ليبيا: اقتحام مقر الجوازات بطرابلس... وقلق دولي من تصاعد معارك بنغازي

«المجلس الأعلى للدولة» يصعد انتقاداته لحكومة السراج ويهدد بفض الشراكة

عنصر من الجيش الوطني الليبي الموالي لحفتر خلال دورية في بنغازي أمس (أ.ف.ب)
عنصر من الجيش الوطني الليبي الموالي لحفتر خلال دورية في بنغازي أمس (أ.ف.ب)
TT

ليبيا: اقتحام مقر الجوازات بطرابلس... وقلق دولي من تصاعد معارك بنغازي

عنصر من الجيش الوطني الليبي الموالي لحفتر خلال دورية في بنغازي أمس (أ.ف.ب)
عنصر من الجيش الوطني الليبي الموالي لحفتر خلال دورية في بنغازي أمس (أ.ف.ب)

لقي طفل رضيع مصرعه في العاصمة الليبية طرابلس أمس، إثر اشتباكات مفاجئة حول مقر مصلحة الجوازات في منطقة صلاح الدين بالمدينة، بينما صعّد المجلس الأعلى للدولة من انتقاداته المعلنة للمجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني التي يترأسها فائز السراج، وهدد للمرة الأولى بفض الشراكة معها، على خلفية توقيف وزير الدفاع المهدي البرغثي عن العمل مؤقتاً، إلى حين الانتهاء من التحقيق معه في ملابسات الهجوم الدامي الذي تعرضت له قاعدة براك الشاطئ الجوية في جنوب البلاد، وأدى إلى مقتل وجرح المئات من قوات الجيش الوطني الليبي.
واقتحمت أمس ميليشيات محسوبة على مدينة مصراتة في غرب ليبيا، المقر الرئيسي لمصلحة الجوازات في العاصمة طرابلس، فيما لقي طفل رضيع حفته بين يدي أمه بعدما تعرض لإطلاق نار عشوائي. وقالت مصادر أمنية وشهود عيان إنه تم إغلاق الشوارع المؤدية إلى منطقة صلاح الدين التي تسيطر عليها ميليشيات مصراتة، وهي جزء من تحالف موسع ميليشيات مسلحة استولت على العاصمة قبل نحو عامين بعد اشتباكات دامية وأحرقت مطارها الرئيسي.
من جانبه، حذر مجلس الدولة الذي يترأسه عبد الرحمن السويحلي، في بيان أصدره مساء أول من أمس، من أنّ «استمرار مجلس السراج في نهجه المنحاز، سيؤدي إلى عواقب وخيمة لن تساعده على الاستمرار في عمله كجسم يستمد شرعيته أساساً من الوفاق الوطني»، معتبراً أن تلك التصرفات «قد تدفع الأطراف الداعمة له إلى الانفضاض من حوله عوضاً عن الأطراف الرافضة لوجوده أصلاً منذ البداية». وقال المجلس إنه يرفض ما وصفه بسياسة الكيل بمكيالين التي مارسها مجلس السراج عبر «إصداره لأحكام مسبقة على البرغثي وزير الدفاع دون انتظار انتهاء التحقيق، بينما لا يزال وزير الخارجية محمد سيالة يمارس عمله من خارج ليبيا ويُصر السراج على اصطحابه معه في زياراته الخارجية، بالرغم مما ارتكبه من مخالفات وتجاوزات ألحقت ضرراً بالغاً بالوفاق الوطني، وشككت في التزام السراج بنص وروح الاتفاق السياسي». كما عبّر المجلس عن امتعاضه من «عجز مجلس السراج عن توفير الخدمات الأساسية للمواطنين، وانشغاله بتعيين إدارات بعض المؤسسات الاستثمارية والمالية، وتقاعسه غير المبرر عن إصدار القرارات المتعلقة بالمناصب القيادية للمؤسسة العسكرية المنصوص عليها في الاتفاق السياسي». وفي أول تعليق له على قرار السراج وقفه عن العمل بسبب الهجوم الدامي على قاعدة براك الشاطئ في جنوب البلاد، اتهم المهدي البرغثي وزير الدفاع في حكومة السراج، قوات الجيش الوطني الليبي الذي يقوده المشير خليفة حفتر بالمسؤولية عن الهجوم. وقال البرغثي إنه يلقي باللائمة فيما حدث على من بدأ بقصف قاعدة تمنهنت، في إشارة إلى قوات الجيش الليبي، نافياً إصداره أي تعليمات بالهجوم على القاعدة. واتهم البرغثي، آمر اللواء 12 مجحفل العميد محمد بن نايل التابع لقوات الجيش الوطني، بالخيانة وإشعال الحرب في الجنوب.
