منشورات للتحالف تحذر ميليشيات موالية للنظام من الاقتراب من التنف

قوات الحشد الشعبي العراقية تسيطر على قرى حدودية مع سوريا

منشورات ألقتها طائرات التحالف لتحذير ميليشيات موالية للنظام (أخبار سوريا)
منشورات ألقتها طائرات التحالف لتحذير ميليشيات موالية للنظام (أخبار سوريا)
TT

منشورات للتحالف تحذر ميليشيات موالية للنظام من الاقتراب من التنف

منشورات ألقتها طائرات التحالف لتحذير ميليشيات موالية للنظام (أخبار سوريا)
منشورات ألقتها طائرات التحالف لتحذير ميليشيات موالية للنظام (أخبار سوريا)

ألقت طائرات التحالف الدولي منشورات تحذّر فيها قوات النظام والميليشيات الموالية لها من الاستمرار بالتقدم باتجاه معبر التنف الحدودي مع العراق، بحيث باتت هذه القوات على بُعد نحو 27 كلم عن القاعدة العسكرية التي تتمركز فيها قوات خاصة أميركية وبريطانية ونرويجية تدرب مقاتلين معارضين للنظام السوري. وطالب التحالف هذه القوات بالتراجع من نقطة مقهى الشحمي إلى نقطة حاجز ظاظا، إلا أنه حتى ساعة متأخرة من مساء يوم أمس لم تسجل أي عملية انسحاب أو تقدم.
وتزامنت التهديدات الأميركية للنظام والميليشيات التابعة لطهران مع إعلان قوات الحشد الشعبي العراقية، المدعومة من إيران، أنها طردت تنظيم داعش من مجموعة من القرى على الحدود مع سوريا. وتتصل المناطق العراقية التي سيطر عليها الحشد الشعبي بأراض خاضعة لسيطرة جماعات كردية سورية على الجانب السوري من الحدود، وهو ما قد يساعد في ربط المنطقتين، علماً بأن الهدف الأساسي لطهران في البادية حالياً هو فتح أوتوستراد دمشق - بغداد من خلال تلاقي القوات التابعة لها المقاتلة في العراق مع تلك المقاتلة في سوريا.
وأكد المرصد السوري لحقوق الإنسان أن قوات النظام والمسلحين الموالين لها يراوحون مكانهم في بادية حمص، وبالتحديد في محيط منطقة العليانية، بالريف الجنوبي الشرقي لحمص، بعد تجدد التوتر بينها وبين التحالف الدولي، لافتاً إلى أن التوتر وصل لحد قيام طائرات تابعة للتحالف بإلقاء مناشير على مناطق وجود النظام في منطقة ظاظا ومنطقة الشحمي، على الطريق الواصل بين مثلث تدمر - بغداد - الأردن ومعبر التنف الحدودي مع العراق. وتضمنت المنشورات تحذيرات من الاقتراب باتجاه التنف، ومطالبة بالانسحاب. وجاء في المنشورات التي حملت خريطة منطقة التماس بين قوات المعارضة وقوات النظام: «أي تحركات باتجاه التنف تعتبر عدائية، وسندافع عن قواتنا… عودوا إلى نقطة تفتيش ظاظا».
وأوضح سعد الحاج، الناطق باسم «أسود الشرقية»، التابع للجبهة الجنوبية، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن قوات النظام والميليشيات المقاتلة معها باتت على مسافة 27 كلم من قاعدة التنف العسكرية، بعد تقدمها باتجاه زركا، لافتاً إلى أن التحالف طالبها بالمنشورات التي ألقاها بالتراجع إلى ظاظا، إلى نقطة قرب مطار السين تبعد 85 كلم عن القاعدة. وقال: «معظم المجموعات المتمركزة في المنطقة هي ميليشيات عراقية ولاؤها لطهران، ويقودها ضباط إيرانيون. أما حضور عناصر النظام قرب التنف، فمحدود جداً». وأشار الحاج إلى أن المنشورات لم تحدد مهلة للانسحاب، كما أنّه لم تُسجل أي عملية تراجع للقوات المذكورة، ولا أي محاولة تقدم.
