إتفاق ينهي إضراب 40 يوما للأسرى الفلسطينيين

يتضمن إنهاء العزل وزيادة الزيارات... وتأجيل مطالب أخرى مثل التعليم

فلسطينيون في غزة يعبرون عن فرحتهم بعد الإعلان عن التوصل لاتفاق ينهي إضراب الأسرى (أ.ف.ب)
فلسطينيون في غزة يعبرون عن فرحتهم بعد الإعلان عن التوصل لاتفاق ينهي إضراب الأسرى (أ.ف.ب)
TT

إتفاق ينهي إضراب 40 يوما للأسرى الفلسطينيين

فلسطينيون في غزة يعبرون عن فرحتهم بعد الإعلان عن التوصل لاتفاق ينهي إضراب الأسرى (أ.ف.ب)
فلسطينيون في غزة يعبرون عن فرحتهم بعد الإعلان عن التوصل لاتفاق ينهي إضراب الأسرى (أ.ف.ب)

أنهى نحو 1300 أسير فلسطيني إضراباً مفتوحاً عن الطعام استمر 40 يوماً مع بدء شهر رمضان أمس، وذلك بعد التوصل إلى اتفاق لم تتضح معالمه بعد، لكنه يرتكز على الالتزام بتحقيق بعض المطالب وتأجيل أخرى.
وقال عيسى قراقع، رئيس هيئة شؤون الأسرى، إن مفاوضات استمرت نحو 20 ساعة مع قيادة الإضراب انتهت باتفاق ستعلن تفاصليه لاحقا.
وجاء في بيان للجنة الإضراب، أن الأسرى علقوا إضرابهم المفتوح عن الطعام، الذي شرعوا فيه منذ 17 أبريل (نيسان) 2017، بعد مفاوضات طويلة جرت بين إدارة سجون الاحتلال وبين قيادة الإضراب، وعلى رأسها القائد مروان البرغوثي، في سجن «عسقلان»؛ حيث تمّ التوصل إلى اتفاق مع إدارة السجون حول المطالب الإنسانية العادلة المطروحة من قبل الأسرى.
وتلا البيان عضو اللجنة المركزية لحركة فتح جمال محيسن، خلال مؤتمر جماهيري عقد في ميدان «الشهيد ياسر عرفات» وسط مدينة رام الله. وقال محيسن: «بناء على هذا الاتفاق الذي ستعلن تفاصيله في وقت لاحق، تمّ تعليق الإضراب. واللجنة الوطنية لمساندة الإضراب تعلن اليوم انتصار الأسرى والشعب الفلسطيني في ملحمة الدفاع عن الحرية والكرامة، وتوجّه التحية والتقدير إلى أبطالنا الأسرى الذين بصمودهم وإرادتهم أحرزوا هذا الانتصار العظيم، وتحدّوا كل وسائل البطش والقمع، وكل محاولات حكومة الاحتلال كسر الإضراب وإفشال مطالب الأسرى، ولم يتراجعوا ولم يستسلموا رغم الظروف القاسية والصعبة والإجراءات الخطيرة التي طبقت عليهم خلال 41 يوماً من الإضراب».
ووجهت اللجنة الوطنية تحياتها إلى الشعب وإلى عائلات وأمهات الأسرى الصابرات الفاضلات، ولكل الذين وقفوا إلى جانب معركة الأسرى في الوطن والشتات، ولكل المؤسسات الدولية والحقوقية والبرلمانية، التي ساندت ودعمت مطالب الأسرى المشروعة، كما وجهت التحية للرئيس محمود عباس والقيادة والحكومة على الدعم، والتحرك على جميع المستويات السياسية والحقوقية لحماية الأسرى والانتصار لمطالبهم الإنسانية.
ولم تتضح أمس تفاصيل الاتفاق، لكن إدارة مصلحة السجون قالت إنها ستعيد الزيارة الشهرية الثانية لعائلات المعتقلين، التي كانت قد ألغتها من قبل.
وقالت مصادر فلسطينية لـ«الشرق الأوسط» إن إدارة مصلحة السجون أعطت ضمانات بتحقيق عدد من المطالب، ولكن ليس تحت ضغط الإضراب.
وبحسب المصادر، وعدت إدارة مصلحة السجون بعد التأكد من أن جميع الأسرى أنهوا إضرابهم، بتحقيق عدة أمور من بينها إنهاء العزل الانفرادي، وإعادة قادة الإضراب إلى سجونهم، والأخذ بطلبات الأسرى فيما يخص ترتيبات الطعام وإعادة التعليم لهم. وقد ساهمت السلطة الفلسطينية بالتوصل إلى الاتفاق من خلال مفاوضات خارجية سبقت المفاوضات الداخلية.
