العبادي: لم نقاتل «داعش» لتحكمنا عصابات الخطف

غداة موجة أعمال عنف في بغداد والبصرة

مدنيون يفرون من المعارك في الجانب الغربي من الموصل أمس (رويترز)
مدنيون يفرون من المعارك في الجانب الغربي من الموصل أمس (رويترز)
TT

العبادي: لم نقاتل «داعش» لتحكمنا عصابات الخطف

مدنيون يفرون من المعارك في الجانب الغربي من الموصل أمس (رويترز)
مدنيون يفرون من المعارك في الجانب الغربي من الموصل أمس (رويترز)

أبدى رئيس الوزراء حيدر العبادي استغرابه من بعض الذين يحاولون إدخال الإحباط في نفوس العراقيين، عبر تخويفهم من مرحلة ما بعد تحرير الموصل، مؤكدا خلال كلمة ألقاها أمس في مؤتمر «تيدكس بغداد» الذي يختص بالإبداعات والمواهب والتجارب الناجحة، على أن «الوضع سيكون أفضل بكثير لأن البلد اجتاز أصعب الأزمات».
وأشاد العبادي بوحدة العراقيين التي تكللت بتحرير الأراضي العراقية من قبضة «داعش» بعد أن «كانت بغداد مهددة قبل عامين وحررنا الأرض من جرف الصخر إلى ديالى والرمادي والفلوجة وبيجي والقيارة ومخمور وأيسر الموصل والآن في الجزء الأخير من أيمن الموصل».
وجدد العبادي انتقاداته المبطنة لبعض العناصر المنضوية تحت مظلة «الحشد الشعبي» قائلا: «لن نسمح لمن يريد إضعاف الدولة والمجتمع ويقوم بالخطف لمجرد أن تخالفه بالرأي». وتساءل: «هل أن قتال أبطالنا ومحاربة الديكتاتورية هي من أجل أن تحكمنا عصابات؟». وكان العبادي قال قبل أيام في إشارة إلى بعض الفصائل المسلحة «يخطفون الناس ويريدون المشاركة في الانتخابات».
وجاءت تصريحات العبادي عشية خروقات أمنية شهدتها بغداد والبصرة. وشهدت بغداد مساء أول من أمس اشتباكات بين نقطة تفتيش وعناصر أشارت بعض المعلومات لانتمائهم إلى «عصائب أهل الحق» وأدت إلى مقتل ضابط وجرح جنديين، لكن مصدرا من العصائب نفى صلة المهاجمين بجماعته.
كما شهد حي أبو دشير في بغداد في ساعة متأخرة من ليل السبت، هجوما انتحاريا أدى إلى مقتل 13 شخصا وجرح 15 آخرين. وقال المتحدث باسم القيادة العميد سعد إن «السيارة المفخخة انفجرت عند مدخل المنطقة في سيطرة التفتيش»، مضيفا: «الانفجار كان من خلال عجلة مفخخة فيها انتحاري والعجلة الثانية كان فيها انتحاريان اثنان أحدهما قتل والآخر انفجر».
وفي محافظة البصرة الجنوبية انتهت حصيلة التفجيرين المفخخين، بمقتل وجرح ما لا يقل عن 15 شخصا.
وقال قائد عمليات البصرة الفريق الركن جميل الشمري خلال مؤتمر صحافي، إن «القوات الأمنية تمكنت بالاعتماد على معلومات استخبارية من إحباط غزوة بعجلتين مفخختين قادمتين من صحراء الرطبة ويقودهما انتحاريان»، مبيناً أن «قيادة العمليات قامت في ضوء المعلومات الاستخبارية بإنشاء سبعة خطوط صد خارج مركز المحافظة تمتد لمسافة 80 كم، وكانت هناك مراقبة أمنية شديدة للطريق المؤدي إلى البصرة من قبل مديرية الاستخبارات وخلية الصقور الاستخبارية، وتم رصد المفخختين بجهد أمني دقيق». ولفت الشمري إلى أن «العجلة المفخخة الأولى كانت ملاصقة لحافلة يستقلها ركاب مدنيون، ولم يستطع الجنود في سيطرة الرميلة من عزل العجلة المفخخة عن الحافلة، وبالتالي أدى انفجارها في السيطرة».
وتأتي موجة أعمال العنف الأخيرة، عشية الإعلان الوشيك عن تحرير جانب الموصل الأيمن من قبضة تنظيم داعش. وتتكهن مصادر عسكرية إعلان النصر النهائي على التنظيم المتشدد في الموصل ليلة حلول شهر رمضان.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.