وقال الناطق الإعلامي باسم «جيش مغاوير الثورة»، المدعوم أميركياً، البراء فارس، إن المنشورات ألقيت في منطقتي تل شحمي، وجليغم وظاظا، حيث توجد قوات النظام. وأشار إلى أن هذه القوات والميليشيات المقاتلة إلى جانبها باتت على مقربة من منطقة التنف بمسافة 27 كيلومترًا في حاجز زركا. وكانت قوات النظام قد استعادت نحو 6 آلاف كلم مربع من البادية السورية بريفي دمشق وحمص، منذ الـ9 من مايو (أيار) الحالي، بحيث امتدت منطقة التقدم، وفق المرصد السوري، من منطقة المحسة ومحيطها جنوباً، إلى تلال محيطة بمنطقة الباردة شمالاً، وصولاً إلى السكري شرقاً، وحتى مثلث ظاظا جنوباً، كما حققت قوات النظام تقدماً من حاجز ظاظا وصولاً لمنطقة الشحمي وزركا على الطريق المؤدي إلى معبر التنف الدولي.
وكانت واشنطن قد وجهت رسالة قاسية للنظام وإيران في الـ18 من مايو الحالي، حين قصفت طائرات تابعة للتحالف رتلاً لقوات النظام والمسلحين الموالين لها كان متوجهاً نحو معبر التنف الذي تسيطر عليه قوات سورية معارضة مدعومة أميركياً، ما تسبب في مقتل 8 عناصر من المسلحين الموالين للنظام، غالبيتهم من جنسيات غير سورية، وفق المرصد السوري، فيما أصيب عناصر آخرين بالاستهداف ذاته، كذلك دمرت الضربات 4 آليات على الأقل كانت تقل عناصر من قوات النظام وموالين لها.
وتتزامن التهديدات الأميركية المتتالية للنظام السوري وطهران من التقدم باتجاه التنف، مع معلومات عن اجتماعات يعقدها عسكريون ودبلوماسيون أميركيون وروس في عمان للاتفاق على إقامة «منطقة آمنة» في الجنوب تضم درعا والقنيطرة والجولان وجزءاً من ريف السويداء، امتداداً إلى معسكر التنف ومعبر الوليد مع العراق، بحيث تقام في مناطق المعارضة مجالس محلية وممرات إنسانية وعودة للنازحين واللاجئين ومشروعات إعادة أعمار، مع احتمال التوصل إلى تفاهم على وجود رمزي لدمشق على معبر نصيب مع الأردن، ورفع العلم السوري الرسمي في نقاط معينة في «الشريط الأمني» الذي «يجب أن يكون خالياً من ميليشيات إيران و(حزب الله)».
ولا يبدو مشروع المنطقة الآمنة في الجنوب السوري مشروعاً سهل التطبيق، وفق اللواء الأردني المتقاعد مأمون أبو نوار «باعتبار أن الاستراتيجية الأميركية تحتاج لإعادة تقييم، وهي إن استمرت على ما هي عليه، لن تؤدي إلى الاستقرار المنشود في المنطقة الجنوبية، حيث هناك نفوذ كبير لطهران، كما أن المناطق الآمنة بحاجة لقوات تحميها. وهنا تكمن الإشكالية الرئيسية، وإن كان هناك حديث مع المصريين للمشاركة في قوات كهذه».
وأشار أبو نوار، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إلى أن «أي صدام دولي في البادية، رغم أهميتها الاستراتيجية، يبدو مستبعداً في المرحلة الحالية، ولعله سيبقى يتخذ شكل ضربات واشتباكات محددة، كما حصل منتصف الشهر الحالي، حين قصفت طائرات التحالف رتلاً عسكرياً كان يتوجه إلى التنف».
ورجح أبو نوار «دخول (داعش) أيضًا على خط قطع طريق دمشق – بغداد، الذي يشكل الهدف الرئيسي لإيران، باعتبار أن عناصر التنظيم قريبون منه، وقادرون على قطعه في أي وقت».



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.