جهود لبنانية لحل «الاشتباك» بين عون وبري

تفاؤل بإقرار قانون للانتخابات... وجعجع: قطع 95 %

جهود لبنانية لحل «الاشتباك» بين عون وبري
TT

جهود لبنانية لحل «الاشتباك» بين عون وبري

جهود لبنانية لحل «الاشتباك» بين عون وبري

مع انتهاء الدورة العادية للبرلمان اللبناني اليوم تتجه الأنظار إلى الجلسة التي حدّد موعدها رئيس مجلس النواب نبيه بري في 5 يونيو (حزيران) المقبل، وما يرافقها من اشتباك في «الصلاحيات» وفي «تفسير الدستور» بين رئيسي؛ الجمهورية، ومجلس النواب نبيه بري، يتم العمل على تذليله على أكثر من خط.
ومع بدء العد العكسي، لا يزال الترقّب سيّد الموقف مع إصرار معظم الأطراف اللبنانية على التمسّك بالتفاؤل بإمكانية التوصل إلى قانون للانتخابات قبل انتهاء ولاية البرلمان الحالية في 20 يونيو المقبل، رغم أن ردّ رئيس «التيار الوطني» وزير الخارجية جبران باسيل على التساؤلات التي كان قد طرحها بري أوّل من أمس بشأن القانون النسبي الذي يتم البحث به، لم تكن إيجابية إلى حدّ كبير.
وأمس أكد عون أن الانتخابات النيابية ستحصل على أساس قانون النسبية، بالاتفاق مع المكوّنات السياسية كافة في لبنان.
من جهته، أعلن رئيس الهيئة التنفيذية لـ«القوات اللبنانية» سمير جعجع أن القانون الانتخابي قطع 95 في المائة من مخاضه نحو الولادة، وأن الخمسة الباقية تفاصيل لا يمكن أن تعثّر بلوغ الهدف، و«سنواجه بالمتاح والممكن مهما كلّف الأمر». وقال لـ«وكالة الأنباء المركزية»: «مهما تفاقمت الأمور وبلغت الخلافات السياسية أشدّها وحتى الاشتباك السياسي الرئاسي الخطير، لا عودة إلى (الستين)»، مشيرا إلى أن «التفاصيل الجاري البحث فيها قبل ولادة القانون لا تشكل أكثر من 5 في المائة في مشوار المفاوضات الطويل الذي تخطى كل العقبات؛ من الدائرة الواحدة وصولا إلى الدوائر الخمس عشرة، ولا يمكن تاليا أن نكون السبب في إطاحة القانون، بيد أن ما يمكن أن يطيحه أو على الأقل يفرمل تقدمه هو الاشتباك السياسي الذي نقف له بالمرصاد ومستعدون لاتخاذ كل ما يلزم من خطوات لمنع تداعياته على القانون». ويرى أن أكبر انتكاسة يمكن أن تصيب اللبنانيين والعهد والمؤسسات الدستورية هي العودة إلى «الستين»، و«من هذا المنطلق نصّوب جهودنا وخطواتنا لقطع الطريق عليه، وكل ما تبقى تفاصيل».
ويتركز البحث على النسبية الكاملة مع 15 دائرة إضافة إلى صوت تفضيلي وما يرافقه من طروحات لنقل عدد من المقاعد لا سيما المسيحية من بعض الدوائر، وهو الأمر الذي يقابل برفض عدد من الفرقاء.
وفي حين أشارت بعض المعلومات إلى بدء دخول «حزب الله» على خط الاشتباك بين «حليفيه (عون وبري)»، عدّ رئيس كتلة «حزب الله» النائب محمد رعد أن هناك مقومات عدة للتفاؤل بشأن قانون الانتخاب، منها أن أصل النقاش الذي يدور الآن يعتمد على النسبية الكاملة، معتبرا أن هناك نقاط تقارب أساسية حصلت، وبقيت بعض النقاط التي يمكن تجاوزها.
