«حماس» تكشف تفاصيل اغتيال فقهاء

تحاكم المتهمين الثلاثة ميدانياً تمهيداً لإعدامهم

جانب من المؤتمر الصحافي لوزارة الداخلية في قطاع غزة أمس (أ.ف.ب)
جانب من المؤتمر الصحافي لوزارة الداخلية في قطاع غزة أمس (أ.ف.ب)
TT

«حماس» تكشف تفاصيل اغتيال فقهاء

جانب من المؤتمر الصحافي لوزارة الداخلية في قطاع غزة أمس (أ.ف.ب)
جانب من المؤتمر الصحافي لوزارة الداخلية في قطاع غزة أمس (أ.ف.ب)

كشفت وزارة الداخلية في قطاع غزة، التابعة لحركة حماس، أمس، عن التفاصيل الكاملة لعملية اغتيال الأسير المحرر والمبعد من الضفة الغربية مازن فقهاء على يد مجموعة ممن اتهمتهم بالتخابر لصالح أجهزة الأمن الإسرائيلية في 24 مارس (آذار) الماضي.
وقال توفيق أبو نعيم، مدير قوى الأمن الداخلي بغزة، خلال مؤتمر صحافي عقده في فندق «الكمودور» غرب مدينة غزة، إنه تم اعتقال القاتل المباشر (أ.ل)، 38 عاما، الذي اعترف بارتكاب عملية الاغتيال وبأنه مرتبط مع الاحتلال، مشيرا إلى أن اعتقاله تم بعد جهود مضنية وكبيرة من قبل أجهزة الأمن بغزة.
وكانت صحيفة «الشرق الأوسط» قد أشارت منذ أيام إلى أن القاتل الرئيسي عنصر سابق في «كتائب القسام»، وأنه شارك في أحداث الانقسام عام 2007 وقتل فلسطينيين من عناصر فتح لصالح حركة حماس.
ولفت أبو نعيم إلى أنه تم اعتقال اثنين من المتخابرين مع الاحتلال، واعترفا بالقيام بدور أساسي في عملية الاغتيال من خلال الرصد والمتابعة والتصوير لمسرح العملية، وهما: (هـ.ع) 44 عاما، و(ع.ن) 38 عاما.
واتهم أبو نعيم إسرائيل بالتخطيط للعملية، وقال: «التحقيقات كشفت أن أجهزة أمن الاحتلال الإسرائيلي هي من خططت لجريمة الاغتيال، ونفذتها من بدايتها حتى نهايتها. وقد اعترف المعتقلون بتلقيهم تعليمات مباشرة من ضباط الاحتلال لتنفيذ هذه الجريمة».
وأضاف أبو النعيم موضحا: «لقد ظهر من خلال التحقيقات أن الاحتلال استخدم عملاء على الأرض مدعومين بطائرات استطلاع وبمتابعة ضباط المخابرات حتى تم تنفيذ العملية التي استغرق التخطيط لها 8 أشهر»، مبرزا أن «العملاء متورطون في جرائم قتل مواطنين ومقاومين وقصف وتدمير كثير من المباني والمقار والمؤسسات الحكومية والمدنية».
من جهته، أعلن مدير قوى الأمن الداخلي أن عملية الاغتيال تعد علامة فارقة في منظومة العمل الأمني بغزة، وبداية لمرحلة جديدة عنوانها الحسم والمبادرة، وقال في هذا السياق: «لقد واكب التحقيق عملية أمنية واسعة ضد المتخابرين مع أجهزة الأمن الإسرائيلية، ما أسفر عن اعتقال 45 عميلا في ضربة قاضية وقاصمة لأجهزة مخابرات الاحتلال، وإن العملية الأمنية (فك الشيفرة) لا تزال متواصلة ضمن سياسة تعميق الجهد لاجتثاث عملاء الاحتلال وحماية جبهتنا»، موجها رسالة للمتخابرين مع إسرائيل بأنهم لن يفلتوا من يد العدالة، وأنهم يد الأجهزة الأمنية ستطالهم حيثما كانوا.
وبثت وزارة الداخلية في غزة خلال المؤتمر الصحافي فيديو يشمل كل تفاصيل عملية الاغتيال، وفقا لاعترافات المتخابرين مع الاحتلال الذين تم اعتقالهم في أعقاب عملية الاغتيال. ويظهر الفيديو الذي بثته الوزارة لمدة 14 دقيقة، اعترافات المتخابرين الثلاثة الذين شاركوا بشكل أساسي في العملية، وهو ما ينفي الروايات التي ظهرت مؤخرا عبر بعض وسائل إعلام محلية وعربية بأن عشرات المتخابرين شاركوا في العملية.
واعترف المنفذ المباشر لعملية الاغتيال، العميل (أ.ل)، وهو عسكري مفصول من الخدمة (أجهزة أمن حماس)، بأنه ارتبط بمخابرات الاحتلال منذ عام 2004، وأبلغ عن معلومات متفرقة، بما في ذلك مواقع مراكز الشرطة ومواقع المقاومة أثناء حرب 2014، حتى تم تكليفه باغتيال الأسير المحرر مازن فقهاء.
وقال القاتل إنه تتبع فقهاء بناء على توجيهات من ضابط مخابرات إسرائيلي حتى دخل خلفه مباشرة، وطلب منه إنزال شباك سيارته حيث اعتقد فقهاء أنه بحاجة للمساعدة، لكنه سارع بإطلاق خمس رصاصات على رأسه وصدره للتأكد من مقتله على الفور، ثم انسحب من الطريق التي أرشده إليها الضابط.
وأظهر فيديو وزارة الداخلية تسجيلات كاميرات المراقبة لحظة انسحاب منفذ عملية الاغتيال المتخابر «أ.ل»، وانسحاب المتخابر «ع.ن»، عنصر رصد وتأمين من الجهة الغربية لمسرح الجريمة. كما عرض الفيديو كيف حلقت في سماء منطقة تل الهوى لوحدها 18 طائرة استطلاع إسرائيلية قبل يوم من عملية الاغتيال.
وأظهر الفيديو اعترافات المتهم الثاني المرتبط مع مخابرات الاحتلال منذ عام 1998، وبعض مهامه، وكان سببا في اغتيال عدد من قادة المقاومة غالبيتهم من «حماس». كما أظهر اعترافات المتهم الثالث المعروف بـ«العميل البنك»، وهو عسكري يعمل في السلطة الفلسطينية التابعة لرام الله، ويبلغ من العمر 38 عاما، وارتبط بمخابرات الاحتلال أواخر عام 2010، ونفذ عدة مهام مختلفة.
وقالت وزارة الداخلية في قطاع غزة عقب المؤتمر الصحافي وبث الفيديو، إن المتخابرين الثلاثة يخضعون لمحاكمات ميدانية من قبل القضاء العسكري، مشيرة إلى أنه ستتم مواصلة هذه المحاكمات بشكل يومي.
ويستخدم مصطلح «المحاكمات الميدانية» قانوناً في نطاق يسمح بعرض المتهمين يوميا للمحاكمة وإصدار أحكام سريعة بعد تقديم الأدلة والبينات ضدهم بهدف تنفيذ الأحكام سريعا دون استئناف. ويتوقع أن تصدر أحكام بالإعدام بحق المتهمين الثلاثة، وتنفيذها فورا.