وعلى الرغم من أن قرار توقيفه، فقد حظي البرغثي المقال من حكومة السراج باستقبال رسمي حافل ولافت للانتباه لدى عودته إلى طرابلس قادماً من تونس، بعد ما وصفه برحلة علاجية هناك خلال الأسبوع الماضي. وقال مكتب البرغثي إنه كان في مقدمة مستقبليه بعد عودته، وكيل وزارة الدفاع، وعدد من المسؤولين وضباط برئاسة الأركان العامة، بجانب فعاليات أهلية وشبابية بمدينة طرابلس.
وفى مدينة بنغازي (شرق ليبيا)، قالت القوات الخاصة (الصاعقة) التابعة لجيش الوطني إن آمر تحرياتها الرّائد فضل الحاسي، لقي حفته إثر انفجار لغم أرضي داخل سوق العرب في بنغازي. وأعلنت قوات الصاعقة سيطرتها على مواقع جديدة في منطقة الصابري ووسط البلاد، في آخر معاقل الجماعات الإرهابية بمحور شمال بنغازي. وتصاعدت حدة المعارك المسلحة في بنغازي بعدما دشنت القوات الخاصة عملية عسكرية باسم «شهداء براك الشاطئ»، حيث أعلنت الصاعقة سيطرتها على سوق العرب، ومقر أكاديمية الدراسات العليا في منطقة الصابري. من جهته أعرب الأمين العام للأمم المتحدة عن قلقه العميق إزاء التصعيد العسكري في جنوب ليبيا، وناشد جميع الأطراف بممارسة ضبط النفس، واستعادة الهدوء. ونقل عنه ستيفان دوجاريك، المتحدث الرسمي باسمه في بيان له، أنه يشعر بالانزعاج بصورة خاصة بشأن الأعداد المرتفعة للوفيات، والتقارير التي تفيد عن القيام بعمليات إعدام بإجراءات موجزة ضد مدنيين، التي قد تشكل جرائم حرب في حال تأكد وقوعها، معتبراً أن استمرار عدم الاستقرار في ليبيا هو تذكرة بأنه لا يوجد حل عسكري. وحث الأمين العام جميع الأطراف الليبية الرئيسية على لالتزام مرة أخرى بالحوار السياسي، والانخراط بشكل بناء نحو تحقيق هذا الهدف، معرباً عن تقديره للجهود التي تبذلها عدة بلدان إقليمية ومجاورة، ومساهماتها التي تهدف إلى تعزيز الحوار بين الأطراف الرئيسية لدعم العملية الشاملة التي تقودها الأمم المتحدة.
من جهة أخرى، أدان بيان مشترك أصدره سفراء الصين وفرنسا وروسيا والمملكة المتحدة والولايات المتحدة المعتمدين لدى ليبيا، «أي عمل تستخدم فيه قوة السلاح لتغيير الوضع على الأرض في ليبيا»، واعتبروا أن ذلك «سيؤدي فقط إلى تقويض جهود الحوار السياسي الأخيرة ويطيل من معاناة الشعب الليبي». وأضاف السفراء الذين يمثلون الدول الخمس الكبرى والدائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي: «نحن قلقون من تقارير الإعدامات الجماعية للجنود والمدنيين». ولفتوا إلى أنه «يجب تقديم الجناة لمثل هذه الجرائم إلى العدالة»، وحثوا «كل الأطراف إلى ضبط النفس، والابتعاد عن أي تصعيدات أخرى».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.