كوبا بدأت تشعر بحجم الأزمة الفنزويلية

إمدادات النفط إلى هافانا تضاءلت واستمرار صمودها يتوقف على كاراكاس

الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو ونظيره الكوبي راؤول كاسترو أثناء اجتماع بينهما  (أ.ف.ب)
الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو ونظيره الكوبي راؤول كاسترو أثناء اجتماع بينهما (أ.ف.ب)
TT

كوبا بدأت تشعر بحجم الأزمة الفنزويلية

الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو ونظيره الكوبي راؤول كاسترو أثناء اجتماع بينهما  (أ.ف.ب)
الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو ونظيره الكوبي راؤول كاسترو أثناء اجتماع بينهما (أ.ف.ب)

مع ازدياد أزمة فنزويلا السياسية والاقتصادية أصبح جليا أن كوبا التي ارتبط مصيرها دائما بكاراكاس في وضع لا تحسد عليه؛ مما دفع بتكهنات لدخول هافانا على خط الوساطة وإيجاد حلول لأزمة الدولة الحليفة التي ارتبط مصيرها بمجريات الأحداث هناك.
هافانا لم تنكر أن مصيرها الآن أصبح معلقا بالوضع الحالي في فنزويلا، وجاء ذلك على لسان رئيسها راؤول كاسترو، البالغ من العمر 85 عاما، والذي قال إن «فنزويلا ليست وحدها؛ فهي تخوض معركة حاسمة لبسط نفوذها والبقاء»،«على حد وصفه في إشارة إلى أن بلاده ستقدم أي دعم تحتاج إليه كاراكاس.
في السنوات الأخيرة، وتحديدا عام 2000، قامت كاراكاس بقيادة الرئيس الراحل هوغو تشافيز بمساندة كوبا ودعم سياساتها عبر ضخ النفط ودعمها في مشروعات للطاقة وصلت إلى حد إرسال كميات هائلة من براميل النفط المدعمة، وذلك لحل أزمة الطاقة في الجزيرة الكوبية ودعم مشروعات هافانا، إلا أن هذا الأمر تغير بعد سنوات، وبخاصة أن كاراكاس التي كان يتزعمها هوغو تشافيز في ذلك الوقت كانت تدعم الزعيم الكوبي الراحل فيدل كاسترو، أما الآن فقد تبدلت الزعامات، وتغيرت الوجوه؛ فكوبا يحكمها راؤول كاسترو وفنزويلا يحكمها نيكولاس مادورو وسط تغيرات وتحديات سياسية ضخمة عاصرها الحليفان التقليديان.
في عام 2016، بدأت هافانا تدرك تماما أن الدعم الفنزويلي لن يبقى طويلا بعد تقليل إرسال شحنات البترول، وذلك بعد أن دخلت فنزويلا في حالة من الركود مع بداية تفجر أزمتها الاقتصادية، وارتفاع التضخم وانخفاض أسعار النفط وتعرض كاراكاس إلى هزة سياسية إثر التطورات السياسية الحالية التي تشهدها من احتجاجات ومظاهرات دفعت إلى المواجهات بين المعارضة السياسية التي تسيطر على البرلمان وحكومة الرئيس مادورو، التي تسيطر على مفاصل الدولة العميقة.
كوبا تدرك تماما أن بقاء حكومة الرئيس نيكولاس مادورو هو صمام أمان لكوبا، وضمان لاستمرار السياسات الكوبية لتمرير عمليات الإصلاح بشكل بطيء ومتأنٍ، دون دفعها إلى تغير تحركاتها الجيوسياسية في المنطقة، وبخاصة أن العلاقات الأميركية الكوبية الآن تمر بحالة من الجمود بعد وصول إدارة الرئيس دونالد ترمب إلى السلطة وتوقف عملية التطبيع بين البلدين، وذلك بعد أن كانت الأمور وصلت إلى وضع جيد في عهد الرئيس أوباما وإزالة عقبة القطيعة بين واشنطن وهافانا التي استمرت لعقود.
ويبدو أن الإدارة الأميركية الجديدة لا ترحب بانفتاح على هافانا إلا بشروط، من ضمنها تحسين الأوضاع الإنسانية في كوبا وضمان سجل نظيف من المعاملة الإنسانية لمواطني كوبا؛ حتى يتسنى للإدارة مد يد العون والوفاء بالتعهدات الانتخابية التي أشارت إلى أن التطبيع والانفتاح على الجزيرة الكوبية مرهون بتحسن الأوضاع هناك، وإلا سيتم التعامل مع كوبا بشكل مختلف؛ وهو ما دفع أوباما قبل رحيله من البيت الأبيض بسن تشريعات حاول فيها تحصين الاتفاق التاريخي مع كوبا بعد إذابة سنوات الجمود والانفتاح على هافانا سياسيا واقتصاديا.
في هذه، الأثناء أشارت وسائل إعلام كوبية إلى أن حاوية روسية سلكت طريقها إلى هافانا محملة بنحو 250.000 (مائتين وخمسين ألف) برميل نفط في إطار تعاقد الشركة الوطنية الفنزويلية وكوبا وروسيا في إطار اتفاق تحالف ثلاثي؛ وذلك لإنقاذ البلاد إثر أزمتها في نقص الطاقة وسد متطلباتها وحاجتها من النفط التي كانت تحصل عليه سابقا من فنزويلا، وهو ما أثار الشكوك حول الدور الروسي الجديد، وتجدد التذكير بدور الاتحاد السوفياتي القديم للدخول على الخط. إلا أنه حسب محللين سياسيين، فإن كوبا الحالية تختلف تماما عن كوبا في عهد الاتحاد السوفياتي، فلن تقبل كوبا أن تعود إلى ذلك العهد والذي إثر عليها بشكل كبير أما الآن ومع الانفتاح على العالم ولو بشكل بطيء سيكون على هافانا تقديم تفسيرات كثيرة لشعبها إذا ربطت أمورها بروسيا، كما سيبقى عليها الإجابة عن تساؤلات كثيرة لشعبها حول انقطاع التيار الكهربي، وانخفاض دخول الأفراد وغيرها من المشكلات التي تواجها الآن وتبحث لها عن حلول لمحاولة تمرير الإصلاحات السياسية، وبخاصة أن الجيل القديم من الثوريين بدأ يتلاشى مع رحيل كاسترو، كما أن تأكيدات راؤول كاسترو بعدم قيادة البلاد بعد انتهاء ولايته وإتاحة الفرصة لأجيال أخرى هناك سيضع الجزيرة في وضع مثير للتكهنات.



