شراكة سودانية ـ تركية في الاستثمار العقاري

اتفاق على إنشاء مدينة باسم إردوغان في الخرطوم

العاصمة السودانية (أ.ف.ب)
العاصمة السودانية (أ.ف.ب)
TT

شراكة سودانية ـ تركية في الاستثمار العقاري

العاصمة السودانية (أ.ف.ب)
العاصمة السودانية (أ.ف.ب)

في وقت قدرت فيه الفجوة السكنية في السودان بنحو 2.5 مليون وحدة، حصلت الخرطوم على تعهدات من الاتحاد التركي للاستثمار العقاري والتجاري لبناء 20 ألف وحدة سكنية.
واختتم وفد من الاتحاد التركي للاستثمار العقاري يضم ممثلين لاتحاد رجال الأعمال، وعددا من شركات البناء والمقاولات والمستثمرين المهتمين بالعقارات، زيارة للخرطوم قبل أيام، بعد أن وقفوا على الفرص المتاحة للاستثمار في المجال العقاري بالسودان، وبحثوا سبل التعاون المشترك. وتوجت المباحثات بالتوقيع على مذكرة تفاهم تمهد لبناء شراكات فاعلة بين السودان وتركيا، خلال الفترة المقبلة في الاستثمار العقاري والصناعي المرتبط بها.
وتم التوقيع على المذكرة بين الدكتور غلام الدين محمد عثمان الأمين العام للصندوق القومي للإسكان السوداني وجانكيز يلمز نائب رئيس اتحاد أصحاب العمل والصناعيين الأتراك، والاتحاد العربي للاستثمار والتطوير العقاري، الذي يوجد مقره بالخرطوم.
في حين أشاد الوفد خلال زيارتهم الميدانية لنماذج من المشروعات المخطط لها والمنفذة بواسطة البنك العقاري السوداني، مثل مخطط الزيتونة ورويال رزيدنسي ومخطط العودة بسوبا التابع لصندوق الخرطوم، بالجهود الحالية والخبرات الفنية السودانية، وطالبوا بتوفير دراسات جدوى للدخول في شراكات تتعلق بتمويل وتنفيذ مشروعات الزيتونة، وأي مشروعات بالخرطوم في مجال الإنشاءات والخدمات المرتبطة بها.
وأشاد عثمان بنتائج زيارة الوفد للسودان، وقال إنها كانت مثمرة، متوقعا أن تكون فاتحة لبناء شراكات فاعلة بين السودان وتركيا خلال الفترة المقبلة في الاستثمار العقاري والصناعي المرتبط بها.
وأضاف غلام الدين أن الوفد ضم أيضا ممثلين عن شركة كبتاش التركية التابعة للبلدية، والذين التقوا بعدد من المسؤولين والجهات المختصة، حيث تعرفوا على فرص ومناخ وبيئة وقانون الاستثمار في مجال العقارات والإنشاءات والبنى التحتية.
ووقف الوفد على نماذج من المشروعات المنفذة والمقترحة، كما التقى الوفد باتحاد المقاولين السودانيين واتحاد المصارف السودانية، وتعرف على البرامج والمشروعات ذات العلاقة ورؤيتهم للتعاون.
وقال الأمين العام للصندوق القومي للإسكان لـ«الشرق الأوسط» إن مباحثات الوفد التركي تركزت حول فرص الاستثمار وسبل التعاون المشترك وآفاقه، في ضوء العلاقات الأزلية والتاريخية التي تربط السودان بتركيا، وبشريات رفع الحظر الأميركي عن السودان، الذي سيسهل التبادل المصرفي والتجاري بين البلدين.
وأوضح عثمان أن الوفد تلقى تنويرا عن الأسعار لمواد البناء خلال زيارته لأحد الأسواق بالخرطوم، مضيفا أن مخرجات الزيارة تتمثل في أن الوفد أبدى رغبته في الاستثمار والتعاون مع الصندوق القومي للإسكان وصندوق الإسكان بالخرطوم ومع محلية الخرطوم، وتم الاتفاق على إبرام عقود لاحقا لإنفاذ عدد من المشروعات.
