القلمون الشرقي: مفاوضات تسوية في جيرود تجنّبها مواجهة عسكرية

الاتفاق لا يلحظ تهجير مقاتلي المعارضة إلى الشمال السوري

القلمون الشرقي: مفاوضات تسوية في جيرود تجنّبها مواجهة عسكرية
TT

القلمون الشرقي: مفاوضات تسوية في جيرود تجنّبها مواجهة عسكرية

القلمون الشرقي: مفاوضات تسوية في جيرود تجنّبها مواجهة عسكرية

كشفت معلومات متقاطعة عن مفاوضات سرية تجرى بين ممثلين عن فصائل المعارضة المسلّحة، وبين النظام السوري، في مدينة جيرود الواقعة في القلمون الشرقي، للتوصل إلى تهدئة في البلدة المحاصرة. وفيما بقيت بنود هذه المفاوضات غامضة، كشفت تنسيقية المدينة أن «الهدف من الاتفاق العتيد تجنّب المواجهة بالسلاح في المدينة»، نافية أي طرح بـ«تهجير المقاتلين إلى الشمال السوري على غرار باقي المناطق، إنما يبقى هؤلاء بمعاقلهم في الجبل».
وأعلن موقع «كلنا شركاء»، أن «مدن وبلدات جيرود والرحيبة والناصرية والعطنة الواقعة في القلمون الشرقي، باتت محاصرة بالكامل منذ سيطرة النظام على منطقة المحسة، وتمكنه من وصل بادية حمص ببادية الشام»، مشيراً إلى أن «هذه المناطق تتعرّض لحصار عسكري فقط»، موضحاً أن «حياة المدنيين لم تتأثر بهذا الحصار، فهي موجودة بشكل كامل تقريباً بين القلمون الشرقي ومنطقة القطيفة». ولفت إلى أن «حواجز النظام مفتوحة أمام دخول المواد الغذائية والأدوية وكل أمور الحياة المدنية من وظائف ومتابعة دراسة، خصوصاً بعدما نجحت قوات النظام في شرق القلمون بوصل مناطق سيطرتها ببعضها، من خلف قوات أحمد العبدو المتواجدة في جبال البترا».
وكان اجتماع عقد الشهر الماضي، بين ممثلين عن المعارضة في جيرود والنظام في فرع «المنطقة 227»، تلاه اجتماع يوم الجمعة الماضي، في المحطة الحرارية بالقرب من جيرود.
ونقل موقع «كلنا شركاء» عن مصدر إعلامي، قوله: «لا توجد بنود معلنة، لأن المفاوضات تجري بسرية تامة». ولفت المصدر إلى أن «وفد الثوار قابل فريق النظام في اجتماع حضره الطرف الروسي، وتم الحديث عن أسلوب وكيفية إجراء المصالحة وكل ما يتعلق بها، وقد غادر الطرفان الاجتماع، وكل منهما تحدث عن أجواء إيجابية جداً، وأعلنا أنهما اتفقا على اجتماع آخر لاستكمال المفاوضات خلال الأيام المقبلة، لأن كلا منهما يريد مراجعة قيادته».
وكانت قوات النظام تمكنت في الأيام القليلة الماضية من السيطرة على عدة نقاط مهمة لتنظيم داعش؛ أبرزها جبل أبو دالي، وثنية، وكسارات الناقورة، والطريق الدولي دمشق - تدمر، مما أدى إلى إطباق الحصار على بلدات القلمون الشرقي التي تسيطر عليها فصائل المعارضة المعتدلة، وهي جيرود والرحيبة والضمير.
إلى ذلك، أعلن ناطقٌ باسم تنسيقية جيرود لـ«كلنا شركاء»، أنه لم يحصل اتفاق للتسوية في المدينة خلال المفاوضات. وقال: «كل ما جرى عبارة عن اجتماع طرحت فيه أفكار للتدارس دون أن يتم الاتفاق على شيء، على أن تتم متابعة الحوار في جلسة لاحقة لم يحدد موعدها بعد».
ونفت التنسيقية أن يكون النظام «طرح موضوع تهجير الثوار إلى الشمال السوري على غرار باقي المناطق، وإنما دار الحوار حول تجنيب المدينة السلاح وبقاء الثوار في معاقلهم في الجبل، مع دخولهم للبلد دون سلاح، ووضع حاجز مشترك بين الجبل والمدينة، وحتى هذا الأمر كان مجرد طرح لم يتم الاتفاق عليه»، مشيرة إلى أن «المفاوضات الجارية في جيرود لم تشمل المناطق المجاورة مثل الرحيبة، فكل طرف يفاوض عن نفسه».



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».