تقدّم للنظام وحلفائه على طريق دمشق ـ بغداد... والتحالف الدولي يحذر

إيران تختبر بالنار حدود التدخل العسكري الأميركي في سوريا

تقدّم للنظام وحلفائه على طريق دمشق ـ بغداد... والتحالف الدولي يحذر
TT

تقدّم للنظام وحلفائه على طريق دمشق ـ بغداد... والتحالف الدولي يحذر

تقدّم للنظام وحلفائه على طريق دمشق ـ بغداد... والتحالف الدولي يحذر

حققت قوات النظام السوري والميليشيات الإيرانية المتحالفة معها، تقدماً على طريق دمشق - بغداد في منطقة البادية السورية القريبة من الحدود العراقية، في تحدّ واضح لقوات التحالف الدولية. وجاء هذا التطور بعد أقل من 48 ساعة على قصف طائرات التحالف رتلاً عسكرياً للنظام والميليشيات المذكورة وتدميره قرب موقع التنف الحدودي. وفي حين وجّه التحالف تحذيراً واضحاً لقوات الأسد من الاقتراب من مواقعه في المنطقة، رأى خبير استراتيجي أن «طهران التي تخشى قطع طريق بغداد دمشق، تختبر بالنار حدود التدخل العسكرية الأميركي على الأرض».
«المرصد السوري لحقوق الإنسان» أفاد أمس أن «البادية السورية القريبة من الحدود السورية - العراقية، تشهد توتراً بين قوات الأسد المدعومة من الميليشيات الإيرانية، وقوات التحالف الدولي الداعمة لفصائل مقاتلة على هذه الجبهة من طرف آخر». وأوضح أن هذا التوتر «جاء بعد أقل من 48 ساعة على استهداف طائرات التحالف لرتل تابع لقوات النظام ومسلحين موالين لها من جنسيات سورية وغير سورية، كان متجهاً نحو منطقة التنف الحدودية مع العراق، وتسبب القصف في مقتل 8 مسلحين على الأقل غالبيتهم من جنسيات غير سورية موالين للنظام، إضافة لتدمير وإعطاب عدد من الآليات».
ونقل «المرصد» عن مصادر وصفها بأنها «موثوقة»، تأكيدها أن «قوات النظام والميليشيات الموالية، تقدّمت مجدداً على طريق دمشق - بغداد الدولي، انطلاقاً من محيط حاجز ظاظا، وصولاً إلى منطقة الزركا على الطريق ذاته»، مؤكدة أن قوات الأسد «تقدمت عشرات الكيلومترات في البادية، ما جعلها على بعد 55 كلم من معبر التنف الحدودي». ومن ثم أشارت إلى أن التحالف الدولي وجّه إنذاراً إلى قوات النظام خلال الساعات الماضية، حذّرها من الاقتراب أكثر، خصوصاً بعد اقترابها من معسكرات القوات الأميركية والبريطانية والفصائل المدعومة من التحالف الدولي الموجودة في منطقة التنف.
وعزا مدير «المرصد» رامي عبد الرحمن في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، هذا التقدم، إلى إطار «استفزاز قوات التحالف، ومحاولة ملاقاة الحشد الشعبي من الجهة العراقية». لكنه توقع أن يكون «هذا الاستفزاز مكلفاً للنظام وحلفائه، فهو سيلقى رداً أميركياً، لأن واشنطن تبدو عازمة على تقليم أظافر إيران في سوريا».
من ناحية أخرى، تؤشر هذه التطورات إلى أن هذه المنطقة مقبلة على تصعيد عسكري تلعب إيران دوراً أساسيا فيه، إذ اعتبر الخبير العسكري والاستراتيجي اللبناني العميد إلياس حنّا، أن «الحدود السورية العراقية، تشهد حالياً مرحلة اختبار بالنار، باعتبار أن إيران تختبر مدى التدخل العسكري الأميركي والنوايا الجدية للتحالف الدولي». وشرح حنّا، وهو عميد متقاعد في الجيش اللبناني، وأستاذ محاضر في الجامعة الأميركية في بيروت، أن الجانب الأميركي «مصرّ على فصل العراق عن سوريا. ولذلك هو الآن ماضٍ في تعزيز وجوده من الجنوب إلى التنف وصولاً إلى دير الزور والبوكمال حيث المعركة المقبلة مع (داعش)، من أجل السيطرة على الحدود مع العراق، وبالتالي قطع طريق بغداد - دمشق أمام الجانب الإيراني». ولفت العميد حنا إلى أن طهران «لن تسمح بقطع طريق بغداد - دمشق - بيروت، وهي تستبق إقامة المنطقة الآمنة في جنوب سوريا، عبر التوغل باتجاه التنف، وفرض أمر واقع لتفاوض عليه»، مذكراً بأن الجانب الروسي «ليس في وارد فتح معركة مع قوات التحالف في سوريا من أجل إيران، لأن هذا يتعارض مع الهدف الذي دخلت روسيا من أجله إلى سوريا».
جدير بالذكر، أن طائرات التحالف الدولي كانت قد استهدفت ليل الخميس الماضي، رتلاً لقوات النظام والميليشيات الإيرانية، كان متوجهاً نحو معبر التنف، ما أدى إلى تدمير الرتل وقتل وإصابة عدد كبير من عناصره، وهذه ثالث ضربة يوجهها التحالف لقوات النظام، بعد قصفة منتصف سبتمبر (أيلول) الماضي موقعاً للنظام في جبل الثردة ومحيط مطار دير الزور العسكري، أدى إلى مقتل 90 عنصراً للنظام، في حين تلقى مطار الشعيرات العسكري بريف محافظة حمص ثاني ضربة حيث استهدفته الولايات المتحدة بضربات صاروخية قضى على أثرها عدد من ضباط وعناصر النظام.
من جهته، قال مؤسس موقع «فرات بوست» الإعلامي أحمد الرمضان لـ«الشرق الأوسط»، إن «قوات الأسد لا تزال تتحرك ضمن المناطق التي تسيطر عليها، ولم تقترب من مناطق نفوذ فصائل المعارضة وقوات التحالف»، مستبعداً وصول النظام وحلفائه إلى «نقاط تماس مع الفصائل في التنف، لأنهم يعرفون أن هكذا مجازفة ستكون مكلفة».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».