«الطهاة المنزليون» يغزون الهند

من أشهر الشركات المبتكرة للفكرة «سايبر شيف» و«تايني أول هوم ميد»

من أطباق الطهاة المنزليين
من أطباق الطهاة المنزليين
TT

«الطهاة المنزليون» يغزون الهند

من أطباق الطهاة المنزليين
من أطباق الطهاة المنزليين

يشهد مجال الغذاء في الهند تحولا كبيرا مع زيادة الطلب على الطعام الصحي المطهي في المنزل. هذا التعطش إلى أصناف الطعام التقليدي، من دون التخلي عن الجودة والنظافة، أدّى إلى ظهور جنود جدد من متذوقي الطعام، وهم الطهاة الهواة ذوو الأرواح المتقدة.
يقدم الطهاة الهنود الذين يلبّون مجموعة متنوعة من احتياجات الغذاء، بينما يعملون في غرف تناول الطعام أو المطابخ، أطباقا مغذيًة كمطابخ غير معروفة. يختلف طهاة المنازل عن طهاة المطاعم في اختيارهم لمكان العمل، وتخصصهم في مطابخ محددة. ويمكنهم استضافة فعاليات في منازلهم، أو في مساحة اجتماعية، ويشاركون أيضا في فعاليات الطعام، بل وينظمون مهرجانات طعام متخصصة بالمطاعم. وساعدت منافذ توصيل الطعام عن طريق الإنترنت، ومواقع التواصل الاجتماعي في انتشار هذا المجال.
* مواقع على الإنترنت
تساعد مواقع مثل «هولاشيف»، أو «تايني أول هوم ميد»، أو «زوبر ميل» أو «سايبر شيف»، الطهاة المنزليين في الوصول إلى مزيد من العملاء؛ كذلك تساعدهم منصات مثل «يوميد» في بيع الأطعمة الطازجة.
لم يبد الطعام المطهو في المنزل قبل ذلك مشجعا كمشروع عمل، ولكن موقع «سايبر شيف»، ومؤسسته نيها بوري أدركا الحاجة إلى الأطباق المنزلية، حين قابلت بوري صدفة، محترفين وطلبة يشكون كثيرا من قلّة الخيارات في الطعام. وقد دفعها ذلك وفريقها إلى جمع الطهاة المنزليين لتقديم المذاق الذي يستمتعون به في المنزل.
تقول إنغالي، طاهية منزلية تبلغ من العمر 35 سنة، وتعمل مع «سايبر شيف»، إنّ الموقع ساعدها كثيرا في اكتشاف حبّها للطهي. وتوضح قائلة: «لقد تطوّرت مع (سايبر شيف)، وكانت الرحلة رائعة. لطالما كنت أحبّ الطهي، وقد جعلني هذا الموقع أكتشيف إمكانياتي، ويفخر أطفالي كثيرا بي وهم يخبرون أصدقاءهم أنّ والدتهم طاهية منزلية».
وتقول بوري، الرئيسة التنفيذية لشركة «سايبر شيف»، ومقرّها غورغاون: «نحن نساعد الطهاة المنزليين في التسويق والتعبئة، ونقدم لهم الدعم اللوجيستي ليتفرغوا لتحضير الطعام». أمّا شعار غالبية الطهاة فهو تقديم الطعام الذي يحمل مذاق وروح المنزل.
وتفيد ساوراب ساكسينا، رئيسة «هولاشيف» للطهاة المنزليين: «قد تكون الأطباق في المطاعم غنية، بيد أنّ أكثر الناس يفضلون الوجبات الخفيفة. لقد منعنا استخدام الألوان الصناعية، ولا يحتوي الطعام الذي نقدمه على مواد حافظة، ونستخدم أنواع الزيوت الصحّية والمكونات الطازجة. ومن العوامل المهمة التي ساعدت على انتشار هذا النوع من الطهي، هي محدودية أصناف الأطباق التي تقدمها المطاعم، في حين أنّنا نقدم أنواعا مختلفة منها من دون التقيد بمطبخ واحد».
ناينا سوري بدأت مشروع مطبخ ناينا بعد عقود من إمتاع أسرتها والأصدقاء بطهيها. وتقدم وجبة غداء من الكاري، والخضراوات والأرز وخبز الشباتي والسلاطة وغيرها، مقابل 150 روبية فقط. إنّها واحدة من أشهر الطهاة المنزليين بين المتزوجين الذين يعملون في غورغاون بضواحي دلهي. فيما تقول شارين بهاتي، أحد مؤسسي موقع «ذا هايف» للطعام: «يشعر الناس بالفضول لمعرفة مكونات الطبق أكثر من الاكتفاء بطلبه في المطعم. إنّهم يسافرون أكثر هذه الأيام مما يجعلهم منفتحين على تجربة كل شيء. لدى الطهاة المنزليين قصص ممتعة يمكن أن تُروى».
* مجهود وشغف
ليس الشغف وحجم العمل فقط ما يميز الطهاة المنزليين عن غيرهم، إنّما أيضا المجهود الذي يبذلونه من أجل تقديم طعام تقليدي. تحصل غيتيكا سايكيا، من مومباي والمتخصصة في المطبخ القبلي، على أكثر مكونات الطعام الذي تطهوه من الولايات السبع. وتدفع نحو 350 روبية للكيلو لتوريد مكونات مثل لحم الحمام، وأوراق الجوت، وديدان القز، ولحم البط الطازج، والأرز، وحتى بذور الخردل الأخضر، حيث يكون لها مذاق مختلف تماما عن أي مكان آخر. وتقول: «أبحث عن شخص كثير الحركة للحصول على المكونات الطازجة».
