مواجهات واعتقالات أمام سجون إسرائيل تضامناً مع الأسرى المضربين

نقل عدد من السجناء إلى المستشفيات في اليوم الأربعين للإضراب

عناصر من الجيش الإسرائيلي يعتقلون فلسطينيا أثناء مظاهرة لتأييد الأسرى المضربين في قرية بيتا بالضفة أمس (رويترز)
عناصر من الجيش الإسرائيلي يعتقلون فلسطينيا أثناء مظاهرة لتأييد الأسرى المضربين في قرية بيتا بالضفة أمس (رويترز)
TT

مواجهات واعتقالات أمام سجون إسرائيل تضامناً مع الأسرى المضربين

عناصر من الجيش الإسرائيلي يعتقلون فلسطينيا أثناء مظاهرة لتأييد الأسرى المضربين في قرية بيتا بالضفة أمس (رويترز)
عناصر من الجيش الإسرائيلي يعتقلون فلسطينيا أثناء مظاهرة لتأييد الأسرى المضربين في قرية بيتا بالضفة أمس (رويترز)

أدى مئات الفلسطينيين، أمس، صلاة الجمعة أمام سجن الجلمة ومستشفى سوروكا في بئر السبع، وذلك ضمن فعاليات إسناد الأسرى في السجون الإسرائيلية الذين دخل إضرابهم عن الطعام يومه الأربعين أمس.
وفي حين أصيب عشرات المواطنين الذين تظاهروا في مختلف المدن بالضفة الغربية، أبلغت مصادر طبية عن انهيار صحي شامل لغالبية الأسرى، وفي مقدمتهم رئيس الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين أحمد سعدات، والقائدين الفتحاويين عاهد غلمة ومحمد القيق، الذين يقبعون في سجن «أوهليكدار»، والذين نقلوا إلى المستشفى في حالة خطيرة وهم يتقيأون دماً.
وقال عيسى قراقع، رئيس هيئة شؤون الأسرى والمحررين، أمس، إن «الأسرى لم يستسلموا لإرهاب الاحتلال الذي يستغل زيادة معاناتهم فقط، بل قرروا أيضاً رفع سقف مطالبهم بالاعتراف بهم كأسرى حرب، ونقلهم إلى سجون داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة، حسب متطلبات القانون الدولي، وليس في إسرائيل المصنفة كدولة احتلال في الضفة الغربية، وذلك في ضوء عدم تجاوب إسرائيل مع مطالبهم، واستمرارها في التصعيد والقيام بإجراءات تعسفية وقمعية بحقهم».
وكشف قراقع أنه تلقى رسالة من الأسرى المحررين المضربين عن الطعام، عن طريق الأسيرين المحررين حديثاً أحمد حسني عوض، من سكان أبو ديس، الذي أمضى سنة ونصف السنة في سجون الاحتلال، وعلي عيسى حسين، من سكان بيت دقو قرب رام الله، الذي أمضى 18 شهراً في السجون، وذلك خلال استقبالهما في مستشفى بيت جالا الحكومي في بيت لحم.
ودخل إضراب الأسرى أمس يومه الأربعين، وسط أنباء عن نقل المئات منهم إلى المشافي لتلقي العلاج بسبب خطورة أوضاعهم الصحية. وقالت اللّجنة الإعلامية المنبثقة عن هيئة شؤون الأسرى والمحررين ونادي الأسير الفلسطيني إن مصلحة السجون، وفقاً لأوامر حكومة بنيامين نتنياهو، صعدت الأمور إلى أخطر إجراء منذ بدء الإضراب، حيث بدأت بعض المستشفيات الإسرائيلية بمناقشة عملية تنفيذ التغذية القسرية بحق الأسرى المضربين عن الطعام.