في المقابل، جدّد باسيل أمس «لاءاته الثلاث»: «لا ستين، ولا فراغ، ولا تمديد»، وعدّ أن القانون المطروح اليوم بحاجة إلى ضمانات وضوابط وإصلاحات، مضيفا: «لا يكفي أن نقول إنه اتفقنا على 15 دائرة إنما المتفرعات عنها أساسية أيضا. نريد قانونا على فترة طويلة، ولن نتوقف عن المطالبة بقانون انتخابي يعيد المناصفة الكاملة». وعن موضوع نقل المقاعد الذي رفضه بري، قال باسيل: «لم نتكلم عن هذا الموضوع، بل نطالب بتطبيق (الطائف) والعودة إلى (108 نواب)، بعدما حصل تلاعب في المقاعد في عهد الوصاية».
ويشرح الخبير الدستوري بول مرقص السيناريوهات المتاحة لإجراء الانتخابات النيابية بالقول: «نحن أمام 3 خيارات؛ إما إقرار قانون جديد قبل انتهاء العقد العادي في نهاية مايو (أيار)، أو بموجب العقد الاستثنائي في يونيو، أو عبر إجراء الانتخابات على أساس قانون الستين النافذ وفق المادة 24 من الدستور بعد 20 يونيو تاريخ انتهاء ولاية المجلس النيابي في موعد أقصاه 3 أشهر». أما وقد انتهى العقد العادي من دون أن يصدر رئيس الجمهورية مرسوما بفتح دورة استثنائية في وقت دعا فيه بري إلى جلسة للبرلمان في الخامس من الشهر الحالي، يقول مرقص لـ«الشرق الأوسط»: «إصدار مرسوم بفتح دورة استثنائية رهن بقرار عون الذي ربط هذا القرار بالاتفاق على قانون للانتخابات، ولا يمكن دفعه إلى ذلك في توقيت معيّن والدستور لا يقيّده بوقت معين».
وفي حين يلفت مرقص إلى أن الخلاف في تفسير الدستور بين عون وبري لا يمكن الحسم به في ظل غياب مرجعية قضائية في لبنان لحسم الأمر بعدما لم تعط الصلاحية للمجلس الدستوري، يقول: «الفصل يكون بما ستّتجه إليه القوى السياسية ونوابها»، موضحا: «إذا تأمّن النصاب للجلسة، فيمكن عندها التصويت على القانون الذي يتطلب إقراره الحصول على الأكثرية، وفي هذه الحالة يكون أي قانون عرضة للطعن من قبل رئيس الجمهورية أو من قبل 15 نائبا». مع العلم بأنه ووفق التوزيع السياسي للمواقف، من المستبعد أن يتم تأمين النصاب في ضوء الانقسامات؛ إذ ستتجه كتلتا بري و«حزب الله» لحضور الجلسة، بينما من المتوقع أن تقف الأحزاب المسيحية إلى جانب ما تعدها «صلاحيات» رئيس الجمهورية، وتقاطع الجلسة، في وقت من المستبعد فيه أن تحضر «كتلة المستقبل» التي يرأسها رئيس الحكومة سعد الحريري، انطلاقا من أن صلاحيات فتح الدورة الاستثنائية محصورة به وبالرئيس عون.
وأشارت مصادر مطّلعة على موقف «حزب الله» إلى أن الحزب على تواصل دائم مع حليفيه، وقالت لـ«الشرق الأوسط»: «لا شك أن هناك أزمة سياسية ودستورية الجميع يعرف أبعادها، والحزب على ثقة بأن الطرفين على وعي كامل بهذه المشكلة وأهمية التوصل إلى حل». وأضافت: «نأمل أن تظهر المناخات الإيجابية في الأيام المقبلة ونعوّل على الخلوة التي ستجمع عون وبري يوم غد الخميس في الإفطار الذي دعا إليه رئيس الجمهورية، ومن ثم التوصل إلى اتفاق بشأن قانون الانتخاب».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.