وذكر عثمان أن الوفد أكد الاستعداد للمشاركة في المؤتمر الدولي للاستثمار والتطوير العقاري المرتقب بالخرطوم، والذي تنظمه وزارة الاستثمار الاتحادية بالتعاون مع الاتحاد العربي والاستثمار والتطوير العقاري، مشيرا إلى أن المؤتمر كان مزمعاً قيامه بعد عيد الفطر المبارك، وتأجل لوقت لاحق، استجابة لطلب من الوفد التركي الزائر لتمكينه من الإعداد الجيد لمشاركته.
من جهة أخرى، بحث الوفد التركي مع الفريق ركن مهندس حسن صالح محمدين وزير التخطيط العمراني بولاية الخرطوم، تبادل الخبرات والاستفادة من التجربة التركية في مجال البناء. وتم في هذا الخصوص تكليف صندوق الإسكان والتعمير بولاية الخرطوم للتنسيق مع شركة كمتاش التركية المتخصصة في مجال الإنشاءات، لبناء مدينة باسم الرئيس التركي رجب طيب إردوغان في وسط الخرطوم، لتأكيد الترابط بين البلدين، ولتكون فاتحة تعاون بين الجانبين في مجال الإسكان.
وأكد الوزير السوداني خلال لقاء الوفد واستعراض جهود الوزارة في مجالات الإنشاء والتعمير، على اهتمام حكومته بنقل التجربة التركية إلى السودان والتقنيات الحديثة للبناء، عبر تنفيذ مشروع نموذجي بإحدى المدن المحورية التسع بالمخطط الهيكلي لولاية الخرطوم.
من جهته، أثنى رئيس الوفد التركي على فرص ومناخ الاستثمار في السودان في مجال الإنشاءات، مبينا عمق العلاقات بين البلدين والرغبة في تطويرها، مبينا أن الوفد يضم عددا من المستثمرين والمهتمين.
وفي إطار المباحثات مع قطاع المقاولين، تم الاتفاق على تشكيل لجنة مشتركة من اتحاد المقاولين السودان والاتحاد التركي لإعداد مذكرة تفاهم تحدد مجالات التعاون المشترك والواجبات والحقوق للطرفين. وتتضمن المذكرة، دعوة اتحاد المقاولين المستثمرين، الشركات التركية للعمل بالسودان، واستعداد عضوية الاتحاد للعمل مع الأتراك من أجل نهضة وبناء السودان وتوفير السكن للشرائح المستهدفة.
وأوضح المقاولون أن السودان في حاجة إلى التكنولوجيا وتقنيات البناء الحديثة التي تساعد في تقليل الوقت والجهد والمال، وتلاءم البيئة، مشيرين إلى توفر المهندسين الأكفاء والأيدي والعمالة الماهرة بالسودان في مجال العقارات.
وكان أيمن النجار ممثل الاتحاد العربي للاستثمار والتطوير العقاري قد أكد على أهمية تعزيز التعاون بين تركيا والسودان في مجال العقارات، ونادى بتضافر الجهود لإنجاح التجربة، حتى يكون هذا التعاون أنموذجا يحتذى به في بقية الدول العربية وخارجها.
وتأتي زيارة الوفد التركي العقاري للخرطوم، ضمن اتفاقية تم التوقيع عليها في إسطنبول الشهر الماضي بين السودان وتركيا من جهة، وبين الاتحاد العربي للاستثمار والتطوير العقاري من جهة أخرى، بوصف السودان دولة المقر للاتحاد، وتنص الاتفاقية على تبادل ونقل الخبرات في مجالات البناء والمقاولات. حيث تم التوقيع خلال الزيارة على اتفاقيتين مع شركتين تركيتين تابعتين لبلدية إسطنبول متخصصتين في (المدن الذكية).



