الدفعة الثالثة من المهجّرين غادرت برزة... والوعر خالٍ من المعارضة

توقع وصول عدد مغادري الحي الحمصي إلى 20 ألفاً

مقاتلون من المعارضة السورية لدى صعودهم إلى حافلة استعداداً لمغادرة نطقة الوعر وسط حمص أمس (أ.ف.ب)
مقاتلون من المعارضة السورية لدى صعودهم إلى حافلة استعداداً لمغادرة نطقة الوعر وسط حمص أمس (أ.ف.ب)
TT

الدفعة الثالثة من المهجّرين غادرت برزة... والوعر خالٍ من المعارضة

مقاتلون من المعارضة السورية لدى صعودهم إلى حافلة استعداداً لمغادرة نطقة الوعر وسط حمص أمس (أ.ف.ب)
مقاتلون من المعارضة السورية لدى صعودهم إلى حافلة استعداداً لمغادرة نطقة الوعر وسط حمص أمس (أ.ف.ب)

غادرت أمس آخر دفعة من مهجري حي الوعر في مدينة حمص السورية ليتولى النظام مهمّة السيطرة على آخر معاقل المعارضة في المنطقة. كذلك خرجت أمس الدفعة الثالثة من المسلحين وبعض أفراد عائلاتهم من حي برزة على الأطراف الشرقية للعاصمة دمشق، وذلك تنفيذاً لاتفاق قسري في الحيين ضمن ما بات يعرف بـ«المصالحات القسرية» التي يقوم بها النظام السوري.
وكالة الأنباء النظامية «سانا» ذكرت أمس أن «عدداً من الحافلات تجمعت في المنطقة لنقل الدفعة الثالثة من المسلحين وبعض أفراد عائلاتهم الرافضين للتسوية في حي برزة الدمشقي تمهيداً لإخراجهم باتجاه الريف الشمالي». وكان جرى في 12 مايو (أيار) الحالي إتمام المرحلة الثانية من اتفاق المصالحة في برزة وحي تشرين عبر خروج 1246 شخصاً بينهم 718 مسلحاً باتجاه الريف الشمالي. وأوضح «المرصد السوري لحقوق الإنسان» أمس، أن الحافلات التي دخلت حي برزة بدأت بالانطلاق إلى وجهتها في محافظة إدلب بالشمال السوري، مشيراً إلى أن عدد الخارجين يتراوح بين 1000 و1400 مقاتل ومدني، على أن تخرج آخر دفعة خلال شهر تقريباً، بحسب «المرصد».
وكان قد أعلن يوم الاثنين الماضي أيضاً خروج آخر دفعة من المهجرين من منطقة القابون على الأطراف الشرقية لدمشق.
وفي حي الوعر، حمل مقاتلو المعارضة أسلحتهم الخفيفة معهم وفقاً للاتفاق واستقلوا حافلات مع نساء وأطفال بحيث توجّه معظمهم إلى محافظة إدلب الخاضعة لسيطرة المعارضة في شمال غربي البلاد وإلى بلدة جرابلس بمحافظة حلب على الحدود الشمالية لسوريا مع تركيا. وغادرت 4 حافلات على الأقل حي الوعر بحلول منتصف نهار أمس في وقت كانت تستعد فيه عشرات الحافلات لتقل نحو 2500 شخص من الحي الذي كانت تحاصره قوات النظام وحلفاؤها.
وللعلم، فإن الاتفاق القسري على إخلاء حي الوعر، هو من بين الأكبر ضمن سلسلة اتفاقات مماثلة في الشهور القليلة الماضية جعلت مناطق كثيرة بغرب سوريا تحت سيطرة النظام بعدما سيطرت عليها المعارضة وحاصرتها قواتها والقوى المتحالفة معها.
ويذكر أن النظام يصف اتفاقات الإجلاء التي وقعت أيضاً في مناطق محاصرة حول دمشق وفي حلب نهاية العام الماضي، بـ«اتفاقات مصالحة». ويقول إنها تسمح بإعادة الخدمات والأمن، وهو الأمر الذي تنتقده المعارضة وتقول إنها بمثابة إجلاء إجباري لمعارضي النظام من المراكز السورية الرئيسية بعد سنوات من الحصار والقصف. ولقد انتقدت الأمم المتحدة استخدام أساليب الحصار التي تسبق عقد مثل تلك الاتفاقات وعمليات الإجلاء ذاتها التي تقول إنها تصل إلى حد التهجير القسري.
من جانب آخر، بُوشر تنفيذ اتفاق الوعر، الذي دعمته روسيا، في مارس (آذار) وغادر الآلاف على عدة مراحل. ويقول «المرصد السوري لحقوق الإنسان» إنه سيؤدي عند استكماله إلى خروج ما يصل إلى 20 ألف شخص من الحي. وأمس قال ضابط روسي يساعد في الإشراف على تنفيذ الاتفاق للصحافيين إن «الشرطة العسكرية الروسية ستساعد في عملية الانتقال داخل الوعر». وقال سيرجي دروجين عبر مترجم إلى اللغة العربية: «تقوم روسيا بدور الضامن في هذا الاتفاق. ستبقى الشرطة العسكرية الروسية وستقوم بواجبات داخل الحي». بينما قال طلال البرازي محافظ حمص أمس، إن المرحلة الأخيرة من عمليات الإجلاء ستستمر نحو 20 ساعة، وتوقع اكتمالها في وقت متأخر من مساء السبت أو فجر اليوم (الأحد). وأبلغ البرازي الصحافيين في الوعر - بحسب ما نقلت عنه وكالة «رويترز»: «اليوم هو اليوم الأخير والدفعة اليوم هي الدفعة الأخيرة». وعن أعداد السكان الباقين في الحي، قال البرازي: «ليست هناك إحصائية دقيقة، ولكن على الأقل أكثر من 20 ألفاً من أهالي حي الوعر المقيمين... موجودون». وأضاف: «في الأسابيع القليلة الماضية عاد إلى حي الوعر نحو 7 آلاف. أنا أتوقع أنه اعتباراً من يوم غد سيعود عشرات الآلاف إلى حي الوعر من أهالي الحي وهناك تسهيلات كبيرة لعودتهم لمنازلهم، وخلال أسابيع ستعود شبكة الاتصالات والكهرباء والمياه والصرف الصحي».
وكما حدث في اتفاقات إجلاء سابقة، سيظل بعض مقاتلي المعارضة في الوعر وسيسلمون أسلحتهم مع تقدم قوات النظام وحلفائها. وسيطلب من الشباب في سن التجنيد الانضمام للقوات المسلحة لأداء الخدمة العسكرية.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».