز من قبل بحيث أعدنا هذا العدد من الأطباء إلى حرم الكلية وأنا من بينهم، إذ عملت نحو 25 عاماً في جامعة (هارفرد)، ولم أتردد في العودة إلى وطني للمشاركة في نهضته في عالم الطب». يوضح دكتور محمد صايغ لـ«الشرق الأوسط».

رائدة في المنطقة

أبهرت كلية الطب في الجامعة الأميركية العالم بإنجازاتها على الصعيدين التعليمي والعلاجي، ففي عام 1925. تخرجت فيها أول امرأة في علم الصيدلة (سارة ليفي) في العالم العربي، وبعد سنوات قليلة (1931) كان موعدها مع تخريج أول امرأة في عالم الطب (ادما أبو شديد). وبين عامي 1975 و1991 لعبت دوراً أساسياً في معالجة ضحايا الحرب اللبنانية فعالج قسم الطوارئ لديها في ظرف عام واحد (1976 - 1977) أكثر من 8000 جريح. وفي عام 2014 تلقت إحدى أضخم التبرعات المالية (32 مليون دولار) لدعم المركز الطبي فيها وتوسيعه.
كما لمع اسمها في إنجازات طبية كثيرة، لا سيما في أمراض القلب، فكان أحد أطبائها (دكتور إبراهيم داغر) أول من قام بعملية القلب المفتوح في العالم العربي، في عام 1958. وفي عام 2009، أجرت أولى عمليات زرع قلب اصطناعي في لبنان، وفي عام 2017 أحرز فريقها الطبي أول إنجاز من نوعه عربياً في أمراض القلب للأطفال، عندما نجح في زرع قلب طبيعي لطفل.
كما تصدرت المركز الأول عربياً في عالم الطب لثلاث سنوات متتالية (2014 - 2017) وحازت على جوائز كثيرة بينها «الجائزة الدولية في طب الطوارئ» و«جائزة عبد الحميد شومان» عن الأبحاث العربية، و«جائزة حمدان لأفضل كلية طبية في العالم العربي» لدورها في التعليم الطبي لعامي 2001 – 2002.