اللغة العربية في تركيا... مادة إلزامية وانتشار واسع

الأتراك يقبلون عليها لدوافع تاريخية وموجة تدفق العرب زادتها رواجاً

انتشار تعليم العربية على نطاق واسع بين مختلف الفئات  -  تزايد إقبال التركيات على تعلم العربية
انتشار تعليم العربية على نطاق واسع بين مختلف الفئات - تزايد إقبال التركيات على تعلم العربية
TT

اللغة العربية في تركيا... مادة إلزامية وانتشار واسع

انتشار تعليم العربية على نطاق واسع بين مختلف الفئات  -  تزايد إقبال التركيات على تعلم العربية
انتشار تعليم العربية على نطاق واسع بين مختلف الفئات - تزايد إقبال التركيات على تعلم العربية

حتى وقت قريب، كان الاهتمام بتعليم اللغة العربية في تركيا مقتصرا على بعض الجمعيات والأوقاف الإسلامية وكان الهدف الأساسي هو مساعدة الدارسين على قراءة القرآن الكريم. كما اقتصر التعليم النظامي على بعض أقسام في عدد قليل من الجامعات وفي أقسام محدودة.ومع تولي حزب العدالة والتنمية الحكم في تركيا وبدء التقارب مع المنطقة العربية، بدأ نوع من الاهتمام من جانب الأتراك بتعليم اللغة العربية فظهر كثير من المراكز لتعليم العربية بعضها تطور إلى أكاديميات تمنح شهادات جامعية بموازاة خطط الحكومة للتوسع في تعليم العربية إلى أن تطور الأمر إلى إدخالها في المدارس الابتدائية العام الماضي فضلا عن التوسع في أقسام اللغة العربية في الجامعات.
وعندما حدثت موجة التدفق الكبير للعرب، وخصوصا السوريين، على تركيا في عام 2011 بدأت تنتشر على نطاق واسع جدا مراكز تعليم اللغة العربية من جانب العرب الذين بدأوا يجدون في هذا المجال فرصة جيدة للعمل مع زيادة إقبال الأتراك على تعلم اللغة العربية وتقدم هذه المراكز الخيارين معا لراغبي تعلم العربية من الأتراك وراغبي تعلم التركية من العرب.
* دوافع وأسباب
يقول علي الإدريسي أحد العاملين بمركز لتعليم العربية والتركية في إسطنبول لـ«الشرق الأوسط» إن هناك أسبابا كثيرة تدفع الأتراك للإقبال على تعلم اللغة العربية، ومن الأساس هناك كثير من الأتراك لا سيما في المحافظات المجاورة لسوريا والعراق وفي الأناضول عموما ومناطق جنوب شرقي تركيا من أصول عربية لكن الغالب أن الآباء والأجداد كانوا يعرفون العربية جيدا لكن الأجيال الأحدث لا تتمكن من الحديث بها علما بأنهم نشأوا في بيوت يتحدث أهلها العربية إلى جانب التركية وبالتالي بدأوا البحث عن سبل لتعلمها.
ويضيف: «مع الحركة التجارية والاستثمارية والسياحية الواسعة بين تركيا والدول العربية في حقبة العدالة والتنمية الممتدة إلى 15 عاما الآن باتت هناك حاجة أكبر من جانب الأتراك لتعلم العربية وأصبحت هذه اللغة تجذب الكثير من الشباب لتعلمها حيث يجدون فرص عمل في مجال الترجمة للسياح والتجار والشركات التي بدأت العمل في تركيا على نطاق واسع».
ويشير إلى أن هناك أسبابا أخرى منها أن قطاعا كبيرا من الشعب التركي من المحافظين الذين يرغبون في تعلم العربية حتى يمكنهم قراءة القرآن والاطلاع على تعاليم الدين الإسلامي بلغته الأصلية».
* اهتمام حكومي
في سبتمـــبر (أيلول) 2016 بدأ تدريس اللغة العربية في صفـــــوف المرحلة الابتدائيـــة في المدارس الحكومية التركية، بعد أن كانت العربيـــــة مادة اختيــــارية في المرحلتين الإعدادية والثانوية.