ودعا رئيس هيئة شؤون الأسرى ورئيس نادي الأسير قدورة فارس المؤسسات الدولية، وعلى رأسها منظمة الصحة الدولية والمؤسسات الحقوقية الدولية، إلى أن تتحمل مسؤوليتها قبل أن تدفع هذه الخطوة كل الأسرى المضربين للتوقف عن شرب الماء، خصوصاً أن المعلومات التي تصل خلال الأيام القليلة الماضية تؤكد مدى خطورة الأوضاع الصحية التي وصل لها الأسرى بعد 39 يوماً على الإضراب.
من جانبه، قال مركز المعلومات الإسرائيلي لحقوق الإنسان في الأراضي المحتلة (بتسيلم) إن حكومة إسرائيل تتجاهل التزاماتها تجاه الأسرى الذين تدهور وضعهم الصحّي، وحذر بشدة من أن تلجأ إلى خيار التغذية القسريّة، وقال إن إرغام الأسير المضرب عن الطعام على تناول الطعام، خلافاً لرغبته، يعد أمراً خطيراً وبمثابة تعذيب، مشدداً على أن التغذية القسرية ممنوعة أيضًا لأنها تمسّ بكرامة الإنسان وبحقّه في تقرير مصير جسده، وأيضاً بحقّه في التعبير عن احتجاجه بالطريقة التي يختارها.
وفي السياق ذاته، هددت نقابة الأطباء الإسرائيلية بمعاقبة أي طبيب يهادن مصلحة السجون، ويقوم بتنفيذ التغذية القسرية، مؤكدة أن هذه طريقة تعذيب محرمة وتتناقض مع قسم الطبيب.
وكانت نشاطات التضامن مع الأسرى قد عمت البلدات العربية في إسرائيل وفي الضفة الغربية. وأقيمت صلاة الجمعة أمام سجن الجلمة الذي يقبع فيه مروان البرغوثي، وأمام مستشفى بئر السبع الذي يقبع فيه عشرات الأسرى. وأقيمت هاتان الصلاتان بدعوة من لجنة المتابعة العليا للجماهير العربية، ولجنة الحريات والأسرى المنبثقة عنها. وألقى خطبة الجمعة أمام سجن الجلمة الشيخ رائد صلاح، وأمام مستشفى بئر السبع النائب عن القائمة المشتركة طلب أبو عرار. وشدد الخطيبان على ضرورة بذل كل الجهود للوقوف إلى جانب الأسرى، ونقل رسالتهم الإنسانية للعالم للتحرك الفوري، والتدخل من أجل وقف الانتهاكات بحقهم والاستجابة لمطالبهم.
وفي الضفة الغربية، أصيب عشرات الشبان الفلسطينيين برصاص قوات الاحتلال الإسرائيلي، وجراء استنشاق الغاز المسيل للدموع خلال قمع المظاهرات والمسيرات المساندة للأسرى. وانطلقت المظاهرات من مختلف المدن في الضفة الغربية وغزة بعد صلاة الجمعة. وأطلقت قوات الاحتلال النار الكثيف والغاز المسيل للدموع باتجاه متظاهرين على حدود بلدة خزاعة شرق محافظة خان يونس جنوب قطاع غزة، ما أدى إلى إصابة 3 شبان بالرصاص الحي. وبالتوازي مع ذلك، اندلعت تظاهرات عشرات الشبان قرب السياج الحدودي شرق مدينة غزة، وشرق مخيم البريج بالمحافظة الوسطى، وأطلقت قوات الاحتلال قنابل الغاز باتجاههم دون الإبلاغ عن وقوع إصابات.
وفي رام الله، اندلعت مواجهات مع الاحتلال في 4 نقاط بالمحافظة، وهي نعلين وسجن عوفر والنبي صالح وبلعين. وأوضحت المصادر أن جنديين إسرائيليين أصيبا في المواجهات. أما في أريحا، فقال الهلال الأحمر الفلسطيني إن 7 شبان أصيبوا بالرصاص المطاطي خلال المواجهات مع قوات الاحتلال، وتم نقلهم للعلاج بمستشفيات المدينة.
في غضون ذلك، اندلعت مواجهات بين الشبان وجنود الاحتلال على المدخل الشمالي لبيت لحم نصرة، تضامناً مع الأسرى المضربين عن الطعام، وكذلك في بلدتي الخضر وبيت أمر.



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».