هاجمت أحزاب المعارضة في تونس الأطراف الداعمة لقانون المصالحة الاقتصادية والمالية، الذي اقترحه الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي على البرلمان سنة 2015، وذلك بعد جلسة الاستماع العلنية التي خصّصتها هيئة الحقيقة والكرامة لملف الفساد المالي في صفوف رموز النظام السابق، التي عرضت خلالها اعترافات عماد الطرابلسي صهر الرئيس السابق، واعتذاراته بسبب ما ارتكبه وبقية عائلة الرئيس السابق وأقاربه وأصهاره من جرائم مالية.
واعتبرت قيادات تلك الأحزاب، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن مسار العدالة الانتقالية، الذي تقوده هيئة الحقيقة والكرامة (هيئة دستورية مكلفة بهذا الملف) يجب أن يحل كل الملفات المتعلقة بالمصالحة الاقتصادية والمالية مع رجال الأعمال والموظفين الذين حصلوا على منافع مالية وشابتهم شبهة الفساد المالي. وفي هذا الشأن، قال محمد عبو، القيادي في حزب التيار الديمقراطي المعارض، الذي يعد من أشد الرافضين للمقترح الرئاسي، إن شهادة الطرابلسي جاءت في الوقت المناسب لتضع حدا للمغالطات التي تضمنها مشروع ما سمي قانون المصالحة. وأضاف موضحا أن «كل من تابعوا عماد الطرابلسي انتبهوا إلى أن فكرة المصالحة موجودة أصلا في القانون الحالي للعدالة الانتقالية (من خلال هيئة الحقيقة والكرامة)، وهم يتساءلون بعد جلسة الاستماع العلنية التي خصّصتها الهيئة لملف الفساد المالي عن الهدف من الحديث عن المصالحة في قانون آخر».
وفي السياق ذاته، انتقد حمة الهمامي، المتحدث باسم تحالف الجبهة الشعبية اليساري، الأطراف السياسية والقضائية التي تزعجها خروج شهادة الطرابلسي إلى العلن، وقال إن هدفهم من وراء ذلك مواصلة العمل بنفس منظومة الفساد القديمة، وعدم محاسبة المتورطين في تلك الملفات.
من ناحيته، قال عبد اللطيف المكي، القيادي في حركة النهضة، إن قانون المصالحة المقترح من قبل رئاسة الجمهورية لا يخدم المصلحة الوطنية، ولن يشمل عددا كبيرا من الموظفين كما يسوق لذلك، بل موجه لتبرئة وزراء وكتاب دولة وسفراء وسياسيين ورجال أعمال وكبار مسؤولي البنوك وتبييضهم من ملفات الفساد الكبرى، على حد قوله.
وانتقد المكي تذرع بعض الأطراف السياسية بتعطيل الموظفين للعمل الإداري، وتخوفهم من اتخاذ القرارات لتمرير القانون المصالحة مع رموز النظام السابق.
ونظمت هيئة الحقيقة والكرامة المعنية بمسار العدالة الانتقالية أول جلسة استماع علنية مخصّصة لملف الفساد المالي في العهد السابق، قدم خلالها عماد الطرابلسي، ابن شقيق زوجة الرئيس السابق زين العابدين بن علي، اعتذاره للتونسيين قائلا: «أعتذر من قلبي للشعب التونسي وأريد أن نطوي صفحة الماضي»، كما اعترف باقترافه عددا كبيرا من التجاوزات المالية من خلال استغلال نفوذ عائلة الطرابلسي والقرب من بن علي، معربا عن أمله في استعادة حريته بعد قضاء سبع سنوات خلف القضبان.
ومن بين ملفات الفساد التي اعترف بالتورط فيها، أشار الطرابلسي إلى سيطرته على عمليات توريد الموز من الخارج، وعلى سوق بيع وتوزيع المواد الكحولية في تونس، وتمتعه بقطعة أرض لتنفيذ مشروع خاص بالتنقيب عن النفط.
كما اعترف صهر بن علي باشتراك عدد من السياسيين الموجودين اليوم في مناصب عليا بتنفيذ عدد من عمليات التهريب، وتحدث عن الرشى الكثيرة التي قدمها لعناصر من الجمارك لتسهيل إخراج بضاعته من الموانئ في أوقات قياسية وترويجها قبل غيره من المنافسين، مبرزا أن مدير شركة التبغ الوطنية (شركة حكومية) كان يتعمد قطع إنتاج الدخان، ليسهل للمهربين ترويج الدخان المقلد.
وأكد الطرابلسي أن هؤلاء السياسيين، الذين شاركوه عمليات الفساد المالي والتهريب، أسسوا بعد الثورة جمعيات ومنظمات، وبعضهم ما زال يترأس أندية لكرة القدم، وهو ما جعل التعليقات حول تلك التصريحات تعيد الجدل حول ضرورة محاسبة الأطراف المستفيدة من النظام السابق.
تصاعد الجدل في تونس حول قانون المصالحة مع رموز النظام السابق
بعد تصريحات صهر بن علي التي اتهم فيها سياسيين نافذين بالفساد
تصاعد الجدل في تونس حول قانون المصالحة مع رموز النظام السابق
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة