العيسى: هزيمة التطرف عبر القضاء على آيديولوجيته من الجذور

أمين رابطة العالم الإسلامي يؤكد أن السعودية حاربت التطرف بشكل فعال

العيسى: هزيمة التطرف عبر القضاء على آيديولوجيته من الجذور
TT

العيسى: هزيمة التطرف عبر القضاء على آيديولوجيته من الجذور

العيسى: هزيمة التطرف عبر القضاء على آيديولوجيته من الجذور

أكد الدكتور محمد العيسى، أمين عام رابطة العالم الإسلامي، عدم إمكانية هزيمة التطرف الإرهابي بشكل كامل، إلا عبر القضاء على آيديولوجيته المتطرفة، مع أهمية الجهود العسكرية التي تستأصل آثار المرض، لكنها لا تقتلعه من الجذور، على حد تعبيره.
وأوضح العيسى، خلال مؤتمر صحافي عقده أمس في الرياض على هامش زيارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب، أن هزيمة التطرف تتطلب القضاء على الآيديولوجيا، وهو ما اهتمت به السعودية من خلال إنشاء عدد من المراكز المتخصصة لهذا الشأن.
وأضاف: «السعودية لها جهود واضحة في محاربة الآيديولوجيا الإرهابية، حيث أقامت تحالفا إسلاميا عسكريا لمحاربة الإرهاب ممن ضمن محاور هذا التحالف المعلن عنها هو الجانب الفكري، إضافة إلى الجانب العسكري والمالي، كما انضمت المملكة إلى كثير من الاتفاقيات الدولية لمواجهة الإرهاب، ومنها التحالف الدولي لمحاربة (داعش) بقيادة الولايات المتحدة».
وبيّن العيسى أن السعودية أنشأت أيضا أكبر مركز رقمي على مستوى العالم لرصد النشاط الإعلامي لـ«داعش» و«القاعدة»، ومن خلاله تم إغلاق آلاف المواقع الإلكترونية لـ«داعش» و«القاعدة»، ويعتبر هذا المركز الأكبر على مستوى العالم لهذا الغرض.
وتابع: «كما أنشأت المملكة أيضا أكبر مركز عالمي لمكافحة الفكر المتطرف المسمى (اعتدال)، وهذا المركز سيزود الجميع بالبحوث والدراسات وحشد الجهود الفكرية وإيجاد برامج وفعاليات لمواجهة الفكر المتطرف، وسينسق الجهود في هذا الشأن، كما أنشأت أيضا مركز الحرب الفكرية الذي يعنى باعتراض رسائل (داعش) و(القاعدة) والتي يتم من خلالها اصطياد المستهدفين عن طريق الشبهات والأوهام والمغالطات التي ترسلها الأيدي الإعلامية إلى (داعش) و(القاعدة)».
وشدد أمين عام رابطة العالم الإسلامي على أن مركز الحرب الفكرية يعنى بتفكيك هذه الرسائل تحديدا، وقد انطلق على مواقع التواصل الاجتماعي منذ شهر.
وتطرق الدكتور العيسى، إلى إعلان السعودية وماليزيا مؤخرا إنشاء مركز الملك سلمان للسلام العالمي الذي يوضح حقيقة الإسلام الداعية للسلام، ويقوم بتعرية بقية الأفكار المتطرفة المعادية للإسلام، مبينا أن المركز سينطلق في بداية رمضان.
وحول ما يخص جهود رابطة العالم الإسلامي، قال العيسى: «رابطة العالم الإسلامي تقوم بجهد كبير جدا، وهي منظمة دولية حاوية للشعوب الإسلامية، لها 56 عاما منذ تأسست ومقرها مكة المكرمة، وتقوم بإيضاح حقيقة الإسلام ومواجهة آلية التشويه للإسلام التي يقوم بها (داعش) و(القاعدة) وبقية الجهات المتطرفة والإرهابية ذات العلاقة بالفكر الآيديولوجي الذي سعى لتشويه الإسلام وتقديم آيديولوجية كاذبة للعالم».
وأفاد الأمين العام بأن الرابطة تهتم أيضا بمعالجة عشوائية وفوضوية العمل الإسلامي لدى بعض الجهات، والأفراد حول العالم. وأردف: «قامت الرابطة بإيقاف بعض الدعاة حول العالم لاعتبارات تتطلب إيقافهم، كما قامت بمراجعة قانونية لبعض المؤسسات والهيئات المحسوبة على العمل الإسلامي».
وأشار الدكتور العيسى إلى أن الرابطة قامت بمواجهة آلية التحريض ومحاولة إشعال العاطفة الدينية من قبل بعض المتشددين أو المتطرفين والإرهابيين، وأضاف: «إن كان الإرهاب يهدف في استراتيجيته إلى إيجاد حالة من التعبئة السلبية للشعور الديني لدى بعض الشباب عملت الرابطة على إيضاح الوعي والحكمة الإسلامية والاعتدال الإسلامي الذي هو شأن الإسلام في منهجه الوسطي منذ بدأ». ولفت العيسى إلى أن الحالة الإرهابية هي استثنائية وتكون في جميع الأديان والأفكار والسياقات السياسية، وتابع: «نسعى من خلال برامجنا لإيقاف هذا الزحف الإرهابي من قبل المتطرفين، فالإرهاب الذي قام به (داعش) و(القاعدة) تحديدا لم يقم على كيان عسكري ولا سياسي إنما قام على آيديولوجية متطرفة استطاعت الوصول إلى المستهدفين عن طريق مواقع التواصل الاجتماعي ومواقع الإنترنت من خلال إشعال العاطفة الدينية في منصات التأثير الدينية».
وتطرق العيسى لدور الرابطة في توعية الجاليات المسلمة حول العالم، وقال: «الرابطة تتواصل عبر مراكزها ومتعاونة مع عدد من الحكومات في العالم لمواجهة التطرف والإرهاب، وتحرص على التواصل مع الجاليات المسلمة حول العالم لتقديم الوعي الديني واعتراض التطرف الإرهابي، وتقديم وعي قانوني للجاليات، وألا تتجاوز القوانين وتحترم البلد المضيف، وبالتالي لا يمكن أن تكون هناك مطالبة بأي خصوصية دينية إلا عن طريق الأدوات القانونية».
وحذر الأمين العام من أن هناك دعما سياسيا من قبل جهات سياسية متطرفة قد تختلف مع الإرهابيين الآيديولوجيين، لكنها تحقق مصلحة سياسية. وأردف: «من خلال الأعمال التي تقوم بها المملكة ورابطة العالم الإسلامي سيكون هناك إيضاح لحقائق بأدلة مقنعة، وكشف للاختراقات السياسية، لا سيما ما كان من أجل أبعاد طائفية ومصالح سياسية مكشوفة للجميع والعالم بأسره».
وأكد العيسى أن المنتمين لتنظيم داعش الإرهابي ليسوا من مدرسة فكرية معينة بل من مدارس متنوعة، لكنهم يتفقون في الهدف، وقال: «المتطرفون جاءوا من 101 دولة، وعناصر (داعش) من بلد أوروبي واحد نحو ألف و500 شخص ولدوا ونشأوا وتعلموا في بلاد غير إسلامية، واستطاع (داعش) الوصول إليهم. (داعش) لا يحكمه نظام جغرافي بل عالم افتراضي، دولة (داعش) الحقيقية هو العالم الافتراضي».



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.