مقتل المئات جراء إعصار في أرخبيل مايوت الفرنسي (صور)

تلة مدمَّرة في إقليم مايوت الفرنسي بالمحيط الهندي (أ.ب)
تلة مدمَّرة في إقليم مايوت الفرنسي بالمحيط الهندي (أ.ب)
TT

مقتل المئات جراء إعصار في أرخبيل مايوت الفرنسي (صور)

تلة مدمَّرة في إقليم مايوت الفرنسي بالمحيط الهندي (أ.ب)
تلة مدمَّرة في إقليم مايوت الفرنسي بالمحيط الهندي (أ.ب)

رجحت سلطات أرخبيل مايوت في المحيط الهندي، الأحد، مقتل «مئات» أو حتى «بضعة آلاف» من السكان جراء الإعصار شيدو الذي دمر في اليوم السابق قسماً كبيراً من المقاطعة الفرنسية الأفقر التي بدأت في تلقي المساعدات. وصرّح حاكم الأرخبيل، فرانسوا كزافييه بيوفيل، لقناة «مايوت لا بريميير» التلفزيونية: «أعتقد أنه سيكون هناك مئات بالتأكيد، وربما نقترب من ألف أو حتى بضعة آلاف» من القتلى، بعد أن دمر الإعصار إلى حد كبير الأحياء الفقيرة التي يعيش فيها نحو ثلث السكان، كما نقلت عنه وكالة الصحافة الفرنسية. وأضاف أنه سيكون «من الصعب للغاية الوصول إلى حصيلة نهائية»، نظراً لأن «معظم السكان مسلمون ويدفنون موتاهم في غضون يوم من وفاتهم».

صور التقطتها الأقمار الاصطناعية للمعهد التعاوني لأبحاث الغلاف الجوي (CIRA) في جامعة ولاية كولورادو ترصد الإعصار «شيدو» فوق مايوت غرب مدغشقر وشرق موزمبيق (أ.ف.ب)

وصباح الأحد، أفاد مصدر أمني لوكالة الصحافة الفرنسية بأن الإعصار الاستوائي الاستثنائي خلّف 14 قتيلاً في حصيلة أولية. كما قال عبد الواحد سومايلا، رئيس بلدية مامودزو، كبرى مدن الأرخبيل، إن «الأضرار طالت المستشفى والمدارس. ودمّرت منازل بالكامل. ولم يسلم شيء». وضربت رياح عاتية جداً الأرخبيل، مما أدى إلى اقتلاع أعمدة كهرباء وأشجار وأسقف منازل.

الأضرار التي سببها الإعصار «شيدو» في إقليم مايوت الفرنسي (رويترز)

كانت سلطات مايوت، التي يبلغ عدد سكانها 320 ألف نسمة، قد فرضت حظر تجول، يوم السبت، مع اقتراب الإعصار «شيدو» من الجزر التي تبعد نحو 500 كيلومتر شرق موزمبيق، مصحوباً برياح تبلغ سرعتها 226 كيلومتراً في الساعة على الأقل. و«شيدو» هو الإعصار الأعنف الذي يضرب مايوت منذ أكثر من 90 عاماً، حسب مصلحة الأرصاد الجوية الفرنسية (فرانس-ميتيو). ويُرتقَب أن يزور وزير الداخلية الفرنسي برونو روتايو، مايوت، يوم الاثنين. وما زالت المعلومات الواردة من الميدان جدّ شحيحة، إذ إن السّكان معزولون في منازلهم تحت الصدمة ومحرومون من المياه والكهرباء، حسبما أفاد مصدر مطلع على التطوّرات للوكالة الفرنسية.

آثار الدمار التي خلَّفها الإعصار (أ.ف.ب)

في الأثناء، أعلن إقليم لاريونيون الواقع أيضاً في المحيط الهندي ويبعد نحو 1400 كيلومتر على الجانب الآخر من مدغشقر، أنه جرى نقل طواقم بشرية ومعدات الطبية اعتباراً من الأحد عن طريق الجو والبحر. وأعرب البابا فرنسيس خلال زيارته كورسيكا، الأحد، تضامنه «الروحي» مع ضحايا «هذه المأساة».

وخفّض مستوى الإنذار في الأرخبيل لتيسير حركة عناصر الإسعاف، لكنَّ السلطات طلبت من السكان ملازمة المنازل وإبداء «تضامن» في «هذه المحنة». واتّجه الإعصار «شيدو»، صباح الأحد، إلى شمال موزمبيق، ولم تسجَّل سوى أضرار بسيطة في جزر القمر المجاورة من دون سقوط أيّ ضحايا.