أوقفت التحذيرات الأميركية للميليشيات الموالية لإيران والحليفة للنظام السوري تقدمها في المنطقة الصحراوية المؤدية إلى معبر التنف الحدودي مع العراق في شرق سوريا، لكنها لم توقف التحشيدات العسكرية في منطقة القلمون الشرقي، حيث تعزز قوات النظام وجودها في معسكراتها في المنطقة الواقعة جنوب ظاظا.
ويتزامن ذلك مع تصعيد في الشمال ضد تنظيم داعش، حيث استطاعت «قوات سوريا الديمقراطية» تحقيق تقدم على محور عسكري شمال الرقة وشرق الطبقة، فيما واصلت قوات النظام حملتها العسكرية للسيطرة على مدينة مسكنة، آخر معاقل التنظيم المتشدد في ريف حلب الشرقي.
وغداة إلقاء طائرات تابعة للتحالف الدولي منشورات تحذر فيها ميليشيات تقاتل إلى جانب قوات النظام من التقدم باتجاه التنف، أكدت المعارضة السورية أن النظام أوقف محاولات التقدم في البادية التي تصل إلى التنف. وقال قائد جيش مغاوير الثورة، العقيد مهند الطلاع، لـ«الشرق الأوسط»، إن النظام والميليشيات التي تقاتل إلى جانبه «تلتزم مواقعها السابقة في منطقة جليغم» التي تبعد نحو 42 كيلومتراً عن التنف، مؤكداً أن التحذيرات «تلزمه بالعودة إلى ظاظا» التي تبعد 75 كيلومتراً إلى الغرب من التنف «لكنه لم يلتزم، ولم يعد أدراجه إلى المنطقة».
وأشار الطلاع إلى أن الوضع العسكري في المنطقة «متوتر»، لافتاً إلى أن النظام، وإثر التحذيرات، «يحاول الالتفاف على مسافة 65 كيلومتراً من شمال منطقة التنف عبر تحركات عسكرية له، في مسعى منه للتقدم، لكن إذا حاول التقدم فإننا سندافع عن مواقعنا ووجودنا في المنطقة، وسنتصدى له»، علماً بأن القوات السورية المعارضة في شرق البلاد قرب التنف باتت عرضة لهجمات من قبل «داعش» في الشرق، وقوات النظام من الغرب.
وكان النظام قد تقدم في وقت سابق من القلمون الشرقي باتجاه معبر التنف إلى منطقة الزرقا التي تبعد مسافة 27 كيلومتراً عن التنف التي تحتضن قاعدة عسكرية لقوات التحالف الدولي، قبل أن تتعرض قوات النظام وحلفائها لضربة جوية من التحالف ألزمتها بالتراجع إلى مسافة 40 كيلومتراً في جليغم، كما يقول معارضون سوريون في المنطقة.
وفيما ألزمت التحذيرات الأميركية قوات النظام بتجميد تحركاتها العسكرية في البادية الواصلة إلى التنف، لم تتوقف تلك القوات عن التحشيدات العسكرية لها في المنطقة، بحسب ما يقوله مسؤول المكتب الإعلامي في «أسود الشرقية»، سعد الحاج، لـ«الشرق الأوسط»، مشيراً إلى أن قوات النظام والميليشيات الرديفة لها «تواصل إرسال التعزيزات إلى المعسكر المركزي الذي أنشأته جنوب بلدة ظاظا في القلمون الشرقي، رغم التحذيرات الأميركية». وقال الحاج إن «عناصر الميليشيات يقيمون في خيام بيضاء تحمل دبغة الهلال الأحمر السوري في المعسكر نفسه»، منتقداً كيف تحولت خيام الهلال الأحمر إلى مأوى «للعناصر المقاتلة إلى جانب النظام».
وتتسابق الأطراف المقاتلة في سوريا للسيطرة على المنطقة الحدودية مع العراق، وعلى مدينة دير الزور التي يسيطر النظام على عدد من أحيائها، ويفرض عليها تنظيم داعش حصاراً مستمراً منذ نحو 3 سنوات. وتعرضت تلك الأحياء لقصف من قبل «داعش» أثناء تجمع العائلات قبيل موعد الإفطار، أسفر عن مقتل 15 شخصاً، وإصابة 52 آخرين، جراء تعرض أحياء القصور والجورة لقصف مدفعي من قبل التنظيم.
