ماكرون يبحث الانتقال السياسي في سوريا مع «الهيئة العليا»

المعارضة تعوّل على خطوات عملية من أوروبا بعد تغيّر السياسة الأميركية

لقاء المنسق العام للهيئة العليا للتفاوض د. رياض حجاب مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بقصر الإليزيه في العاصمة باريس أمس
لقاء المنسق العام للهيئة العليا للتفاوض د. رياض حجاب مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بقصر الإليزيه في العاصمة باريس أمس
TT

ماكرون يبحث الانتقال السياسي في سوريا مع «الهيئة العليا»

لقاء المنسق العام للهيئة العليا للتفاوض د. رياض حجاب مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بقصر الإليزيه في العاصمة باريس أمس
لقاء المنسق العام للهيئة العليا للتفاوض د. رياض حجاب مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بقصر الإليزيه في العاصمة باريس أمس

عقدت الهيئة العليا التفاوضية برئاسة رياض حجاب اجتماعا مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ووزير الخارجية جان إيف لودريان خلال زيارة لها إلى باريس، حيث اجتمعت أيضا مع المبعوث الدولي إلى سوريا ستيفان دي ميستورا، وذلك بعد أسبوعين من لقاءاتها في برلين التي تلت الجولة الأخيرة من مفاوضات جنيف. وأتى اجتماع «الهيئة» بالرئيس الفرنسي بعد يوم واحد على لقاء ماكرون بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وهو لم يكن مقررا مسبقا، بحسب ما علمت «الشرق الأوسط»، إنما تم إدراجه على جدول أعمال الزيارة قبل ساعات قليلة من موعده تلبية لطلب وفد الهيئة.
وجاء الاجتماع في الوقت الذي يسعى فيه ماكرون لمراجعة سياسة فرنسا تجاه الحرب الدائرة في سوريا منذ ست سنوات.
وفي حين تؤكّد مصادر متابعة للقاءات باريس لـ«الشرق الأوسط» إيجابية المواقف التي سمعتها الهيئة من ماكرون والداعمة لحلّ الأزمة السورية، تلفت إلى أن الدعم الذي لطالما كانت تؤكد عليه الدول الأوروبية لم يتغيّر. مضيفة، «مما لا شك فيه أن الخطوات العملية الفاعلة كانت محدودة أو مقيدة في ظل السياسية الأميركية السابقة، لكن اليوم ومع الإدارة الجديدة والمواقف التي أعلنت عنها الولايات المتحدة إضافة إلى الضربة العسكرية على مطار الشعيرات، ومن ثم القمة الأميركية الإسلامية التي عقدت في الرياض، نتوقّع أن نرى أفعالا أكثر من السابق، لا سيما أن تواصلنا مع دول الاتحاد مستمر ولم يتوقف».
ووصفت المصادر اجتماع «الهيئة» مع دي ميستورا، بـ«العادي»، لافتة إلى أنه شدّد على «أهمية استمرار المفاوضات وتفعيلها وعدم تجاوزها».
من جهتها، أعلنت «الهيئة» أن وفدها الذي ضم إلى جانب منسّقها العام رياض حجاب، كلا من الأعضاء، منذر ماخوس وبسمة قضماني وجورج صبرا، بحث مع ماكرون الذي التقاه في قصر الإليزيه وبحضور وزير الخارجية الفرنسي، سبل الدفع بعملية الانتقال السياسي.
وأكد حجاب، خلال اللقاءين «التزام المعارضة السورية بالعملية السياسية ودعمها لأي اتفاق يسهم في تنفيذ القرارات الأممية وتحسين الأوضاع الإنسانية للسوريين»، مشددا على «ضرورة تبني استراتيجية جديدة للعملية التفاوضية تخفف من معاناة السوريين وتمنحهم بارقة أمل»، ومثمناً تصريح وزير الخارجية الفرنسي حول ضرورة أن تفضي محادثات جنيف إلى وقف الانتهاكات بحق الشعب السوري.
كما تناولت الهيئة في لقاءاتها مع الرئيس الفرنسي ووزير خارجيته، بحسب بيان لها: «سبل التعاون في محاربة الإرهاب والتصدي للجماعات المتطرفة التي باتت تهدد الأمن العالمي، كما تطرق الحديث لحملة التصعيد التي يعد لها النظام وحلفاؤه في مختلف أنحاء سوريا، وخاصة على الحدود السورية - العراقية، وفي المحافظات الجنوبية، وفي ريفي حلب وحماة، وسعيهم لإفشال أي توافقات دولية لوقف القتال».
وعبّر حجاب عن «امتنانه لمواقف فرنسا الداعمة للثورة السورية وحقوق الشعب السوري، داعياً إلى دور أوروبي فاعل في المسار الدبلوماسي».



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».