يشتري سانجاي رانيا، وهو واحد من مشاهير الطهاة، المكونات الطازجة لوجبة «وازوان» المكونة من عدة أطباق من المطبخ الكشميري، من إقليم كشمير. كذلك يشتري الزعفران والبهارات المتنوعة، وحتى السبانخ الكشميرية الشهيرة من كشمير. وقد بدأت قصته مع الطهي المنزلي حين دشّن موقع «ميلابيليتي» الذي استهدف تعريف الناس في مختلف أنحاء العالم بثقافة وموسيقى ومطبخ إقليم كشمير. وسرعان ما بدأ يتلقى الطلبات من العملاء. وقال: «لقد قبلت طلبا واحدا لإعداد طعام كشميري لمجموعة مكونة من 20 فردا، واعتقدت أنّ الأمر سيتوقف عند هذا الحد، لكنّني فوجئت بسيل من الطلبات بعد ذلك».
* رئيس نفسه
من المميزات الأخرى التي يتمتع بها الطهاة المنزليون أنّهم رؤساء أنفسهم. وتستطيع غيتيكا التي أصبحت أما العام الماضي، اختيار حجم العمل ومكانه ووقته بما يتناسب مع وضعها. وبالتالي تستطيع نيشا التي تعمل مع «ماسالابوكس» أن تخبز للعملاء حين يكون لديها وقت فراغ. ويمكن لنيشا المشاركة في معارض الطعام، واستعراض مهاراتها إذا ما أرادت ذلك.
* المطبخ المتخصص
بعيدا عن صفوف الانتظار الطويلة وحجز الطاولات، يقدم الطهاة المنزليين طعاما لذيذا معدّا في المنزل ومستهلما من الوصفات القديمة. لا تُعدّ هذه الوجبات بحب فحسب، بل أيضا بشغف لا ينفد تجاه الحفاظ على الوصفات القديمة، وإعادة إحيائها.
ولماما أكا نجمة أدبولار مطبخها الخاص الذي يتخصص في مذاقات الموبلا بولاية كيرلا. وهي أم لثلاثة أطفال. بدأت العمل طاهية من المنزل بعد طلبات كثيرة من زملاء ابنتها، وفي ذلك تقول: «لقد اعتدت تحضير الطعام لابنتي، وبدأ زملاؤها يطلبون مني أن أطهو لهم أيضاً». فوافقت، وبدأت بتحضير الأطباق في أوقات فراغها؛ لتتحوّل إلى طاهية منزلية.
وتقدم أنانيا بانيرجي أصنافا تقليدية من الطعام الإثيوبي من منزلها. ولا يخلو أي طبق من إينجيرا وهي كعكة خميرية أسفنجية، تقليدية مصنوعة من دقيق التف، وتعتبر الطبق الوطني في إثيوبيا وإريتريا. وتوضح أنانيا أنّ الإثيوبيين يحبون الانتقال إلى الطبق الرئيسي على الفور، لذا ابتكرت قليلا بتقديمها للحمص بنكهة صلصة البيري بيري الشهية مع المقرمشات المتنوعة والبقدونس والكريمة. كذلك تعدّ كانبيه الذرة الحلوة ومقبلات الدجاج اللذيذة في أكواب من الخبز المقدمة في إناء خزفي. وتوضح أنانيا قائلة: «يملّ الناس من تناول نوع الطعام نفسه، ومن أجواء المطاعم. إنهم يريدون تجربة مختلفة».
* طريق الاحتراف
اتخذ بعض هؤلاء الطهاة طريق الاحتراف. من أكبر الأسماء التي ظهرت كان اسم موناف كاباديا، الموظف السابق في «غوغل»، ووالدته نفيسه كاباديا، اللذين دشنا «مطبخ بوهري» في منزلهما. وتُعِد نفيسه كل يوم خميس البهارات الخاصة بفخذ الضأن التي تُنقع وتُطهى على نار هادئة على مدى اليومين المقبلين؛ وبحلول يوم السبت يكون الفخذ جاهزا للتقديم لـ15 ضيفا قدموا من أجل تناول الغداء في «مطبخ بوهري» في منزل آل كاباديا في حي كولابا الصغير في مومباي.
ويدفع الزوار نحو 30 دولارا مقابل الاستمتاع بوجبة أصلية تشمل أصنافا مثل سمبوسك «كيما» الضأن، وهي معجنات مقلية محشوة بلحم الضأن المفري المدخن، والبصل الأخضر، والكزبرة، وتُقدّم بالليمون، وصلصة تشاتني النعنع، أو روشت الدجاج، وهو طبق من الدجاج المطهي مع البصل المقلي، ومرقة اللحم باللبن الرائب، ويقدم مع البيض المسلوق والبطاطا المقلية. كل هذه الأطباق من إعداد نفيسة.
تقول نفيسة: «يصرّ موناف على عدم التوسع بشكل كبير». لذا تُجري الأسرة فحصا لخلفية الأفراد الذين يأتون إلى المنزل، وكذلك تجري حوارا موجزا معهم على الإنترنت قبل حجز مقعدهم. فيما يضيف موناف: «لا يمكنك حجز مكان في مطبخنا، بل عليك التقدم بطلب إلينا للحصول عليه».
تخلّت غيتيكا سايكيا عن عملها في مجال التسويق، بعد 13 سنة، لتدير عملها الخاص الذي أطلقت عليه اسم «غيتيكاز باكغور» حيث تُعد طعاما قبليا سامياً، وتقدمه إلى من تصفهم بـ«محبي الطعام المتطورين».
إن هذا الزمن هو الزمن المناسب لتكون طاهيا منزلياً؛ وهو كذلك أنسب وقت للعملاء الذين أصبح متاحا لهم فرصة الاستمتاع بأطباق ساخنة صحية ولذيذة من دون الحاجة إلى دخول المطبخ.



