خلاف عون ـ بري يهدد الاتفاق الهش على قانون جديد للانتخاب

الرئيسان يتنازعان صلاحية فتح الدورة الاستثنائية للمجلس النيابي

خلاف عون ـ بري يهدد الاتفاق الهش على قانون جديد للانتخاب
TT

خلاف عون ـ بري يهدد الاتفاق الهش على قانون جديد للانتخاب

خلاف عون ـ بري يهدد الاتفاق الهش على قانون جديد للانتخاب

يهدد تجدد الخلاف بين رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ورئيس المجلس النيابي نبيه بري الاتفاق الهش الذي تم الكشف عنه الأسبوع الماضي على قانون انتخابات يعتمد النسبية وتقسيم لبنان إلى 15 دائرة. وإن كان الرئيسان يؤكدان أنه لا صراع بينهما، وأن ما قبل انتخاب عون رئيسا للبلاد ليس كما بعده، إلا أن خروج بري أمس في مؤتمر صحافي، وهو الذي يخرج قليلا جدا في إطلالات مماثلة، ليعلن تمسكه بصلاحية الدعوة لجلسة لمجلس النواب رغم انتهاء الدورة العادية، من منطلق أن تعليق رئيس الجمهورية عمل المجلس لشهر كامل لا يعني إلغاء هذه المهلة، إنما تأجيلها، من شأنّه أن يخلق جدلا دستوريا في ظل إصرار عون على ربط الدعوة لدورة استثنائية بالاتفاق على قانون جديد للانتخاب.
وتنتهي اليوم الدورة العادية للمجلس النيابي فلا يحق له بعدها الاجتماع لإقرار قوانين إلا إذا اتفق رئيسا الجمهورية والحكومة على فتح دورة استثنائية. وقد أجّل رئيس المجلس النيابي يوم الجمعة الماضي جلسة للمجلس كانت مقررة أمس، مواكبة للأجواء الإيجابية التي كانت مسيطرة لجهة الاقتراب من التوصل إلى اتفاق نهائي على قانون جديد للانتخاب، إلا أنه كان يترقب أن يتزامن تأجيل الجلسة مع توقيع مرسوم فتح الدورة الاستثنائية من قبل الرئيس عون، وهو ما لم يحصل حتى الساعة.
وفيما يُنتظر أن يكون لـ«تكتل التغيير والإصلاح» الذي كان عون يرأسه قبل انتخابه رئيسا للجمهورية، موقف اليوم، مما أعلنه بري، قالت مصادر في «التيار الوطني الحر» الذي يرأسه وزير الخارجية جبران باسيل، إن رئيس الجمهورية يربط موضوع فتح الدورة الاستثنائية بالاتفاق على قانون جديد تجري على أساسه الانتخابات النيابية، لافتة في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أنها على يقين أكثر من أي وقت مضى بأنه سيكون هناك قانون كهذا قبل انتهاء ولاية المجلس النيابي الحالي في 20 يونيو (حزيران) المقبل. وأضافت المصادر: «لا شك في أن ما يمارسه الرئيس عملية ضغط لإقرار قانون جديد، تماما كما فعل حين تصدى لانتخابات وفق قانون الستين حين رفض توقيع دعوة الهيئات الناخبة، كما حين منع التمديد باستخدام صلاحية تعليق عمل البرلمان التي تنص عليها المادة (59) من الدستور». وعدّت المصادر أن «البعض لم يستوعب بعد أن في قصر بعبدا رئيس قادر على ضرب يده على الطاولة وممارسة صلاحياته كاملة دون زيادة أو نقصان»، مشيرة إلى أن «المعاندة في هذا المجال لن تنفع، باعتبار أن أحدا لا يريد الفراغ بعد 20 يونيو (حزيران) وعلى رأسهم الرئيس بري». وأضافت المصادر: «أما الدراسة الدستورية التي قدّمها بما يتعلق بصلاحيته الدعوة للجلسة مستفيدا من مهلة الشهر حين كان عمل المجلس معلّقا، فغير منطقية».
وكان رئيس المجلس النيابي قدّم شرحا دستوريا مستفيضا خلال المؤتمر الصحافي الذي عقده أمس للرد على من اتهمه بمخالفة الدستور بالدعوة لجلسة في 5 يونيو رغم انتهاء الدورة العادية للبرلمان، فأشار إلى أنه عندما أجّل الرئيس عون عمل المجلس النيابي شهرا كاملا، إنما هو أخّره، وبالتالي «فإذا ما انقضت هذه المدة المؤجلة يعود المجلس للانعقاد لتعويض الفترة التي أجلت»، عادّاً أن هذا «نص دستوري ولا علاقة له بالصلاحيات». ولفت بري إلى أنّه إذا كان عدم توقيع مرسوم فتح الدورة الاستثنائية من قبل الرئيس عون «هو في سبيل الضغط على المجلس النيابي لكي يقر قانون الانتخاب، فإن المجلس النيابي حاول ويحاول ولم يتوقف». وأضاف: «هذا الكلام لا ينطبق على المجلس النيابي، فلا أحد يستطيع أن يفرض شيئا على المجلس إلا الشعب اللبناني فقط لا غير».
وأيّد الوزير السابق والخبير الدستوري إبراهيم نجار ما ورد في المطالعة الدستورية التي قدّمها الرئيس بري، عادّاً أن رئيس الجمهورية لا يستطيع أن يلغي اجتماعات مجلس النواب، بل هو يستطيع فقط تأجيلها معتمدا على المادة «59» من الدستور. وشدّد نجار في تصريح لـ«الشرق الأوسط» على أنه «لا يجوز ممارسة الضغوط على البرلمان بصفته مصدر كل السلطات»، منبها من أن «عدم توقيع مرسوم فتح الدورة الاستثنائية في الظروف الراهنة ضغط واضح على المجلس النيابي من قبل رئيس الجمهورية، وهو رهان على الفراغ والمحظور، باعتبار أنه وفي حال عدم الاتفاق على قانون قبل 20 يونيو، نكون قد سلمنا كل مقاليد الحكم لحكومة مستقيلة تصرف الأعمال». كما نبّه نجار من أن «ما يحصل يهدد كل الاتفاقات التي تم الترويج لها الأسبوع الماضي ويعيدنا خطوات إلى الوراء».
ولا تقتصر العقبات التي تواجه إقرار القانون الجديد على الإجراءات الدستورية وتناتش الصلاحيات، بل تتركز وبشكل أساسي حاليا على مطالبة الثنائي المسيحي المتمثل في «التيار الوطني الحر» وحزب «القوات اللبنانية»، بنقل عدد من المقاعد المسيحية من دوائر إلى أخرى، وهو ما أكّد بري أنّه يرفضه جملة وتفصيلا وسيجعله يرفض السير بالقانون ككل. وقال: «نقل النواب فرزٌ مقلد لمشاريع التقسيم القائمة في المنطقة. وأكثر من ذلك أقول: إن هذا الأمر سيصبح إذا ما سرنا به باباً ومنفذاً لطوائف أخرى من أجل المطالبة به أيضا، فالشيعي مثلاً سيطالب بنقل هذا المقعد أو ذاك، وأيضا يأتي الدرزي وأي طائفة أخرى وتطالب بنقل مقاعد، فإذا دخلنا في مثل هذا الموضوع، فلن نستطيع أن نخرج منه. لذلك علينا أن نشطبه من القاموس».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.