وقال بيرام كاواكلي مدير إحدى المدارس الثانوية التركية، إن القرار جاء ضمن الإصلاحات السياسية للحكومة لتمكين الشعب التركي من التواصل مع تاريخه الذي كتب باللغة العربية.
وأضاف أن قصة اللغة العربية مع تركيا وشعبها قديمة وإن الدافع الديني والثقافي وراء إقبال الأتراك المتزايد على تعلم العربية من أجل وصل حاضرهم بماضيهم.
ويقول خبراء تربويون إنه بهذا القرار الجديد تعود العربية إلى تركيا بعد أن كان مؤسس الجمهورية التركية الحديثة كمال أتاتورك قد منعها ومنع الكتابة بالحرف العربي في عام 1925. ضمن ما وصف بـ«الإصلاحات السياسية» التي تلت زوال الإمبراطورية العثمانية وإن الحكومة تهدف من وراء إدراج اللغة العربية في مناهجها الدراسية ليس فقط تعلم العربية، بل أيضا اللغة العثمانية التي تعتمد الحرف والرسم العربيين.
وهناك الآن 6 جامعات تركية حكومية توجد بها أقسام خاصة بتعليم اللغة العربية وآدابها.
* الخطوات الأولى
إلا أن الخطوات الأولى لتعليم اللغة العربية بدأت قبل العالة والتنمية وتحديدا في الثمانينات من القرن الماضي في فترة تورجوت أوزال، وتم تأسيس قسم اللغة العربية بجامعة غازي بأنقرة في عام 1985 خصيصا بغرض تدريب معلمي مادة اللغة العربية في ثانويات الأئمة والخطباء وتدريس «العربية الحية» للطلاب الجامعيين. وهو القسم الوحيد الذي يخضع طلابه لدراسة السنة التحضيرية بهدف تعلم المهارات الأساسية للغة العربية من خلال 25 حصة إلى 30 حصة دراسية أسبوعاً، تتم خلالها متابعة سلسلة «العربية للحياة» المنشورة من معهد اللغة العربية بجامعة الملك سعود، بالإضافة إلى نشاطات دراسية إضافية يعدها المحاضرون ومدة الدراسة هي خمس سنوات مع السنة التحضيرية.
كما تم تأسيس معهد تومر في جامعة أنقرة عام 1984 بهدف تعليم اللغة التركية للأجانب والتسمية هي اختصار لمركز تعليم اللغة التركية، وتم تغيير الاسم عام 2011 إلى «مركز تطبيق أبحاث اللغات التركية والأجنبية» وأصبح يقدم فرصا لتعليم عدد كبير من اللغات إضافة إلى اللغة التركية منها العربية والإنجليزية والألمانية والفرنسية والإسبانية والبرتغالية والإيطالية والروسية واليابانية واليونانية الحديثة والبلغارية والبوسنية والكرواتية والصينية والبولندية والكورية والفارسية واللغة التركية العثمانية القديمة.
* مؤسسات خاصة
ولم يتخلف القطاع الخاص عن اللحاق بركب تعليم اللغة العربية في تركيا ومن أبرز المراكز التي بدأت خلال فترة التقارب التركي العرب الكبير في ظل حكومة العدالة والتنمية أكاديمية إسطنبول للغات التي بدأت في عام 2006 كممثل لجامعة أوروبا الإسلامية.
وبحسب مدير الأكاديمية محمد آغير أكجه كان الحجاب ممنوعا في الجامعات والبعض كان لديه إمكانات مادية لإكمال الدراسة بالخارج والبعض الآخر لم يمتلك القدرة المادية فبقي هنا وأردنا أن يكون لدينا مكان لتعليم هؤلاء الفتيات ومنحهم فرصة الدراسة بصيغة رسمية، فقمنا بعمل اتفاقية مع جامعة أوروبا الإسلامية في هولندا وفتحنا هنا مركز امتحانات لجامعة أوروبا الإسلامية في كليتي العلوم الإسلامية واللغة العربية. وأضاف: «استمر هذا العمل من عام 2006 إلى عام 2009، حيث كنا نقدم دورات كممثلين للجامعة الأوروبية وأسسنا الأكاديمية لتكون الدورات بشكل رسمي لهذه المجموعة حيث بدأت