«عناب براسري» منافس قوي على ساحة الأكل اللبناني بلندن

ديكور أنيق ومريح (الشرق الاوسط)
ديكور أنيق ومريح (الشرق الاوسط)
TT

«عناب براسري» منافس قوي على ساحة الأكل اللبناني بلندن

ديكور أنيق ومريح (الشرق الاوسط)
ديكور أنيق ومريح (الشرق الاوسط)

عندما يأتي الكلام عن تقييم مطعم لبناني بالنسبة لي يختلف الأمر بحكم نشأتي وأصولي. المطابخ الغربية مبنية على الابتكار والتحريف، وتقييمها يعتمد على ذائقة الشخص، أما أطباق بلاد الشام فلا تعتمد على الابتكار على قدر الالتزام بقواعد متَّبعة، وإنني لست ضد الابتكار من ناحية طريقة التقديم وإضافة اللمسات الخاصة تارة، وإضافة مكون مختلف تارة أخرى شرط احترام تاريخ الطبق وأصله.

التبولة على أصولها (الشرق الاوسط)

زيارتي هذه المرة كانت لمطعم لبناني جديد في لندن اسمه «عناب براسري (Annab Brasserie)» فتح أبوابه في شارع فولهام بلندن متحدياً الغلاء والظروف الاقتصادية العاصفة بالمدينة، ومعتمداً على التوفيق من الله والخبرة والطاهي الجيد والخبرة الطويلة.

