دعم أميركي لـ«قسد» عشية معركة الرقة... وإقرار بأنها «لن تكون سهلة»

اشتباكات عنيفة بين «سوريا الديمقراطية» و«داعش» جنوب الفرات

«قوات سوريا الديمقراطية» تتقدم إلى الرقة مع هروب عدد من عناصر «داعش» (قسد)
«قوات سوريا الديمقراطية» تتقدم إلى الرقة مع هروب عدد من عناصر «داعش» (قسد)
TT

دعم أميركي لـ«قسد» عشية معركة الرقة... وإقرار بأنها «لن تكون سهلة»

«قوات سوريا الديمقراطية» تتقدم إلى الرقة مع هروب عدد من عناصر «داعش» (قسد)
«قوات سوريا الديمقراطية» تتقدم إلى الرقة مع هروب عدد من عناصر «داعش» (قسد)

أكد مصدر كردي لـ«الشرق الأوسط» أن معركة السيطرة على مدينة الرقة «ليست بالسهولة التي يتوقعها البعض»، بالنظر إلى الاستعدادات العسكرية والبشرية التي أنجزها تنظيم داعش للدفاع عن معقله، في مقابل تعزيزات عسكرية أميركية وصلت إلى «قوات سوريا الديمقراطية»، «معدة لتحرير الرقة»، رغم التقديرات بأن دور القوات السورية الحليفة لواشنطن سيتمدد إلى ما بعد معركة الرقة.
وعكست الاستعدادات العسكرية لدى «قوات سوريا الديمقراطية» والقوات الأميركية المشاركة والمشرفة على عملية تحرير الرقة، جوا بأن معركة الدخول إلى المدينة باتت على شفير الانطلاق، إذ اقتربت «قوات سوريا الديمقراطية»، أمس، من أحياء مدينة الرقة في المحور الشمالي الشرقي، خلال العمليات العسكرية المتواصلة بالتزامن مع قصف قوات عملية «غضب الفرات» مناطق في مدينة الرقة، وتنفيذ طائرات التحالف الدولي غارات على مناطق في المدينة.
وجاء ذلك غداة إعلان الولايات المتحدة أنها بدأت في توزيع أسلحة على فصيل كردي سوري يقاتل للمساعدة في استرداد مدينة الرقة من تنظيم داعش، حيث أكد المتحدث باسم وزارة الدفاع الأميركية أدريان رانكين غالواي، أن الجيش الأميركي قدم للمقاتلين الأكراد أسلحة خفيفة ومركبات.
ويؤكد المسؤولون الأكراد أن الأسلحة التي وصلت «معدة لتحرير الرقة التي تتصدر في الوقت الحالي سلم الأولويات». وقال مصدر كردي إن معركة دخول الرقة «ليست سهلة، فهناك قوة عسكرية وبشرية لدى (داعش) تستعد للدفاع عن المدينة منذ وقت طويل، وتتهيأ لاتخاذ المدنيين دروعا بشرية، كما أن هناك أسلحة ومفخخات واستعدادات تزيد من التعقيدات التي تحيط بعملية الدخول إلى المدينة»، لافتا إلى أن القوات التي ستدخل الرقة «معظمها من أبناء المدينة التي تقاتل في صفوف (قوات سوريا الديمقراطية)».
ويتريث المسؤولون الأكراد في إعطاء الدعم الأميركي الأخير لفصيل كردي بالسلاح، أي أبعاد تتخطى معركة الرقة. وقال المصدر نفسه إن الحديث عن أي مهام أخرى ما بعد الرقة «سابق لأوانه». ويقول مدير معهد المشرق للبحوث الاستراتيجية في بيروت الدكتور سامي نادر، إن خطط الدعم الأميركي لـ«قوات سوريا الديمقراطية»، «تأتي بالتوازي مع الدعم الذي يقدمه الفريق الآخر، أي إيران، للحشد الشعبي العراقي ولقوات النظام السوري والميليشيات المدعومة من إيران في محيط البادية السورية». ورأى نادر أن «المعركة الأساسية اليوم، بعد تحرير الرقة، هي للسيطرة على الوسط السوري المتصل بالحدود العراقية»، مشيرا في الوقت نفسه إلى أن «أبعاد معركة الرقة إقليمية، تماما كما أبعاد معركة الموصل التي تمثل عملية رسم الخريطة الجديدة في المنطقة».
واعتبر أن الأكراد «سيكونون عنصرا أساسيا في معركة قطع طريق الحرير من إيران إلى سوريا». وأضاف، أن الأكراد «لو لم يحصلوا على الدعم الأميركي لما رفعوا السقف ضد الحشد الشعبي، وهو ما يظهر أن معركة ما بعد الرقة هي معركة ضد التمدد الإيراني».
وتعرض «خط الحرير الأول» من سنجار إلى شمال شرقي سوريا في الحسكة لانتكاسة، إثر إعلان الأكراد أنهم سيقاومون الحشد الشعبي العراقي، بحسب ما قال نادر، متوقعا أن الخيار الثاني الذي دفع به النظام من جهة التنف «سيتعرض لانتكاسة أيضا على ضوء التحذيرات الأميركية للنظام من الاقتراب من المنطقة».
وتجدد تحذير «قوات سوريا الديمقراطية» مرة أخرى، إذ حذر الناطق الرسمي باسمها طلال سلو، قوات الحشد الشعبي العراقية من دخول الأراضي التي تسيطر عليها القوات في محافظة الحسكة شرق سوريا. وقال سلو في تصريح لموقع «كردستان 24» أمس: «سنتصدى لأي محاولة من قبل الحشد الشعبي للدخول لمناطق سيطرة قواتنا، ولن نسمح لأي قوات بالدخول ضمن مناطق سيطرتنا».
ميدانياً، وفي سياق متصل بمعركة الرقة، كثف التحالف الدولي من غاراته الجوية مستهدفا مباني يشغلها تنظيم داعش. وأفاد موقع «الرقة تذبح بصمت» بقصف مدفعي استهدف المدينة منذ صباح أمس، بالتزامن مع انقطاع الاتصالات الأرضية عن مدينة الرقة جراء تدمير طيران التحالف مبنى بريد الدرعية وبريد الساعة في المدينة.
بدوره، أفاد «المرصد السوري لحقوق الإنسان» باندلاع اشتباكات عنيفة بين «قوات سوريا الديمقراطية» المدعومة بالقوات الخاصة الأميركية من جانب، وتنظيم داعش من جانب آخر، على محاور في الضفاف الجنوبية لنهر الفرات، بالريف الغربي لمدينة الرقة، حيث تركزت الاشتباكات العنيفة المترافقة مع قصف متبادل بين طرفي القتال، في قرية الحمام المحاذية للجهة الجنوبية من سد البعث، في محاولة من قوات عملية «غضب الفرات» تحقيق تقدم وإجبار التنظيم على الانسحاب من سد البعث الواقع على بعد نحو 18 كلم إلى الشرق من سد الفرات، وذلك بغية السيطرة عليه، فيما تمكنت «قوات سوريا الديمقراطية» من التقدم والسيطرة على قرية أبو قباب الواقعة على بعد نحو 14 كلم غرب الرقة عند الضفاف الجنوبية للنهر.
وجاءت عملية السيطرة هذه على القرية، بعد تمكن هذه القوات من السيطرة أمس على قرى المطيورة والهورة والبارودة بجنوب نهر الفرات، عقب اجتياز نهر الفرات والالتفاف على سد البعث عبر جسور خشبية.



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».