تغييرات لتمكين الطالبات من خلالها من الالتحاق بالجامعات التركية فتحولت الأكاديمية من ممثل للجامعة الأوروبية إلى مركز لغات». كما أضاف في البداية أقمنا دورات اللغة الإنجليزية إلى جانب اللغة العربية، ثم قررنا أن نغلق هذا القسم، وأن نبقي فقط على دراسة اللغة العربية لأن أي شيء جانبي سيؤثر على هدفنا، وهو أن نكون في المرتبة الأولى في تعليم اللغة العربية من خلال تعليمها للأطفال وطلاب ثانوية الأئمة والخطباء وطلاب الجامعات الذين يدرسون اللغة العربية والعلوم الإسلامية ومن يحتاجون للغة العربية في عملهم وكذلك للعاملين بالقطاع الصحي الذي يجتذب كثيرين من العرب. وأصبح قسم للترجمة وقسم للصحافة والإعلام خصوصا مع انفتاح تركيا على العالم العربي وإنشاء قناة «تي آر تي» التي تبث باللغة العربية، وكان الكادر كله في البداية من غير الأتراك، وهنا وضعنا هدفا أن يكون الكادر من ذوي الأصول التركية.
وتابع آغير أكجه لـ«الشرق الأوسط» أنه مع بدء توافد السوريين والعراقيين والمصريين على تركيا بأعداد كبيرة قمنا بفتح دورات لتعليم اللغة التركية مع أنها ليست الهدف الأساس، لكننا شعرنا أننا نستطيع أن نخدم اللغة العربية بتعليم اللغة التركية للعرب؛ لأن وجود الدارسين العرب سيفيدنا في تعليم العربية والأساتذة معظمهم عرب ممن درسوا اللغة العربية، وأتراك درسوا اللغة العربية في البلاد العربية، وهذه من مميزات الأكاديمية.
* جهود عربية
وعلى الرغم من أن هناك الآن مئات المراكز لتعليم العربية في مختلف أنحاء تركيا التي أنشئت بجهود بعض العرب الذين وفدوا على تركيا مع حدوث اضطرابات في بعض دول المنطقة، إلا أنها بقيت بعيدة عن صفة الرسمية لأنها تعمل من خلال جمعيات يتم تسجيلها في تركيا وشهاداتها في الغالب غير معترف بها، باستثناء الأكاديميات والمراكز الكبيرة المسجلة لدى وزارة التعليم التركية وعددها قليل جدا، لم توجد مراكز تحظى بالطابع الرسمي من دول أخرى إلى أن قرر المركز المصري للعلاقات الثقافية والتعليمية التابع لوزارة التعليم العالي المصرية مؤخرا إطلاق مبادرة لتعليم اللغة العربية للمواطنين الأتراك.
وقال الدكتور طارق عبد الجليل الملحق الثقافي المصري لـ«الشرق الأوسط» إن هذه هي المرة الأولى التي يتم فيها تقديم خدمة تعليمية عبر مركز يتبع دولة عربية ويمنح شهادات معتمدة من مصر.
وأضاف أن المركز لمس أن هناك حاجة إلى مثل هذا الجهد في ظل انتشار كثير من المراكز غير المعتمدة، فضلا عن دوره كجسر تواصل بين الأتراك والعرب.
وأشار إلى أننا اكتشفنا أيضا أن هناك ضعفا كبيرا في حركة الترجمة من العربية إلى التركية وأنه لا توجد حركة ترجمة تركية للكتب العربية رغم أن هناك حركة في الاتجاه الآخر حيث يجرى ترجمة كثير من الكتب التركية إلى اللغة العربية، موضحا أن مصر كان لها دور كبير في هذا المجال لا سيما في ظل وجود أقسام للغة التركية في الجامعات المصرية منذ عقود طويلة.
وتابع أنه من هذا المنطلق وإلى جانب دورات تعليم اللغة العربية التي اجتذب إعلان المركز عنها أعدادا كبيرة من الأتراك ليس من إسطنبول وحدها وإنما من كثير من المدن من أنحاء تركيا، بدأنا تقديم دورات وورشات تدريب في مجال الترجمة للمساهمة في تنشيط حركة الترجمة وإحياء ترجمة الكتب العربية إلى اللغة التركية.