«هدنة غزة»: غموض يكتنف مصير المفاوضات وترقب لنتائج «جولة القاهرة»

صبي فلسطيني يحمل فانوساً وهو يمشي في حي دمرته الحرب بجنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)
صبي فلسطيني يحمل فانوساً وهو يمشي في حي دمرته الحرب بجنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)
TT

«هدنة غزة»: غموض يكتنف مصير المفاوضات وترقب لنتائج «جولة القاهرة»

صبي فلسطيني يحمل فانوساً وهو يمشي في حي دمرته الحرب بجنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)
صبي فلسطيني يحمل فانوساً وهو يمشي في حي دمرته الحرب بجنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)

غموض يكتنف مصير الهدنة في قطاع غزة مع انتهاء المرحلة الأولى دون أفق واضح للخطوة التالية، وسط تمسك كل طرف بموقفه، ومحاولات من الوسطاء، كان أحدثها جولة مفاوضات في القاهرة لإنقاذ الاتفاق، وحديث عن زيارة مرتقبة للمبعوث الأميركي، ستيف ويتكوف، إلى إسرائيل ضمن مساعي الحلحلة، وسط مخاوف من عودة الأمور إلى «نقطة الصفر».

تلك التطورات تجعل مصير المفاوضات بحسب خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، في مهب الريح وتنتظر تواصل جهود الوسطاء وخصوصاً ضغوط أميركية حقيقية على رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو؛ للوصول لصيغة مقبولة وتفاهمات بشأن مسار الاتفاق لاستكماله ومنع انهياره، وخصوصاً أن «حماس» لن تخسر ورقتها الرابحة (الرهائن) لتعود إسرائيل بعدها إلى الحرب دون ضمانات حقيقية.

وبعد 15 شهراً من الحرب المدمّرة، بدأت الهدنة في 19 يناير (كانون الثاني) الماضي، وانتهت مرحلتها الأولى (42 يوماً)، السبت، وشملت إفراج «حماس» وفصائل أخرى عن 33 من الرهائن بينهم 8 متوفين، مقابل إطلاق سراح نحو 1700 فلسطيني من سجون إسرائيل، فيما لا يزال 58 محتجزين داخل قطاع غزة، بينهم 34 يؤكد الجيش الإسرائيلي أنهم قد تُوفوا، وسط انتظار لبدء المرحلة الثانية المعنية بانسحاب نهائي ووقف للحرب على مدار 42 يوماً، وأخرى ثالثة معنية بإعمار القطاع.