وكان الرئيس الفلسطيني محمود عباس، أكد قبل يومين فقط أنه طالب المبعوث الأميركي جيسون غرينبلات بالتدخل في قضية الأسرى للضغط على إسرائيل لتحقيق مطالبهم، وإنهاء إضرابهم.
وقال عباس في مستهل اجتماع للجنة المركزية لحركة فتح إن «قضية الأسرى تم بحثها بشكل معمق مع المبعوث الأميركي غرينبلات، لنرى ماذا يمكن للجانب الأميركي أن يعمل في هذا المجال... وقد شرحنا للمبعوث الأميركي قضية إضراب الأسرى بشكل تفصيلي، ونأمل خلال الفترة القليلة المقبلة أن نكون على اتصال معه من أجل أن يعطينا جواباً من قبل الجانب الإسرائيلي حول مطالب أسرانا».
وأضاف عباس موضحاً: «العالم كله يعرف أن مطالب الأسرى إنسانية، ولا يوجد لدى إسرائيل أي مبرر لرفضها، خاصة أن هذه المطالب كانت موجودة في الماضي، وإسرائيل تحاول أن تعاقب أسرانا، وتعاقبنا برفضها هذه المطالب الإنسانية، ونحن صابرون وصامدون حتى نحصل على حل يرضى الجميع».
وكان المضربون يتطلعون إلى إنهاء سياسة العزل والاعتقال الإداري، إضافة إلى المطالبة بتركيب هاتف عمومي للأسرى الفلسطينيين للتواصل مع ذويهم، ومجموعة من المطالب التي تتعلق في زيارات ذويهم وإنهاء سياسة الإهمال الطبي، والسماح بإدخال الكتب والصحف والقنوات الفضائية، إضافة إلى مطالب حياتية أخرى.
وقالت مصادر إسرائيلية إن الجانب الإسرائيلي يحرص في هذا الوقت على التقليل من التعليقات على الإضراب، للتأكد من أن الإضراب انتهى بالفعل، والأسرى عادوا لتناول طعامهم.
واتهمت إسرائيل في وقت سابق مروان البرغوثي، الذي قاد الإضراب، بأنه يريد تحقيق مكاسب سياسية، لكن البرغوثي حظي بدعم سياسي فلسطيني وشعبي كذلك.
وعبرت حركة فتح عن فخرها واعتزازها بـ«صمود وانتصار إرادة أسرانا البواسل خلف قضبان الاحتلال الإسرائيلية على الجلاد»، مؤكدة أنها كانت واثقة تماما من انتصارهم الحتمي.
وقال المتحدث باسم الحركة أسامة القواسمي في تصريح صحافي إن «الإرادة الفلسطينية تنتصر حتما على الظلم، وأسرانا البواسل الذين خاضوا إضرابا عن الطعام استمر لواحد وأربعين يوما بقيادة الأخ المناضل مروان برغوثي، عضو اللجنة المركزية لحركة فتح، وكريم يونس، سجلوا أعلى درجات العزة والكرامة للشعب الفلسطيني كله، وهذا لم يكن ليتحقق لولا صمودهم أولا، والالتفاف الجماهيري الواسع حولهم، والجهود التي تم بذلها من القيادة الفلسطينية وعلى رأسها الرئيس محمود عباس».
كما هنأت حركة حماس الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال بانتصارهم في معركة الإضراب عن الطعام «وإجبار العدو على الرضوخ لشروطهم والاستجابة لمطالبهم العادلة وحقوقهم المشروعة». وقالت الحركة إن قضية الأسرى «ستبقى حاضرة بقوة وعلى سلم أولويات الحركة حتى تحريرهم وعودتهم إلى أهلهم سالمين»، وتوجهت بالتحية للأسرى وذويهم وأبناء الشعب الفلسطيني بشرائح ومكوناته في الداخل والشتات كافة بانتصار الأسرى.
وعدت حماس «انتصار الأسرى بمثابة انتصار الحق على الباطل، وتأكيد على أن الشعب الفلسطيني يصنع المستحيل ويحقق الانتصار في ميادين الصراع كافة مع الاحتلال الصهيوني عبر تمسكه بخيار الوحدة والصبر والثبات والإرادة».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.