رحيل «صقر» السياسة الأميركية خلال الحرب الباردة

عمل مستشاراً لكارتر ولعب دوراً في «كامب ديفيد» وأزمة الرهائن بإيران

بريجنسكي يتحدث خلال منتدى فكري في واشنطن في 9 مارس 2015 (رويترز)
بريجنسكي يتحدث خلال منتدى فكري في واشنطن في 9 مارس 2015 (رويترز)
TT

رحيل «صقر» السياسة الأميركية خلال الحرب الباردة

بريجنسكي يتحدث خلال منتدى فكري في واشنطن في 9 مارس 2015 (رويترز)
بريجنسكي يتحدث خلال منتدى فكري في واشنطن في 9 مارس 2015 (رويترز)

توفي زبينيو بريجنسكي مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي الأسبق جيمي كارتر وصقر السياسية الخارجية الأميركية إبان الحرب الباردة، عن 89 عاما، في فولز تشرش بولاية فرجينيا.
وقالت ابنته ميكا بريجنسكي على موقع «إنستغرام» إن «والدي توفي بسلام مساء» الجمعة. وأضافت ميكا الصحافية في تلفزيون «إم إس إن بي سي»: «لقد كان معروفا بين أصدقائه باسم زبيغ، وبين أحفاده باسم الزعيم ولدى زوجته حبها الأبدي الوحيد. لقد كان الأب الأكثر إلهاماً ووداً وتفانياً».
وزبينيو بريجنسكي إحدى الشخصيات المؤثرة في السياسة الخارجية الأميركية، ولد في 28 مارس (آذار) 1928 في وارسو لأب دبلوماسي. وقرر والده الذي كان يعمل في مونتريال خلال الحرب العالمية الثانية، ألا يعود إلى بولندا التي أصبحت تحت الحكم الشيوعي، ولذلك درس الشاب العلوم السياسية والاقتصادية في جامعة ماكغيل في مونتريال ثم في هارفرد. وبعد أن قدم أطروحة الدكتوراه حول «الحكم الشمولي السوفياتي وعمليات التطهير» في 1956، أصبح أستاذا في جامعة كولومبيا في نيويورك حيث تولى إدارة معهد الشؤون الشيوعية (1966 - 1968).
وعمل في إدارة الرئيس ليندون جونسون. وبما أنه تخصص في قضايا الشيوعية والعلاقات بين الشرق والغرب، أصبح «مساعدا خاصاً» للرئيس جيمي كارتر مكلفاً مسائل الدفاع (1977 - 1981) ومدير مجلس الأمن القومي في البيت الأبيض.
وكان القوة المحركة وراء مهمة الكوماندوز الأميركيين الفاشلة لإنقاذ الرهائن في إيران بعد قيام الثورة في 1979، واستقال إثر ذلك. وكان يؤمن بأن النفوذ السوفياتي سيجتاح إيران إذا لم تتغلب القوة الأميركية في الأزمة.
ومع أنه كان ديمقراطيا، فقد تبنى مواقف أقرب إلى المحافظين في مجال الأمن القومي. وكان من المنتقدين الأشداء للاتحاد السوفياتي، كما ساعد على التوسط في التوصل إلى اتفاقات كامب ديفيد وعمل على تطبيع علاقات بلاده مع الصين. ورغم أنه معارض شرس للشيوعية، فإنه كان يؤمن بأنه يجب التعامل مع المصالح الأميركية في العالم من زاوية الاستراتيجية والعملية وليس الآيديولوجية.
وقال الرئيس الأسبق كارتر في بيان إن بريجنسكي كان عبقريا ومتفانيا ومخلصا. وأضاف: «أنا و(زوجتي) روزالين شعرنا بالحزن لوفاة زبيجنيو بريجنسكي. كان جزءا مهما من حياتنا لأكثر من أربعة عقود وكان موظفا عاما ممتازا». بدوره، وصف الرئيس السابق باراك أوباما بريجنسكي بأنه «موظف عام قدير ومفكر نافذ ومدافع متحمس عن القيادة الأميركية». وتابع: «امتد تأثيره على مدى عدة عقود وكنت واحدا من بين عدة رؤساء استفادوا من حكمته ومشورته... ساعدت أفكاره ومواقفه على تشكيل سياسة الأمن القومي الأميركية لعقود». ولبريجنسكي وزوجته إميلي ثلاثة أبناء.
وظل بريجنسكي أستاذاً ناشطاً ومؤلفاً حتى في الثمانينات من العمر. ولم يؤيد انتخاب الرئيس دونالد ترمب، وانتقد سياسته الخارجية التي وصفتها بأنها «غامضة». وفي فبراير (شباط) الماضي، بعث بتغريدة «هل لدى أميركا سياسة خارجية الآن؟». وأضاف: «يجب على الرئيس أن يوضح السبب في أن أميركا مهمة بالنسبة للعالم، وكذلك لماذا هو العالم مهم بالنسبة لأميركا». وفي عام 2011 ألف كتاب «الرؤية الاستراتيجية: أميركا وأزمة القوة العظمى»، قال فيه إن قوة الولايات المتحدة في الخارج مهمة لاستقرار العالم. ولكن ذلك يعتمد على قدرة أميركا على تعزيز «التوافق الاجتماعي والاستقرار الديمقراطي» داخل البلاد، في إشارة إلى الحاجة إلى التقليل من عدم المساواة في الدخل والاستجابة بشكل منطقي للتغير المناخي. وطور علاقاته مع كارتر في «اللجنة الثلاثية» وهي مجموعة أنشأها ديفيد روكفلر في 1973 كمنتدى لقادة السياسة والأعمال من أميركا الشمالية وأوروبا الغربية واليابان. وكان بريجنسكي أول مدير لهذه اللجنة.
وتدفقت التعازي بوفاة بريجنسكي في بلده الأصلي بولندا. ففي بيان قال وزير الخارجية البولندي فيتولد فايشايكوفسكي «خسر العالم مفكرا فذّا ودبلوماسيا خبيرا ورجلا شريفا وبولنديا فخورا». وأضاف أن بريجنسكي «لم ينس بلده الأصلي مطلقا.. وخلال موقفه المتشدد من الاتحاد السوفياتي لعب بريجنسكي دورا مهما في انهيار النظام الشيوعي الاستبدادي الذي فرض على دول وسط وشرق أوروبا بعد الحرب العالمية الثانية». وفي تغريدة قال الرئيس البولندي أندريه دودا «رحل زبينيو بريجنسكي. لقد كان صوت بولندا في البيت الأبيض. بولندا حرة لأنه سعى من دون كل أو ملل لتحقيق حريتنا». وأضاف: «بريجنسكي، شكرا لك».



