ملك الأردن يدعو إلى عمل دولي منسق لمحاربة الإرهاب

العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني أثناء حضوره أعمال القمة العربية ـ الإسلامية ـ الأميركية
العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني أثناء حضوره أعمال القمة العربية ـ الإسلامية ـ الأميركية
TT

ملك الأردن يدعو إلى عمل دولي منسق لمحاربة الإرهاب

العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني أثناء حضوره أعمال القمة العربية ـ الإسلامية ـ الأميركية
العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني أثناء حضوره أعمال القمة العربية ـ الإسلامية ـ الأميركية

دعا العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني إلى عمل دولي منسق لمحاربة الإرهاب، مشدداً على أهمية الوصول إلى حل عادل وشامل للقضية الفلسطينية، محذراً من أن أي محاولات لفرض واقع تفاوضي جديد على الأرض في القدس ستؤدي إلى عواقب كارثية.
وقال الملك عبد الله الثاني، خلال أعمال القمة العربية الإسلامية الأميركية في الرياض أمس: «نلتقي اليوم لنطور رداً فاعلاً على التهديدات الخطيرة التي تواجه عالمنا، ومن شأن المواقف والأفعال التي نتبناها اليوم أن تحدد مستقبلنا في قادم الأيام، لذلك يتوجب علينا أن نعمل بشكل تشاركي ضمن أربعة محاور رئيسية».
وفصّل ملك الأردن تلك المحاور، مشيراً إلى أن الدول أمام تحدي الإرهاب والتطرف، وأن النهج الشمولي هو الطريق الوحيد لمواجهة الوجوه المتعددة والمعقدة لهذا الخطر، من أفكاره الظلامية، إلى تهديده للازدهار والأمن، وأن هذا يتطلب عملاً دولياً منسقاً على مختلف المستويات. وركّز على أن الثقة المتبادلة والقوة مطلوبتان لتحقيق النجاح؛ «فليس بالإمكان الانتصار في هذه المعركة إن لم نفرق، وبكل وضوح، بين الأصدقاء والأعداء».
وتابع: «المجموعات الإرهابية توظف هوية دينية زائفة بهدف تضليل واستقطاب مجتمعاتنا وشعوبنا. دعونا هنا نؤكد بوضوح أن العصابات الإرهابية لا تمثل مجموعة تتواجد على هامش الإسلام، بل هي خارجة تماماً عنه، وهؤلاء هم الخوارج، والعرب والمسلمون يشكلون الغالبية العظمى من ضحاياهم».
وتطرق إلى أن التعصب والجهل يعززان العصابات الإرهابية، وأنه من المهم مساعدة الجميع في كل مكان على فهم هذه الحقيقة. وذكر أن التحدي الرئيسي الثاني بالغ الأهمية يتمثل في الوصول إلى حل عادل وشامل للقضية الفلسطينية، يستند إلى حل الدولتين، ومبادرة السلام العربية، وأن هذا سيضمن نهاية الصراع الفلسطيني – الإسرائيلي، وأنه سيحقق السلام للجميع: الإسرائيليون، والعرب، والمسلمون.
وأضاف أنه لا يوجد ظلم ولّد حالة من الغبن والإحباط أكثر من غياب الدولة الفلسطينية، وأن القضية الفلسطينية هي القضية الجوهرية في المنطقة، وأن هذا هو ما أدى إلى امتداد التطرف وعدم الاستقرار؛ ليس في المنطقة فحسب، بل أيضاً إلى العالم الإسلامي.
ولفت إلى أن للمجتمع الدولي مصلحة مباشرة في تحقيق سلام عادل، وأن العالمين العربي والإسلامي قدما كامل الدعم لإنجاح المفاوضات، مقدما شكره للرئيس الأميركي، لإصراره على العمل من أجل الوصول إلى حل لهذا الصراع المتفاقم.
ونوّه بأن حماية القدس يجب أن تكون أولوية، وأن المدينة المقدسة ركيزة أساسية في العلاقات بين أتباع الديانات السماوية الثلاث، وأن أي محاولات لفرض واقع تفاوضي جديد على الأرض في القدس ستؤدي إلى عواقب كارثية.
وقال ملك الأردن: «علينا العمل معاً لتفادي هذه المخاطر، وبالنسبة لي شخصياً ولكل الأردنيين، فإن الوصاية الهاشمية على المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس مسؤولية تاريخية راسخة ولا حياد عنها، ونتشرف بحملها نيابة عن الأمتين العربية والإسلامية».
وذكر أن المهمة الرئيسية الرابعة تتمثل في تعزيز وعي الشعوب بأهمية القيم التي ستحمي وتثري مستقبل الإنسانية، وهي الاحترام المتبادل، والتعاطف، وقبول الآخر.
وأشار إلى أن صوت الإسلام السمح بات الأقوى في العالم الإسلامي في السنوات الأخيرة، وأنه يجب الاستمرار في البناء على ذلك. وقال: «يثري نحو ملياري مسلم عالمنا بطيبتهم، وكرمهم، وإيمانهم بالعدالة، والتزامهم بواجباتهم المدنية والعائلية ومبادئ الدين الحنيف، فهم يمارسون في حياتهم تعاليم الإسلام التي تدعو إلى قبول الآخر، والتواضع أمام الله تعالى، والتعاطف، والتعايش السلمي».
وشدد الملك عبد الله على أن «مستقبلنا يقوم على الأفعال، لا الأقوال، وجميعنا معرضون للمساءلة عن مدى التزامنا بمحاربة التطرف بكل أشكاله... ولا بد لنا من تعزيز جهودنا المشتركة، حتى نتمكن بعون الله تعالى، من خدمة شعوبنا وأجيالنا القادمة».



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».