كشفت رسالة رسمية موجهة من وزارة العدل في حكومة النظام إلى رئاسة مجلس الوزراء عن استياء داخل حكومة النظام من الأداء الإعلامي الرسمي وغير الرسمي، وجاء تسريب تلك الرسالة إلى الصفحات الإخبارية السورية الموالية للنظام في مواقع التواصل الاجتماعية لتكشف حجم الارتباك الحاصل في إعلام النظام، الذي تشرف عليه رسمياً وزارة الإعلام وإدارة التوجيه المعنوي في الجيش والقوات المسلحة، بينما تتحكم به واقعياً الأجهزة الأمنية.
جاء ذلك بعد أقل من يومين على تفجير الصحافي الإسرائيلي جوناثان سباير مفاجأةً من العيار الثقيل جاءت بمثابة الصفعة لموالي النظام السوري، حيث نُشِر السبت، في صحيفة «جيروزاليم بوست» مقالة تحدث فيها عن دخوله إلى دمشق ومناطق سيطرة النظام ولقائه مع وزراء وضباط في النظام. وقد وصف سباير الأسد بأنه «تاج أجوف»، كاشفاً عن أنه دخل ضمن وفد غربي من تلك الوفود التي تدعوها وزارة الإعلام التابعة للنظام لزيارة دمشق. كما نشر الصحافي الإسرائيلي الذي يحمل جواز سفر بريطاني ويعمل باحثا في مركز «غلوريا» على صفحته بموقع «فيسبوك»، صوراً له أثناء اجتماعه مع وزراء ومسؤولين في النظام.
ولم يكد إعلاميو النظام أن يستفيقوا من صدمة دخول صحافي إسرائيلي إلى دمشق عبر بوابة النظام حتى جاءتهم أنباء مساعي الحكومة لتضييق الخناق عليهم، وفق ما ورد في الرسالة التي تم تسريبها ليل يوم الاثنين الماضي، والتي تعد وثيقة رسمية صادرة عن وزارة العدل في حكومة النظام، وموقعة باسم وزير العدل هشام الشعار، وموجهة إلى رئاسة مجلس الوزراء.
ويعني هذا القرار تضييق الخناق على الإعلاميين العاملين في الإعلام الحكومي والخاص، الذين يُسمَح لهم بانتقاد أداء الحكومة الخدمي والاقتصادي فقط، فيما يحظر عليهم الخروج عن النصوص والمعلومات التي تُرسَل إليهم فيما يتعلق بالعمل السياسي والعسكري من قبل إدارة التوجيه المعنوي بوصفه إعلاماً حربياً.
وأثارت الوثيقة المسرَّبَة موجة من الانتقادات على صفحات الإعلام الموالي متهمين «وزارة العدل بالتدخل بالشأن الإعلامي وبما يخالف دستور النظام». وسخروا من اعتبار انتقاد الأداء الحكومة «إضعافاً لهيبة الدولة والانتماء الوطني»، لا سيما أن أغلب الإعلاميين الناشطين على ساحة إعلام النظام اكتسبوا سمعتهم المهنية من دفاعهم الشرس عن النظام وبقائه، مما خول لهم صلاحية انتقاد ومهاجمة من يرونهم فاسدين في الحكومة والدولة، ما عدا الرئاسة والأجهزة الأمنية والقوات المسلحة.
وبحسب مصادر إعلامية مطلعة، ثار جدل في وزارة الإعلام واتحاد الصحافيين والمكتب الصحافي برئاسة مجلس الوزراء، لإيجاد مخرج للأزمة التي نشبت بين الحكومة والأجهزة الأمنية حول إدارة العمل الإعلامي، تحت عنوان العودة إلى قانون الإعلام الصادر 2011، وقانون اتحاد الصحافيين 1990، اللذين أكدا على أهمية «الرقابة الشعبية» على أجهزة الدولة.
وأفضى النقاش إلى تراجع وزير العدل وإصداره بياناً رسمياً بثته وكالة الأنباء (سانا) أكد فيه على «حرية الإعلام مصانة ومكفولة في الدستور والقوانين والأنظمة، ولن يكون هناك أي قرار يحد من عمل الإعلامي».
فيما دعا مجلس الوزراء في جلسته الأسبوعية الوزارات للعناية أكثر بالمكاتب الصحافية لديها من أجل «إنتاج المعلومة» والتعريف بالأعمال التي تقوم فيها المؤسسات العامة، وتقديمها للإعلاميين بيسر وسهولة بما يمكّن الإعلام من «القيام بالدور المنوط به ليكون شريكاً فاعلاً للحكومة في التنمية بمختلف القطاعات ووسيطاً أساسياً بين الحكومة والمواطنين».
وكان وزير الإعلام السوري رامز ترجمان قد اعترف في وقت سابق بوجود «أزمة ثقة بين الإعلام السوري والمواطن»، وقال خلال ندوة إعلامية تحت عنوان «مشروع مناهضة العنف القائم على النوع الاجتماعي» عُقِدَت، الأسبوع الماضي، في مبنى وزارة الإعلام بدمشق، إن أزمة الثقة تلك ليست حديثة بل هي «تاريخ متراكم»، وإن وزارته تسعى الوزارة لردم تِلْكَ الهوة.
إلا أن مهمة وزارة إعلام النظام التي أشار إليها الوزير ترجمان بدت أكثر تعقيداً خلال مؤتمر إعلامي بعنوان «حق المواطن في الإعلام»، عقد في دمشق، الشهر الماضي، حين هاجمت إعلامية مخضرمة زملاءها المجتمعين ووصفتهم بالكاذبين، متهمة إعلام النظام بأنه «غير وطني»، بحسب ما أظهره مقطع فيديو سجَّل جانباً من المؤتمر. وكان لافتاً خلال حديثها محاولة مدير الجلسة إسكاتها وتعنيفها.
تخبط إعلام النظام... والحكومة تعتبر انتقادها إضعافاً لـ«هيبة الدولة»
موالون يفاجئهم دخول صحافي إسرائيلي إلى دمشق ولقاؤه كبار المسؤولين
تخبط إعلام النظام... والحكومة تعتبر انتقادها إضعافاً لـ«هيبة الدولة»
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة