اجتماعات في لبنان تقرب بين حماس والحرس الثوري

مصادر فلسطينية: اتفاق مبدئي مع سليماني لإعادة الدعم المالي للحركة... وهنية إلى طهران قريباً

اجتماعات في لبنان تقرب بين حماس والحرس الثوري
TT

اجتماعات في لبنان تقرب بين حماس والحرس الثوري

اجتماعات في لبنان تقرب بين حماس والحرس الثوري

قالت مصادر فلسطينية إن اجتماعات مكثفة عقدت بين مسؤولين بارزين من حماس وآخرين إيرانيين بينهم قادة في الحرس الثوري الإيراني، ومسؤولين من «حزب الله» اللبناني في لبنان، الأسبوعين الماضيين، انتهت باتفاق مبدئي على استعادة حماس الدعم المالي من إيران.
وبحسب المصادر التي تحدثت لـ«الشرق الأوسط»، فإنه اتُّفق على استئناف العلاقات وتطويرها واستعادة الدعم المالي كما كان قبل الأزمة السورية، كما اتُّفق على أن يزور رئيس المكتب السياسي لحماس إسماعيل هنية، طهران في أقرب وقت على رأس وفد من حماس، في رسالة تؤكد مد الجسور وتجاوز الخلافات القديمة.
وجرى الاتفاق الذي دعمه اللواء قاسم سليماني قائد وحدة النخبة المعروفة بفيلق القدس التابعة للحرس الثوري الإيراني، وإسماعيل هنية قائد حماس، ويحيى السنوار قائد الحركة في غزة، في وقت تعاني فيه الحركة الإسلامية في غزة من أزمة مالية خانقة.
وذكرت المصادر أن حماس فرضت خصومات وصلت إلى 30 في المائة على موظفيها وعناصرها، بما في ذلك كتائب القسام، بسبب شح الأموال، واستغلت إيران صعود العسكر إلى قيادة حماس، وانتخاب هنية على رأس الحركة، من أجل استعادة العلاقة.
وكانت إيران ترغب في وصول هنية إلى سدة الحكم، ولم تكن ترغب في أي حال من الأحوال بأن يصبح موسى أبو مرزوق على رأس الحركة، بسبب خلافات كبيرة معه بعد تسريبات اتهم فيها طهران بالكذب فيما يخص دعم المقاومة.
وراهنت إيران من البداية على دبلوماسية هنية الذي يعد ميالا أكثر للتصالح معها، بعكس رئيس حماس السابق خالد مشعل، كما راهنت على صعود العسكر بقوة إلى مكتب حماس السياسي، باعتبار كتائب القسام حليفا قديما لإيران، وما زال يدفع باتجاه استرجاع العلاقة.
وتنازلت إيران بموجب الاتفاق عن شرط سابق كانت قد وضعته، بأن تعلن حماس موقفا مؤيدا لها في الخلاف مع المملكة السعودية. وقالت المصادر إن إيران قرأت في الاتفاق الجديد فرصة لاستمالة حركة سنية قوية إلى جانبها في الصراع القائم مع دول الخليج وعواصم أخرى، بما في ذلك السلطة الفلسطينية.
ولم يعرف بعد ما الثمن الذي دفعته حماس، لكن مصادر قالت إن الحركة وعدت بشراكة استراتيجية لما فيه مصلحة «المقاومة».
وبدأ شكل العلاقة الجديد بين حماس وطهران يظهر من خلال التهاني التي لن يتردد القادة الإيرانيون في إرسالها لقادة حماس.
ولم تتردد إيران في تهنئة هنية، فور فوزه برئاسة حماس، على لسان وزير الخارجية محمد جواد ظريف، ثم أرسل اللواء سليماني رسالة أخرى، قال فيها: «نتطلع لتعزيز التكامل مع رفاق حماس حلفاء المحور المقاوم، لإعادة الألق للقضية الفلسطينية. ونرجو أن يجري على أيديكم كل خير لمصلحة الشعب الفلسطيني المجاهد». وهي الرسالة التي نشرتها وسائل الإعلام الإيرانية ولم تنشرها وسائل إعلام حماس.
وأمس، هنأ رئيس مجلس الشورى الإسلامي علي لاريجاني، رئيس حماس إسماعيل هنية بانتخابه رئيسا للمكتب السياسي للحركة.
واعتبر لاريجاني في اتصال هاتفي مع هنية «أن خلاص فلسطين من الكيان الصهيوني الغاصب يمثل القضية الأولى للأمة الإسلامية، مشيراً إلى أن الجمهورية الإسلامية الإيرانية وضعت دعم نضال الشعب الفلسطيني على سلم أولوياتها منذ انتصار الثورة الإسلامية في إيران».
وأضاف أن مجلس شورى الجمهورية الإسلامية لا يزال يقف إلى جانب المناضلين السائرين على درب الحرية وتحرير القدس وجميع الأراضي الفلسطينية، عبر متابعته تنفيذ قانون دعم الشعب الفلسطيني.
وكان لافتا أن حركة حماس أصدرت بيانا حول المكالمة في إشارة إلى تحسن العلاقة، وسعي حماس لإظهار ذلك لإيران.
وكان هنية قد انتُخب على رأس حماس في السادس من الشهر الحالي، بعد أيام قليلة فقط من إعلان الحركة وثيقة جديدة كانت سببا في التوتر مع إيران و«حزب الله» اللذين هاجما ضمنا الوثيقة.
وأثار ميثاق حماس الجديد الجدل بعد حذفه اعتبارها جناحا من أجنحة «الإخوان المسلمين»، كما جاء في ميثاقها القديم عام 1988، وتأكيده أن الحركة تقبل بدولة فلسطينية على حدود 1967.
وبحسب المصادر تريد إيران الاستفادة من واقع حماس الجديد، المنفصلة عن «الإخوان»، والتي هوجمت كذلك من ترمب لتقريبها منها باعتبار البراغماتية التي أظهرتها الحركة لم تنفع، ولم تفتح لها آفاقا، وكونها أصلا حليفة قديمة للمحور الذي تقوده إيران.
ويوجد في حماس تيارات غير راضية عن تقارب كبير مع إيران، خشية أن يفسر ذلك بتدخل مباشر في الصراع الدائر في المنطقة، والذي يأخذ طابعا طائفيا.
وتخشى حماس من مواقف تضعها ضد «الدول السنية في المنطقة».
وفي أوقات سابقة شن كُتاب ومثقفون ونشطاء في حماس نفسها هجوما على قيادة الحركة، وحتى قيادة القسام، بسبب رسائل تعزية لقادة «حزب الله» الذين قضوا في سوريا. ورفض منتقدو الخطوة ما وصفوه التناغم مع أحزاب وفصائل وأشخاص غارقين في الدم السوري.
وكانت علاقة حماس بإيران توترت بسبب الخلاف الكبير بين الحركة والرئيس السوري بشار الأسد، وقررت إيران بعد ذلك مراجعة الدعم المالي للحركة وقلصته بشكل كبير، ثم استمرت لاحقا محاولات مد جسور بين طهران وحماس.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.