تأثيرات «كورونا» تظهر على العقارات المصرية

سوق العقارات المصرية تأثرت بالمخاوف من انشار الفيروس
سوق العقارات المصرية تأثرت بالمخاوف من انشار الفيروس
TT

تأثيرات «كورونا» تظهر على العقارات المصرية

سوق العقارات المصرية تأثرت بالمخاوف من انشار الفيروس
سوق العقارات المصرية تأثرت بالمخاوف من انشار الفيروس

بعد الانتشار المتزايد لفيروس «كورونا المستجد» في معظم أنحاء العالم، يحذّر خبراء الاقتصاد من التداعيات السلبية التي يشهدها الاقتصاد العالمي خصوصاً بعد الإجراءات الاحترازية التي اتخذتها الدول ومن بينها إغلاق الحدود وتعليق الرحلات الجوية والبحرية، وهو ما امتد بدوره إلى قطاع العقارات في مصر، حيث تشهد السوق العقارية في البلاد حالياً تراجعاً في نسب المبيعات، بالإضافة إلى إلغاء فعاليات ومؤتمرات تسويقية عقارية.
ويؤكد مستثمرون عقاريون مصريون من بينهم المهندس ممدوح بدر الدين، رئيس مجلس إدارة شعبة الاستثمار العقاري بالاتحاد العام للغرف التجارية، أن «القطاعات الاقتصادية تشهد تباطؤاً وجموداً حاداً في الآونة الأخيرة، وهذا سيكون له تبعاته على سوق العقار»، ويقول لـ«الشرق الأوسط»: «أتوقع أن تخرج مصر من الأزمة سريعاً، وبأقل الخسائر نتيجة للإجراءات الاحترازية التي اتخذتها أخيراً للحد من انتشار المرض».
وشهدت سوق مبيعات العقارات في مصر «تراجعاً نسبياً منذ بداية أزمة كورونا»، وفق الخبير والمسوق العقاري محمود سامي، الذي قدّر «نسبة التراجع في مستويات البيع والشراء، بنسبة تتراوح من 20 إلى 30%، في بداية الأزمة، لتصل إلى 50% مع نهاية الأسبوع الماضي، مع اتخاذ مصر وعدد من الدول العربية إجراءات احترازية جريئة للحد من انتشار المرض».
ورغم أن مؤشرات الطلب على شراء العقارات التي تقاس وفق حجم الطلب على المواقع الإلكترونية المخصصة لبيع وشراء العقارات، لم تعكس هذا التراجع في شهر فبراير (شباط) الماضي، وفقاً لمؤشر موقع «عقار ماب» المتخصص في السوق العقارية، بعدما سجل ثبات مستوى الطلب على العقارات في شهري يناير (كانون الثاني) وفبراير الماضيين، لكن المؤشر أوضح أنه «كان هناك تزايد في الطلب في النصف الأول من شهر فبراير، إلا أن هذا التزايد تراجع في الأسبوعين الأخيرين ليستقر المؤشر عند نفس معدل الشهر السابق»، ولا توجد إحصائيات واضحة عن شهر مارس (آذار) الجاري، والذي تفاقمت فيه أزمة «كورونا».
وعكس ما يؤكده المسوق العقاري محمود سامي، من وجود تراجع في نسب مبيعات العقارات في مصر، يقول الدكتور ماجد عبد العظيم، أستاذ الاقتصاد والخبير العقاري، أن «السوق العقارية في مصر لم تتأثر حتى الآن بأزمة (كورونا)»، وأضاف لـ«الشرق الأوسط»: «لا يوجد ارتباط بين فيروس (كورونا) والعقارات، فمن يريد شراء شقة سيفعل ذلك»، مشيراً إلى أن «السوق العقارية المصرية تعاني من حالة ركود بدأت منذ نحو أربعة أشهر، وتظهر ملامحها في العروض التسويقية التي تقدمها شركات العقارات، ومن بينها زيادة عمولة المسوقين العقاريين، والإعلان عن تسهيلات في السداد تصل إلى عشر سنوات من دون مقدم، والدفعة الأولى بعد التسلم»، لافتاً إلى أن «حالة الركود هذه سببها الرئيسي زيادة المعروض، وارتفاع الأسعار بشكل مبالغ فيه».