كلية الطب في بيروت... 150 عاماً من النجاحات

كلية الطب في بيروت... 150 عاماً من النجاحات
TT

كلية الطب في بيروت... 150 عاماً من النجاحات

كلية الطب في بيروت... 150 عاماً من النجاحات

التحدث عن كلية الطب في «الجامعة الأميركية» وما حققته من إنجازات وتطورات منذ تأسيسها عام 1867 لا يمكن تلخيصه بمقال؛ فهذه الكلية التي تحتل اليوم المركز الأول في عالم الطب والأبحاث في العالم العربي والمرتبة 250 بين دول العالم بالاعتماد على QS Ranking، استطاعت أن تسبق زمنها من خلال رؤيا مستقبلية وضعها القيمون عليها، وفي مقدمتهم الدكتور محمد صايغ نائب الرئيس التنفيذي لشؤون الطب والاستراتيجية الدولية وعميد كلية الطب في الجامعة الأميركية، الذي أطلق في عام 2010 «رؤيا (2020)»، وهي بمثابة خطة طموحة أسهمت في نقل الكلية والمركز الطبي إلى المقدمة ووضعهما في المركز الأول على مستوى المنطقة.

رؤية 2025

اليوم ومع مرور 150 عاماً على تأسيسها (احتفلت به أخيراً) ما زالت كلية الطب في «الجامعة الأميركية» تسابق عصرها من خلال إنجازات قيمة تعمل على تحقيقها بين اليوم والغد خوّلتها منافسة جامعات عالمية كـ«هارفرد» و«هوبكينز» وغيرهما. وقد وضعت الجامعة رؤيا جديدة لها منذ يوليو (تموز) في عام 2017 حملت عنوان «رؤية 2025»، وهي لا تقتصر فقط على تحسين مجالات التعليم والطبابة والتمريض بل تطال أيضاً الناحية الإنسانية.
«هي خطة بدأنا في تحقيقها أخيراً بحيث نستبق العلاج قبل وقوع المريض في براثن المرض، وبذلك نستطيع أن نؤمن صحة مجتمع بأكمله». يقول الدكتور محمد صايغ. ويضيف خلال حديثه لـ«الشرق الأوسط»: «لا نريد أن ننتظر وصول وفود المرضى إلى مركزنا الطبي كي نهتم بهم، بل إننا نعنى بتوعية المريض قبل إصابته بالمرض وحمايته منه من خلال حملات توعوية تطال جميع شرائح المجتمع. كما أننا نطمح إلى إيصال هذه الخطة إلى خارج لبنان لنغطي أكبر مساحات ممكنة من مجتمعنا العربي».
تأسَّسَت كلية الطب في الجامعة الأميركية في بيروت عام 1867، وتعمل وفقاً لميثاق صادر من ولاية نيويورك بالولايات المتحدة الأميركية، ويقوم على إدارتها مجلس أمناء خاص ومستقل.
وتسعى الكلية لإيجاد الفرص التي تمكن طلبتها من تنمية روح المبادرة، وتطوير قدراتهم الإبداعية واكتساب مهارات القيادة المهنية، وذلك من خلال المشاركة في الندوات العلمية والتطبيقات الكلينيكية العملية مما يُسهِم في تعليم وتدريب وتخريج أطباء اختصاصيين.
وملحَق بكلية الطب في الجامعة الأميركية في بيروت مركز طبي يضم أقساماً للأمراض الباطنية والجراحة والأطفال وأمراض النساء والتوليد ‏والطب النفسي. كما يقدم المركز الطبي خدمات الرعاية الصحية المتكاملة في كثير من مجالات الاختصاص، وبرامج للتدريب على التمريض وغيرها ‏من المهن المرتبطة بالطب.

اعتمادات دولية

منذ عام 1902، دأب المركز الطبي في الجامعة الأميركية في بيروت على توفير أعلى معايير الرعاية للمرضى في مختلف أنحاء لبنان والمنطقة. وهو أيضاً المركز الطبي التعليمي التابع لكلية الطب في الجامعة الأميركية في بيروت التي درّبت أجيالاً من طلاب الطب وخريجيها المنتشرين في المؤسسات الرائدة في كل أنحاء العالم. المركز الطبي في الجامعة الأميركية في بيروت هو المؤسسة الطبية الوحيدة في الشرق الأوسط التي حازت على خمس شهادات اعتماد دولية وهي JCI)، وMagnet، وCAP، وACGME - I و(JACIE مما يشكّل دليلاً على اعتماد المركز أعلى معايير الرعاية الصحية المتمحورة حول المريض والتمريض وعلم الأمراض والخدمات المخبرية والتعليم الطبي والدراسات العليا. وقد خرَّجَت كلية الطب أكثر من أربعة آلاف طالب وطبيب. وتقدم مدرسة رفيق الحريري للتمريض تعليماً متميزاً للعاملين في مجال التمريض، ويلبي المركز الطبي احتياجات الرعاية الصحية لأكثر من 360 ألف مريض سنوياً.
ويتألف المركز من عدد من مراكز الامتياز كمركز سرطان الأطفال التابع لمستشفى «سانت جود» البحثي في ولايتي ممفيس وتينيسي. كما تتضمن برنامج باسيل لأورام البالغين وفيه وحدة لزرع نخاع العظام، إضافة إلى مراكز طب الأعصاب المختلفة وأمراض القلب والأوعية الدموية ومركز للرعاية الصحية للنساء.
«هناك استثمارات تلامس نحو 400 مليون دولار رصدت من أجل بناء البنية التحتية اللازمة للمركز الطبي مع مشروع افتتاح عدة مبانٍ وأقسام جديدة خاصة بأمراض السرطان وأخرى تتعلق بالأطفال، إضافة إلى نقلة نوعية من خلال زيادة عدد الأسرة لتلبية الحاجات الصحية المختلفة لمرضانا»، كما أوضح د. صايغ في سياق حديثه.