الاتجار بالبشر يرتفع بشكل حاد عالمياً...وأكثر من ثُلث الضحايا أطفال

رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)
رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)
TT

الاتجار بالبشر يرتفع بشكل حاد عالمياً...وأكثر من ثُلث الضحايا أطفال

رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)
رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)

ذكر تقرير للأمم المتحدة -نُشر اليوم (الأربعاء)- أن الاتجار بالبشر ارتفع بشكل حاد، بسبب الصراعات والكوارث الناجمة عن المناخ والأزمات العالمية.

ووفقاً للتقرير العالمي بشأن الاتجار بالأشخاص والصادر عن مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة، فإنه في عام 2022 -وهو أحدث عام تتوفر عنه بيانات على نطاق واسع- ارتفع عدد الضحايا المعروفين على مستوى العالم 25 في المائة فوق مستويات ما قبل جائحة «كوفيد- 19» في عام 2019. ولم يتكرر الانخفاض الحاد الذي شهده عام 2020 إلى حد بعيد في العام التالي، وفقاً لما ذكرته وكالة «رويترز» للأنباء.

وقال التقرير: «المجرمون يتاجرون بشكل متزايد بالبشر لاستخدامهم في العمل القسري، بما في ذلك إجبارهم على القيام بعمليات معقدة للاحتيال عبر الإنترنت والاحتيال الإلكتروني، في حين تواجه النساء والفتيات خطر الاستغلال الجنسي والعنف القائم على النوع»، مضيفاً أن الجريمة المنظمة هي المسؤولة الرئيسية عن ذلك.

وشكَّل الأطفال 38 في المائة من الضحايا الذين تمت معرفتهم، مقارنة مع 35 في المائة لأرقام عام 2020 التي شكَّلت أساس التقرير السابق.

وأظهر التقرير الأحدث أن النساء البالغات ما زلن يُشكِّلن أكبر مجموعة من الضحايا؛ إذ يُمثلن 39 في المائة من الحالات، يليهن الرجال بنسبة 23 في المائة، والفتيات بنسبة 22 في المائة، والأولاد بنسبة 16 في المائة.

وفي عام 2022؛ بلغ إجمالي عدد الضحايا 69 ألفاً و627 شخصاً.

وكان السبب الأكثر شيوعاً للاتجار بالنساء والفتيات هو الاستغلال الجنسي بنسبة 60 في المائة أو أكثر، يليه العمل القسري. وبالنسبة للرجال كان السبب العمل القسري، وللأولاد كان العمل القسري، و«أغراضاً أخرى» بالقدر نفسه تقريباً.

وتشمل تلك الأغراض الأخرى الإجرام القسري والتسول القسري. وذكر التقرير أن العدد المتزايد من الأولاد الذين تم تحديدهم كضحايا للاتجار يمكن أن يرتبط بازدياد أعداد القاصرين غير المصحوبين بذويهم الذين يصلون إلى أوروبا وأميركا الشمالية.

وكانت منطقة المنشأ التي شكلت أكبر عدد من الضحايا هي أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى بنسبة 26 في المائة، رغم وجود كثير من طرق الاتجار المختلفة.

وبينما يمكن أن يفسر تحسين الاكتشاف الأعداد المتزايدة، أفاد التقرير بأن من المحتمل أن يكون مزيجاً من ذلك ومزيداً من الاتجار بالبشر بشكل عام.

وكانت أكبر الزيادات في الحالات المكتشفة في أفريقيا جنوب الصحراء وأميركا الشمالية ومنطقة غرب وجنوب أوروبا، وفقاً للتقرير؛ إذ كانت تدفقات الهجرة عاملاً مهماً في المنطقتين الأخيرتين.