ورغم أن العاملين في التسويق العقاري لا ينكرون وجود حالة ركود في السوق، فإنهم يرون أن المسألة تزايدت مع الخوف من انتشار «كورونا»، حتى حدث «انكماش في السوق العقارية»، على حد تعبير سامي الذي أوضح أن «شركات التسويق العقاري تأقلمت مع حالة الركود، ونفّذت عمليات إعادة هيكلة وتقليص لعدد الموظفين والمقرات»، مضيفاً: «ما نشهده الآن مختلف، فهناك حالة شلل لم نشهدها من قبل إلا مع ثورتي 30 يونيو (حزيران) 2013، و25 يناير 2011. وإن كان ما نشهده حالياً أكثر حدة، فهناك إلغاء لحجوزات ومواعيد معاينات للوحدات العقارية، وتأجيل لقرارات الشراء بشكل عام حتى انتهاء الأزمة واتضاح الرؤية».
ولا يقتصر تأثير انتشار «كورونا» على حركة البيع والشراء في قطاع العقارات، بل من المتوقع أن «ينعكس التأثير على اقتصاد الشركات العقارية واستثماراتها» حسب بدر الدين، الذي أشار إلى أن «قطاع النفط تأثر بصورة كبيرة خصوصاً بعد إصرار منظمة (أوبك) على عدم تقليل إنتاجها، ليهبط سعر البرميل إلى أقل من 30 دولاراً، ما سبب خسائر للمستثمرين والصناديق العالمية، وترتبت على ذلك انخفاضات في أسعار مواد البناء وبالتالي فإن أي مستثمر لديه مخزون من هذه السلع، سيحقق خسائر بلا شك».
وتماشياً مع قرارات الحكومة المصرية إلغاء التجمعات، تم تأجيل مؤتمر ومعرض «سيتي سكيب مصر للتسويق العقاري»، الذي يعده الخبراء أحد أكبر معارض التسويق العقاري في مصر، والذي كان من المقرر عقده في منتصف الشهر الجاري، لتكتفي الشركات العقارية بالعروض التسويقية التي تقدمها وتعلن عنها إلكترونياً أو تلفزيونياً.
والتأجيل يحمي شركات العقارات من خسائر متوقعة، نظراً لصعوبة حضور العملاء، مما سيؤثر بشكل سلبي على صورة القطاع العقاري، حسب بدر الدين.
ويخشى العاملون في السوق العقارية من استمرار الأزمة فترة طويلة، وهو ما سيؤدي إلى خسائر كبيرة في القطاع، قد تضطر الشركات إلى عمليات إعادة هيكلة وتخفيض عمالة -على حد تعبير سامي- الذي قال إن «الشركات تأقلمت مع انخفاض المبيعات خلال الشهور الماضية، لكن لو استمر الوضع الحالي لمدة شهر، فالمسألة ستكون صعبة وقد تؤدي إلى إغلاق شركات وتسريح موظفين، حيث ستحتاج كل شركة إلى تخفيض نفقاتها بنسبة 40% على الأقل».
ورغم تأكيدات عبد العظيم أنه لا يوجد تأثير لأزمة «كورونا» على السوق العقارية حتى الآن، فإنه يقول: «إذا تفاقمت أزمة (كورونا) فستكون لها تأثيرات على جوانب الحياة كافة، ومنها العقارات»، وهو ما يؤكده بدر الدين بقوله إن «العالم كله سيشهد تراجعاً في معدلات النمو الاقتصادي».