وأفادت صحيفة «تايمز أوف» إسرائيل، السبت، بأن نتنياهو أجرى، مساء الجمعة، مشاورات مطولة مع كبار الوزراء ومسؤولي الدفاع بشأن الهدنة، على غير العادة، في ظل رفض «حماس» تمديد المرحلة الأولى «ستة أسابيع إضافية» ومطالبتها بالتقدم إلى مرحلة ثانية.

وطرحت المشاورات بحسب ما أفادت به «القناة 12» الإسرائيلية، السبت، فكرة العودة إلى القتال في غزة، في حال انهيار الاتفاق، لافتة إلى أن الولايات المتحدة تضغط لتمديد المرحلة الأولى.

فلسطينيون نزحوا إلى الجنوب بأمر إسرائيل خلال الحرب يشقُّون طريقهم عائدين إلى منازلهم في شمال غزة (رويترز)

بينما نقلت «تايمز أوف إسرائيل»، السبت، عن مصدر دبلوماسي إسرائيلي، أن وفد بلادها عاد من محادثات تستضيفها القاهرة منذ الخميس بشأن المراحل المقبلة وضمان تنفيذ التفاهمات، كما أعلنت الهيئة العامة للاستعلامات المصرية الرسمية، لكن المحادثات «ستستأنف السبت»، وفق الصحيفة.

وأكدت متحدث «حماس»، حازم قاسم، السبت، أنه لا توجد حالياً أي «مفاوضات مع الحركة بشأن المرحلة الثانية»، وأن «تمديد المرحلة الأولى بالصيغة التي تطرحها إسرائيل مرفوض بالنسبة لنا»، وفق ما نقلته وكالة «رويترز»، دون توضيح سبب الرفض.

ويرى الخبير الاستراتيجي والعسكري، اللواء سمير فرج، أن مصير المفاوضات بات غامضاً مع تمسك إسرائيل بطلب تمديد المرحلة الأولى، ورفض «حماس» للتفريط في الرهائن أهم ورقة لديها عبر تمديد لن يحقق وقف الحرب.

ولا يمكن القول إن المفاوضات «فشلت»، وفق المحلل السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، الذي لفت إلى أن هناك إصراراً إسرائيلياً، على التمديد والبقاء في 3 بؤر عسكرية على الأقل في شمال وشرق القطاع و«محور فيلادليفيا»، بالمخالفة لبنود الاتفاق ورفض من «حماس».

لكنّ هناك جهوداً تبذل من الوسطاء، والوفد الإسرائيلي سيعود، وبالتالي سنكون أمام تمديد الاتفاق عدة أيام بشكل تلقائي دون صفقات لحين حسم الأزمة، بحسب الرقب.

ونقلت صحيفة «هآرتس» الإسرائيلية عن مصادر، قولها إنه إذا وافقت «حماس» على تمديد المرحلة الأولى من خلال الاستمرار في تحرير دفعات من الرهائن، فإنها بذلك تخسر النفوذ الرئيسي الوحيد الذي تمتلكه حالياً. وذلك غداة حديث دبلوماسي غربي كبير لصحيفة «تايمز أوف إسرائيل»، أشار إلى أن نتنياهو يستعد للعودة إلى الحرب مع «حماس».

طفل يسير في حي دمرته الحرب تم وضع زينة شهر رمضان عليه في خان يونس جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)

ووسط تلك الصعوبات، استعرض وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي، بالقاهرة، مع رئيس وزراء فلسطين، محمد مصطفى مستجدات الجهود المصرية الهادفة لتثبيت وقف إطلاق النار في غزة وتنفيذ كل بنوده خلال مراحله الثلاث، وخطط إعادة الإعمار في قطاع غزة في وجود الفلسطينيين على أرضهم وترتيبات القمة العربية غير العادية المقرر عقدها يوم 4 مارس (آذار) الحالي بالقاهرة، مؤكداً دعم مصر للسلطة الفلسطينية ودورها في قطاع غزة.

ويعتقد فرج أن حل تلك الأزمة يتوقف على جدية الضغوط الأميركية تجاه إسرائيل للوصول إلى حل، مؤكداً أن التلويح الإسرائيلي بالحرب مجرد ضغوط لنيل مكاسب في ظل حاجة «حماس» لزيادة دخول المواد الإغاثية في شهر رمضان للقطاع.

وبعد تأجيل زيارته للمنطقة، ذكر ويتكوف، الأربعاء، خلال فعالية نظّمتها «اللجنة اليهودية-الأميركية»، إنه «ربّما» ينضمّ إلى المفاوضات يوم الأحد «إذا ما سارت الأمور على ما يرام».

ويرجح الرقب أن الأمور الأقرب ستكون تمديد المرحلة الأولى من الاتفاق مع ضمانات واضحة لأن الوسطاء و«حماس» يدركون أن إسرائيل تريد أخذ باقي الرهائن والعودة للحرب، مشيراً إلى أن «الساعات المقبلة بمحادثات القاهرة ستكون أوضح لمسار المفاوضات وتجاوز الغموض والمخاوف الحالية».