تبرعات للمحتاجين

يعمل المركز الطبي على تأمين العلاج المجاني لأمراض مستعصية من خلال تأسيس صناديق تبرُّع للمحتاجين، هدفها تأمين العلاج لذوي الدخل المحدود. وهي تخصص سنوياً مبلغ 10 ملايين دولار لمساعدة هذه الشريحة من الناس التي تفتقر إلى الإمكانيات المادية اللازمة للعلاج.
وينظم المركز الطبي مؤتمراً سنوياً ودورات وورش عمل (MEMA) تتناول مواضيع مختلفة كطب الصراعات ومواضيع أخرى كصحة المرأة، والصحة العقلية، وعبء السرطان وغسل الكلى أثناء الصراع وتدريب وتثقيف المهنيين الصحيين للتعامل مع تحديات العناية بأفراد المجتمع.
تُعدّ كلية الطب في الجامعة الأميركية السباقة إلى تأمين برنامج تعليمي أكاديمي مباشر لطلابها، بحيث يطبقون ما يدرسونه مباشرة على الأرض في أروقة المركز الطبي التابع لها.
ويرى الدكتور محمد صايغ أن عودة نحو 180 طبيباً لبنانياً عالمياً من خريجيها إلى أحضانها بعد مسيرة غنية لهم في جامعات ومراكز علاج ومستشفيات عالمية هو إنجاز بحد ذاته. «ليس هناك من مؤسسة في لبنان استطاعت أن تقوم بهذا الإنجاز من قبل بحيث أعدنا هذا العدد من الأطباء إلى حرم الكلية وأنا من بينهم، إذ عملت نحو 25 عاماً في جامعة (هارفرد)، ولم أتردد في العودة إلى وطني للمشاركة في نهضته في عالم الطب». يوضح دكتور محمد صايغ لـ«الشرق الأوسط».

رائدة في المنطقة

أبهرت كلية الطب في الجامعة الأميركية العالم بإنجازاتها على الصعيدين التعليمي والعلاجي، ففي عام 1925. تخرجت فيها أول امرأة في علم الصيدلة (سارة ليفي) في العالم العربي، وبعد سنوات قليلة (1931) كان موعدها مع تخريج أول امرأة في عالم الطب (ادما أبو شديد). وبين عامي 1975 و1991 لعبت دوراً أساسياً في معالجة ضحايا الحرب اللبنانية فعالج قسم الطوارئ لديها في ظرف عام واحد (1976 - 1977) أكثر من 8000 جريح. وفي عام 2014 تلقت إحدى أضخم التبرعات المالية (32 مليون دولار) لدعم المركز الطبي فيها وتوسيعه.
كما لمع اسمها في إنجازات طبية كثيرة، لا سيما في أمراض القلب، فكان أحد أطبائها (دكتور إبراهيم داغر) أول من قام بعملية القلب المفتوح في العالم العربي، في عام 1958. وفي عام 2009، أجرت أولى عمليات زرع قلب اصطناعي في لبنان، وفي عام 2017 أحرز فريقها الطبي أول إنجاز من نوعه عربياً في أمراض القلب للأطفال، عندما نجح في زرع قلب طبيعي لطفل.
كما تصدرت المركز الأول عربياً في عالم الطب لثلاث سنوات متتالية (2014 - 2017) وحازت على جوائز كثيرة بينها «الجائزة الدولية في طب الطوارئ» و«جائزة عبد الحميد شومان» عن الأبحاث العربية، و«جائزة حمدان لأفضل كلية طبية في العالم العربي» لدورها في التعليم الطبي لعامي 2001 – 2002.