تخوف تونسي من تبعات حل «أنصار الشريعة» في ليبيا

تخوف تونسي من تبعات حل «أنصار الشريعة» في ليبيا
TT

تخوف تونسي من تبعات حل «أنصار الشريعة» في ليبيا

تخوف تونسي من تبعات حل «أنصار الشريعة» في ليبيا

حذر خبراء تونسيون مختصون في الجماعات الإرهابية من تبعات الإعلان عن حل تنظيم أنصار الشريعة في ليبيا، المرتبط بصفة عضوية مع التنظيم نفسه في تونس. وتساءلوا عن مصير مئات العناصر الإرهابية التونسية، وعلى رأسها سيف الله بن حسين، زعيم التنظيم المعروف باسم «أبو عياض»، وهي عناصر كانت تعيش تحت حماية تنظيم أنصار الشريعة الإرهابي في ليبيا، وتتلقى التدريبات على استعمال مختلف الأسلحة.
ولئن شكك البعض منهم في مصداقية خبر حل هذا التنظيم نفسه، وهو المصنف دولياً من التنظيمات الإرهابية، واعتبروا الأمر «خطوة مضللة» قد يكون الهدف منها التخلص من الجرائم الإرهابية، بمحاولة الالتحاق بالحياة المدنية أو الانضمام إلى تنظيمات إرهابية أخرى تحمل أسماء أخرى، فإن عدة أطراف سياسية تونسية دعت إلى ضرورة بحث أجهزة الاستخبارات عن دواعي اتخاذ هذا القرار المصيري خلال هذه الآونة بالذات.
ودعوا في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إلى ضرورة متابعة أخبار العناصر الإرهابية التونسية التي يحميها هذا التنظيم، لقدرتها على التخفي والانضواء تحت تيارات أخرى وأسماء أخرى، ومحاولة ضرب الأمن والاستقرار من جديد في تونس.
وشدد خبراء مكافحة الإرهاب على الارتباط الوثيق بين تنظيم أنصار الشريعة بليبيا وأنصار الشريعة الإرهابي المحظور بتونس، مشيرين إلى لجوء عدد من العناصر القيادية بتنظيم أنصار الشريعة التونسي، على غرار أبي عياض، لليبيا.
واعتبر اعلية العلاني، الخبير التونسي في الجماعات المتطرفة، أن المخاطر الإرهابية لا تزال قائمة في تونس، وأن الوضع الإقليمي، خصوصاً الأوضاع المتوترة في ليبيا، يمثل أرضية خصبة لأنشطة إرهابية تستهدف دول الجوار، خصوصاً تونس ومصر.
وأشار إلى أن العمليات الأمنية التي نفذتها قوات مكافحة الإرهاب في تونس خلال الفترة الأخيرة في مدينتي سيدي بوزيد والقصرين أدت إلى الكشف عن مخططات لتنفيذ أعمال إرهابية خلال شهر رمضان. وحذر العلاني من مخاطر التونسيين الذين ما زالوا تحت حماية تنظيم أنصار الشريعة الليبي، أو المنضوين تحت راياته، وعددهم وفق التقديرات لا يقل عن ألف إرهابي، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن أجساد الإرهابيين التونسيين الملتحقين بتنظيم أنصار الشريعة في الحقيقة موجودة في ليبيا، ولكن عقولهم وقلوبهم في تونس، وهم ينتظرون أية فرصة ممكنة للعودة إلى تونس، وإشعال فتيل الفوضى والقتل، وتنفيذ عمليات إرهابية جديدة.
واتهمت الولايات المتحدة الأميركية تنظيم أنصار الشريعة بالوقوف وراء عدد من الهجمات والاغتيالات في ليبيا، من بينها الهجوم الإرهابي الذي أدى سنة 2012 إلى مقتل السفير الأميركي في بنغازي و3 من الدبلوماسيين الأميركيين.
ومنذ سنة 2014، صنفت الولايات المتحدة «أنصار الشريعة» بليبيا تنظيماً إرهابياً، كما أدرجه مجلس الأمن على لائحة الإرهاب في 20 نوفمبر (تشرين الثاني) من السنة نفسها.
ومن ناحيتها، صنفت تونس منذ سنة 2013 الفرع التونسي من تنظيم أنصار الشريعة السلفي المتشدد تنظيماً إرهابياً، وحظرت مختلف أنشطته، واتهمته بالضلوع في عدة أعمال إرهابية واغتيالات داخل التراب التونسي. وتتهم عناصر قيادية بهذا التنظيم بضلوعها سنة 2013 في اغتيال السياسي اليساري شكري بلعيد ومحمد البراهمي، القيادي في التيار القومي.
وتشير مختلف التقارير الأمنية إلى أن عناصر تنظيم الشريعة مكنت عدة إرهابيين من التدرب على استعمال الأسلحة في ليبيا، وهم من نفذوا العمليات الإرهابية في تونس. ومن بين تلك العناصر جابر الخشناوي، منفذ الهجوم الإرهابي على متحف باردو (18 مارس 2015)، وسيف الدين الرزقي منفذ الهجوم الإرهابي خلال السنة نفسها على فندق سياحي بمدينة سوسة.



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.