من جهته، قال عمر أبو ليلى، الناشط في موقع «دير الزور 24» الذي يغطي أخبار المدينة: «سقطت 6 هاونات على الأقل على حي الجورة، و(داعش) دائماً ما يقصف هذه الأحياء بقذائف الهاون. وهناك أكثر من 40 جريحاً، بينهم أطفال ونساء بعضهم في حالة حرجة جراء تدهور الأوضاع الصحية داخل الحي بسبب نقص الكوادر والتجهيزات الطبية والأدوية».
ودارت اشتباكات بين قوات النظام والمسلحين الموالين لها من جهة، وتنظيم داعش من جهة أخرى، في حيي الحويقة والرصافة بمدينة دير الزور، وترافق ذلك مع قصف قوات النظام على مناطق الاشتباك، بينما استهدفت طائرات يرجح أنها للتحالف الدولي سيارة للتنظيم في قرية الزباري، وسيارة أخرى في بلدة البوليل بريف دير الزور الشرقي، مما أدى لمقتل 3 عناصر من التنظيم.
وفي حين يلوذ التنظيم بالمرتفعات في مناطق شرق سوريا، إثر الضربات التي يتعرض لها من قبل طائرات التحالف والطائرات الروسية وطائرات النظام السوري، تتقلص مساحة نفوذه بشكل ملحوظ في الشمال. وأفاد «المرصد السوري لحقوق الإنسان» بأن «قوات سوريا الديمقراطية»، وقوات النخبة السورية المدعمة بالقوات الخاصة الأميركية وطائرات التحالف الدولي، تمكنت من تحقيق تقدم هام في المشارف الشمالية لمدينة الرقة، عقب اشتباكات عنيفة مع تنظيم داعش خلال الـ48 ساعة الفائتة. وقال إن قوات عملية «غضب الفرات» تمكنت من السيطرة على مزرعة الأسدية ومعمل الغاز القريب منها، بمحاذاة الفرقة 17، وباتت نحو 3 كيلومترات تفصل قوات العملية عن أطراف مدينة الرقة.
وكانت التنظيم قد عمد إلى تحصين مواقعه في الفرقة 17، الواقعة إلى الشمال من مدينة الرقة، وعمد عناصره إلى تمديد أسلاك كهربائية إلى الفرقة 17، ورجحت المصادر أن التنظيم يعمد لاستخدام هذه الأسلاك التي قام بتمديدها في أغراض عسكرية. ونفذت طائرات التحالف الدولي عدة ضربات على مناطق في أطراف الفرقة 17 شمال مدينة الرقة، وسط الاشتباكات الدائرة في المكان.
وفي الوقت نفسه، أعلنت قوات حملة «غضب الفرات» عن تحرير 3 قرى شرق مدينة الطبقة السورية من مسلحي تنظيم داعش. وجاء في بيان صادر عن غرفة عمليات «غضب الفرات» أن «مقاتلي قوات (غضب الفرات) تمكنوا من تحرير 3 قرى (الهورة، وبارودة، ومطيورة)، 20 كم شرق مدينة الطبقة».
وبالموازاة، تحدث «المرصد السوري لحقوق الإنسان» عن أن بلدة مسكنة التي تعد آخر بلدة يسيطر عليها تنظيم داعش في محافظة حلب، شهدت أمس قصفاً جوياً وبرياً مكثفاً من قبل قوات النظام والمدفعية الروسية والطائرات الحربية والمروحية، حيث أكدت عدد من المصادر المتقاطعة للمرصد السوري لحقوق الإنسان أن عدد الضربات الجوية والمدفعية تجاوز 225 ضربة، في محاولة من قوات النظام لتغطية تقدم قواتها والمسلحين الموالين لها من جنسيات سورية وغير سورية نحو بلدة مسكنة.
وكان المرصد السوري قد رصد انكفاء مجموعات تنظيم داعش إلى أسوار وداخل بلدة مسكنة التي تسعى قوات النظام للسيطرة عليها، ضمن إطار العملية العسكرية التي أطلقتها القوات في يناير (كانون الثاني) الماضي بقيادة مجموعات النمر التي يقودها العميد في قوات النظام سهيل الحسن، والتي سيطرت على عشرات القرى والبلدات والمزارع في ريفي حلب الشرقي والشمالي الشرقي، من أبرزها دير حافر والخفسة والمهدوم وعران ومطار الجراح العسكري.
النظام يلتف على التحذيرات الأميركية ويواصل حشوده قرب التنف
تقلص مساحة نفوذ «داعش» شمالاً إثر الضربات
النظام يلتف على التحذيرات الأميركية ويواصل حشوده قرب التنف
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة