عشرات القتلى في اشتباكات جنوب ليبيا... والجيش يتوعد بقوة الرد

حكومة السراج تنفي علاقتها بالمجزرة... والبرلمان يعلن الحداد 3 أيام

عناصر الجيش تفحص سيارة متفحمة بعد مواجهات مع جماعات متشددة في جنوب ليبيا (رويترز)
عناصر الجيش تفحص سيارة متفحمة بعد مواجهات مع جماعات متشددة في جنوب ليبيا (رويترز)
TT

عشرات القتلى في اشتباكات جنوب ليبيا... والجيش يتوعد بقوة الرد

عناصر الجيش تفحص سيارة متفحمة بعد مواجهات مع جماعات متشددة في جنوب ليبيا (رويترز)
عناصر الجيش تفحص سيارة متفحمة بعد مواجهات مع جماعات متشددة في جنوب ليبيا (رويترز)

أعلن المستشار عقيلة صالح، رئيس مجلس النواب الليبي، باعتباره القائد الأعلى للقوات للجيش الوطني، أمس، الحداد ثلاثة أيام على أرواح قتلى الجيش الذين سقطوا، إثر ما وصفه بالهجوم الغادر للميليشيات الإرهابية على قاعدة براك الشاطئ الجوية، ودعا القيادة العامة للجيش للرد بقوة.
وقال مسؤولون طبيون وعسكريون إن ما لا يقل عن 60 شخصا قتلوا في اشتباكات قرب القاعدة في جنوب البلاد، مما يبدد الآمال في تهدئة التوترات بالمنطقة. في حين قال محمد الأفيرس، المتحدث باسم اللواء 12 المتحالف مع الجيش، إن نحو 86 شخصا قتلوا، بينهم قوات من اللواء ومدنيون.
وأكد إبراهيم زمي، رئيس بلدية براك الشاطئ، مقتل 74 جنديا من اللواء 12 وجرح 18 آخرين، مشيرا إلى أن خمسة قتلى ذبحوا، فيما جرت تصفية الأغلبية برصاصة في الرأس.
وأظهرت لقطات فيديو تم تداولها عبر مختلف وسائل التواصل الاجتماعي، إقدام ما يسمى ميلشيات القوة الثالثة وسرايا دفاع بنغازي والجماعات الإرهابية المتحالفة، على ارتكاب مذبحة ضد أسرى من الجيش الوطني ومدنيين ليبيين في براك الشاطئ بإقليم فزان.
ودعا مستشفى براك العام الذي يعاني من أوضاع صعبة، عائلات القتلى إلى الحضور لتسلم جثثهم نظرا لارتفاع عدد القتلى، وانقطاع الكهرباء ساعات طويلة.
واعتبر صالح الهجوم، فضلا عن كونه جريمة، خرقا جسيما لاتفاق الهدنة والتهدئة الذي تم مؤخرا بين المشير حفتر وفائز السراج، رئيس حكومة الوفاق الوطني، بشأن وقف إطلاق النار في الجنوب الليبي.
ومن جهته، أعلن مدير مكتب الإعلام بالجيش أن قواته استرجعت القاعدة العسكرية بعد هجوم مباغت للجماعات الإرهابية التي خرقت الهدنة، وقال إن «آمر اللواء 12 المتمركز في الجنوب الليبي العميد محمد بن نايل أكد أن قوات الجيش استرجعت القاعدة من ثلاثة محاور، بينما ما زالت المعارك تدور على أسوار تمنهنت»، موضحا أن قاعدة براك العسكرية تعرضت لهجوم شنته قوة إرهابية بقيادة أبو عزام السوري، وتم دحرها وغنم آليات وأسلحة منها، وقتل عدد من الإرهابيين المشاركين في الهجوم.
ونعى حفتر قتلى الجيش والمدنيين الأبرياء، مؤكدا أن رد قوات الجيش سيكون قاسيا وقويا، واعتبر في بيان مقتضب أن «هذا الهجوم الغادر والجبان أكد بما لا يدع مجالا للشك أن هؤلاء الخونة ليس لهم عهد ولا ذمة، وقواتنا التي دحرتهم ستثأر لشهدائنا الأبرار بسحقهم ومحقهم في الصحراء». وفي المقابل، نفى المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني أي علاقة له بهذا الهجوم، وقال في بيان له إنه لم يصدر أي تعليمات إلى وزارة الدفاع، موضحا أنه لن يتورط في إراقة دماء الليبيين مهما حدث من استفزاز.
من جانبه، ندد مارتن كوبلر، رئيس بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، بالهجوم، وقال في بيان: «أشعر بالغضب إزاء التقارير التي تفيد وقوع عدد كبير من القتلى، ضمنهم مدنيون، والتقارير التي تفيد باحتمال وقوع إعدامات بإجراءات موجزة»، مشددا على أن استهداف المدنيين جريمة حرب يمكن ملاحقتها أمام المحكمة الجنائية الدولية.
من جهة أخرى، قالت مصادر أمنية في مدينة بنغازي بشرق ليبيا، إن الشيخ أبريك اللواطي، عمدة أكبر قبائل شرق ليبيا، قتل إثر تفجير سيارة مفخخة أثناء خروجه من أحد مساجد ضواحي بنغازي عقب صلاة الجمعة أمس. وقال مسؤول أمني إن سيارة ملغومة انفجرت خارج مسجد في بلدة جنوب بنغازي، ما أدى إلى مقتل اللواطي المتحالف مع القوات الأمنية بشرق البلاد إضافة إلى خمسة آخرين، مشيرا إلى أن الانفجار أسفر أيضا عن إصابة 11 آخرين. وقد تبنى تنظيم سرايا الدفاع عن بنغازي عبر مركزه الإعلامي المسؤولية عن عملية الاغتيال التي تعد الأحدث من نوعها هذا العام في المدينة التي شهدت مقتل نحو 900 من قوات الجيش والشرطة والمدنيين في مسلسل اغتيالات قبل تدشين عملية الكرامة العسكرية لتحرير المدينة من قبضة المتطرفين قبل نحو ثلاث سنوات.
في غضون ذلك، بدا أمس أن المشير خليفة حفتر، الرجل القوي في شرق ليبيا الذي يقود الجيش الموالي للبرلمان المعترف به دوليا، في طريقه إلى كسب صديق جديد هو فرنسا، وذلك على إثر تولي جان إيف لودريان وزير الدفاع السابق منصب وزير الخارجية بدلا من جان مارك إيرولت.
وقالت فرنسا إنها تراجع موقفها من الصراع الليبي، ودعت للمرة الأولى علنا إلى تشكيل جيش وطني موحد يشمل حفتر بهدف مواجهة متشددين.
وقال رومان نادال، المتحدث باسم وزارة الخارجية للصحافيين: «ليبيا تحتاج إلى بناء جيش وطني تحت سلطة مدنية بمشاركة كل القوى التي تحارب الإرهاب في أنحاء البلاد، بما يشمل قوات الجنرال حفتر»، دون أن يأتي على ذكر السراج، وشدد على أن «فرنسا ستدرس سبل تعزيز أنشطتها السياسية والأمنية للمساعدة في استعادة المؤسسات الليبية، وبناء جيش قادر على هزيمة الإرهابيين من خلال اتصالات بشركائنا الأوروبيين ودول الجوار». ولم تشجع فرنسا علنا من قبل وجود دور لحفتر؛ لكن الرئيس الفرنسي الجديد تعهد خلال حملته الانتخابية بوضع الحرب على الإسلاميين المتشددين على رأس أولوياته الأمنية.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.