تل أبيب استثمرت مليارات الدولارات في الاستيطان منذ 1967

صورة تظهر فلسطينيين عائدين إلى قراهم خلال نكبة 48 (غيتي)
صورة تظهر فلسطينيين عائدين إلى قراهم خلال نكبة 48 (غيتي)
TT

تل أبيب استثمرت مليارات الدولارات في الاستيطان منذ 1967

صورة تظهر فلسطينيين عائدين إلى قراهم خلال نكبة 48 (غيتي)
صورة تظهر فلسطينيين عائدين إلى قراهم خلال نكبة 48 (غيتي)

استثمرت الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة مليارات الدولارات لبناء وتوسيع المستوطنات في الضفة الغربية والقدس الشرقية المحتلتين منذ حرب يونيو (حزيران) 1967 وبداية احتلال واستيطان الأراضي الفلسطينية.
ولا يتوفر أي رقم رسمي شامل حول المبالغ التي أنفقت على الاستيطان منذ 1967. ولكن وزارة المالية التي تنشر كل سنة جزءا من المبالغ المستثمرة تحدثت عن إنفاق 3.5 مليارات من 2003 إلى 2015 في الضفة الغربية وحدها. ولا تشمل هذا المبالغ التكلفة الهائلة للبنى التحتية، مثل الطرق الالتفافية المخصصة للمستوطنين، أو التدابير الأمنية المحاطة بالمستوطنات. ولا تأخذ في الاعتبار الاستيطان في القدس الشرقية المحتلة، التي ضمتها إسرائيل واعتبرتها مع القدس الغربية عاصمة أبدية لها، رغم عدم اعتراف المجتمع الدولي بذلك، ولا الاستيطان في قطاع غزة الذي تم تفكيك مستوطناته وإجلاء ثمانية آلاف مستوطن وجندي منه في 2005.
ويقدر روبي ناتانسون، المدير العالم لمنظمة «مركز ماكرو للاقتصاديات السياسية» غير الحكومية التي تنشر تقارير حول الاستيطان، أن إسرائيل استثمرت عشرين مليار دولار على الاستيطان خلال الخمسين عاما الماضية.
ويضيف موضحا أن المساحة الكلية للأبنية الاستيطانية في الضفة الغربية ازدادت بنسبة مائة في المائة خلال 18 سنة.
وبغية تشجيع التوسع الاستيطاني، يتلقى كل مستوطن في المعدل مساعدات وإعانات حكومية تزيد بثلاث مرات على ما يتلقاه الإسرائيليون داخل إسرائيل.
من جانبه، يقدر شلومو سفيرسكي، من منظمة «مركز ادفا» غير الحكومية، تكلفة الاستيطان بنحو 2.15 مليار دولار للفترة الممتدة من 1988 إلى 2015، ويوضح أن هذه النفقات تمثل «عبئا على كاهل الدولة يسهم في تعميق الفروقات الاجتماعية، نظرا لأن الأموال تنفق على الاستيطان والدفاع، بدلا من المشاريع الاجتماعية».
لكن على الرغم من النفقات الهائلة يرى كثير من المنظمات غير الحكومية المؤيدة لإقامة دولة فلسطينية مستقلة، أن مواصلة الاستيطان ليس أمرا محتما. وفي هذا الصدد يقول جلعاد شير، المستشار السابق لرئيس الوزراء الأسبق إيهود باراك وأحد مؤسسي منظمة «بلو وايت فيوتشر» غير الحكومية المدافعة عن «الطابع اليهودي والديمقراطي لإسرائيل»، إنه على ثقة بأن الاقتصاد الإسرائيلي يمكنه توفير عشرة مليارات دولار التي تعد تكلفة نقل وإعادة إسكان 100 ألف مستوطن إسرائيلي.
في المقابل، هناك توافق عام في إسرائيل على ضم الكتل الاستيطانية الكبرى.
ويضيف جلعاد شير، أننا «وضعنا خطة مفصلة وقابلة للتطبيق لإجلاء المائة ألف مستوطن»، لأن الحكومة رفضت فعل ذلك، رغم تقرير رسمي صادر في 2010 يدعو إلى وضع خطة مماثلة. فيما يقول روبي ناتانسون، إن سيناريو إجلاء 100 ألف مستوطن «ممكن تماما» شرط أن يتم ذلك على سنتين أو ثلاث سنوات، لكن المشكلة برأيه «ليست اقتصادية، إنها سياسية بالدرجة الأولى».



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.