استقبلنا بشير بعقليني الذي يتشارك ملكية المشروع مع جلنارة نصرالدين، وبدا متحمساً لزيارتي. ألقيت نظرة على لائحة الطعام، ولكن بشير تولى المهمة، وسهَّلها عليَّ قائلاً: «خلّي الطلبية عليّ»، وأدركت حينها أنني على موعد مع مائدة غنية لا تقتصر على طبقين أو ثلاثة فقط. كان ظني في محله، الرائحة سبقت منظر الأطباق وهي تتراص على الطاولة مكوِّنة لوحة فنية ملونة مؤلَّفة من مازة لبنانية حقيقية من حيث الألوان والرائحة.

مازة لبنانية غنية بالنكهة (الشرق الاوسط)

برأيي بوصفي لبنانية، التبولة في المطعم اللبناني تكون بين العلامات التي تساعدك على معرفة ما إذا كان المطعم جيداً وسخياً أم لا، لأن هذا الطبق على الرغم من بساطته فإنه يجب أن يعتمد على كمية غنية من الطماطم واللون المائل إلى الأحمر؛ لأن بعض المطاعم تتقشف، وتقلل من كمية الطماطم بهدف التوفير، فتكون التبولة خضراء باهتة اللون؛ لأنها فقيرة من حيث الليمون وزيت الزيتون جيد النوعية.

جربنا الفتوش والمقبلات الأخرى مثل الحمص والباباغنوج والباذنجان المشوي مع الطماطم ورقاقات الجبن والشنكليش والنقانق مع دبس الرمان والمحمرة وورق العنب والروبيان «الجمبري» المشوي مع الكزبرة والثوم والليمون، ويمكنني الجزم بأن النكهة تشعرك كأنك في أحد مطاعم لبنان الشهيرة، ولا ينقص أي منها أي شيء مثل الليمون أو الملح، وهذا ما يعلل النسبة الإيجابية العالية (4.9) من أصل (5) على محرك البحث غوغل بحسب الزبائن الذين زاروا المطعم.

الروبيان المشوي مع الارز (الشرق الاوسط)

الطاهي الرئيسي في «عناب براسري» هو الطاهي المعروف بديع الأسمر الذي يملك في جعبته خبرة تزيد على 40 عاماً، حيث عمل في كثير من المطاعم الشهيرة، وتولى منصب الطاهي الرئيسي في مطعم «برج الحمام» بلبنان.

يشتهر المطعم أيضاً بطبق المشاوي، وكان لا بد من تجربته. الميزة كانت في نوعية اللحم المستخدم وتتبيلة الدجاج، أما اللحم الأحمر فهو من نوع «فيليه الظهر»، وهذا ما يجعل القطع المربعة الصغيرة تذوب في الفم، وتعطيها نكهة إضافية خالية من الدهن.

حمص باللحمة (الشرق الاوسط)

المطعم مقسَّم إلى 3 أقسام؛ لأنه طولي الشكل، وجميع الأثاث تم استيراده من لبنان، فهو بسيط ومريح وأنيق في الوقت نفسه، وهو يضم كلمة «براسري»، والديكور يوحي بديكورات البراسري الفرنسية التي يغلب عليها استخدام الخشب والأرائك المريحة.

زبائن المطعم خليط من العرب والأجانب الذين يقطنون في منطقة فولهام والمناطق القريبة منها مثل شارع كينغز رود الراقي ومنطقة تشيلسي.

بقلاوة بالآيس كريم (الشرق الاوسط)

في نهاية العشاء كان لا بد من ترك مساحة ليكون «ختامه حلوى»، فاخترنا الكنافة على الطريقة اللبنانية، والبقلاوة المحشوة بالآيس كريم، والمهلبية بالفستق الحلبي مع كأس من النعناع الطازج.

المطاعم اللبنانية في لندن متنوعة وكثيرة، بعضها دخيل على مشهد الطعام بشكل عام، والبعض الآخر يستحق الوجود والظهور والمنافسة على ساحة الطعام، وأعتقد أن «عناب» هو واحد من الفائزين؛ لأنه بالفعل من بين النخبة التي قل نظيرها من حيث المذاق والسخاء والنكهة وروعة المكان، ويستحق الزيارة.